papa-francesco_20150524_enciclica-laudato-si-ar


papa-francesco_20150524_enciclica-laudato-si-ar

1 Pages 1-10

▲back to top

1.1 Page 1

▲back to top
ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ
ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺑﺎﺑﻮﻳﺔ
ﻛُﻦْ ﻣُﺴَﺒَّﺤًﺎ
Laudato si’
ﻟﻘﺪﺍﺳﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﺎ
ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ
ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ
.1“ﻛُﻦْ ﻣُﺴَﺒَّﺤًﺎ ،ﻳﺎ ﺳﻴِّﺪﻱ” :(Laudato si’, mi’ Signore)ﻫﻜﺬﺍ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺍﻷﺳّﻴﺰﻱ ﺃﻥ ﻳﺮﻧّﻢ .ﻛﺎﻥ ﻳﺬﻛّﺮﻧﺎ،
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺸﻴﺪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ،ﺑﺄﻥ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ ﻫﻮ ﺃﻳﻀًﺎ ﻛﺄﺧﺖ ﻟﻨﺎ ،ﻧﺘﺸﺎﺭﻙ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ،ﻭﻛﺄﻡ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗﺤﺘﻀﻨﻨﺎ ﺑﻴﻦ
ﺫﺭﺍﻋﻴﻬﺎ .“ﻛُﻦْ ﻣُﺴَﺒَّﺤﺎ ،ًﻳﺎ ﺳﻴِّﺪﻱ ،ﻷﺧﺘﻨﺎ ﻭﺃﻣِّﻨﺎ ﺍﻷﺭﺽ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗَﺤﻤِﻠُﻨﺎ ﻭﺗَﺤﻜﻤُﻨﺎ ﻭﺗُﻨِﺘﺞُ ﺛﻤﺎﺭًﺍ ﻣﺘﻨﻮِّﻋﺔً ﻣﻊَ ﺯﻫﻮﺭٍ ﻣﻠﻮَّﻧﺔ
ﻭﺃﻋﺸﺎﺏ.[1]”
.2ﺃﺧﺘﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺗﺤﺘّﺞ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺫﻯ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻠﺤﻘﻪ ﺑﻬﺎ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﻙ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ.
ﻟﻘﺪ ﻧﺸﺄﻧﺎ ﻣﻌﺘﻘﺪﻳﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﻣُﻠْﻜِﻴِّﺔٌ ﻟﻨﺎ ﻭﺑﺄﻧﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﻴﻄﺮﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻣﺒﺎﺡٌ ﻟﻨﺎ ﻧﻨﻬﺒﻬﺎ .ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻟﻘﺎﻃﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ
ﺍﻟﻤﺠﺮﻭﺡ ﺑﺎﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﻳَﻈﻬﺮ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺃﻋﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻼﺣﻈﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﺑﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ
ﺍﻟﺤﻴّﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ،ﻓﻤِﻦْ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻷﻛﺜﺮَ ﺗﻌﺮﺿًّﺎ ﻟﻺﻫﻤﺎﻝ ﻭﻟﺴﻮﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ،ﺗﻮﺟﺪ ﺃﺭﺿﻨﺎ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﺔ ﻭﺍﻟﻤُﺨﺮَّﺑﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ “ﺗَﺌِﻦُّ ﻣِﻦ
ﺁﻻﻡِ ﺍﻟﻤَﺨﺎﺽ” )ﺭﻭﻡ .(22 ،8ﻧﻨﺴﻰ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺃﻳﻀًﺎ ﺗﺮﺍﺏ )ﺭﺍ .ﺗﻚ .(7 ،2ﺟﺴﺪﻧﺎ ﺫﺍﺗﻪ ﻣﻜﻮّﻥ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﻫﻮﺍﺅﻫﺎ
ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺘﻨﺴﻤﻪ ﻭﻣﺎﺅﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻌﺸﻨﺎ ﻭﻳﺠﺪّﺩﻧﺎ.
ﻻ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﻟﻴﻦ
.3ﻣﻨﺬ ﺃﻛﺜﺮ ﻡaﻥ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺳﻨﺔ ،ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺘﺄﺭﺟﺢ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﻴﺮ ﺃﺯﻣﺔ ﻧﻮﻭﻳﺔ ،ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﺍﻟﺒﺎﺑﺎ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ
ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﻟﻢ ﻳﺸﺄ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻘﺘﺮﺡ ﻟﻠﺴّﻼﻡ .ﻭﻗﺪ ﻭﺟّﻪ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ (Pacem in terris)ﺇﻟﻰ ﻛﻞّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻲ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﺿﺎﻑ ﻭﺇﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺫﻭﻱ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
ﺍﻟﺼّﺎﻟﺤﺔ .ﺃﻣﺎ ﺍﻵﻥ ،ﻭﺃﻣﺎﻡ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ّﻓﺈﻧّﻲ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺗﻮﺟّﻪ ﺇﻟﻰ ﻛﻞّ ﺷﺨﺺ ﻳﺴﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ .ﻓﻲ ﺇﺭﺷﺎﺩﻱ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲّ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ (Evangelii gaudium)ﺗﻮﺟّﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﻟﺘﺤﺮﻳﻚ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺇﺻﻼﺡ ﺇﺭﺳﺎﻟﻲّ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻗﻴﺪ

1.2 Page 2

▲back to top
2
ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ .ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺃﻗﺘﺮﺡ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺣﻮﻝ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ.
.4ﺑﻌﺪ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻓﻲ ،1971ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﻄﻮﺑﺎﻭﻱ ﺍﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔِ
ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻣﻘﺪّﻣًﺎ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻛﺄﺯﻣﺔ ﻫﻲ “ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺄﺳﺎﻭﻳﺔ” ﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺨﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ :“ﺇﻧﻪ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﻣﻔﺮﻁ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻳُﻌﺮّﺽ ﺍﻷﺭﺽَ ﻟﻠﺘﺪﻣﻴﺮ ﻭﻳُﻌﺮّﺽ ﻧﻔﺴَﻪ ﻷﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺪﻭﺭِﻩ ﺿﺤﻴﺔَ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ .[2]”ﺗﺤﺪّﺙ ﺃﻳﻀًﺎ
ﺃﻣﺎﻡ ﻣﻨﻈّﻤﺔ ﺍﻷﻏﺬﻳﺔ ﻭﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ (FAO)ﻋﻦ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴّﺔ ،“ﺣﺪﻭﺙ ﻛﺎﺭﺛﺔ ﺑﻴﺌﻴّﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ ،…ﻛﺮﺩّ ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﻞ ﻭﻃﺄﺓ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ
ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴّﺔ ،”ﻻﻓﺘًﺎ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﺇﻟﻰ “ﺍﻟﻀّﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻠﺤّﺔ ﻭﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮٍ ﺟﺬﺭﻱّ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ،”ﻷﻥ “ﺍﻻﻧﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴِّﺔ
ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺭﻭﻋﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻨﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺇﺩﻫﺎﺷًﺎ ،ﻭﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱّ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺇﺑﻬﺎﺭًﺍ ،ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗَﻜُﻦ ﻣُﻘﺮﻭﻧﺔً ﺑﺘﻘﺪّﻡٍ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲّ
ﻭﺃﺧﻼﻗﻲّ ﺃﺻﻴﻞ ،ٍﻓﺈﻧﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ،ﺳﺘﻨﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ.[3]”
.5ﻗﺪ ﺍﻫﺘﻢَّ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣًﺎ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪًﺍ .ﻭﻗﺪ ﻻﺣﻆ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺃﻥ “ﻟﻴﺲ
ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴّﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﻭ ،ﻣﻦ ﻧﻌﻨﻰ ﺇﻻّ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻐﻠّﻬﺎ ﻷﻏﺮﺍﺿﻪ ﺍﻵﻧﻴﺔ ﻭﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻟﻼﺳﺘﻬﻼﻙ
ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ،[4]”ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺑﺔ ﺑﻴﺌﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ .[5]ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﻟﻔﺖَ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩَ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻠﺘﺰﻡ ﻗﻠﻴﻼً ﺟﺪﺍً “ﺍﻟﺘﻘﻴّﺪ
ﺑﺎﻟﺸّﺮﻭﻁ ﺍﻷﺩﺑﻴّﺔ ﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ .[6]”ﺇﻥ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﺑﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﺨﻄﻮﺭﺓ ،ﻟﻴﺲ ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﻟﻢ ﻳﻮﻛِﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢَ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻷﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺬﺍﺗِﻬﺎ ﻫﻲ ﻋﻄﻴّﺔٌ ﻳﺠﺐ ﺣﻤﺎﻳﺘِﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝِ ﺍﻟﺘَﺮَﺩّﻱ
ﺍﻟﻤﺘﻌﺪّﺩﺓ .ﺇﻥ ﻛﻞّ ﻃﻤﻮﺡ ﻳﺮﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺘﻄﻠﺐُّ ﺗﻐﻴﻴﺮًﺍ ﻋﻤﻴﻘًﺎ ﻓﻲ “ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ
ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ،ﻭﺍﻟﺒﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﻮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻮﺱ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ .[7]”ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ ﻃﺎﺑﻊ
ﺃﺧﻼﻗﻲ ،ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﺸﺨﺺ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﺑﻞ ﻭﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﺃﻳﻀًﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ “ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ
ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻛﻞ ﻛﺎﺋﻦ ﻭﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻟﺔ ،ﺿﻤﻦ ﻧﻈﺎﻡ ﻣﻨﺴّﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﻜﻮﺯﻣﻮﺱ ]ﺍﻟﻜﻮﻥ .[8]“[ﻟﻬﺬﺍ ،ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﺗﻨﻤﻮ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻬﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻸﺷﻴﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﻠﻪ.[9]
.6ﺟَﺪَّﺩَ ﺳَﻠَﻔِﻲ ﺑِﻨِﺪﻛﺘُﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓَ “ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏِ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻴّﺔِ ﻻﺧﺘﻼﻻﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭﺇﻟﻰ
ﺇﺻﻼﺡ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺘﻘﺪّﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪﻭ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .[10]”ﻭﺫﻛَّﺮ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻘﻂ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ
ﻋﺰﻝ ﺃﺣﺪ ﺟﻮﺍﻧﺒﻪ ،ﻷﻥ »ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻻ ﻳﺘﺠﺰّﺃ« ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﺠﻨﺲ ﻭﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺟﻮﺍﻧﺐ ﺃﺧﺮﻯ .ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ،َّ“ﻓﺈﻥ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃًﺎ ﻭﺛﻴﻘًﺎ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗَﺼﻴﻎ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ .[11]”ﻟﻘﺪ ﺍﻗﺘﺮﺡ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺒﺎﺑﺎ ﺑِﻨِﺪﻛﺘُﺲ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣُﺜﺨَﻨَﺔٌ ﺑﺠﺮﺍﺡ ﺃﺣﺪﺛﻬﺎ ﺳﻠﻮﻛﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ.
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻳﻀًﺎ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺟﺮﺍﺣﻬﺎ .ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﻠّﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻧﺎﺟﻤﺔٌ ﻋﻦ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺮ ،ّﺃﻱ ﻋﻦ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ
ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺗﻘﻮﺩُ ﺣﻴﺎﺗَﻨﺎ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﺪﻭﺩٍ ﻟﻠﺤﺮّﻳﺔِ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻨﺴﻰ ﺃﻥ “ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮّﺩ ﺣﺮّﻳﺔ ﺗﺨﻠﻖ ﺫﺍﺗﻬﺎ
ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ .ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻳَﺨْﻠُﻖ ﻧﻔﺴَﻪ .ﺇﻧﻪ ﺭﻭﺡ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﻳﻀًﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ .[12]”ﻭﻗﺪ ﺩﻋﺎﻧﺎ ،ﺑﻘﻠﻖٍ ﺃﺑﻮﻱ ،ٍّﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻥ
ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﻟﻠﺨﻄﺮ “ﻓﻲ ﻛﻞّ ﻣﺮّﺓ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ،ﻭﺣﻴﻦ ﻧﻌﺘﺒﺮ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﻫﻲ ﻭﺑﻜﻞ
ﺑﺴﺎﻃﺔ ﻣﻠﻜﻨﺎ ،ﻭﻧﺴﺘﻬﻠﻜﻬﺎ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻭﺣﺴﺐ .ﺇﻥ ﺗﺒﺪﻳﺪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﻳﺒﺪﺃ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻧﻌﺘﺮﻑ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺃﻳﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻨَّﺎ ،ﺑﻞ ﻭﻻ ﻧﺮﻯ
ﺳﻮﻯ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ.[13]”
ﻣﺘّﺤﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﻫﻢٍّ ﻭﺍﺣﺪ
.7ﺗﺠﻤﻊ ﻣﺴﺎﻫﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﺑﺎﻭﺍﺕِ ﻫﺬﻩ ﺧﻮﺍﻃﺮ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮِ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀِ ﻭﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔِ ﻭﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴّﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻨﻈّﻤﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻏﻨَﻮﺍ
ﻓﻜﺮَ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔِ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻛﻬﺬﻩ .ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﺠﺎﻫﻞ ﺃﻥ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﺃﻳﻀًﺎ ،ﻫﻨﺎﻙ ﻛﻨﺎﺋﺲ ﻭﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﻣﺴﻴﺤﻴّﺔ
ﺃﺧﺮﻯ – ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺩﻳﺎﻧﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ – ﻗﺪ ﻃﻮّﺭﺕ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣًﺎ ﻋﻤﻴﻘًﺎ ﻭﻓﻜﺮًﺍ ﺛﻤﻴﻨًﺎ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻐﻠﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ.
ﻭﻟﻼﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻤﺜﺎﻝ ﻭﺍﺣﺪ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ،ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺳﺘﺮﺟﻊ ﺑِﺎﺧْﺘِﺼَﺎﺭٍ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔَ ﺍﻟﺒﻄﺮﻳﺮﻙ ﺍﻟﻤﺴﻜﻮﻧﻲ ﺑﺎﺭﺛﻮﻟﻮﻣﻴﻮﺱ،
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻣﻌﻪ ﻧﺘﺸﺎﺭﻙ ﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺍﻟﻜﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ.
.8ﻗﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﺒﻄﺮﻳﺮﻙ ﺑﺎﺭﺛﻮﻟﻮﻣﻴﻮﺱ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﺇﻟﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺏ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﺎﺀﺓ
ﻟﻠﻜﻮﻛﺐ ،ﻷﻥ “ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳُﻠﺤﻖ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺃﺿﺮﺍﺭًﺍ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ،”ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻣﺪﻋﻮﻭﻥ ﻟﻼﻋﺘﺮﺍﻑ “ﺑﺈﺳﻬﺎﻣﻨﺎ ،ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺃﻭ
ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ،ﻓﻲ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺗﺪﻣﻴﺮﻫﺎ .[14]”ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻗﺪ ﺣﺜﻨﺎ ﺗﻜﺮﺍﺭًﺍ ﻭﺑﺤﺰﻡ ﻭﺗﺤﻔﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﺿﺪ

1.3 Page 3

▲back to top
3
ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ :“ﻓﺄﻥ ﺗﺪﻣِﺮ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﻲ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﺍﻟﻠﻪ؛ ﻭﺃﻥ ﺗُﻠﺤﻖ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺴﻼﻣﺔ
ﺍﻷﺭﺽ ،ﻣُﺴﺎﻫِﻤَﺔً ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻲ ،ﻭﻓﻲ ﺗﺠﺮﻳﺪ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﻏﺎﺑﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺃﻭ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺮﻃﺒﺔ [i]ﺃﻭ ﺗﻠﻮﻳﺚ
ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺗﺮﺑﺘﻬﺎ ﻭﻫﻮﺍﺋﻬﺎ ﻭﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ،ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺴﺎﻣﺔ :ﻓﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﻫﻲ ﺧﻄﺎﻳﺎ .[15]”ﻷﻥ “ﺃﻱّ ﺟﺮﻳﻤﺔ
ﺿﺪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻲ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺿﺪ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻭﻫﻲ ﺧﻄﻴﺌﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﻠﻪ.[16]”
.9ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﻟَﻔَﺖَ ﺑﺎﺭﺛﻮﻟﻮﻣﻴﻮﺱ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩَ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺬﻭﺭ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔِ ﻭﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔِ ﻟﻠﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺚ
ﻋﻦ ﺣﻠﻮﻝ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻭﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻭﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﺗﻐﻴِّﺮٍ ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻭﺇﻻّ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺠﺎﺑﻪ ﺍﻷﻋﺮﺍﺽَ ﻓﻘﻂ .ﻟﻘﺪ ﺍﻗﺘﺮﺡ
ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻌﺒﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺠﺸﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺨﺎﺀ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻬﺪﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ،ﻓﻲ ﺗﺰﻫُّﺪٍ
“ﻳﻌﻨﻲ ﺗﻌﻠُّﻢ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﺘَﻔﻀّﻞ .ﻓﺎﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺠﻲ ﻣﻤﺎ ﺃﺭﻳﺪﻩ ﺃﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻫﻮ ﺃﺳﻠﻮﺏ
ﻓﻲ ﻋﻴﺶ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ .ﻭﻫﻮ ﺗﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻮﻑ ،ﻭﺍﻟﺠﺸﻊ ،ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﻛُﻞ .[17]”ﺃﻧﻨﺎ ﻣﺪﻋﻮﻭﻥ ﺃﻳﻀًﺎ ،ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ،ﺇﻟﻰ “ﻗﺒﻮﻝ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛَﺴِﺮِّ ﺷَﺮِﻛَﺔ ،ٍﻛﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎﻕ ﻋﺎﻟﻤﻲ .ﺇﻧﻪ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻧﺎ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻊ ﺑﺄﻥ ﺍﻹﻟﻬﻲ
ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻳﻠﺘﻘﻴﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺃﺩﻕ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺛﻮﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻏﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺣَﺎﻛَﻪ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﺻﻮﻻ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﻐﺮ ﻧﻘﻄﺔ ﻏﺒﺎﺭ ﻣﻦ
ﻛﻮﻛﺒﻨﺎ.[18]”
ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺍﻷﺳّﻴﺰﻱ
.10ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﻣﺜﺎﻝ ﺭﺍﺋﻊ ﻭﻣُﺤﻔﺰ .ﻭﻗﺪ ﺍﺗﺨﺬﺕُ ﺍﺳﻤَﻪ ﻛﻤﺮﺷِﺪٍ ﻭﻛﺈﻟﻬﺎﻡ ،ٍﻟﺤﻈﺔ
ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ﺃﺳﻘُﻔًﺎ ﻟﺮﻭﻣﺎ .ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺟﻲ ﻟﻼﻋﺘﻨﺎﺀ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺿﻌﻴﻒ ﻭﻓﻲ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ،
ﻋﺎﺷﻬﻤﺎ ﺑﻔﺮﺡ ﻭﺑﺄﺻﺎﻟﺔ .ﺇﻧﻪ ﺷﻔﻴﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﺭﺳﻮﻥ ﻭﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺤﺒﻮﺏ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ
ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ .ﻟﻘﺪ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣًﺎ ﺧﺎﺻًﺎ ﺑﺨﻠﻴﻘﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺎﻟﻤﻬﻤﻠﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮ ،ﻭﺑﺎﻷﻛﺜﺮ ﻓﻘﺮًﺍ .ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺐ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺤﺒﻮﺑًﺎ ﺑﺴﺒﺐ
ﻓﺮﺣﻪ ،ﻭﺗﻔﺎﻧﻴﻪ ﺍﻟﺴﺨﻲ ،ﻭﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻗﻠﺒﻪ .ﻛﺎﻥ ﻣﺘﺼﻮﻓًﺎ ﻭﻣﺘﺠﻮﻻ ﻳﻌﻴﺶ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻧﺴﺠﺎﻡ ﺭﺍﺋﻊ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ،
ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﻣﻊ ﺫﺍﺗﻪ .ﻓﻴﻪ ﻧﺸﻌﺮ ﺇﻟﻰ ﺇﻱ ﺣﺪ ﻳﺼﻌﺐ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ،ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ.
.11ﺇﻥ ﺷﻬﺎﺩَﺗُﻪ ﺗُﺒﻴّﻦ ﻟﻨﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﺗَﺘَﻄﻠّﺐ ﺍﻧﻔﺘﺎﺣًﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺌﺎﺕٍ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯُ ﻟﻐﺔَ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩﺓ ﺃﻭ ﻋﻠﻢ
ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ،ﻭﺗﺮﺑﻄﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﺳﺎﺱ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﺑﺎﻟﺘﻤﺎﻡ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﻊ ﻓﻲ ﻋﺸﻖ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ،ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻈﺮ
ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺩﺓ ﻓﻌﻠﻪ ﻫﻲ ﺍﻹﻧﺸﺎﺩ ،ﻣُﺸﺮﻛﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻓﻲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺢ .ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ،ﻓﻜﺎﻥ ﻳﻌﻆ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺰﻫﻮﺭ ﻭﻳﺪﻋﻮﻫﺎ “ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗُﺴﺒﺢَ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﺤﺒﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻭﻟﻮ
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ .[19]”ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺩﺓ ﻓﻌﻠﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮﺩ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺫﻫﻨﻲ ﺃﻭ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﻷﻥ ﻛﻞ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ
ﻛﺎﻥ ﺃﺧًﺎ ،ﺗﺮﺑﻄﻪ ﺑﻪ ﺃﻭﺍﺻﺮ ﺍﻟﻤﻮﺩﺓ .ﻟﻬﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﻌﺮ ﺃﻧﻪ ﻣﺪﻋﻮ ﻟﻼﻋﺘﻨﺎﺀ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ .ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﺃﺣﺪ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ،ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ
ﺑﻮﻧﺎﻓﻴﻨﺘﻮﺭﺍ ،ﺃﻧﻪ “ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺃﺻﻞ ﻣﺸﺘﺮﻙ ،ﻛﺎﻥ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻐﻤﻮﺭ ﺑﺮﺃﻓﺔ ﺃﻛﺒﺮ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺪﻋﻮ
ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻐﻴﺮﺓ ،ﺃﺧًﺎ ﻭﺃﺧﺘًﺎ .[20]”ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺯﺩﺭﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﺭﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺆﺛﺮ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺩ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻨﺎ .ﻓﺈﻥ ﺍﻗﺘﺮﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺑﺪﻭﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻫﻮﻝ ﻭﺍﻻﻧﺪﻫﺎﺵ ،ﻭﺇﻥ
ﻟﻢ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﺑﻌﺪ ﻟﻐﺔ ﺍﻷﺧﻮّﺓ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻓﺈﻥ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻨﺎ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺴﻠﻂ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ﺃﻭ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻐﻞ ﻟﻠﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻊ ﺣﺪّ ﻟﻤﺼﺎﻟﺤﻪ ﺍﻟﻌﺎﺟﻠﺔ .ﻭﺍﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ ،ﻓﺈﻥ ﺷﻌﺮﻧﺎ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻣﺘّﺤﺪﻭﻥ
ﺍﺗﺤﺎﺩًﺍ ﻭﺛﻴﻘًﺎ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺮﺻﺎﻧﺔ ﻭﺍﻻﻛﺘﺮﺍﺙ ﺳﻴﺘﺪﻓﻘﺎﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻨﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻔﻮﻳﺔ .ﺇﻥ ﻓﻘﺮ ﻭﺗﻘﺸّﻒ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ
ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﺯﻫﺪًﺍ ﺧﺎﺭﺟﻴًّﺎ ﺑﺤﺘًﺎ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻣﺮًﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﺟﺬﺭﻳﺔ :ﺇﻧﻪ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺠﺮﺩ ﻏﺮﺽ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ
ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻂ.
.12ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻳﻘﺘﺮﺡ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ،ﻋﺒﺮ ﺃﻣﺎﻧﺘﻪ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ،ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻛﻜﺘﺎﺏ ﺭﺍﺋﻊ ﻳﻜﻠﻤﻨﺎ
ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ،ﻭﻳﻨﻘﻞ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺑﻌﻀًﺎ ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺘﻪ ﻭﻣﻦ ﺻﻼﺣﻪ .“ﺇِﻥَّ ﻋَﻈَﻤَﺔَ ﺍﻟﻤَﺨْﻠﻮﻗﺎﺕِ ﻭﺟَﻤﺎﻟَﻬﺎ ﻳُﺆَﺩِّﻳﺎﻥِ ﺑِﺎﻟﻘِﻴﺎﺱِ ﺇِﻟﻰ ﺍﻟﺘَﺄَﻣﻞ
ﻓﻲ ﺧﺎﻟِﻘِﻬﺎ” )ﺣﻚ (5 ،13“ﻭﻻ ﻳَﺰﺍﻝُ ﻣﺎ ﻻ ﻳَﻈﻬَﺮُ ﻣِﻦ ﺻِﻔﺎﺗِﻪ ،ﺃَﻱ ﻗُﺪﺭَﺗُﻪ ﺍﻷَﺯَﻟِﻴَّﺔُ ﻭﺃُﻟﻮﻫَﻴﺘُﻪ ،ﻇﺎﻫِﺮًﺍ ﻟِﻠﺒَﺼﺎﺋِﺮِ ﻓﻲ ﻣَﺨﻠﻮﻗﺎﺗِﻪ”
)ﺭﻭﻡ .(20 ،1ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻠﺐ ﺗﺮﻙ ﺟﺰﺀٍ ﻓﻲ ﺑﺴﺘﺎﻥِ ﺍﻟﺨﻀﺮﺍﻭﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺎﻟﺪﻳﺮ ﺑﺪﻭﻥ ﺯﺭﺍﻋﺔ ﻛﻲ ﺗﻨﻤﻮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ

1.4 Page 4

▲back to top
4
ﺍﻟﺒﺮﻳِّﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻤَﻦْ ﻳُﻌﺠَﺐُ ﺑﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﺮﻓﻊ ﻓﻜﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻣُﺒﺪﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻛﻠﻪ .[21]ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮﺩ
ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻟﺤﻞ ،ٍﺇﻧﻪ ﺳِﺮٌ ﻣُﻔﺮِﺡٌ ﻧﺘﺄﻣﻠﻪ ﻓﻲ ﻏﺒﻄﺔ ﻭﺗﺴﺒﻴﺢ.
ﻧﺪﺍﺋﻲ
.13ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﻌﺎﺟﻞ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻟﺤﺮﺹَ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﻨﻤﻴﺔ
ﻣﺴﺘﺪﺍﻣﺔ ﻭﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﻷﻧﻨﺎ ﻧﻌﺮﻑ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﻴﺮﻫﺎ .ﻓﺎﻟﺨﺎﻟﻖ ﻻ ﻳﻬﻤﻠﻨﺎ ،ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﺘﺮﺍﺟﻊ ﺃﺑﺪًﺍ ﻟﻠﺨﻠﻒ ﻓﻲ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻣﺤﺒﺘﻪ،
ﻭﻻ ﻳﻨﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺧﻠﻘﻨﺎ .ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺑﺈﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻌﻤﻴﺮ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ .ﻭﻫﻨﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ
ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ ،ﻭﺗﺸﺠﻴﻊ ﻭﺷﻜﺮ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺬﻳﻦ ،ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺬﻱ
ﻧﺘﺸﺎﺭﻙ ﺑﻪ .ﻭﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻥ ﺷﻜﺮًﺍ ﺧﺎﺻًﺎ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺎﺿﻠﻮﻥ ﺑﺒﺄﺱ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﻭﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ
ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻓﻘﺮًﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﺇﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻳُﻄَﺎﻟﺒﻨﺎ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ .ﻭﻫﻢ ﻳﺘﺴﺎﺀﻟﻮﻥ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﺑﺒﻨﺎﺀ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﻓﻀﻞ
ﺑﺪﻭﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﻌﺪﻳﻦ.
.14ﺃﻭﺟّﻪ ﺩﻋﻮﺓً ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺘﺒﻌﻪ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ .ﺇﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ
ﺗﺠﻤﻌﻨﺎ ﻛﻠﻨﺎ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻮﺍﺟﻬﻪ ،ﻭﺟﺬﻭﺭﻩ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﺗﻌﻨﻴﻨﺎ ﻭﺗﻤﺴﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ .ﻟﻘﺪ ﻗﻄﻌﺖ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺷﻮﻃًﺎ ﻃﻮﻳﻼ ﻭﻏﻨﻴًّﺎ ،ﻭﺃﺛﻤﺮﺕ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻫﻤﻮﺍ ﻓﻲ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻮﻋﻲ .ﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ،
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﻤﺒﺬﻭﻟﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻠﻮﻝ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ﻟﻸﺯﻣﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺒﻬﺎ ﺍﻻﺣﺒﺎﻁُ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺴﺒﺐ ﺭﻓﺾ
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪﻡ ﺍﻛﺘﺮﺍﺙ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ .ﻭﺗﺘﺄﺭﺟﺢ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﻖ ﺳُﺒُﻞ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ،ﺣﺘﻰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ،
ﺑﻴﻦ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﻛﺘﺮﺍﺙ ﻟﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ ﺍﻟﺮﺧﻮ ﺃﻭ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ ﺑﺎﻟﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ .ﺇﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻣﺠﺪﺩًﺍ ﺇﻟﻰ ﺗﻀﺎﻣﻦ
ﻋﺎﻟﻤﻲ .ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺟﻨﻮﺏ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ :“ﺇﻥ ﻣﻮﺍﻫﺐ ﻭﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻫﻲ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻹﺻﻼﺡ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺗﻌﺪﻱ
ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﺍﻟﻠﻪ .[22]”ﻓﺒﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻛﺄﺩﻭﺍﺕ ﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ،ﻛﻞٌّ ﻋﺒﺮ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ﻭﺧﺒﺮﺗﻪ
ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻭﻋﺒﺮ ﻣﺒﺎﺩﺭﺍﺗﻪ ﻭﻗﺪﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ.
.15ﺃﺗﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻣﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻌﻈﻤﺔ ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ
ﻭﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺍﺟﻬﻨﺎ .ﺑﺪﺍﻳﺔ ،ﺳﺄﻣُﺮ ﻣﺮﻭﺭًﺍ ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺃﺟﻞ
ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻀﻞ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻷﺑﺤﺎﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﺮﺓ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﻬﺎ ﺑﺄﻥ ﺗﻠﻤﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻖ ﻭﻭﺿﻊ ﺃﺳﺎﺱ
ﻣﺘﻴﻦ ﻟﻠﻤﺴﺎﺭ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﻭﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻤﺮ .ﻭﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺮﺽ ،ﺳﺄﺗﻨﺎﻭﻝ ﻣﺠﺪﺩًﺍ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ-ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ،ﺑﻬﺪﻑ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ ﻻﻟﺘﺰﺍﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﺛﻢ ،ﺳﺄﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﻮﻟﻮﺝ ﺇﻟﻰ ﺟﺬﻭﺭ
ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﻛﻲ ﺃﺟﻨﻲ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺍﻷﻋﺮﺍﺽ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ .ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ ﻫﻜﺬﺍ ﺃﻥ ﻧﻘﺘﺮﺡ
ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﺤﺘﻮﻱ ،ﻓﻲ ﺃﺑﻌﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﻠﻪ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻋﻼﻗﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗﻊ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ .ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ،ﺃﻭﺩ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺨﻄﻮﺓ ﻟﻸﻣﺎﻡ ﻓﻲ ﻃﺮﺡ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﺍﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ ﻭﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗُﺸﺮِﻙ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ .ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﻭﻷﻧﻨﻲ ﻣﻘﺘﻨﻊ ﺑﺄﻥ ﻛﻞ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﺍﻓﻊ ﻭﺇﻟﻰ
ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﺳﻮﻑ ﺃﻗﺘﺮﺡ ﺑﻌﺾ ﺧﻄﻮﻁ ﻟﻠﻨﻀﺞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣُﺴﺘﻠﻬَﻤَﺔً ﻣﻦ ﻛﻨﺰ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ.
.16ﺇﻥ ﻛﻞ ﻓﺼﻞ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻟﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﺍﻟﻤﺤﺪﺩ ﻭﻣﻨﻬﺠﻴﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﺳﻴﺘﻨﺎﻭﻝ ﺑﺪﻭﺭﻩ ،ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺟﺪﻳﺪ ،ﻣﺴﺎﺋﻞ
ﻣﻬﻤﺔ ،ﻗﺪ ﺗﻢ ﺍﻟﺘﻌﺮﺽ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﻠَّﻞ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ .ﻋﻠﻰ
ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ :ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﻫﺸﺎﺷﺔ ﺍﻷﺭﺽ؛ ﺍﻻﻗﺘﻨﺎﻉ ﺑﺄﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻮ ﻣﺘﺮﺍﺑﻂ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃًﺎ
ﻋﻤﻴﻘًﺎ؛ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻭﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ؛ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻃﺮﻕ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ
ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ؛ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺨﻠﻮﻕ؛ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﻺﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ؛ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻤﻨﺎﻇﺮﺍﺕ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻭﻧﺰﻳﻬﺔ؛
ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ؛ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻬﺪّﺭ ﻭﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺣﻴﺎﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ .ﺇﻧﻬﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﻻ
ﻳﺘﻢ ﺃﺑﺪًﺍ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺀ ﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻹﻋﺮﺍﺽ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ،ﺗُﺪّﺭﺱ ﻭﺗُﻌﻤﻖ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ.

1.5 Page 5

▲back to top
5
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ
ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻟﺒﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ
.17ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺄﻣﻼﺕ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴِّﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴِّﺔ ،ﺣﻮﻝ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺒﺪﻭ ﻛﺮﺳﺎﺋﻞ ﻣﻜﺮﺭﺓ ﻭﺧﺎﻭﻳﺔ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻄﺮﺡ
ﻧﻔﺴّﻬﺎ ﻣﺠﺪﺩًﺍ ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ،ﻭﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﻌﺮّﻑ ﻋﻠﻰ
ﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻳﻮﻟّﺪ ﺣﻮﺍﻓﺰ ﻭﻣﺘﻄﻠّﺒﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻓﺈﻧﻲ ﺃﻗﺘﺮﺡ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﺑﺈﻳﺠﺎﺯ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻟﻤﺎ
ﻳﺤﺪﺙ ﻟﺒﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ.
.18ﺇﻥ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﻤﺘﺰﺍﻳﺪﺓ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺑﺎﻟﻜﻮﻛﺐ ،ﺗﺘﺤﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺘﻜﺜﻴﻒ ﺍﻳﻘﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﻄﻠﻖ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ،(rapidación)“ﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﺘﺴﺎﺭﻋﻲ .[ii]”ﻣﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﻫﻮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺩﻳﻨﺎﻣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨُﻈﻢ
ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ ﺍﻟﺘﺪﺧﻼﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻂﺀ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ .ﻳُﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ
ﻫﺬﺍ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺃﻥ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﺍﻟﻤﺘﺴﺎﺭﻉ ﻭﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﻻ ﺗﺼﺐ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ ،ﻣﺴﺘﺪﺍﻣﺔ
ﻭﺷﺎﻣﻠﺔ .ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴّﻴﺮ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻣُﺴﺘَﺤَﺐ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﺼﺒﺢُ ﻣﻘﻠﻘًﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳَﺘَﺤَﻮَّﻝُ ﺇﻟﻰ ﺗﺪﻫﻮﺭٍ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻭﺗﻘﻬﻘﺮ ﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ
ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ.
.19ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﺪّﻡ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺼﺪﺩ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﺏ ﻣﻦ
ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺃﻛﺒﺮ .ﻭﻳُﻼﺣﻆُ ﻭﻋﻲٌّ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪٌ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﻳﻨﻤﻮ ﻗﻠﻖ ﺻﺎﺩﻕ ﻭﻣﺆﻟﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ
ﻟﻜﻮﻛﺒﻨﺎ .ﻟﻨﻘﻢ ﺑﺠﻮﻟﺔ -ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻣﻠﺔ -ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺐ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻗﻠﻘًﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻧﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻈﺎﻫﺮ
ﺑﺈﺧﻔﺎﺋﻪ .ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻴﺲ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺃﻭ ﺇﺷﺒﺎﻉ ﻓﻀﻮﻟﻨﺎ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻭﻋﻲٍّ ﻣﺆﻟﻢ ،ﻭﺟﺮﺃﺓٍ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﺎ
ﻳﺤﺪﺙ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﻟﻢٍ ﺷﺨﺼﻲ ،ٍّﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺪّﻣﻪ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ.
.1ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ
ﺗﻠﻮﺙ ،ﻧﻔﺎﻳﺎﺕ ﻭﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻬﺪﺭ
.20ﻳﻮﺟﺪ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻳﻮﻣﻴًﺎ .ﻓﺎﻟﺘﻌﺮﺽُ ﻟﻠﻤﻠﻮﺛﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴّﺔ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺼﺤﺔ ،ﻭﻻ ﺳﻴَّﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻓﻘﺮًﺍ ،ﻭﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮﺓ .ﻓﻬﻢ ﻳﻤﺮﺿﻮﻥ ،ﻣﺜﻼ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻨﺸﻘﻬﻢ
ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺧﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺪﻓﺌﺔ .ﻭﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ،ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺫﻱ
ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ،ﻭﺩﺧﺎﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﻧﻊ ،ﻭﺗﺮﺳّﺐ ﻣﻮﺍﺩ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﺤﻤﺾ ﺍﻟﺘﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ،ﻭﺍﻷﺳﻤﺪﺓ،
ﻭﺍﻟﻤﺒﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﺤﺸﺮﻳﺔ ،ﻭﻣﺒﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﻔﻄﺮﻳﺎﺕ ،ﻭﻣﺒﻴﺪﺍﺕ ﺍﻷﻋﺸﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤُﺴَﻤِّﻤَﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ .ﺇﻥ
ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﺗﺪّﻋﻲ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺍﻟﺤﻞ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﻤﺸﺎﻛﻞ ،ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﺎﺟﺰﺓ ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺔ “ﺳِﺮّ” ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﻬﻲ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ،ﺗﺠﺪُ ﺣﻠًّﺎ ﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺑﻤﺸﺎﻛﻞ ﺃﺧﺮﻯ.
.21ﻳﺠﺐ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺴﺒﺎﻥ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺃﻭﺳﺎﻁ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ.
ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻨﺘﺞ ﺳﻨﻮﻳًّﺎ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻃﻨﺎﻥ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ،ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﺤﻠﻞ :ﻧﻔﺎﻳﺎﺕ ﻣﻨﺰﻟﻴﺔ ﻭﺗﺠﺎﺭﻳﺔ ،ﻭﺑﻘﺎﻳﺎ ﺃﻧﻘﺎﺽ
ﺍﻟﻬﺪﻡ ،ﻭﻧﻔﺎﻳﺎﺕ ﻃﺒﻴﺔ ،ﻭﻧﻔﺎﻳﺎﺕ ﺇﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ﺳﺎﻣﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻭﻣﺸﻌﺔ .ﺇﻥ ﺍﻷﺭﺽ ،ﺑﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ ،ﺗﺒﺪﻭ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺘﺤﻮﻝ،
ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ،ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﺩﻉ ﻫﺎﺋﻞ ﻟﻠﻘﻤﺎﻣﺔ .ﻭﻓﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ،ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥُ ﺑﺤﻨﻴﻦ ،ﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮَ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪﻭ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻐﻤﻮﺭﺓ ﺑﺎﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ .ﻓﺎﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﺍﻟﻜﻴﻤﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻮﻝ ،ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺤﺪﺙ ﺗﺮﺍﻛﻤًﺎ ﺃﺣﻴﺎﺋﻴًّﺎ [iii]ﻓﻲ ﺑُﻨﻴﺔ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻤﺘﺎﺧﻤﺔ ﻟﻪ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻼﺣﻆ ﺣﺘﻰ ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ
ﻣﻦ ﺍﻧﺨﻔﺎﺽ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ .ﻭﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺗﺆﺧﺬ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪ ﻇﻬﻮﺭ
ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ.
.22ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻫﻲ ﺫﺍﺕ ﺻﻠﺔ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻬﺪﺭ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﻨﺒﻮﺫﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺎﻳﺎﺕ .ﻟﻨﻼﺣﻆ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺔ ﻳُﻬﺪﺭ ﻭﻻ ﻳﺘﻢ ﺇﻋﺎﺩﺓ

1.6 Page 6

▲back to top
6
ﺗﺪﻭﻳﺮﻩ .ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺑﺄﻥ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻫﻮ ﻣﺜﺎﻟﻲ :ﻓﺎﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﺗﻜﻮّﻥ ﻣﻮﺍﺩ ﻏﺬﺍﺋﻴﺔ ﺗُﻄﻌﻢ ﺁﻛﻠﻲ
ﺍﻷﻋﺸﺎﺏ؛ ﻭﺗﻠﻚ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺗُﻐﺬﻱ ﺁﻛﻠﻲ ﺍﻟﻠﺤﻮﻡ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﺠﻮﻥ ﻛﻤﻴﺎﺕ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻧﻤﻮ
ﺟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ .ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ،ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ،ﻟﻢ ﻳﻄﻮِّﺭ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓَ ﻋﻠﻰ
ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺨﻠﻔﺎﺕ .ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺠﺢ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ ﺗﺒﻨّﻲ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﺇﻧﺘﺎﺝ “ﺗَﺪْﻭﻳﺮِﻱّ” ﻳﺆَﻣِّﻦ ﻣﻮﺍﺭﺩًﺍ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ
ﻭﻟﻸﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ،ﻭﻧﻤﻮﺫﺟًﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻭﺿﻊ ﺣﺪﻭﺩ ﻗﺼﻮﻯ ﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﺠﺪﺩﺓ ،ﻭﺗﺒﻨﻲ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ،
ﻭﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻔﻌّﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ،ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﺗﺪﻭﻳﺮﻫﺎ .ﺇﻥ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ
ﻟﻠﺘﺼﺪﻱ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻬﺪﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ ﺑﺎﻹﺿﺮﺍﺭ ﺑﺎﻟﻜﻮﻛﺐ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ ،ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻓﻴﺔ.
ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﻛﺨﻴﺮٍ ﻋﺎﻡ
.23ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻋﺎﻡ ،ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ .ﺇﻧﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﻧﻈﺎﻡٌ ﻣﻌﻘّﺪ ﻭﻣُﺘَّﺼِﻞٌ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮِ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁِ
ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔِ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻤﻲ ﺭﺍﺳﺦ ﺟﺪًﺍ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻮﺍﺟﻪ ﺍﺣﺘﺮﺍﺭًﺍ ﻣﻘﻠﻘًﺎ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻲ .ﻭﻗﺪ
ﺍﺻﻄﺤﺐَ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﺭ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ،ﺍﺭﺗﻔﺎﻉٌ ﺛﺎﺑﺖ ﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﺒﺤﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻌﺐ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﺼﻠﻪ ﻋﻦ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ
ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ ،ﺑﺮﻏﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﺳﺒﺐ ﻋﻠﻤﻲٍّ ﻣﺤﺪّﺩٍ ﻟﻜﻞ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ .ﺇﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﺪﻋﻮﺓ ﻷﻥ ﺗﺼﺒﺢ ﻋﻠﻰ
ﺑَﻴِّﻨﺔ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﻧﻤﻂ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ،ﻟﻤﺤﺎﺭﺑﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﺭ ﺃﻭ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ،ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ
ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺠﻪ ﺃﻭ ﺗﻀﺎﻋﻔﻪ .ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺳﺒﺎﺑًﺎ ﺃﺧﺮﻯ )ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻧﻴﺔ ،[iv]ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻷﺭﺽ
ﻭﻣﺤﻮﺭﻫﺎ ،ﻭﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ،(ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻜﻮّﻧِﻲ ،ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ،ﻳﻌﻮﺩ ﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻏﺎﺯﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﺒﺎﺱ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﻱ )ﺛﺎﻧﻲ ﺃﻛﺴﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ ،ﻭﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻥ ،ﻭﺃﻛﺴﻴﺪ ﺍﻟﻨﻴﺘﺮﻭﺯ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﻐﺎﺯﺍﺕ( ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ .ﺇﻥ ﺗﻜﺜُّﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻟﺠﻮﻱ ﻫﺬﺍ ،ﻳﻤﻨﻊ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺃﺷﻌﺔ ﺍﻟﺸﻤﺲ
ﺍﻟﻤﻨﻌﻜﺴﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ .ﻭﻗﺪ ﻋﺰﺯ ﻫﺬﺍ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ
ﺍﻟﻤﻜﺜﻒ ﻟﻠﻮﻗﻮﺩ ﺍﻷﺣﻔﻮﺭﻱ ،[v]ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ .ﻭﻗﺪ ﺁﺛﺮَّ ﻋﺎﻣﻞ ﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﺃﻻ ﻭﻫﻮ
ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪ ،ﻭﺑﺼﻮﺭﺓ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ﻷﻏﺮﺍﺽ ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ.
.24ﺇﻥ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﺭ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ،ﻟﻪ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺗﺄﺛﻴﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ .ﺇﻧﻪ ﻳﺨﻠﻖ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻔﺮﻏﺔ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﻮﺿﻊ،
ﻭﺳﺘﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓّﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻛﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺸﺮﺏ ﻭﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﻭﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ ،ﻭﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺟﺰﺀ
ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻛﺐ ﺍﻷﺭﺽ .ﻭﻳﻬﺪﺩ ﺫﻭﺑﺎﻥ ﺍﻟﺠﻠﻴﺪ ﺍﻟﻘﻄﺒﻲ ﻭﺟﻠﻴﺪ ﺍﻟﺴﻬﻮﻝ ﺍﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ ،ﺑﺘﺴﺮﺏ ﺧﻄﻴﺮ ﺟﺪًّﺍ ﻟﻐﺎﺯ
ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻥ ،ﻭﻗﺪ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﺗﺤﻠﻞ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺠﻤّﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻧﺒﻌﺎﺙٍ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪ ﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﻛﺴﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ .ﻛﻤﺎ ﺗﺰﻳﺪ ﺧﺴﺎﺭﺓُ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ
ﺍﻟﻤﻄﻴﺮﺓ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺍﻷﻣﻮﺭَ ﺳﻮﺀًﺍ ،ﺣﻴﺚ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺴﺎﻫﻢُ ﻓﻲ ﺗﺨﻔﻴﻒِ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻲ .ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﻟّﺪُ ﺛﺎﻧﻲ ﺃﻛﺴﻴﺪ
ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ ،ﻳﺰﻳﺪُ ﻣﻦ ﺣﻤﻮﺿﺔِ ﺍﻟﻤُﺤﻴﻄﺎﺕ ﻭﻳﻌﺮّﺽ ﻟﻠﺨﻄﺮِ ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔَ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ .ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﻓﺈﻥ ﻋﺼﺮَﻧﺎ
ﻫﺬﺍ ﺳﻮﻑ ﻳﺸﻬﺪُ ﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﻣﻨﺎﺧﻴﺔ ﻟﻢ ﺗُﺮَ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ،ﻭﺗﺪﻣﻴﺮًﺍ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻕ ﻟﻠﻨﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻣﻊ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻟﺠﻤﻴﻌﻨﺎ.
ﻓﺎﺭﺗﻔﺎﻉ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺒﺤﺮ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳُﻨﺸﺊ ﺃﻭﺿﺎﻋًﺎ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺨﻄﻮﺭﺓ ،ﺇﻥ ﺃﺧﺬﻧﺎ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺭﺑﻊ
ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺴﻜﻨﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﻞ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺃﻭ ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﺟﺪًﺍ ﻣﻨﻪ ،ﻭﺃﻥ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﻌﻤﻼﻗﺔ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ.
.25ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﺑﻴﺌﻴﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺗﻮﺯﻳﻌﻴﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ،ﻭﻫﻲ
ﺗﺸﻜّﻞ ﺇﺣﺪﻯ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻭﺳﺘﻘﻊ ﺃﺳﻮﺃ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ،ﺭﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ.
ﻓﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﺣﺘﺮﺍﺭ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﺳﺎﺳﻲ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻛﺎﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﻭﺍﻟﺼﻴﺪ ﻭﻣﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ .ﻭﻫﻢ ﻻ
ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﻣﻮﺍﺭﺩًﺍ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﻣﺄﺳﺎﻭﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ
ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﻭﻗﺎﺋﻴﺔ .ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﺗﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕُ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ ﻫﺠﺮﺓَ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ،
ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻳﻠﺤﻖُ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺎﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ،ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺪﻭﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ
ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻀﻄﺮﻳﻦ ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ،ﺗﺘﻤﻠﻜﻬﻢ ﺭﻳﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺑﺸﺄﻥ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﻢ .ﺇﻥ ﺃﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ،ﺍﻟﻔﺎﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺆﺱ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺎﻗﻤﻪ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ،ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻣﺄﺳﺎﻭﻱ ،ﻭﻻ ﻳُﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻛﻼﺟﺌﻴﻦ ،ﻭﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﻋﺐﺀ
ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﺠﺮﻭﻫﺎ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺸﻤﻠﻬﻢ ﺃﻳﺔ ﺗﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻭﻗﺎﺋﻴﺔ .ﻭﻟﻸﺳﻒ ﻫﻨﺎﻙ ﻻﻣﺒﺎﻻﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺂﺳﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ

1.7 Page 7

▲back to top
7
ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﺇﻥ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺂﺳﻲ ﺃﺧﻮﺗﻨﺎ ﻭﺃﺧﻮﺍﺗﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﻫﻮ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﻔﻘﺪﺍﻥ
ﺣﺲ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺃﺷﻘﺎﺋﻨﺎ ،ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺤﺲّ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻘﻮﻡ ﺃﻱ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺪﻧﻲ.
.26ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺤﻜّﻤﻮﻥ ﺑﺄﻫﻢّ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻳﻀﻌﻮﻥ ﺟُﻞ ﺗﺮﻛّﺰﻫﻢ ،ﻗﺒﻞ ﻛﻞ
ﺷﻲﺀ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺠﺐ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺇﺧﻔﺎﺀ ﺃﻋﺮﺍﺿﻬﺎ ،ﻣﺤﺎﻭﻟﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﺤﺪّ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ.
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﺽ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻗﺪ ﺗﺘﻔﺎﻗﻢ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻤﺮﻳﻨﺎ ﺑﺎﻷﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎﺝ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ .ﻟﺬﻟﻚ
ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤُﻠِﺢّ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺤﺘﻤﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﺗُﻘَﻠِّﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ،ﻣﻦ ﺍﻧﺒﻌﺎﺙ ﺛﺎﻧﻲ ﺃﻛﺴﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ
ﻭﻏﺎﺯﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺟﺪ ﻣﻠﻮﺛﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ :ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﺍﻟﻮﻗﻮﺩ ﺍﻷﺣﻔﻮﺭﻱ ﺑﺘﻨﻤﻴﺔ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﻃﺎﻗﺔ ﻣﺘﺠﺪﺩﺓ .ﺇﻥ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺠﺪﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻲ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﺟﺪًﺍ .ﻭﻻ ﺯﺍﻟﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﺃﻳﻀًﺎ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ،[vi]ﺗﻨﻤﻴﺔً ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ .ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻘﺪ ﺣﻘّﻘﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺗﻄﻮﺭﺍﺕ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻗﻠﻴﻠﺔ
ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ .ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﻀًﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻭﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻗﺔ ﺃﻗﻞ ﻭﺗﺘﻄﻠﺐ ﻛﻤّﻴﺔ ﺃﺩﻧﻰ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺃﻭ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺄﻫﻴﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ .ﻟﻜﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺠﻴﺪﺓ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻤّﻤﺔ.
.IIﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ
.27ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻠﻮﺿﻊ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﺳﺘﻨﻔﺎﺫ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ .ﻧﻌﺮﻑ ﺟﻴﺪًﺍ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻣﺴﺘﻮﻯ
ﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﻭﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺛﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺣﻴﺚ ﺑﻠﻐﺖ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﻬﺪﺭ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ
ﻣﻔﺰﻋﺔ .ﻗﺪ ﺗﻢَّ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﺨﻄﺖ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻟﺤﻞ ﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮ.
.28ﺇﻥ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﺸﺮﺏ ﻭﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻌﺬﺑﺔ ﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺫﺍﺕ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻗﺼﻮﻯ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ .ﻓﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻌﺬﺑﺔ ﺗُﻤَﻮِّﻥُ ﻗﻄﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﺔ ،ﻭﺍﻟﻔﻼﺣﺔ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ .ﻭﻗﺪ ﺑﻘﻴﺖ
ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﺰﻭﻳﺪ ﺑﺎﻟﻤﻴﺎﻩ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻧﺴﺒﻴًﺎ ﻟﻮﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﻳﺘﺨﻄﻰ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ،ﻣﻊ
ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮ ﻭﺍﻟﺒﻌﻴﺪ .ﻓﻤﺪﻥ ﻛﺒﻴﺮﺓ ،ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﺰﺍﻧﺎﺕ ﻣﻴﺎﻩ ﻣﻬﻤﺔ ،ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻓﺘﺮﺍﺕ ﺷﺢ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺗﺪﺑﻴﺮﻫﺎ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﺑﻨﺰﺍﻫﺔ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺤﺮﺟﺔ .ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻓﺘﻘﺎﺭ ﻟﻠﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊُ ﻗﻄﺎﻋﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ،ﺍﻟﻮﺻﻮﻝَ ﺇﻟﻰ ﻣﻴﺎﻩ ﺷﺮﺏ ﻣﺘﺎﺣﺔ ،ﺃﻭ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺟﻔﺎﻑ
ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ .ﻭﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺗﺘﻮﺍﻓﺮ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺑﻮﻓﺮﺓ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺷﺢ ﺧﻄﻴﺮ.
.29ﺇﻥ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﺮﺓ ﻟﻠﻔﻘﺮﺍﺀ ﻫﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺍﻟﺨﻄﻮﺭﺓ ﻭﻫﻲ ﺗﺘﺴﺒﺐ ﺑﻤﻮﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ .ﻓﺒﻴﻦ
ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻣﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﻴﺎﻩ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﺣﻴّﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﻋﻦ ﻣﻮﺍﺩ ﻛﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ .ﺍﻟﺰﺣﺎﺭ
)ﺍﻟﺪﻳﺰﻧﻄﺎﺭﻳﺎ( ﻭﺍﻟﻜﻮﻟﻴﺮﺍ ،ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺮﺍﺣﻴﺾ ﻭﺧﺰﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﺸﻜﻞ ﻋﺎﻣﻼ ﻫﺎﻣًﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ
ﻭﻣﻮﺕ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ .ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ،ﻫﻲ ﻣﻬﺪﺩﺓ ﺑﺎﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻻﺳﺘﺨﺮﺍﺟﻴﺔ،
ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺑﺎﻷﻛﺜﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻐﻴﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ .ﻭﻫﻨﺎ ﻻ ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻘﻂ ﺑﻨﻔﺎﻳﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺼﺎﻧﻊ .ﻓﻤﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺍﻟﻤﻨﻈﻔﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺼﺐ ﻓﻲ ﺍﻷﻧﻬﺮ
ﻭﺍﻟﺒﺤﻴﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤﺎﺭ.
.30ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺮﺩﻯ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﺮﺓ ،ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﻤﻴﻞ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﺇﻟﻰ ﺧﺼﺨﺼﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺭﺩ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭ،
ﻭﺗﺤﻮﻳﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺑﻀﺎﻋﺔ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﺑﻬﺎ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺴﻮﻕ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﺸﺮﺏ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻫﻮ ﺣﻖ ﺟﻮﻫﺮﻱ
ﻭﻋﺎﻟﻤﻲ ﻭﺃﺳﺎﺱ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﻷﻧﻪ ﻳﺤﺪﺩ ﺑﻘﺎﺀ ﺍﻻﺷﺨﺎﺹ ،ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﻬﻮ ﺷﺮﻁ ﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻷﺧﺮﻯ.
ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺩَﻳّﻦ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺧﻄﻴﺮ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﺗﺼﻠﻬﻢ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﺸﺮﺏ ،ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺣﺮﻣﺎﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻖ
ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﻤﺘﺄﺻﻞ ﻓﻲ ﻛﺮﺍﻣﺘﻬﻢ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺴﺎﻭﻡ .ﺳﻴُﺴﺪﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪَّﻳﻦ ﺟﺰﺋﻴًﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﺘﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻨﻈﻴﻔﺔ ﻭﺷﺒﻜﺔ ﺍﻟﺼﺮﻑ ﺍﻟﺼﺤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻓﻘﺮًﺍ .ﻟﻜﻦ ﻳُﻼﺣﻆُ ﺇﻫﺪﺍﺭٌ ﻟﻠﻤﻴﺎﻩ
ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﻄﻮﺭﺓ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻠﻚ ﺍﺣﺘﻴﺎﻃﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ .ﻳُﻈﻬﺮ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻦ
ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻫﻮ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺑﺴﺒﺐ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺨﻄﻮﺭﺓ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺗﺎﺕ

1.8 Page 8

▲back to top
8
ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ.
.31ﺇﻥ ﻣﺰﻳﺪًﺍ ﻣﻦ ﺷﺢ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺳﻴﺘﺴﺒﺐ ﺑﺎﺭﺗﻔﺎﻉ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ .ﻭﻟﻘﺪ
ﻧﺒﻬﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻣﻦ ﺧﻄﺮ ﺍﻟﺘﻌﺮﺽ ﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﺷﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ،ﻓﻲ ﻏﻀﻮﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ،ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﻣﺠﺎﺑﻬﺔ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﺎﺟﻠﺔ .ﻓﺎﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﻤﻠﻴﺎﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ،
ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻤﻴﺎﻩ ،ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞِ ﺷﺮﻛﺎﺕ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻛﺒﺮﻯ ،ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﻥ.[23]
.IIIﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ
.32ﺗﺘﻌﺮﺽُ ﻣﻮﺍﺭﺩُ ﺍﻷﺭﺽِ ﺃﻳﻀًﺎ ﻟﻠﻨﻬﺐ ﺑﺴﺒﺐ ﻃﺮﻕٍ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ﻭﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃًﺎ ﻭﺛﻴﻘًﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﺋﺪ
ﺍﻟﻔﻮﺭﻱ .ﻓﻔﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ﻭﺍﻷﺧﺸﺎﺏ ،ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺸﻜّﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻮﺍﺭﺩ ﻣﻬﻤﺔ
ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻟﻴﺲ ﻟﻠﺘﻐﺬﻳﺔ ﻭﺣﺴﺐ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻟﻌﻼﺝ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺃﻳﻀًﺎ ﻭﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ .ﻓﺎﻷﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺟﻴﻨﺎﺕ
ﻗﺪ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﻮﺍﺭﺩ ﺭﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﺴﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﻭ ﻟﺤﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ.
.33ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻘﻂ ﻛـ”ﻣﻮﺍﺭﺩ” ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﻼﺳﺘﻐﻼﻝ ،ﻣﺘﻨﺎﺳﻴﻦ ﺃﻥ ﻟﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻬﺎ.
ﺁﻻﻑ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺗﻨﻘﺮﺽ ﺳﻨﻮﻳًّﺎ ﻭﻟﻦ ﻧﺘﻤﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ،ﻭﻟﻦ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺃﺑﻨﺎﺅﻧﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺍﻧﻘﺮﺿﺖ ﻟﻸﺑﺪ.
ﻭﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻔﻨﻰ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻓﺒﺴﺒﺒﻨﺎ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﻟﻦ ﺗﻤﺠﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻮﺟﻮﺩﻫﺎ،
ﻭﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻨﻘﻞ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺭﺳﺎﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ .ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺣﻘﻨﺎ.
.34ﺭﺑﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻘﻠﻘﻨﺎ ﺧﺒﺮ ﺍﻧﻘﺮﺍﺽ ﺣﻴﻮﺍﻥ ﺛﺪﻳﻲ ﺃﻭ ﻃﻴﺮ ﻣﺎ ،ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﺪٍ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﺮﺋﻲ .ﻟﻜﻦ ﻛﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﻈﻢ
ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﻴﺪﺓ ،ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺃﻳﻀًﺎ ﻟﻠﻔﻄﺮﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻄﺤﺎﻟﺐ ﻭﺍﻟﺪﻳﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﺤﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﺣﻒ ﻭﺍﻷﻧﻮﺍﻉ
ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﺼﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ .ﻓﺒﻌﺾ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﺗﻤﺮ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻠﻔﺖ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ،ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭًﺍ
ﺣﺎﺳﻤًﺎ ﻭﺃﺳﺎﺳﻴًﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺗﻮﺍﺯﻥ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺎ .ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺃﻥ ﻳﺘﺪﺧّﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﻧﻈﺎﻡ
ﺟﻴﻮﻟﻮﺟﻲّ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺪﺧّﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﻣﻌﻘّﺪ ﻛﺬﺍﻙ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻮ
ﺿﺨﻢ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻮﺍﺭﺙ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮّﺓ ﺍﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺗﺪﺧّﻠﻪ ﻣﺠﺪّﺩًﺍ .ﺑﺤﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺪﺧّﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱّ ﺃﺻﺒﺢ
ﻣﺘﻮﺍﺻﻼ ﺃﻣﺎﻡ ﻛﻞّ ﺍﻷﺧﻄﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺠﻢ ﻋﻨﻪ .ﻭﻗﺪ ﺗﻢ ﻫﻜﺬﺍ ﺧﻠﻖُ ﺣَﻠَﻘَﺔٍ ﻣُﻔﺮﻏﺔ ،ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺪﺧّﻞ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ،ّ
ﻟﺤﻞّ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﺎ ،ﻣﻦ ﺗﻔﺎﻗﻢ ﺍﻟﻮﺿﻊ .ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﻭﺍﻟﺤﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﺮﺽ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﺒﻴﺪﺍﺕ
ﺍﻟﺴﺎﻣّﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺟﺪﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﻫﻲ ﻧﺎﻓﻌﺔ ﻟﻠﺰﺭﺍﻋﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﻳﺠﺐ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍﻧﻘﺮﺍﺿﻬﺎ ﺑﺘﺪﺧﻞ ﺗﻘﻨﻲ ﺃﺧﺮ ﻗﺪ ﻳﺘﺮﻙ ﺑﺪﻭﺭﻩ
ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻣﻀﺮﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ .ﺇﻥ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺒﺬﻟﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﻮﻥ ﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺣﻠﻮﻝ ﻟﻠﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺐ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺜﻨﺎﺀ ﻭﺍﻹﻋﺠﺎﺏ .ﻭﻟﻜﻦ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺄﻣﻞ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻭﻫﻮ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ
ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ،ﻳُﻔﻘﺮ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻘﻄﻨﻬﺎ ﻭﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺃﻗﻞ ﺟﻤﺎﻻ ،ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﺤﺪﻭﺩﻳﺔ ﻭﺭﻣﺎﺩﻳﺔ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ
ﺃﻥ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻭﻋﺮﻭﺽ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﻳﻮﺍﺻﻞ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﺩﻭﻥ ﺣﺪﻭﺩ .ﺇﻧﻨﺎ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﺨﺪﻉ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ
ﻣﺴﺘﺒﺪﻟﻴﻦ ﺟﻤﺎﻻ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻜﺮﺍﺭﻩ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺮﺩﺍﺩﻩ ،ﺑﺠﻤﺎﻝ ﺧﻠﻘﻨﺎﻩ ﺑﺄﻧﻔﺴﻨﺎ.
.35ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻣﺎ ،ﻳُﻨﻈﺮ ﻋﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ
ﻻ ﻳﺘﻀﻤّﻦ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﺘﺄﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ
ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻫﻮ ﺃﻣﺮٌ ﻗﻠﻴﻞ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ .ﻓﻜﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻮﻟﻲ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﺍﻷﺳﻮﺍﺭ ،ﻭﺧﺰﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ
ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺑﻨﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ،ﻭﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺗﻔﺘِّﺘُﻬﺎ ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﻗﻄﻌﺎﻥ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻏﻴﺮ
ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﺑﺤﺮﻳﺔ ،ﺣﺘﻰ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﻌﺮﺿﺔ ﻟﺨﻄﺮ ﺍﻻﻧﻘﺮﺍﺽ .ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ
ﺍﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﻔﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﻣﻦ ﻭﻃﺄﺓ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ،ﻛﺈﻧﺸﺎﺀ ﻣﻤﺮﺍﺕ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ
ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻲ ﻳﻮﺟﺪﺍﻥ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﻗﻠﻴﻠﺔ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺗﺠﺎﺭﻳًّﺎ ،ﻻ ﻳﺘﻢ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻧﻤﻂ ﻧﻤﻮﻫﺎ ﻟﺘﺠﻨﺐ
ﻧﻘﺼﻬﺎ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ ﻭﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺧﻠﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ.
.36ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻧﻈﺮﺓ ﺗﺘﺨﻄﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭﻱ ،ﻷﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺒﺤﺚ ﻓﻘﻂ ﻋﻦ ﺭﺑﺢ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺳﺮﻳﻊ

1.9 Page 9

▲back to top
9
ﻭﺳﻬﻞ ،ﻻ ﻳﻜﺘﺮﺙ ﺃﺣﺪ ﺣﻘًﺎ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻟﻜﻦَّ ﻛُﻠﻔﺔ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺒﺒﻬﺎ ﺍﻻﻫﻤﺎﻝ ﺍﻷﻧﺎﻧﻲ ﻫﻲ ﺃﻛﺒﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺑﺢ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺃﻭ ﺍﻹﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﻗﻴَّﻢٍ
ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺃﻱ ﺣﺴﺎﺏ .ﻟﻬﺬﺍ ،ﺳﻨﻜﻮﻥ ﺭﺑﻤﺎ ﺷﻬﻮﺩًﺍ ﺻﺎﻣﺘﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺎﻭﺗﺎﺕ ﺧﻄﻴﺮﺓ ،ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺰﻋﻢ ﺑﺎﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﺎﺡ ﻫﺎﻣﺔ،
ﻭﺟﻌﻞ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ،ﺗﺪﻓﻊ ﺍﻟﺜﻤﻦ ﺍﻟﺒﺎﻫﻆ ﻟﻠﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ.
.37ﻗﺪ ﺣﻘﻘﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺗﻘﺪﻣًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﻭﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺤﺪﺩﺓ –ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒَﺮِّ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺎﺕ– ﺣﻴﺚ ﻳُﻤﻨﻊ
ﺃﻱ ﺗﺪﺧﻞ ﺑﺸﺮﻱ ﻗﺪ ﻳﻐﻴِّﺮ ﻫﻴﺌﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﻳُﻔﺴﺪ ﺑﻨﻴﺘﻬﺎ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ .ﻳﺸﺪّﺩ ﺍﻷﺧﺼﺎﺋﻴﻮﻥ ،ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻋﻠﻰ
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻳﻼﺀ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻏﻨﻰ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻮﻉ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ،ﻭﺍﻷﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤُﺴﺘﻮﻃِﻨﺔ ،ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﻤﺘﻌﺔ
ﺑﻤﺴﺘﻮﻯ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻓﻌﺎﻝ .ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﺃﻭ
ﺗﺸﻜّﻞ ﺍﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎﺕ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﻣﻦ ﺛﻢَّ ﺗﺆﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻻ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
.38ﻧﺬﻛﺮ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﺭﺋﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻷﻣﺎﺯﻭﻥ ﻭﺣﻮﺽ ﻧﻬﺮ ﺍﻟﻜﻮﻧﻐﻮ ،ﺃﻭ ﻃﺒﻘﺎﺕ
ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻭﺍﻷﻧﻬﺎﺭ ﺍﻟﺠﻠﻴﺪﻳﺔ .ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻴﺪ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻜﻮﻛﺐ ﺑﺄﺳﺮﻩ ﻭﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻓﺎﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﻐﺎﺑﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﻮﺍﺋﻴﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺗﻨﻮﻉ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻣﻌﻘﺪ ﺟﺪًﺍ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ،
ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺣﺮﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ﺃﻭ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﺑﻬﺪﻑ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﻻ ﺗﻌﺪ ﻭﻻ ﺗﺤﺼﻰ
ﺗﻨﻘﺮﺽ ﻓﻲ ﻏﻀﻮﻥ ﺳﻨﻴﻦ ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﻭﺗﺘﺤﻮﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺇﻟﻰ ﺻﺤﺎﺭٍ ﺟﺎﻓﺔ .ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺷﻚ ،ﺛﻤﺔ ﺗﻮﺍﺯﻥ ﺩﻗﻴﻖ ﻳﻔﺮﺽ ﻧﻔﺴﻪ
ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ،ﻷﻧﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺠﺎﻫﻞ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ،ﺑﺬﺭﻳﻌﺔ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ،ﻗﺪ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻷﻭﻃﺎﻥ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺗﻮﺟﺪ “ﺍﻗﺘﺮﺍﺣﺎﺕ ﻟﺘﺪﻭﻳﻞ ﺍﻷﻣﺎﺯﻭﻥ ،ﺗﺨﺪﻡ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺎﺕ .[24]”ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ،ﻓﻲ
ﺗﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺠﺪﻱ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺜﻨﺎﺀ ،ﻭﻫﻲ ﺗﻠﺠﺄ ﺃﻳﻀًﺎ ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ،ﻛﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﻛﻞ
ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﺈﺗﻤﺎﻡ ﻭﺍﺟﺒﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺹ ،ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﻔﻮﻳﺾ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﺪﻭﻟﺘﻬﺎ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ
ﺗﺒﻴﻊ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻣﻠﺘﺒﺴﺔ ،ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻡ ﺩﻭﻟﻴﺔ.
.39ﻓﺤﺘﻰ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳِّﺔ ،ﺑﻤﺴﺎﺣﺎﺕ ﻏﺎﺑﺎﺕ ﺣﺮﺍﺟﻴِّﺔ -ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﺯﺭﺍﻋﺎﺕ ﺃﺣﺎﺩﻳِّﺔ -ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺩﻭﻥ
ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﻼﺋﻤﺔ .ﺑﺈﻣﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺎﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ
ﺯﺭﻋﻬﺎ .ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺮﻃﺒﺔ ﺃﻳﻀًﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺍﺽ ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ،ﺗﻔﻘﺪ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﻀﻨﻪ.
ﻓﻔﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺴﺎﺣﻠﻴﺔ ﻣﻘﻠﻖٌ ﻫﻮ ﺍﺧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﻘﺮﻡ.
.40ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺎﺕ ﻻ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻮّﻉ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﻟﻠﻜﺎﺋﻨﺎﺕ
ﺍﻟﺤﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ﻭﻣﻬﺪﺩﺓ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﻧﻬﺮ ،ﻭﺍﻟﺒﺤﻴﺮﺍﺕ،
ﻭﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻐﺬّﻱ ﻗﺴﻤًﺎ ﻛﺒﻴﺮًﺍ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻷﺭﺽ ،ﺗﺘﻀﺮﺭ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻻﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻀﺒﻮﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ
ﺍﻟﺴﻤﻜﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﻟّﺪ ﺍﺿﻤﺤﻼﻻ ﺧﻄﻴﺮًﺍ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ .ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻣﺴﺘﻤﺮًﺍ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺻﻴﺪ ﺍﻧﺘﻘﺎﺋﻴﺔ ﺗﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻫﺪﺭ
ﻗﺴﻢ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢَّ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﺇﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﻌﻴﺮﻫﺎ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣًﺎ ،ﻫﻲ ﻣﻬﺪﺩﺓ ﺑﺸﻜﻞ
ﺧﺎﺹ ،ﻣﺜﻞ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﻋﻨﺼﺮًﺍ ﻫﺎﻣًﺎ ﺟﺪًﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ،
ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ،ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺗُﺴﺘﺨﺪﻡ ﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮ.
.41ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻐﻮﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻻﺳﺘﻮﺍﺋﻴﺔ ﻭﺷﺒﻪ ﺍﻻﺳﺘﻮﺍﺋﻴﺔ ،ﻧﺮﻯ ﺍﻟﺸﻌﺎﺏ ﺍﻟﻤﺮﺟﺎﻧﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻛﻲ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ،
ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻀﻴﻒ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺻﻨﻒٍ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻤﺎﻙ ﻭﺳﺮﻃﺎﻥ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﺍﻟﺮﺧﻮﻳﺎﺕ ﻭﺍﻹﺳﻔﻨﺞ ﻭﺍﻟﻄﺤﺎﻟﺐ ،ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ .ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﺸﻌﺎﺏ ﺍﻟﻤﺮﺟﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻘﻴﻤﺔ ﻭﻓﻲ ﺗﻘﻬﻘﺮ ﻣﺴﺘﻤﺮ :“ﻣَﻦْ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻮَّﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﺤﺮﻱ ﺍﻟﺮﺍﺋﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﺑﺮ
ﺗﺤﺖ ﻣﺎﺋﻴﺔ ﻣﺠﺮﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻠﻮﻥ؟ .[25]”ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺗﻌﻮﺩ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺒﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻞ ﻟﻠﺒﺤﺮ ﻛﻨﺘﻴﺠﺔ
ﻹﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ،ﻭﻟﻠﺰﺭﺍﻋﺎﺕ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺔ ،ﻭﻟﻠﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺼﻴﺪ ﺍﻟﻤﺪﻣﺮﺓ ،ﺑﺎﻷﺧﺺ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﻧﻴﺪ
ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺖ .ﻭﻗﺪ ﺗﻔﺎﻗﻤﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺩﺭﺟﺔ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺎﺕ .ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﺃﻱ ﻋﻤﻞ ﻳﻤﺲ
ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﻗﺪ ﻻ ﻧﻼﺣﻈﻬﺎ ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻭﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﻟﻠﻤﻮﺍﺭﺩ ﻳﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ

1.10 Page 10

▲back to top
10
ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺳﻴﺼﻞ ،ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ،ﺍﻟﻰ ﻋﻤﻖ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺎﺕ.
.42ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻷﺑﺤﺎﺙ ،ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻓَﻬﻢٍ ﺃﻓﻀﻞ ﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﻟﺘﺤﻠﻴﻞ
ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﺃﻱ ﺗﺒﺪﻳﻞ ﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻫﻲ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ،ﻭﻳﺤﻖ
ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗُﻘﺪّﺭ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺑﻤﻮﺩﺓ ﻭﺇﻋﺠﺎﺏ ،ﻓﻨﺤﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺔ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﻌﺾ .ﻭﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﺪﻳﻪ
ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺮﺓ ،ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﺟَﺮْﺩٍ ﺩﻗﻴﻖٍ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻀﻴﻔﻬﺎ ،ﺑﻬﺪﻑ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ
ﻭﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﺤﺎﻓﻈًﺎ ،ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻡ ﺧﺎﺹ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﻬﺪﺩﺓ ﺑﺎﻻﻧﻘﺮﺍﺽ.
.VIﺗﺪﻫﻮﺭ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻚ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
.43ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺬﻧﺎ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻫﻮ ﺃﻳﻀًﺎ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻭﺃﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻭﻓﻲ
ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻌﻴﺪًﺍ ،ﻭﺃﻥ ﻟﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺇﻏﻔﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ،ﻭﻧﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ
ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻭﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻬﺪّﺭ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ.
.44ﻧﺮﻯ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﺜﻼ ،ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﻈﻢ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻏﻴﺮ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﻌﻴﺶ ،ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ
ﺍﻟﺼﺤﻴّﺔ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﻨﺎﺟﻢ ﻋﻦ ﺍﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻣﺔ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ ،ﻭﻟﻤﺸﺎﻛﻞ
ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ،ﻭﻟﻠﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﻭﺍﻟﺴﻤﻌﻲ .ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻫﻲ ﻣُﻨﺸﺂﺕ ﺿﺨﻤﺔ ﻏﻴﺮ ﻓﻌﺎﻟﺔ ،ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ
ﻭﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻔﺮﻁ .ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﺣﻴﺎﺀ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺑُﻨﻴﺖ ﺣﺪﻳﺜﺎ ،ﻣﺰﺩﺣﻤﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﻨﻈﻤﺔ ،ﻭﺗﻔﺘﻘﺮ ﻟﻠﻤﺴﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺨﻀﺮﺍﺀ
ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ .ﻟﻴﺲ ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺸﻮﺍ ﻏﺎﺭﻗﻴﻦ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪ ،ﺑﺎﻟﺨﺮﺳﺎﻧﺔ ﻭﺍﻷﺳﻔﻠﺖ ،ﻭﺍﻟﺰﺟﺎﺝ
ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ،ﻭﻣﺤﺮﻭﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻲ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ.
.45ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ،ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﺤﻀﺮﻳﺔ ،ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺫﺍﺕ ﺟﻤﺎﻝ
ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺧﺼﺨﺼﺔ ﺍﻟﻤﺘﺴﻌﺎﺕ ،ﺃﻭ ﺑﺴﺒﺐ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺳﻜﻨﻴﺔ “ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ” ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻓﻘﻂ ﻷﻓﺮﺍﺩ ﻗﻠﻴﻠﻴﻦ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﻣﻨﻊ
ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺗﺤﺎﺷﻴًّﺎ ﻹﺯﻋﺎﺝ ﺍﻟﻬﺪﻭﺀ ﺍﻟﻤﺼﻄﻨﻊ .ﻭﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻧﺠﺪ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻭﻏﻨﻴِّﺔ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺨﻀﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤُﻌﺘﻨﻰ
ﺑﻬﺎ ﺟﻴﺪًﺍ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ “ﺍﻵﻣﻨﺔ ،”ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻀﻮﺍﺣﻲ ﺍﻷﻗﻞ ﻇﻬﻮﺭًﺍ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻴﺶ ﺍﻟﻤﻬﻤﺸﻮﻥ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.
.46ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻜﻮّﻧﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲّ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ،
ﻭﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻓﻲ ﺗﻮﺍﻓﺮ ﻭﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﻭﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻭﺍﻟﺘﻔﻜّﻚ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ّﻭﺍﺯﺩﻳﺎﺩ
ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﺑﺮﻭﺯ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ّﻭﺗﻬﺮﻳﺐ ﺍﻟﻤﺨﺪّﺭﺍﺕ ،ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻤﺨﺪّﺭﺍﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸّﺒﺎﺏ ﺻﻐﺎﺭ
ﺍﻟﺴﻦ ،ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ .ﺇﻧﻬﺎ ﻋﻼﻣﺎﺕ ،ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ،ﺗﺒﻴّﻦ ﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﺍﻷﺧﻴﺮﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﻦ ،ِﻓﻲ
ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻮﺍﻧﺒﻪ ،ﺗﻘﺪّﻣًﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴًّﺎ ﻭﺷﺎﻣﻠًﺎ ﻭﺗﺤﺴﻴﻨًﺎ ﻓﻲ ﻧﻮﻋﻴّﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﺑﻌﺾُ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﺃﻋﺮﺍﺽٌ
ﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺣﻘﻴﻘﻲ ،ّﻭﻟﺘّﻤﺰّﻕ ﺻﺎﻣﺖ ﻷﻭﺍﺻﺮ ﺍﻻﻧﺪﻣﺎﺝ ﻭﺍﻟﺸَﺮِﻛﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.
.47ﺗُﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ،ﺩﻳﻨﺎﻣﻴﺎﺕ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻭﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺮﻗﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻃﺎﻏﻴﺔ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ،ﻻ ﺗﻌﺰﺯ
ﻧﻤﻮ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺑﺤﻜﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﻌﻤﻖ ،ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﺴﺨﺎﺀ .ﻓﻔﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻗﺪ ﻳﺘﻌﺮّﺽ ﺣﻜﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ
ﺍﻟﻌِﻈﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﺣِﻜﻤﺘِﻬﻢ ﺗﺨﺘﻨﻖ ﻭﺳﻂ ﺿﺠﻴﺞِ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤُﺸَﺘِّﺖﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﺘﻄﻠّﺐ ﻣﻨّﺎ ﺟﻬﺪًﺍ ﻛﻲ ﺗُﺘﺮﺟﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ
ﻓﻲ ﻧﻤﻮّ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﻷﺛﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻤﻠﻜﻪ .ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ ،ﺛﻤﺮﺓ ﺍﻟﺘّﻔﻜﻴﺮ ﻭﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻠّﻘﺎﺀ
ﺍﻟﺴﺨﻲّ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺩﺭﺍﻛﻬﺎ ﺑﻤﺠﺮّﺩ ﺗﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺩﻱ ،ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ،ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺷﺒﺎﻉ
ﻭﺍﻟﺘﻐﺸﻴﺔ ،ﻭﺗﺼﻴﺐ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻠﻮّﺙ ﺍﻟﺬﻫﻨﻲﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﺗﻤﻴﻞ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻣﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﺘﺤﺪّﻳﺎﺕ
ﺍﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻨﻬﺎ ،ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗُﺴﺘَﺒﺪَﻝَ ﺑﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ ﺍﻹﻧﺘﺮﻧﺖ .ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻭﻓﻘًﺎ
ﻟﻤﺰﺍﺟﻨﺎ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻮﻟﺪ ﻧﻮﻉٌ ﺟﺪﻳﺪٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻃﻒ ﺍﻟﻤﺼﻄﻨﻌﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻷﺟﻬﺰﺓ ﻭﺍﻟﺸﺎﺷﺎﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻷﺷﺨﺎﺹ
ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴّﺔ ﺗﺴﻤﺢُ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﻣﺸﺎﻃﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻃﻒ ،ﻟﻜﻨّﻬﺎ ،ﺩﻭﻥ ﺷﻚ ،ّﺗﻤﻨﻌﻨﺎ
ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ،ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻠﻤﺲ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﺧﻮﻓﻪ ﻭﻓﺮﺣﻪ ﻭﺗﻌﻘﻴﺪﺍﺕ ﺧﺒﺮﺗﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﺘﻔﺎﺟﺄ ﺑﺄﻧﻪ،

2 Pages 11-20

▲back to top

2.1 Page 11

▲back to top
11
ﻣﻊ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﻟﻤﺘﻄﻔّﻞ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ،ﻳﺘﺰﺍﻳﺪ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﺳﺘﻴﺎﺀ ﻋﻤﻴﻖ ﻭﻛﺌﻴﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺃﻭ ﻋﺰﻟﺔ ﺿﺎﺭﺓ.
.Vﺗﺒﺎﻳﻦ ﻛﻮﻧﻲ
.48ﺇﻥ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴّﺔ ﻳﺘﺪﻫﻮﺭﺍﻥ ﻣﻌًﺎ ،ﻭﻟﻦ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲّ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻧﻌﺮ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫًﺎ
ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩّﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱّ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺇﻥ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻳﺼﻴﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﻣﻦ
ﻫﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﺿُﻌﻔًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻜﻮﻧﺔ :“ﺗﺜﺒﺖ ﻛﻞّ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺒﺤﻮﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴّﺔ ،ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻷﻛﺜﺮ
ﺧﻄﻮﺭﺓ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻳﺘﺤﻤّﻠﻬﺎ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻓﻘﺮًﺍ .[26]”ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ :ﺍﺳﺘﻨﺰﺍﻑ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﺴﻤﻜﻴّﺔ
ﻳﺼﻴﺐ ﺑﺎﻟﺸﻠﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻣﻦ ﺣﺮﻓﺔ ﺍﻟﺼّﻴﺪ ﻭﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻻﺳﺘﺒﺪﺍﻟﻬﺎ؛ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺗﻠﻮّﺙ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻳﻀﺮّ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮﺍﺀ
ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﻌﺒّﺄﺓ؛ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻳﺆﺫﻱ ﺑﺸﻜﻞ ﺭﺋﻴﺴﻲّ ﺳﻜّﺎﻥ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺴﺎﺣﻠﻴّﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻜﺎﻥ ﻳﻨﺘﻘﻠﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ .ﺗﻈﻬﺮ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﻤﺒﻜّﺮ
ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ؛ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼّﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﻧﻘﺺ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ؛ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺤﻴِّﺰ
ﻛﺎﻑ ﻋﻠﻰ ﺟﺪﺍﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ.[27]
.49ﺃﻭﺩّ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ،ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻭﻋﻲ ﻭﺍﺿﺢ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻴﺐ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤّﺸﻴﻦ.
ﺇﻧﻬﻢ ﻳﺸﻜّﻠﻮﻥ ﻏﺎﻟﺒﻴّﺔ ﺳﻜّﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻜﻮﻧﺔ ،ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ .ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺘﻢ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺷﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ
ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳّﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴّﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﻣﺸﺎﻛﻠﻬﻢ ﺗُﻄﺮﺡُ ﻛﻤﻠﺤﻖ ،ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗُﻀﺎﻑ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ
ﻛﻔﺮﺽ ﺃﻭ ﺗُﻄﺮَﺡ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔٍ ﻫﺎﻣﺸﻴﺔ ،ﻫﺬﺍ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻌﺘﺒﺮ ﻣﺠﺮّﺩ “ﺿﺮﺭ ﺟﺎﻧﺒﻲ .”ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻤﻠﻤﻮﺱ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ
ﺗﺤﺘﻞ ﻣﺸﺎﻛﻠﻬﻢ ﺍﻟﻤﻮﺿﻊ ﺍﻷﺧﻴﺮ .ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺫﻟﻚ ﺟﺰﺋﻴّﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴّﻴﻦ ﻭﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﻣﺮﺍﻛﺰ
ﺍﻟﻘﻮﻯ ،ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺑﻌﻴﺪًﺍ ﻋﻨﻬﻢ ،ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺣﻀﺮﻳّﺔ ﻣﻌﺰﻭﻟﺔ ،ﺩﻭﻥ ﺍﺗﺼﺎﻝ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻊ ﻣﺸﺎﻛﻠﻬﻢ .ﻓﻬُﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻭﻳﻔﻜّﺮﻭﻥ
ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺭَﻓﺎﻫِﺔ ﺗﻄﻮّﺭٍ ﻭﻧﻮﻋﻴّﺔِ ﺣﻴﺎﺓٍ ﻟﻴﺴﺘﺎ ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎﻭﻝ ﻣﻌﻈﻢ ﺳﻜّﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴّﻲ ﻭﻓﻲ
ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﺬّﻳﻪ ﺗﻔﻜّﻚ ﻣﺪﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ،ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﺪﻳﺮ ﺍﻟﻀّﻤﻴﺮ ﻭﺗﺠﺎﻫﻞ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﺒﺮ ﺗﺤﺎﻟﻴﻞ
ﺟﺰﺋﻴﺔ .ﻭﻳﺘﻌﺎﻳﺶ ﻫﺬﺍ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﻊ ﺧﻄﺎﺏ “ﺃﺧﻀﺮ .”ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻥ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴّﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ
ﺗﺘﺤﻮّﻝ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺗﺤﺘّﻢ ﺇﺩﺭﺍﺝَ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺷﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻛﻲ ﺗُﺴﻤَﻊ ﺻﺮﺧﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺻﺮﺧﺔ
ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ.
.50ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻞّ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺨﺘﻠﻒ ،ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺎﻗﺘﺮﺍﺡ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻧﺴﺒﺔ
ﺍﻟﻮﻻﺩﺍﺕ .ﻭﻻ ﺗﻨﻘﺺ ﺍﻟﻀﻐﻮﻃﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﺝ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ
“ﺻﺤّﺔ ﺗﻨﺎﺳﻠﻴّﺔ” ﻣﻌﻴﻨﺔ .ﻭﻟﻜﻦ “ﺇﺫﺍ ﺻﺢّ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻟﻠﺴﻜّﺎﻥ ﻭﻟﻠﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﺮﺓ ﻳﺨﻠﻖ ﻋﻘﺒﺎﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ
ﻭﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻡ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻨﻤﻮّ ﺍﻟﺴﻜّﺎﻧﻲّ ﻳﺘﻮﺍﻓﻖ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻣﻊ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻭﺗﻀﺎﻣﻨﻴﺔ .[28]”ﺇﻥ ﺗﻮﺟﻴﻪ
ﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺰّﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻜّﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﻟﻴﺲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎﺭﺳﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ،ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ
ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ .ﻓﻬﻜﺬﺍ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺰّﻋﻢ ﺑﺈﺿﻔﺎﺀِ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻈﻦّ ﺃﻗﻠﻴّﺔ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻖّ
ﻟﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺗﻌﻤﻴﻤﻬﺎ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺣﺘﻰ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﻧﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﻛﻬﺬﺍ .ﺇﺿﺎﻓﺔ ﻟﻬﺬﺍ ،ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ
ﻳﺘﻢ ﻫﺪﺭ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤُﻨﺘﺠﺔ ،ﻭ”ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻣﻰ ﻫﻮ ﻃﻌﺎﻡ ﻣﺴﺮﻭﻕ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ .[29]”ﻋﻠﻰ ﺃﻱّ
ﺣﺎﻝ ،ﻓﻤﻦ ﺍﻷﻛﻴﺪ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﺨﻠﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺴﻜّﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺎﺑﺴﺔ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼّﻌﻴﺪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺼّﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﻷﻥ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﻗﺪ ﺗﺆﺩّﻱ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻻﺕ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴّﺔ ﻣﻌﻘّﺪﺓ ،ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠّﻘﺔ
ﺑﺎﻟﺘﻠﻮّﺙ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲّ ﻭﺍﻟﻨﻘﻞ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠّﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
.51ﺇﻥ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻻ ﻳﺼﻴﺐ ﻓﻘﻂ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ،ﻭﻳﻔﺮﺽ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺃﺧﻼﻗﻴّﺎﺕ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴّﺔ .ﻫﻨﺎﻙ
ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ “ﺩَﻳﻦٌ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲّ” ﺣﻘﻴﻘﻲ ،ّﺑﺎﻷﺧﺺّ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸّﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ،ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﺧﺘﻼﻻﺕ ﺗﺠﺎﺭﻳﺔ ﻣﻘﺮﻭﻧﺔ ﺑﺘﺪﺍﻋﻴﺎﺕ
ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﺳﺘﻬﻼﻙٍ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﺳﺐٍ ﻟﻠﻤﻮﺍﺭﺩِ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔِ ﻣُﻤَﺎﺭﺱ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴًّﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ .ﻓﻘﺪ ﺃﻟﺤﻘﺖ ﺗﺼﺪﻳﺮﺍﺕ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻷﻭّﻟﻴﺔ ،ﻟﺘﻠﺒﻴّﺔ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﺍﻟﺼّﻨﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸّﻤﺎﻝ ،ﺃﺿﺮﺍﺭًﺍ ﻣﺤﻠّﻴّﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻮّﺙ ﻣﻨﺎﺟﻢ ﺍﻟﺬّﻫﺐ ﺑﺎﻟﺰﺋﺒﻖ ﺃﻭ
ﺗﻠﻮّﺙ ﻣﻨﺎﺟﻢ ﺍﻟﻨّﺤﺎﺱ ﺑﺜﺎﻧﻲ ﺃﻛﺴﻴﺪ ﺍﻟﻜﺒﺮﻳﺖ .ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴّﺔ ﻟﻠﻜﻮﻛﺐ

2.2 Page 12

▲back to top
12
ﺑﺄﺳﺮﻩ ،ﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺍﻛﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﻗﺮﻧﻴﻦ ﻭﻭﻟّﺪﺕ ﻭﺿﻌًﺎ ﻳُﻠﺤﻖ ﺍﻵﻥ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﺇﻥ
ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﺒﺐ ﺑﻪ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﻟﻪ ﺗﺪﺍﻋﻴﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻓﻘﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ،
ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،ﺣﻴﺚ ﺍﻻﺭﺗﻔﺎﻉ ﻓﻲ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ،ﺍﻟﻤﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﺠﻔﺎﻑ ،ﻳﺘﺮﻙ ﺁﺛﺎﺭًﺍ ﻛﺎﺭﺛﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ.
ﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ،ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﺗﺼﺪﻳﺮ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ﻭﺍﻟﺴﻮﺍﺋﻞ ﺍﻟﺴﺎﻣﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ
ﺃﻧﺸﻄﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻷﻗﻞ ﻧﻤﻮًﺍ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓّﺮ ﻟﻬﺎ
ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ :“ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ،ﻫﻲ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮﻡ
ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳُﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺴﻤّﻰ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻷﻭﻝ .ﻓﻬﻲ ،ﺑﺎﻟﻌﻤﻮﻡ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻗﻒ ﺃﻧﺸﻄﺘﻬﺎ
ﻭﺗﻨﺴﺤﺐ ،ﺗﺘﺮﻙ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺃﺿﺮﺍﺭًﺍ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻭﺑﻴﺌﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻭﻗُﺮﻯ ﺑﻼ ﺣﻴﺎﺓ ،ﻭﻧﻀﻮﺏ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺤﻤﻴّﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ
ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ،ﻭﺇﻓﻘﺎﺭ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻔﺠﻮﺍﺕ ،ﻭﺍﻟﺘﻼﻝ ﺍﻟﻤﺨﺮﺑﺔ ،ﻭﺍﻷﻧﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﻠﻮﺛﺔ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺩﻋﻬﻤﺎ ﺑﻌﺪ.[30]“
.52ﻟﻘﺪ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺍﻟﺪﻳِّﻮﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﻟﻠﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﺍﺓ ﺳﻴﻄﺮﺓ ،ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺪﻳِّﻦ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ.
ﺑﻄﺮﻕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺟﺪ ﺃﻫﻢ ﻣﺤﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﺤﻴﻮﻱ ،ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻓﻲ ﺗﻐﺬﻳﺔ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ
ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺣﺎﺿﺮﻫﺎ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ .ﺃﺭﺽ ﻓﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻫﻲ ﻏﻨﻴﺔ ﻭﻗﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺤﻈﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ
ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﺘﻠﺒﻴﺔ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞِ ﻧﻈﺎﻡ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﻣﻠﻜﻴﺔ ،ﻣﻨﺤﺮﻑ ﻫﻴﻜﻠﻴًﺎ .ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱّ ﺃﻥ
ﺗﺴﺎﻫﻢ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪّﻣﺔ ﻓﻲ ﺳﺪﺍﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﺑﺎﻟﺤﺪّ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﺠﺪﺩﺓ ،ﻭﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻣﻮﺍﺭﺩ
ﻟﻠﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺣﺎﺟﺔ ،ﻟﺪﻋﻢ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﻭﺑﺮﺍﻣﺞ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺴﺘﺪﺍﻣﺔ .ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻭﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻓﻘﺮًﺍ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺃﻗﻞ ﻟﺘَﺒْﻨّﻲ ﻧﻤﺎﺫﺝ
ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ،ّﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ ﺍﻟﺘﺄﻫﻴﻞ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺍﻻﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻛﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﺎ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺗﻜﺎﻟﻴﻔﻬﺎ .ﻟﻬﺬﺍ،
ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻭﻋﻲ ﻭﺍﺿﺢ ﺑﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻐﻴّﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ،ﻭﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺘّﺤﺪﺓ ،ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ “ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ،ﻭﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﻮﺍﻫﻨﻴﻦ ،ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ .[31]”ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺰﺯ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺃﺳﺮﺓ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺣﺪﻭﺩ ﻭﺣﻮﺍﺟﺰ ﺳﻴﺎﺳﻴّﺔ ﺃﻭ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ
ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻻﻧﻌﺰﺍﻝ ،ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴّﺒﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻣﺠﺎﻝ ﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﺍﻟﻼﻣﺒﺎﻻﺓ.
.IVﻭَﻫﻦ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ
.53ﺗﺆﺩّﻱ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻴﻦِ ﺃﺧﺘﻨﺎ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﺄﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﻬﻤّﺸﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻣﻊ ﺻﺮﺧﺔٍ ﺗﻄﺎﻟﺒﻨﺎ ﺑﺈﺗﺨﺎﺫ
ﻣﺴﺎﺭ ﻣﺨﺘﻠﻒ .ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﺃﻥ ﻋﺎﻣﻠﻨﺎ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﻭﻻ ﺃﻟﺤﻘﻨﺎ ﺑﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺫﻯ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻃﻴﻠﺔ
ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ .ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻨﺎ ﻣﺪﻋﻮّﻭﻥ ﻷﻥ ﻧﻀﺤﻲ ﺃﺩﺍﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻵﺏ ،ﻛﻲ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﻠﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﻠﻘﻪ،
ﻭﻳﺘﺠﺎﻭﺏ ﻣﻊ ﻣﺸﺮﻭﻋﻪ ﻟﻠﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﻞﺀ .ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ ﺃﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻤﻠﻚ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺔ،
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻜﻮِّﻳﻦ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺗﺸﻖّ ﺩﺭﻭﺑًﺎ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﺗﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﺒﻴﺔ ﺣﺎﺟﺎﺕ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺓ ﺑﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﺩﻭﻥ
ﺍﻟﻤﻐﺎﻣﺮﺓ ﺑﺎﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ .ﻭﻳﻐﺪﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺑﻤﻜﺎﻥ ﺃﻳﻀًﺎ ﻭﺿﻊ ﻧﻈﺎﻡ ﻣﻌﻴﺎﺭﻱّ ﻳﺘﻀﻤّﻦ ﺣﺪﻭﺩًﺍ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺠﺎﻭﺯﻫﺎ
ﻭﻳﻮﻓﺮ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﻠﻨﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻤﺤﻖ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﺍﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ-ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ،
ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﻞ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ.
.54ﻳﺴﺘﺮﻋﻲ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﺿُﻌﻒ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ .ﻓﺨﻀﻮﻉ ﺍﻟﺴّﻴﺎﺳﺔ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻭﻟﻠﻤﺎﻟﻴّﺔ ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﺟﻠﻴًّﺎ ﻓﻲ ﻓﺸﻞ
ﺍﻟﻘﻤّﻢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴّﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺴّﻬﻞ ﺃﻥ ﺗﺘﻐﻠّﺐ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳّﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺃﻥ ﺗﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻛﻲ ﻻ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﻣﺸﺎﺭﻳﻌﻬﺎ .ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺤﻰ ،ﺗﻄﺎﻟّﺐ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺃﺑﺎﺭﻳﺴﻴﺪﺍ ،ﺑـ”ﺃﻻّ ﺗﻬﻴﻤﻦ ،ﻓﻲ
ﺍﻟﺘﺪﺧّﻼﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻣﺼﺎﻟﺢُ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻣّﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﻴﺮ ﻋﻘﻼﻧﻲ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.[32]”
ﻓﺎﻟﻌﻬﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻤﺎ ﺍﻟﻔﻮﺭﻳﺔ .ﺣﻴﺚ ﺃﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﻮﻗّﻊ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺤﺎﺕ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴّﺔ ،ﺃﻭ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺍﻟﻤﻌﺰﻭﻟﺔ ،ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﻹﻇﻬﺎﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻛﻞّ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞ ﺍﻟﻤﻨﻈّﻤﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻷﻣﻮﺭ ،ﺳﻮﻑ ﺗُﻌﺘَﺒَﺮ ﻛﻤﺼﺪﺭ ﺇﺯﻋﺎﺝ ﻧﺎﺟﻢ ﻋﻦ ﺃﺷﺨﺎﺹ
ﺣﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺭﻭﻣﺎﻧﺴﻴﻴﻦ ﺃﻭ ﻛﻌﺎﺋﻖ ﻳﺠﺐ ﺗﻔﺎﺩﻳﻪ.

2.3 Page 13

▲back to top
13
.55ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ،ﺭﻭﻳﺪًﺍ ﺭﻭﻳﺪًﺍ ،ﺃﻥ ﺗُﺴﺠﻞ ﺗﻘﺪّﻣًﺎ ﻣﻬﻤًّﺎ ،ﻭﺗﻄﻮﺭًﺍ ﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﻌّﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻣﻜﺎﻓﺤﺔً ﺟﺎﺩﺓً ﻟﻠﻔﺴﺎﺩ.
ﻟﻘﺪ ﻧﻤﻰ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡٌ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ،ٌّﺣﺘﻰ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻑٍ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴّﺔ ﺍﻟﻤﻀﺮّﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪﻭ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ
ﺗﺘﺮﺍﺟﻊ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﺘﻮﺳّﻊ ﺗﻄﻮَّﺭ .ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ،ﻓﻘﻂ ﻹﻋﻄﺎﺀ ﻣﺜﺎﻝ ﺑﺴﻴﻂ ،ﻋﻨﺪ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻣﻜﻴّﻔﺎﺕ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﻣﻀﺎﻋﻔﺔ
ﻗﻮّﺗﻬﺎ :ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﺗﺤﻔّﺰ ﺍﻟﻄﻠﺐ ،ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻔﻮﺭﻳﺔ .ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﺷﺨﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺑﻤﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﺭﺿﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ
ﺳﻴﺼﺎﺏ ﺑﺎﻟﺬﻫﻮﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺍﻧﺘﺤﺎﺭﻳًّﺎ.
.56ﻓﻲ ﻏﻀﻮﻥ ﺫﻟﻚ ،ﺗُﻮَﺍﺻﻞ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳّﺔ ﺗﺒﺮﻳﺮَ ﺍﻟﻨّﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲّ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ّﺍﻟﺬﻱ ﺗﻄﻐﻰ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﺑﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ
ﺍﻟﺮﺑﺢ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ،ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﻳﻤﻴﻼﻥ ﺇﻟﻰ ﻏﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺃﻱ ﺳﻴﺎﻕ ﻣﺤﻠّﻲ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﻈﻬﺮ ﻭﺍﺿﺤًﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲّ ﻭﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲّ ﻭﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﻫﻤﺎ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎﻥ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃًﺎ ﻭﺛﻴﻘًﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .ﻭﻗﺪ
ﻳﺪﻋﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ ﺃﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺪﺭﻛﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺘﺸﺘﺖ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻳﺴﻠﺐ ﻣﻨّﺎ ﺷﺠﺎﻋﺔ
ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﻮﺍﻗِﻊِ ﻋﺎﻟﻢٍ ﻣﺤﺪﻭﺩٍ ﻭﺯﺍﺋﻞ .ﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﻟﻴﻮﻡ “ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻫﺶ ،ّﻣﺜﻞ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻳﺒﻘﻰ ﺃﻋﺰﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺴّﻮﻕ ﺍﻟﻤﺆﻟَّﻬﺔ،
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻟّﺖ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻣﻄﻠﻖ.[33]”
.57ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤُﺘَﻮَﻗَّﻊ ،ﺃﻣﺎﻡ ﺍﺳﺘﻨﺰﺍﻑ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ،ﺃﻥ ﺗﻨﺸﺄ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴًّﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺆﻳﺪﺓ ﻟﺸﻦ ﺣﺮﻭﺏٍ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﻣﺘﺨﻔﻴِّﺔ ﺗﺤﺖ ﺃﻗﻨﻌﺔ
ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ .ﻭﺍﻟﺤﺮﺏ ﺗُﻠﺤﻖ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺃﺿﺮﺍﺭًﺍ ﺟﺴﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺑﺎﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ ،ﻭﺗﺼﺒﺢ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﻣﻔﺰﻋﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﻧﻔﻜّﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳّﺔ ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴّﺔ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،“ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺗﻔﺎﻗﺎﺕ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﺗﺤﻈّﺮ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ
ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻜﺘﺮﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻣﺴﺘﻤّﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﺒﺮﺍﺕ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺃﺳﻠﺤﺔ ﻫﺠﻮﻣﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ
ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺗﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .[34]”ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﺗُﻌﻴﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫًﺎ ﺃﻛﺒﺮ ﻟﺘﻔﺎﺩﻱ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻭﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ
ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺘﺴﺒّﺐ ﻓﻲ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ .ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﻭﻡ ﺑﺸﺪّﺓ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﺩ ،ﻭﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻔﺘﻘﺪ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ ﻟﺮﺅﻯ ﻭﺍﺳﻌﺔ .ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻧﺮﻳﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﻤﺴّﻚ ﺑﺴُﻠﻄَﺔٍ ﺳﻴﺮﺗﺒﻂ ﺫﻛﺮﺍﻫﺎ ﺑﻌﺪﻡ
ﻗﺪﺭﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺿﺮﻭﺭﻳًّﺎ ﻭﻣﻠﺤًﺎ؟
.58ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ،ﻫﻨﺎﻙ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻟﻨﺠﺎﺣﺎﺕ ﻓﻲ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻛﺘﻄﻬﻴﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﻬﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺗﻠﻮﺛﺖ ﻟﻌﻘﻮﺩ
ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﻏﺎﺑﺎﺕ ﺃﺻﻠﻴّﺔ ،ﺃﻭ ﺗﺠﻤﻴﻞ ﻣﻨﺎﻇﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺑﻔﻀﻞ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺑﻴﺌﻲ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺑﻨﺎﺀ ﺫﺍﺕ ﻗﻴﻤﺔ
ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ،ﺃﻭ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﻃﺎﻗﺔ ﻏﻴﺮ ﻣُﻠَﻮِّﺛَﺔ ،ﺃﻭ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻻ ﺗﺠﺪ ﺣﻠﻮﻻ
ﻟﻠﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻗﺎﺩﺭًﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺪﺧّﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﺇﻳﺠﺎﺑﻲ .ﻓﻠﻜﻮﻧﻪ ﻗﺪ ﺧُﻠﻖ ﻛﻲ ﻳُﺤﺐ،ّ
ﻓﻬﻮ ﻳُﻈﻬِﺮ ﺣﺘﻤًﺎ ،ﻭﺳﻂ ﻣﺤﺪﻭﺩﻳّﺘﻪ ،ﻋﻼﻣﺎﺕِ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ.
.59ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻧﻤﻮّ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﺻﻄﻨﺎﻋﻴّﺔ ﺃﻭ ﺳﻄﺤﻴّﺔ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﻭﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ .ﻓﻜﻤﺎ
ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠّﺐ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺷﺠﺎﻋﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻟﻴﺲ
ﻣﺆﻛّﺪًﺍ .ﻭﺇﻥ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻄﺤﻲ ،ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﻋﺪﺩ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻠﻮّﺙ ﻭﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻻ ﺗﺒﺪﻭ ﺧﻄﻴﺮﺓ
ﻇﺎﻫﺮﻳًّﺎ ﻭﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻤﺮّ ﻓﻲ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲّ ﻟﻮﻗﺖ ﻣﺪﻳﺪ .ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻤﺮﺍﻭﻍ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ
ﻧﻤﻂ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﻤﺪﻧﺎﻩ .ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪﻫﺎ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻟﻴﻐﺬﻱ ﺟﻤﻴﻊ ﺭﺫﺍﺋﻞ ﺍﻟﺘﺪﻣﻴﺮ
ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ :ﺑﺄﻥ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻻ ﻳﺮﺍﻫﺎ ،ﻭﺑﺄﻥ ﻳﺠﺎﻫﺪ ﻛﻲ ﻻ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﺎ ،ﻭﺑﺄﻥ ﻳﺆﺟﻞ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻬﺎﻣﺔ ،ﻭﺑﺄﻥ ﻳﺘﺼﺮﻑ ﻭﻛﺄﻥ ﺷﻴﺌﺎ
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ.
.VIIﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻵﺭﺍﺀ
.60ﻭﺃﺧﻴﺮﺍ ،ﻟﻨﻌﺘﺮﻑ ﺑﺘﻄﻮّﺭ ﻭﺟﻬﺎﺕ ﻧﻈﺮ ﻭﺍﺗﺠﺎﻫﺎﺕ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ .ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪ
ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،ﻧﺠﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻋﻤﻮﻥ ،ﺑﺄﻱ ﺛﻤﻦ ،ﺃﺳﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻘﺪّﻡ ﻭﻳﺆﻛّﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺳﺘﺠﺪ ﺣﻼّ ﺑﻔﻀﻞ
ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻳﺔ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﺃﻭ ﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻨﺲ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻣﻦ ﺗﺪﺧّﻼﺗﻪ ،ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺸﻜّﻞ ﺧﻄﺮًﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭﺃﻥ ﻳﺆﺫﻳﻪ؛ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺤﺪّ ﻣﻦ
ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﻭﻣﻨﻊ ﺃﻱ ﺗﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻠِﻪﻭﺑﻴﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ،ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﺘّﻔﻜﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺳﻴﻨﺎﺭﻳﻮﻫﺎﺕ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﺒﻴﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻟﻠﺤﻞ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮّﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ

2.4 Page 14

▲back to top
14
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪّﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﺑﻬﺪﻑ ﻭﺿﻊ ﺣﻠﻮﻝ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ.
.61ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺳﺒﺐ ﻻﻗﺘﺮﺍﺡ ﺭﺃﻱ ﻧﻬﺎﺋﻲّ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴِّﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻻﺻﻐﺎﺀ ﻟﻠﺠﺪﺍﻝ
ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺗﺸﺠﻴﻌﻪ ،ﺑﺎﺣﺘﺮﺍﻡ ﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺍﻵﺭﺍﺀ .ﻟﻜﻦ ﻳﻜﻔﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﺠﺪّﻳﺔ ﻟﻨﺮﻯ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺮﺩٍّ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ
ﺑﻴﺘِﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ .ﻭﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ﺍﻟﺮّﺟﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻣﺨﺮﺟًﺎ ،ﻭﺃﻧﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﺗﺠﺎﻫﻨﺎ ،ﻭﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺩﺍﺋﻤﺎ
ﺑﺸﻲﺀ ﻣﺎ ﻟﺤﻞِّ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ .ﻭﻟﻜﻦ ،ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺮﻯ ﺩﻻﺋﻞ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﻭﻟﻠﺘﺪﻫﻮﺭ،
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﺍﺭﺙ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴّﺔ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴّﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴّﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺍﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ
ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺃﻭ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻌﺰﻭﻟﺔ .ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ،ﻭﺑﻐﺾّ ﺍﻟﻨّﻈﺮ ﻋﻦ ﺃﻱ
ﺗﻨﺒّﺆ ﻛﺎﺭﺛﻲ ،ّﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﺆﻛّﺪ ﺃﻧّﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ،ﻣﻦ ﻋﺪّﺓ ﻭﺟﻬﺎﺕ ﻧﻈﺮ ،ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻨّﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲّ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻷﻧّﻨﺎ ﻗﺪ ﺗﻮﻗّﻔﻨﺎ ﻋﻦ
ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ“ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃَﺟﻠﻨﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻛﻮﻛﺒﻨﺎ ،ﺃﺩﺭﻛﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﺧﻴّﺒﺖ ﺗﻮﻗّﻌﺎﺕ
ﺍﻟﻠﻪ.[35]”
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻧﺠﻴﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ
.62ﻣﺎ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺿﻢّ ﻓﺼﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟّﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺫﻭﻱ
ﺍﻟﻨﻮﺍﻳﺎ ﺍﻟﺼّﺎﻟﺤﺔ؟ ﺃﺩﺭﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻌﺾ ،ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺴّﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ،ﻳﺮﻓﻀﻮﻥ ﻭﺑﻘﻮّﺓ ﻓﻜﺮﺓ ﻭﺟﻮﺩ ﺧَﺎﻟﻖ ،ﺃﻭ ﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻧﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺫﺍﺕ
ﺃﻫﻤﻴﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻀﻌﻮﻥ ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔَ ﺍﻟﻐﻨﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﺪّﻣﻬﺎ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴّﺔ
ﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﻤﻮّ ﻛﺎﻣﻞ ﻟﻠﺠﻨﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ .ﻛﻤﺎ ﻭﻳﺘﻢّ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻛﺜﻘﺎﻓﺔ ﺩﻭﻧﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪّﻳﻦ ،ﺍﻟﻠّﺬﻳﻦ ﻳﻘﺪّﻣﺎﻥ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ،ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﺪّﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻜﺜّﻒ ﻭﻣﺜﻤﺮ ﻟﻜﻠﻴﻬﻤﺎ.
.Iﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ
.63ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺬﻧﺎ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺗﻌﻘﻴﺪ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺗﻌﺪﺩ ﺃﺳﺒﺎﺑﻬﺎ ،ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺤﻠﻮﻝ ﺃﻥ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ
ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﻭﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ .ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﻟﻰ ﻏﻨﻰ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻉ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻦ
ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ .ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﺈﺻﻼﺡ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻫﺪﻣﻨﺎ ،
ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻫﻤﺎﻝ ﺃﻱّ ﻓﺮﻉ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺃﻱ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ،ﻭﻻ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴّﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﻟﻐﺘﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ .ﻋﻼﻭﺓ
ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺎﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻨﻔﺘﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ،ّﻭﻫﺬﺍ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺈﻧﺘﺎﺝ ﺻﻴﻎٍ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻴﻦ
ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ .ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻼﺣﻈﺘﻪ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻋﺒﺮ ﺗﻄﻮّﺭ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﺍﻟﻤﺪّﻋﻮﺓ ﻹﺛﺮﺍﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺪّﻳﺎﺕ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ.
.64ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﺣﺘﻰ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻨﻔﺘﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻣﻌًﺎ ﻋﻦ ﺳُﺒُﻞِ ﺗﺤﺮﻳﺮ،
ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺑﻴِّﻦ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﺍﻻﻗﺘﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﺗُﻌﻄﻲ ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ،ﻭﺃﻳﻀًﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﺩﻭﺍﻓِﻊ
ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻟﻼﻋﺘﻨﺎﺀ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺑﺎﻹﺧﻮﺓِ ﻭﺍﻷﺧﻮﺍﺕ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺿُﻌﻔًﺎ .ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻧﺘﻤﺎﺋﻨﺎ ﻟﻠﻌﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺑﺤﺪّ
ﺫﺍﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻨﺘﺴﺐ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،“ﻓﺎﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻮﻥ ﻳﻮﻗﻨﻮﻥ ،ﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎﺹ ،ﺃﻥّ ﻭﺍﺟﺒﺎﺗﻬﻢ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ ،ﻭﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺗﻬﻢ
ﺣﻴﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻫﻲ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺇﻳﻤﺎﻧﻬﻢ .[36]”ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﻬﻮ ﺧﻴﺮ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ،ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ،ﺑﺸﻜﻞ
ﺃﻓﻀﻞ ،ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻨﺎ.
.IIﺣﻜﻤﺔ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ
.65ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﺮﺟﻊ ﻫﻨﺎ ﻛﻞ ﻻﻫﻮﺕ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ،ﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻤّﺎ ﺗﻘﻮﻟﻪ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺱ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ
ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻓﻲ ﺳﻔﺮ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ،ﻳﺘﻀﻤّﻦُ ﺗﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻠﻖَ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻓﺒﻌﺪ

2.5 Page 15

▲back to top
15
ﺃﻥ ﺧُﻠِﻖ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ،ﻳﻘﻮﻝ :“ﻭﺭﺃَﻯ ﺍﻟﻠﻪُ ﺟَﻤﻴﻊَ ﻣﺎ ﺻَﻨَﻌَﻪ ﻓﺎﺫﺍ ﻫﻮ ﺣَﺴَﻦٌ ﺟِﺪًّﺍ” )ﺗﻚ .(31 ،1ﻳﻌﻠّﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺃﻥ
ﻛﻞّ ﻛﺎﺋﻦ ﺑﺸﺮﻱ ﻗﺪ ﺧُﻠِﻖَ ﺑﻤﺤﺒّﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ )ﺭﺍ .ﺗﻚ .(26 ،1ﻭﻳُﻈﻬﺮُ ﻟﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔَ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻟﻜﻞّ
ﺷﺨﺺ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ “ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮّﺩ ﺷﻲﺀ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺷﺨﺺ .ﺷﺨﺺ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻣﺘﻼﻛﻬﺎ ،ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ
ﺫﺍﺗﻪ ﺑﻤﺠﺎﻧﻴّﺔ ،ﻭﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ .[37]”ﻭﻗﺪ ﺫﻛّﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻳﻜﻨّﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻜﻞّ ﻛﺎﺋﻦ ﺑﺸﺮﻱ “ﺗﻬﺒﻪ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻻﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ .[38]”ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﺘﺰﻣﻮﻥ ﺑﺎﻟﺪّﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ،ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﺃﻥ
ﻳﺠﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻴﻦ ﺍﻷﻋﻤﻖ ﻻﻟﺘﺰﺍﻣﻬﻢ ﻫﺬﺍ .ﻛﻢ ﻫﻮ ﺭﺍﺋﻊ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﺑﺄﻥ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻞّ ﺷﺨﺺ ﻻ ﺗﻀﻴﻊ ﻓﻲ
ﻓﻮﺿﻰ ﻣﻴﺆﻭﺱ ﻣﻨﻬﺎ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺗﺤﻜﻤﻪ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻜﺮﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ! ﻓﺒﺈﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻜﻞّ
ﻣﻨﺎ :“ﻗَﺒﻞَ ﺃَﻥ ﺃُﺻَﻮِّﺭَﻙَ ﻓﻲ ﺍﻟﺒَﻄﻦِ ﻋَﺮَﻓﺘُﻚَ” )ﺃﺭ .(5 ،1ﻟﻘﺪ ﺗﻢ ﺗﺼﻮّﺭُﻧﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺐِ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﻟﺬﻟﻚ “ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨّﺎ ﻫﻮ ﺛﻤﺮﺓ ﻓﻜﺮ
ﺍﻟﻠﻪ .ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻫﻮ ﻣﺮﻏﻮﺏ ،ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﻣﺤﺒﻮﺏ ،ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺿﺮﻭﺭﻱ.[39]”
.66ﺗﺤﺘﻮﻱ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻓﻲ ﺳﻔﺮ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ،ﺑﻠﻐﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﺮﺩﻳّﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱّ ﻭﻭﺍﻗﻌﻪ
ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲﺗﺸﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻣﺘّﺼﻠﺔ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﺗﺼﺎﻻ ﻭﺛﻴﻘﺎ:
ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻭﻣﻊ ﺍﻷﺭﺽ .ﻭﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ،ﻗﺪ ﺗﻤﺰﻗﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺜﻼﺙ ،ﻟﻴﺲ
ﻓﻘﻂ ﺧﺎﺭﺟﻴًّﺎ ،ﺇﻧﻤﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﺑِﺪﺍﺧِﻠﻨﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺔ .ﻓﻘﺪ ﺩُﻣّﺮ ﺍﻻﻧﺴﺠﺎﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻭﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﺟﻤﻌﺎﺀ،
ﺑﺴﺒﺐ ﺍﺩّﻋﺎﺋِﻨﺎ ﺑﺎﻟﺤﻠﻮﻝِ ﻣﺤﻞّ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﺭﻓﻀِﻨﺎ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ .ﻟﻘﺪ ﺷﻮّﻩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻳﻀًﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ
ﺑﺈﺧﻀﺎﻉ ﺍﻷﺭﺽ )ﺭﺍ .ﺗﻚ (28 ،1ﻭﺣﺮﺛﻬﺎ ﻭﺣﺮﺍﺳﺘﻬﺎ )ﺭﺍ .ﺗﻚ .(15 ،2ﻓﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻏﻤﺔ ﺃﺻﻠًﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺗﺒﺪّﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﺻﺮﺍﻉ )ﺭﺍ .ﺗﻚ .(19 – 17 ،3ﻟﻬﺬﺍ ،ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢّ ﺃﻥ ﻳُﻔﻬﻢ ﺍﻻﻧﺴﺠﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺸﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ
ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺍﻷﺳّﻴﺰﻱ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻛﺈﺻﻼﺡٍ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ .ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎﻓﻨﺘﻮﺭﺍ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ،ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ
ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ،ﻗﺪ ﻋﺎﺩ ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﻭ ﺑﺄﺧﺮﻯ ،ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺒﺮﺍﺀﺓ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ .[40]ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﺑﻌﻴﺪًﺍ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ،
ﺗﻈﻬﺮ ﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺑﻜﻞّ ﻗﻮّﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﻣّﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻭﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺴّﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠّﻲ ﻋﻤّﻦ ﻫﻢ ﺃﻛﺜﺮ
ﺿﻌﻔًﺎ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺪّﻳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ.
.67ﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ .ﻭﺍﻷﺭﺽُ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻗَﺒﻠِﻨﺎ ﻭﻗﺪ ﺃُﻋﻄِﻴَﺖ ﻟﻨﺎ .ﻫﺬﺍ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺮّﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﺍﻟﻤﻮﺟﻪ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ-
ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ :ﻓﻘﺪ ﻗﻴﻞ ،ﺍﻋﺘﻤﺎﺩًﺍ ﻋﻠﻰ ﺭِﻭﺍﻳﺔ ﺳﻔﺮ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ “ﺇﺧﻀﺎﻉ” ﺍﻷﺭﺽ )ﺭﺍ .ﺗﻚ ،(28 ،1ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻗﺪ
ﻳﺸﺠّﻊ ﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﻬﻤﺠﻲّ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻣﻘﺪﻣًﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻛﻤُﺴﻴﻄِﺮِ ﻭﻣُﺪﻣِّﺮ .ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺗﻔﺴﻴﺮﺍ ﺻﺤﻴﺤًﺎ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ
ﺍﻟﻤﻘﺪّﺱ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻬﻤﻪ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ .ﻭﺇﻥ ﺻﺢّ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻴﻦ ﻗﺪ ﻓﺴّﺮﻭﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﺩﻗﻴﻘﺔ ،ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻥ ﻧﺮﻓﺾ ﻭﺑﻘﻮﺓ ،ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ،ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﻨﺎ ﺧُﻠِﻘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺃﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﻓﻮِّﺿْﻨﺎ ﻹﺧﻀﺎﻉ ﺍﻷﺭﺽ .ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢّ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ ،ﻣﻊ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ ،ﻭﺍﻟﺘﺬﻛّﺮ ﺑﺄﻧﻬﺎ
ﺗﺪﻋﻮﻧﺎ “ﻟﺤﺮﺙ ﻭﺣﺮﺍﺳﺔ” ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ )ﺭﺍ .ﺗﻚ .(15 ،2ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ “ﺍﻟﺤﺮﺍﺛﺔ” ﺗﻌﻨﻲ ﻓﻼﺣﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﺳﺘﺼﻼﺡ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ،
“ﻓﺎﻟﺤﺮﺍﺳﺔ” ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺤِﻔﻆ ،ﻭﺍﻟﺴﻬﺮ .ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﻭﺟﻮﺩ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺒﺎﺩﻝ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ
ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .ﻓﻜﻞّ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻳﻀًﺎ
ﻭﺍﺟﺐ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺿﻤﺎﻥ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺧﺼﻮﺑﺘﻬﺎ ﻟﻸﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ .ﻷﻥ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،“ﺍﻷَﺭﺽُ ﻟِﻠﺮَّﺏِّ” )ﺭﺍ .ﻣﺰ ،(1 ،24ﻣِﻠﻚ ﻟﻪ
“ﺍﻷَﺭﺽَ ﻭﻛﻞَّ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ” )ﺗﺚ .(14 ،10ﻟﻬﺬﺍ ﻳﺮﻓﺾ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻱّ ﺍﺩّﻋﺎﺀ ﺑﺘﻤﻠّﻚ ﻣُﻄْﻠَﻖ :“ﻭﺃَﻣَّﺎ ﺍﻷَﺭﺽ ،ﻓﻼ ﺗُﺒَﻊْ ﺑَﺘﺎﺗﺎً ﻷَﻧَّﻬﺎ ﻟِﻲَ ﺍﻷَﺭﺽ،
ﻭﺇِﻧَّﻤﺎ ﺃَﻧﺘُﻢ ﻧُﺰَﻻﺀُ ﻭﺿُﻴﻮﻑٌ ﻋِﻨﺪﻱ” )ﺃﺡ .(23 ،25
.68ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺃﺭﺽ ﻫﻲ ﻣﻠﻚ ﻟﻠﻪ ،ﺗﺴﺘﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻭﻗﺪ ﻭُﻫﺐ ﺍﻟﺬﻛﺎﺀ ،ﺃﻥ ﻳﺤﺘﺮﻡ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻷﻧﻪ “ﻫﻮ ﺃَﻣَﺮَ ﻓﺨُﻠِﻘَﺖ ﻭﺃَﻗﺎﻣَﻬﺎ ﺇِﻟﻰ ﺍﻟﺪَّﻫﺮِ ﻭﺇِﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ ﺳَﻦَّ ﺳُﻨَّﺔً ﻟﻦ ﺗَﺰﻭﻝ” )ﻣﺰ
5 ،148ﺏ – .(6ﻭﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ،ﻭﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﺗﺸﺮﻳﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺱ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺳَّﻦ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ،
ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﺑﻘﻴّﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴّﺔ :“ﻭﺇِﺫﺍ ﺭﺃﻳﺖَ ﺣِﻤﺎﺭَ
ﺃَﺧﻴﻚَ ﺃَﻭ ﺛَﻮﺭَﻩ ﻭﺍﻗِﻌًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻄَﺮﻳﻖ ،ﻓﻼ ﺗَﺘَﻐﺎﻓَﻞْ ﻋﻨﻪ ،ﺑﻞ ﺃَﻧْﻬِﻀْﻪ ﻣﻌَﻪ ]…[ ﺇِﺫﺍ ﺻﺎﺩَﻓﺖَ ﻋُﺶَّ ﻃﺎﺋﺮٍ ﻓﻲ ﺍﻟﻄَّﺮﻳﻖ ﺃَﻣﺎﻣَﻚَ ﺃَﻭ ﻓﻲ
ﺷَﺠَﺮَﺓٍ ﺃَﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺭﺽ ،ﻓﻴﻪ ﻓِﺮﺍﺥٌ ﺃَﻭ ﺑَﻴﺾ ،ﻭﺍﻷُﻡُّ ﺣﺎﺿِﻨَﺔ ﻟِﻠﻔِﺮﺍﺥِ ﺃَﻭِ ﺍﻟﺒَﻴﺾ ،ﻓﻼ ﺗﺄﺧُﺬِ ﺍﻷُﻡَّ ﻣﻊ ﺍﻟﻔِﺮﺍﺥ” )ﺗﺚ .(6 .4 ،22ﻓﻲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ،ﻓﺈﻥ ﺭﺍﺣﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻌﻄﺎﺓ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻳﻀﺎ “ﻟِﻜَﻲ ﻳَﺴﺘَﺮﻳﺢَ ﺛَﻮﺭُﻙَ ﻭﺣِﻤﺎﺭُﻙَ” )ﺧﺮ

2.6 Page 16

▲back to top
16
.(12 ،23ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻧﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺱ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﻣﺠﺎﻟًﺎ ﻟﻤﺮﻛﺰﻳّﺔ ﺃﻧﺜﺮﻭﺑﻴﺔ ﻣﺴﺘﺒﺪّﺓ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﻟﻴﺔ ﺑﺒﻘﻴّﺔ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ.
.69ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻣﺪﻋﻮّﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻥ ﻟﻠﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴّﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ
ﻗﻴﻤﺔً ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻠﻪ “ﻭﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻤﺠّﺪﻩ ﺑﻤﺠﺮّﺩ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ،[41]”ﻷﻥ “ﺍﻟﺮَّﺏّ ﻳَﻔﺮَﺡ ﺑﺄَﻋْﻤﺎﻟِﻪ” )ﺭﺍ .ﻣﺰ .(31 ،104ﻓﺎﻟﻜﺎﺋﻦ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﺑِﺤُﻜﻢِ ﻛﺮﺍﻣﺘﻪ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪﺓ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻭﻷﻧﻪ ﻭُﻫِﺐَ ﺍﻟﺬّﻛﺎﺀ ،ﻫﻮ ﻣﺪﻋﻮٌّ ﺇﻟﻰ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻭﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻷﻥ
“ﺍﻟﺮَّﺏّ ﺑِﺎﻟﺤِﻜﻤَﺔِ ﺃَﺳﺲًّ ﺍﻷَﺭﺽ ﻭﺑﺎﻟﻔِﻄﻨَﺔِ ﺛﺒﺖَ ﺍﻟﺴَّﻤَﻮﺍﺕ” )ﻣﺜﻞ .(19 ،3ﻭﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻘﻂ ﺇﻥَّ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ
ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻫﻲ ﻣﻨﺼﺎﻋﺔ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﻥ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ ،ﻭﺃﻥ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ ﺍﻟﺘﺼﺮّﻑ ﺑﻬﺎ ﻛﻴﻔﻤﺎ ﻧﺸﺎﺀ.
ﻫﻜﺬﺍ ﻋﻠّﻢ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﺃﻧﻪ “ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺃﻭﻟﻮﻳّﺔ “ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ” ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ “ﺃﻥ
ﻳﻜﻮﻥ ﻣُﻔﻴﺪًﺍ .[42]“”ﻭﻳﻀﻊُ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ )ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ( ﻣﻮﺿﻊَ ﺗﺴﺎﺅﻝ ،ٍﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺟﺪًّﺍ ﻭﺑﺈﺻﺮﺍﺭ،
ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔَ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺤﺮﻓﺔ :“ﻛﻞّ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﺟﻮﺩﺗﻬﺎ ﻭﻛﻤﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﻴﻦ ]…[ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺃﺭﺍﺩﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ
ﻛﻴﺎﻧﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺹ ،ﺗﻌﻜﺲ ،ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﺎ ،ﺷﻌﺎﻋﺎ ﻣﻦ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﻭﺟﻮﺩﺗﻪ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺘﻴﻦ .ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ
ﻳﺤﺘﺮﻡ ﻟﻜﻞ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﺟﻮﺩﺗﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺠﻨﺐ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻻ ﻓﻮﺿﻮﻳﺎ.[43]”
.70ﻧﺮﻯ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻗﺎﻳﻴﻦ ﻭﻫﺎﺑﻴﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺴﺪ ﺩﻓﻊ ﺑﻘﺎﻳﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺿﺪَّ ﺃﺧﻴﻪ .ﻭﻗﺪ ﺳﺒّﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﻠﻢ
ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺍﻧﻘﻄﺎﻋًﺎ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﻗﺎﻳﻴﻦ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻗﺎﻳﻴﻦ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻃُﺮِﺩَ ﻣﻨﻬﺎ .ﻭﻳﺘﻠﺨﺺ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ
ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﻭﻱ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻗﺎﻳﻴﻦ .ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺴﺄﻝ :“ﺃﻳﻦ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﺃﺧﻮﻙ؟ .”ﻗﺎﻳﻴﻦ ﻳﻨﻜﺮ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻳُﺼّﺮ :“ﻣﺎﺫﺍ ﺻَﻨَﻌﺖَ؟ ﺇِﻥَّ ﺻَﻮﺕَ
ﺩِﻣﺎﺀِ ﺃَﺧﻴﻚَ ﺻﺎﺭِﺥٌ ﺇِﻟَﻲَّ ﻣِﻦَ ﺍﻷَﺭﺽ! ﻭﺍﻵﻥ ﻓَﻤَﻠْﻌﻮﻥٌ ﺃَﻧﺖَ ﻣِﻦَ ﺍﻷَﺭﺽِ” )ﺗﻚ .(11 – 9 ،4ﺇﻥ ﺍﻫﻤﺎﻝ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﺘﻨﻤﻴﺔ ﻋﻼﻗﺔ
ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻭﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﺇﻫﻤﺎﻝ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻪ ﻭﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ،ﻳﻬﺪﻡ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴّﺔ ﻣﻊ ﺫﺍﺗﻲ ،ﻭﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ،
ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﻊ ﺍﻷﺭﺽ .ﺣﻴﻦَ ﺗُﻬﻤَﻞ ﻛﻞّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ،ﻭﻻ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﺒﺮُّ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺗﻤﺴﻲ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻛﻠّﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ .ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺗﻌﻠّﻤﻨﺎ ﺇﻳّﺎﻩ ﻗﺼّﺔ ﻧﻮﺡ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻬﺪّﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺈﻫﻼﻙ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﺸﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮّ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﺶ
ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺘﻄﻠّﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ :“ﻗﺪ ﺣﺎﻥَ ﺃَﺟَﻞُ ﻛُﻞِّ ﺑَﺸَﺮٍ ﺃَﻣﺎﻣﻲ ،ﻓﻘَﺪِ ﺍﻣﺘَﻸﺕِ ﺍﻷَﺭﺽُ ﻋُﻨﻔًﺎ ﺑِﺴَﺒَﺒِﻬﻢ” )ﺗﻚ .(13 ،6ﻓﻔﻲ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﻐﻨﻴّﺔ ﺑﺮﻣﺰﻳّﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎﺛﻠﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ :ﺑﺄﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﺘﺮﺍﺑﻂ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ
ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ ﺑﺤﻴﺎﺗﻨﺎ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻭﺑﻌﻼﻗﺘﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻲ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﻮّﺓ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ.
.71ﺣﺘﻰ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ “ﺷَﺮّ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥِ ﻗﺪ ﻛَﺜُﺮَ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺭﺽ” )ﺗﻚ (5 ،6ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺮﺏ “ﻧﺪِﻡَ ﻋﻠﻰ ﺃَﻧَّﻪ ﺻَﻨَﻊَ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥَ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺭﺽ
ﻭﺗﺄَﺳَّﻒَ ﻓﻲ ﻗَﻠﺒِﻪ” )ﺗﻚ ،(6 ،6ﻓﻘﺪ ﻗﺮّﺭ ﺍﻟﺮﺏّ ﻓﺘﺢ ﻃﺮﻳﻖٍ ﻟﻠﺨﻼﺹ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻮﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺣﻪ ﻭﺑﺮّﻩ .ﻭﺃﻋﻄﻰ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻫﻜﺬﺍ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔَ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ .ﻓﺈﻥ ﺇﻧﺴﺎﻧًﺎ ﻭﺍﺣﺪًﺍ ﺻﺎﻟﺤًﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻛﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺟﺎﺀ! ﻳﺜﺒﺖ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻲ ﺑﻮﺿﻮﺡ
ﺃﻥ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺄﻫﻴﻞ ﻫﺬﻩ ﺗﺘﻄﻠّﺐ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻹﻳﻘﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺠّﻠﺔ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺭﺅﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﻣﺜﻼ
ﻓﻲ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﺴﺒﺖ .ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ،ﺣﻴﺚ ﺍﺳﺘﺮﺍﺡ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ .ﻭﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪُ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞَ ﺑﺄﻥ ﻳﺤﺘﻔﻞ ﺑﻜﻞ ﻳﻮﻡ ﺳﺎﺑﻊ ﻛﻴﻮﻡ
ﺭﺍﺣﺔ ،ﻳﻮﻡ ﺳﺒﺖ )ﺭﺍ .ﺗﻚ 3 – 2 ،2؛ ﺧﺮ 23 ،16؛ .(10 ،20ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻭﺿﻊ ﺃﻳﻀًﺎ ﺳﻨﺔ ﺳﺒﺘﻴّﺔ ﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻭﺃﺭﺿﻬﺎ ،ﻛﻞ
ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ )ﺭﺍ .ﺃﺡ ،(4 – 1 ،25ﺗُﻌﻄﻰ ﻃﻮﺍﻟﻬﺎ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻸﺭﺽ ،ﻓﻼ ﺗُﺰﺭﻉ ،ﻭﻻ ﻳﺘﻢ ﺣﺼﺎﺩ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ
ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺗﺄﻣﻴﻦ ﺍﻟﻀﻴﺎﻓﺔ )ﺭﺍ .ﺃﺡ .(6 – 4 ،25ﻭﺃﺧﻴﺮًﺍ ،ﻳُﺤﺘﻔﻞ ﺑﺎﻟﻴﻮﺑﻴﻞ ﻛﻞ ﺳﺒﻌﺔ ﺃﺳﺎﺑﻴﻊٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ،ﻣﺎ ﻳﻌﺎﺩﻝ
ﺗﺴﻌًﺎ ﻭﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ،ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺳﻨﺔ ﻏﻔﺮﺍﻥ ﻋﺎﻟﻤﻲ ﻭ”ﺇِﻋْﺘﺎﻕٍ ﻓﻲ ﺍﻷَﺭﺽِ ﻟِﺠَﻤﻴﻊِ ﺃَﻫْﻠِﻬﺎ” )ﺃﺡ .(10 ،25ﻭﻗﺪ ﺳﻌﻰ ﺗﻄﻮّﺭ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺇﻟﻰ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻣﻊ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻌﻴﺶ ﻭﻳﻌﻤﻞ.
ﻭﻟﻜﻨﻪ ،ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﺍﻋﺘﺮﺍﻓًﺎ ﺑﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻋﻄﻴﺔ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺛﻤﺎﺭﻫﺎ ،ﻫﻲ ﻟﻜﻞّ ﺍﻟﺸﻌﺐ .ﻓﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻳﺰﺭﻋﻮﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻳﺤﺮﺳﻮﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﺸﺎﺭﻛﻮﺍ ﺑﺜﻤﺎﺭﻫﺎ ،ﻭﺑﺎﻷﺧﺺّ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺭﺍﻣﻞ ﻭﺍﻟﻴﺘﺎﻣﻰ ﻭﺍﻟﻐﺮﺑﺎﺀ :“ﻭﺇِﺫﺍ ﺣَﺼَﺪﺗُﻢ
ﺣَﺼﻴﺪَ ﺃَﺭﺿِﻜﻢ ،ﻓﻼ ﺗَﺬﻫَﺐْ ﻓﻲ ﺍﻟﺤِﺼﺎﺩِ ﺇِﻟﻰ ﺃَﻃﺮﺍﻑِ ﺣَﻘﻠِﻚ ،َﻭﻟُﻘﺎﻁَ ﺣَﺼﻴﺪِﻙَ ﻻ ﺗَﻠﻘُﻂﻭﻻ ﺗَﻌُﺪْ ﺇِﻟﻰ ﻓَﻀَﻼﺕِ ﻛَﺮﻣِﻚ ،َﻭﻟُﻘﺎﻁَ
ﻛَﺮﻣِﻚَ ﻻ ﺗَﻠْﻘُﻂ ،ْﺑﻞِ ﺍَﺗﺮُﻙْ ﺫﻟِﻚَ ﻟِﻠﻤِﺴْﻜﻴﻦِ ﻭﺍﻟﻨَّﺰﻳﻞ ،ﺃَﻧﺎ ﺍﻟﺮَّﺏُّ ﺇِﻟﻬُﻜﻢ” )ﺃﺡ .(10 – 9 ،19
.72ﺗﺪﻋﻮ ﺍﻟﻤﺰﺍﻣﻴﺮُ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﺗﺴﺒﻴﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ :ﻣَﻦْ ﻫﻮ “ﺑﺎﺳِﻂ ﺍﻷَﺭﺽِ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤِﻴﺎﻩ ﻓﺈِﻥَّ ﻟﻸﺑﺪ
ِﺭَﺣﻤَﺘَﻪ” )ﻣﺰ .(6 ،136ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺪﻋﻮ ﺃﻳﻀًﺎ ﺑﻘﻴّﺔ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ﻟﻼﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺢ :“ﺳَﺒِّﺤﻴﻪ ﺃَﻳَﺘُﻬﺎ ﺍﻟﺸَّﻤﺲُ ﻭﺍﻟﻘَﻤَﺮ ﺳَﺒِّﺤﻴﻪ
ﻳﺎ ﺟَﻤﻴﻊَ ﻛَﻮﺍﻛِﺐِ ﺍﻟﻨُّﻮﺭ .ﺳَﺒِّﺤﻴﻪ ﻳﺎ ﺳَﻤﺎﺀَ ﺍﻟﺴَّﻤَﻮﺍﺕ ﻭﻳﺎ ﺃَﻳّﺘُﻬﺎ ﺍﻟﻤِﻴﺎﻩُ ﺍﻟَّﺘﻲ ﻓَﻮﻕَ ﺍﻟﺴَّﻤَﻮﺍﺕ .ﻓﻠﺘﺴَﺒِّﺢِ ﺍْﺳﻢَ ﺍﻟﺮَّﺏِّ ﻓﺈِﻧَّﻪ ﻫﻮ ﺃَﻣَﺮَ
ﻓﺨُﻠِﻘَﺖ” )ﻣﺰ .(5 – 3 ،148ﻓﻨﺤﻦ ﻟﻢ ﻧﻮﺟﺪ ﻓﻘﻂ ﺑﻘﻮّﺓ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﺤﻴﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﺑﺤﻀﺮﺗﻪ .ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴّﺒﺐ ﻧﺤﻦ ﻧﻌﺒﺪﻩ.

2.7 Page 17

▲back to top
17
.73ﺗﺪﻋﻮﻧﺎ ﻛُﺘﺐ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻧﻜﺘﺸﻒ ﻣﺠﺪﺩًﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺍﻟﻘﻮّﺓَ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺘﺄﻣّﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ
ﺍﻟﻜﻮﻥ .ﻓﻘﺪﺭﺓُ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻻ ﺗﺤﻤﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺣﻨﺎﻧﻪ ﺍﻷﺑﻮﻱ ،ّﻷﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮّﺓ ﺗﻨﺪﻣﺠَﺎﻥ ﻓﻴﻪ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ،
ﺗﺠﻤﻊ ﻛﻞ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ،ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﺑﻴﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺤﺐّ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﺪ ﻟﻠﺮﺏّ ﺑﻜﻞّ ﺛﻘﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ .ﻓﻲ
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ،ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺮّﺭ ﻭﻳﺨﻠّﺺ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﻭﺗَﺮﺗَﺒِﻂُ ﻫﺎﺗﺎﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺘﺎﻥ ﺍﻹﻟﻬﻴّﺘﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ
ﺍﺭﺗﺒﺎﻃًﺎ ﻭﺛﻴﻘًﺎ ﻻ ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﻓﻴﻪ :“ﺁﻩِ ﺃَﻳُّﻬﺎ ﺍﻟﺴَّﻴِّﺪُ ﺍﻟﺮَّﺏ ،ّﻫﺎ ﺇِﻧَّﻚَ ﺻَﻨَﻌﺖَ ﺍﻟﺴَّﻤَﻮﺍﺕِ ﻭﺍﻷَﺭﺽَ ﺑِﻘُﻮَّﺗِﻚَ ﺍﻟﻌَﻈﻴﻤﺔِ ﻭﺫِﺭﺍﻋِﻚَ ﺍﻟﻤَﺒْﺴﻮﻃﺔ،
ﻭﻟَﻴﺲَ ﻋﻠَﻴﻚَ ﺃَﻣﺮٌ ﻋَﺴﻴﺮ ]…[ ﻭﺃَﺧﺮَﺟﺖَ ﺷَﻌﺒَﻚَ ﺇِﺳْﺮﺍﺋﻴﻞَ ﻣِﻦ ﺃَﺭﺽِ ﻣِﺼﺮَ ﺑِﺂﻳﺎﺕٍ ﻭﺧَﻮﺍﺭِﻕ” )ﺍﺭ .(21 .17 ،32“ﺍﻟﺮَّﺏّ ﺇِﻟﻪٌ
ﺳَﺮﻣَﺪِﻱّ ﺧﺎﻟﻖُ ﺃَﻗﺎﺻﻲ ﺍﻷَﺭﺽ ﻻ ﻳَﺘﻌَﺐُ ﻭﻻ ﻳُﻌْﻴﻲ ﻭﻻ ﻳُﺴﺒَﺮُ ﻓَﻬﻤُﻪ .ﻳُﺆْﺗﻲ ﺍﻟﺘَّﻌِﺐَ ﻗُﻮَّﺓً ﻭﻟﻔﺎﻗِﺪِ ﺍﻟﻘُﺪﺭَﺓِ ﻳُﻜﺜِﺮُ ﺍﻟﺤَﻮﻝ”)ﺃﺵ ،40
28ﺏ – .(29
.74ﻟﻘﺪ ﻭﻟّﺪﺕ ﺧﺒﺮﺓُ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﺎﺑﻞ ﺃﺯﻣﺔً ﺭﻭﺣﻴّﺔ ﻗﺎﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﻤّﻖٍ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ ،ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﺑﻘﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﺨﻼّﻗﺔ ،ﻟﺤﺚّ
ﺍﻟﺸّﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﺮّﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺧﻀﻢّ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻟﻤﺤﺰﻥ .ﻭﺑﻌﺪ ﻗﺮﻭﻥ ،ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺯﻣﻦ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤِﺤَﻦ ﻭﺍﻻﺿﻄﻬﺎﺩ ،ﺣﻴﻦ ﺣﺎﻭﻟﺖ
ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳّﺔ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴّﺔ ﻓﺮﺽ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ،ﺑَﺤَﺚَ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺰﺍﺀ ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﺑﻤﻀﺎﻋﻔﺔ ﺇﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﻜﻠّﻲ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ،
ﻣﺮﺗّﻠﻴﻦ :“ﻋَﻈﻴﻤَﺔٌ ﻋَﺠﻴﺒَﺔٌ ﺃَﻋْﻤﺎﻟُﻚَ ﺃَﻳُّﻬﺎ ﺍﻟﺮَّﺏُّ ﺍﻹِﻟﻪُ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﻭﻋَﺪﻝٌ ﻭﺣَﻖٌّ ﺳُﺒُﻠُﻚَ!” )ﺭﺅ .(3 ،15ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻣﻦ
ﺍﻟﻌﺪﻡ ،ﻓﺒﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ﺍﻟﺘﺪﺧّﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻗﻬﺮ ﺃﻱّ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺸّﺮ .ﻣﻦ ﺛﻢ ،َّﻓﺎﻟﻈﻠﻢ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻬّﺮﻩ.
.75ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴّﺔ ﺗﻨﺴﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻜﻠّﻲ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﺨﺎﻟﻖ .ﻓﺒﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻨﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻗﺪﺭﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻻﺩّﻋﺎﺀ ﺑﺎﻟﺤﻖّ ﻓﻲ ﺳﺤﻖِ ﺧﻠﻴﻘﺘﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻷﻗﺪﺍﻡ ﺩﻭﻥ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺤﺪﻭﺩ .ﺇﻥ
ﺍﻟﻄّﺮﻳﻘﺔ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ ،ﻭﻟﻮﺿﻊ ﺣﺪّ ﻻﺩِّﻋﺎﺋﻪ ﺑﺎﻟﺴّﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻫﻲ
ﺑﺎﻟﺘﻜﻠّﻢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺑﻴﻨﺎ ﻭﺧﺎﻟﻘﻨﺎ ،ﻭﺍﻟﺴﻴّﺪ ﺍﻷﻭﺣﺪ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ،ﻷﻧﻪ ﺑﺨﻼﻑ ﺫﻟﻚ ﺳﻮﻑ ﻳﻤﻴﻞ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺇﻟﻰ
ﻓﺮﺽ ﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻪ ﻭﻣﺼﺎﻟﺤﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ.
.IIIﺳﺮ ﺍﻟﻜﻮﻥ
.76ﺇﻥ ﻛﻠﻤﺔ “ﺧﻠﻴﻘﺔ ،”ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ-ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ،ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﻓﻘﻂ ﻃﺒﻴﻌﺔ ،ﻷﻥ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤُﺤﺐ ،ّﺣﻴﺚ ﻟﻜﻞّ
ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻗﻴﻤﺔ ﻭﻣﻌﻨﻰ .ﺗُﻔﻬﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔُ ﻋﺎﺩﺓً ﻛﻨﻈﺎﻡ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻠﻴﻠﻪ ﻭﻓﻬﻤﻪ ﻭﺇﺩﺍﺭﺗﻪ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻛﻌﻄﻴﺔ
ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻳﺪ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ ،ﻛﻮﺍﻗﻊ ﺗﻨﻴﺮﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺷَﺮِﻛﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ.
.77“ﺑِﻜَﻠِﻤَﺔِ ﺍﻟﺮَّﺏِّ ﺻُﻨِﻌَﺖِ ﺍﻟﺴَّﻤَﻮﺍﺕ” )ﻣﺰ .(6 ،33ﻫﻜﺬﺍ ﻧﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺟﺎﺀ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻗﺮﺍﺭ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﺃﻭ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ
ﺍﻟﺼّﺪﻓﺔ ،ﻣﻤّﺎ ﻳﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻛﺜﺮ .ﻓﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺨﻼّﻗﺔ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺣﺮﻟﻢ ﻳﺄﺕِ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺗﻌﺴﻔﻴﺔ ،ﺃﻭ
ﺍﺳﺘﻌﺮﺍﺽ ﻗﻮﺓ ﺃﻭ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺬﺍﺕ .ﺇﻥ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻫﻮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ .ﻓﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻠّﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴّﺔ ﻟﻜﻞّ
ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ :“ﺇِﻧَّﻚَ ﺗُﺤِﺐّ ﺟَﻤﻴﻊَ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻭﻻ ﺗَﻤﻘُﺖُ ﺷَﻴﺌًﺎ ﻣِﻤَّﺎ ﺻَﻨَﻌﺖَ ﻓﺈِﻧَّﻚَ ﻟَﻮ ﺃَﺑﻐَﻀﺖَ ﺷَﻴﺌًﺎ ﻟَﻤﺎ ﻛﻮّﻧﺘَﻪ” )ﺣﻚ .(24 ،11ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ،
ﻓﻜﻞّ ﻛﺎﺋﻦ ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻋﻄﻒ ﺍﻵﺏ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻭﺣﺘﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻷﺻﻐﺮ ﺍﻟﺰﺍﺋﻠﺔ ﻫﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ
ﻣﺤﺒّﺘﻪ ،ﻭﻫﻮ ﻳﻐﻤﺮﻩ ﺑﻌﻄﻔﻪ ﺧﻼﻝ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ .ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﺎﺳﻴﻠﻴﻮﺱ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺇﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻫﻮ ﺃﻳﻀًﺎ “ﺻﻼﺡ ﺑﻼ
ﺣﺴﺎﺏ ،[44]”ﻭﺗﻜﻠّﻢ ﺩﺍﻧﺖ ﺃﻟﻴﻐﻴﻴﺮﻱ ﻋﻦ “ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮّﻙ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﻨّﺠﻮﻡ .[45]”ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻳُﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺮﺗﻔﻊ ﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺻﻮﺏ “ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺍﻟﻤﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒَّﺔ.[46]”
.78ﻗﺪ ﺃﺯﺍﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮُ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ-ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﺍﻟﻄﺎﺑﻊَ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱّ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .ﻭﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻮﻗّﻒ ﺃﺑﺪًﺍ ﻋﻦ
ﺍﻻﻋﺠﺎﺏ ﺑﻪ ﻟﺒﻬﺎﺋﻬﺎ ﻭﻟﻌﻈﻤﺘﻬﺎ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻌﺰُﻭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻃﺎﺑﻌًﺎ ﺇﻟﻬﻴًّﺎ .ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳُﺒﺮﺯ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣَﻨﺎ ﺗﺠﺎﻫﻬﺎ .ﻓﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﺔ
ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺣﺮّﻳﺔ ﻭﻣﺴﺆﻭﻟﻴّﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﺟﺐ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻗﺪﺭﺍﺗﻪ
ﺑﻬﺪﻑ ﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻪ .ﻓﻠﻮ ﺍﻋﺘﺮﻓﻨﺎ ﺑﻘﻴﻤﺔ ﻭﺑﻬﺸﺎﺷﺔ ﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﺑﺎﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻨﺎ،
ﻓﻬﺬﺍ ﺳﻴﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﻮﺿﻊِ ﺣﺪّ ﻟﻸﺳﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳّﺔ ﻟﻠﺘﻘﺪّﻡ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱّ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ .ﻓﻌﺎﻟﻢ ﻫﺶ ،ّﻣﻊ ﻛﺎﺋﻦ ﺑﺸﺮﻱ ﻗﺪ
ﺃﻭﻛﻞَ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻪ ،ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻳﺤﺚّ ﺫﻛﺎﺀَﻧﺎ ﻹﺩﺭﺍﻙ ﻛﻴﻔﻴّﺔ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺳﻠﻄﺘﻨﺎ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ﻭﺍﻟﺤﺪّ ﻣﻨﻬﺎ.
.79ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻜﺘﺸﻒ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﺍﻟﻤﺆَﻟﻒ ﻣﻦ ﺃﻧﻈﻤﺔٍ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻭﻓﻲ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ،ﺃﺷﻜﺎﻟًﺎ ﻻ

2.8 Page 18

▲back to top
18
ﺗُﺤﺼﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺎﺕ .ﻭﻳﺤﻤﻠﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻧﻔﺘﺎﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ
ﻳﻨﻤﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﺘﻄﻮﺭ .ﻓﺎﻹﻳﻤﺎﻥُ ﻳﺴﻤﺢُ ﻟﻨﺎ ﺑﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﺮّﻱ ﻟﻜﻞّ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ .ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ﺃﻥ ﺗﻘﺪّﻡ
ﻣﺴﺎﻫﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻠﺒﻴﺒﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺗﻄﻮّﺭ ﺇﻳﺠﺎﺑﻲ ،ﻛﻤﺎ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻫﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﺃﻥ ﺗﻀﻴﻒ ﺷﺮﻭﺭًﺍ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﺃﺳﺒﺎﺏ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﺗﺮﺍﺟﻊ
ﺣﻘﻴﻘﻲﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺼﻨﻊ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ﺍﻟﻤُﺜﻴﺮ ﻭﺍﻟﻤﺄﺳﺎﻭﻱ ،ّﻭﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻮّﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﺯﺩﻫﺎﺭٍ ﻟﻠﺘﺤﺮﺭ ،ﻭﺍﻟﻨﻤﻮّ ﻭﺍﻟﺨﻼﺹ
ﻭﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺳﺒﻴﻞٍ ﻟﻼﻧﺤﻄﺎﻁ ﻭﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻟﺔ .ﻟﺬﺍ ،ﻓﺈﻥ ﺗﺤﺮﻙ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻻ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ
ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﺇﻧﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺸﻜﻞٍ ﺧﺎﺹ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ “ﺣﻤﺎﻳﺔَ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥِ ﻣﻦ ﺗﺪﻣﻴﺮِ ﺫﺍﺗِﻪ.[47]”
.80ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻌﻨﺎ ﻭﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺎﻭﻧﻨﺎ ،ﻫﻮ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺨﻼﺹ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮّ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﺘﺮﻓﻪ ،ﻷﻥ “ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻳﻤﻠﻚ ﺧﻴﺎﻻ ﻻ ﺣﺪﻭﺩ ﻟﻪ ،ﺧﺎﺻًّﺎ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﻟﻬﻲ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻭﻳﺤﻞ
ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًﺍ ﻭﻋﺼﻴًﺎ .[48]”ﻓﻘﺪ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺪّ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﻠﻖ
ﻋﺎﻟﻤًﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔٍ ﺇﻟﻰ ﺗﻄﻮّﺭ ،ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﺷﺮﻭﺭًﺍ ﺃﻭ ﺃﺧﻄﺎﺭًﺍ ﺃﻭ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ،ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺟﺰﺀ
ﻣﻦ ﻣﺨﺎﺽ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ .[49]ﺇﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺆﺛّﺮ ﻋﻠﻰ
ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺧﻠﻴﻘﺘﻪ ،ﻣﻤﺎ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺃﻳﻀًﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ ﻟﻠﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻷﺭﺿﻴّﺔ .[50]ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺆﻣّﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻛﻞّ ﻛﺎﺋﻦ ﻭﻧﻤﻮّﻩ ،“ﻫﻮ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺨَﻠﻖ .[51]”ﻭﻗﺪ ﻣﻸ ﺭﻭﺡُ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻜﻮﻥَ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻴّﺎﺕ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺄﻥ ﻳﻮﻟﺪ
ﺩﺍﺋﻤَﺎ ،ﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺷﻲﺀٌ ﺟﺪﻳﺪ“ﺇﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺇﻻ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﻌﺮﻓﺔٍ ﻟﻔَﻦٍّ ﻣُﻌَﻴَّﻦ ،ﻫﻮ ﻋﻤﻠﻴًّﺎ ﺍﻟﻔﻦّ ﺍﻹﻟﻬﻲ،
ﻣﺤﻔﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﺗﺴﻴﺮ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺻﻮﺏ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﻌﻴّﻨﺔ .ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﻥ ﺻﺎﻧﻊ ﺍﻟﺴﻔﻦ ﺍﻟﺤﺮﻓﻲ ،ّﻳُﻌﻄﻲ
ﺍﻷﺧﺸﺎﺏَ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓَ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﺮّﻙِ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀِ ﻧﻔﺴِﻬﺎ ﻟﺘﺄﺧﺬَ ﺷﻜﻞَ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ.[52]”
.81ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻭﺇﻥ ﺍﻓﺘﺮﺽ ﺃﻳﻀًﺎ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺗﻄﻮّﺭﻳﺔ ،ﻳﻤﻠﻚُ ﻓﺮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺗﻄﻮّﺭ
ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ .ﻛﻞ ﻣﻨّﺎ ﻳﻤﻠﻚ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﻫﻮﻳﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ
ﻧﻔﺴﻪ .ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ،ﻭﺍﻟﺘﺪﻟﻴﻞ ،ﻭﺍﻻﺑﺪﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻨﻲ ،ﻭﻗﺪﺭﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﺮﻳﺪﺓ ،ﺗُﻈﻬﺮُ ﺍﻟﺘﻔﺮّﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻌﺪﻯ
ﺍﻟﺤﻴِّﺰ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ .ﻓﺎﻟﺘﻔﺮّﺩ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ،ﺍﻟﻤﻨﺤﺪﺭ ﻣﻦ ﺑﻈﻬﻮﺭ ﻛﺎﺋﻦ ﺷﺨﺼﻲ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺗﺪﺧّﻼ
ﻣﺒﺎﺷﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ،ﺩﻋﻮﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ “ﺃﻧﺖ” ﻭﺃﻧﺖ ﺁﺧﺮ .ﻭﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ
ﻧﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻛﺎﺋﻨًﺎ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻧﻘﺎﺻﻪ ﺃﺑﺪًﺍ ﻟﻔﺌﺔ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ.
.82ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴّﺔ ﻣﺠﺮّﺩ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ
ﺍﻟﺘﻌﺴّﻔﻲ .ﻭﺣﻴﻦ ﻳُﻨﻈَﺮُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﺭﺑﺢ ﻭﻣﻨﻔﻌﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻓﻴﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀًﺎ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .ﺇﻥ
ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺰّﺯ ﺗﻌﺴّﻒ ﺍﻷﻗﻮﻳﺎﺀ ،ﻗﺪ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﻋﺪﻡ ﻣﺴﺎﻭﺍﺓ ﻫﺎﺋﻞ ،ﻭﻇﻠﻢ ﻭﻋﻨﻒ ﺿﺪ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﻷﻥ ﻣﻠﻜﻴّﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺗﻌﻮﺩ ﻷﻭّﻝ ﻣﻦ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﻟﻤﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ :ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﺢ ﻳﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ .ﺃﻣﺎ ﻣِﺜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻨﺎﻏﻢ
ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻹﺧﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﺮﺣﻪ ﻳﺴﻮﻉ ﻓﻬﻮ ﻧﻘﻴﺾ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ،ﻭﻗﺪ ﻋﺒّﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻓﻲ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﻦ :“ﺭُﺅَﺳﺎﺀ ﺍﻷُﻣَﻢِ ﻳَﺴﻮﺩﻭﻧَﻬﺎ ،ﻭﺃَﻥَّ ﺃَﻛﺎﺑِﺮَﻫﺎ ﻳَﺘﺴﻠَّﻄﻮﻥَ ﻋﻠَﻴﻬﺎ .ﻓﻼ ﻳَﻜُﻦْ ﻫﺬﺍ ﻓﻴﻜُﻢ ،ﺑﻞ ﻣَﻦ ﺃَﺭﺍﺩَ ﺃَﻥ ﻳﻜﻮﻥَ ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻓﻴﻜُﻢ،
ﻓَﻠْﻴَﻜُﻦْ ﻟَﻜﻢ ﺧﺎﺩِﻣﺎً” )ﻣﺘﻰ .(26 – 25 ،20
.83ﺗﺠﺪ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻞﺀ ﺍﻟﻠﻪ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﻪ ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ :ﻣِﺤﻮَﺭ ﺍﻟﻨّﻀﻮﺝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ.[53]ّ
ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻀﻴﻒ ﺳﺒﺒًﺎ ﺁﺧﺮ ﻟﺮﻓﺾِ ﺃﻱ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩﻳّﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞِ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ﺍﻷﺧﺮﻯ.
ﻓﻨﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻟﻠﺨﻼﺋﻖ ﺍﻷﺧﺮﻯ .ﺧﻼﻓﺎ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﻬﻲ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺗﺘﺤﺮّﻙ ﻣﻌﻨﺎ ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻟﻨﺎ ،ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ،
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻓﻲ ﻣﻞﺀٍ ﻣﺘﻌﺎﻝ ،ٍﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢُ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢُ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﻳﻌﺎﻧﻖ ﻛﻞَّ ﺷﻲﺀ ﻭﻳﻨﻴﺮﻩ .ﻷﻥ ،ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ،
ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﻟﻤﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎﺀَ ﻭﺑﺎﻟﻤﺤﺒﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻨﺠﺬﺏ ﻟﻤﻞﺀ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﻫﻮ ﻣﺪﻋﻮّ ﺇﻟﻰ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻛﻞّ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﻟﻘﻬﺎ.
.IVﺭﺳﺎﻟﺔ ﻛﻞ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺗﻨﺎﻏﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ
.84ﺇﻥ ﺍﻹﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺈﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻫﻮ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻻ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﺴﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻟﻜﻞّ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻭﺟﻮﺩ
ﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﻋﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﺠﺪﻭﻯ .ﻓﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩّﻱ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻫﻮ ﻟﻐﺔ ﻣﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﻋﻄﻔﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻗﻴﺎﺱ ﻟﻪ .ﺍﻟﺘﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻤﻴﺎﻩ
ﻭﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ،ﻫﻲ ﻣﺪﺍﻋﺒﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻨﺎ .ﻗﺼّﺔ ﺻﺪﺍﻗﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺪﻭﺭ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻓﻲ ﺣﻴِّﺰٍ ﺟﻐﺮﺍﻓﻲ ﻳﺘﺤﻮّﻝ ﺇﻟﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﺷﺨﺼﻴّﺔ

2.9 Page 19

▲back to top
19
ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻭﻛﻞّ ﻣﻨّﺎ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﻓﻲ ﺫﺍﻛﺮﺗﻪ ﺑﺄﻣﺎﻛﻦ ﻳﺠﻠﺐ ﺗﺬﻛﺮﻫﺎ ﺇﺣﺴﺎﺳًﺎ ﺑﺎﻟﺮﺿﻰ .ﻓﺎﻟﺬﻱ ﺗﺮﻋﺮﻉَ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺃﻭ ﺟﻠﺲَ ﻓﻲ
ﺻِﻐَﺮِﻩ ﻗﺮﺏَ ﺍﻟﺠﺪﻭﻝِ ﻟﻴﺸﺮﺏ ،ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﻳﻠﻬﻮ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻲّ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻴﻢ ﻓﻴﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺸﻌﺮ ،ﺣﻴﻦ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ،
ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﻫﻮﻳّﺘﻪ.
.85ﻟﻘﺪ ﻛﺘﺐَ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﺭﺍﺋﻌًﺎ ،“ﺃﺣﺮﻓﻪ ﻫﻲ ﺃﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻐﻔﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ .[54]”ﻭﻗﺪ ﻋﺒّﺮ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺟﻴﺪًﺍ
ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﻛﻨﺪﺍ ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ ﺇﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺃﻳّﺔ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﺧﺎﺭﺝ ﺗﺠﻠّﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺬﺍ :“ﺇﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻲ ﻣﺼﺪﺭ ﺗﻌﺠّﺐ ﻭﺭﻫﺒﺔ ﺩﺍﺋﻤﻴﻦ ،ﺑﺪﺀﺍً ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺨﻼﺑﺔ ﻭﺻﻮﻟًﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﻕ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﺇﻧﻬﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﺗﺠﻞٍّ ﺇﻟﻬﻲ ﺩﺍﺋﻢ .[55]”ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ،ﻣﻦ
ﺟﻬﺘﻬﻢ ،ﺃﻣﺮًﺍ ﻣﻔﻴﺪًﺍ ﺟﺪًﺍ :“ﺇﻥ ﺍﻹﺻﻐﺎﺀ ﻟﻜﻞّ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻳﺘﻐﻨّﻰ ﺑﻨﺸﻴﺪ ﻭﺟﻮﺩﻩ ،ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺑﻔﺮﺡ ﻓﻲ ﻣﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ
ﺍﻟﺮّﺟﺎﺀ .[56]”ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﺑﺄﻥ ﻧﻜﺘﺸﻒ ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻮﺻﻠﻬﺎ
ﺇﻟﻴﻨﺎ ،ﻷﻧﻪ “ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ،ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﺑﺎﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻹﺻﻐﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎ ،ﻭﺳﻤﺎﻉ ﺻﻮﺕ ﻣُﺒﻬَﻢ ﻭﺻﺎﻣﺖ.[57]”
ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺈﻧﻪ ،“ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺱ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺠﻞٍّ ﺇﻟﻬﻲّ ﻓﻲ ﺑﺰﻭﻍ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺣﻠﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻴﻞ .[58]”ﻓﺈﻥ ﺃﻋﺎﺭَ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦُ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫَﻪ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﻠّﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮَّﻑ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺒﺎﻗﻲ
ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ :“ﺃﻧﺎ ﺃُﻋﺒِّﺮُ ﻋﻦ ﺫﺍﺗﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃُﻋﺒِّﺮُ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﺃﻧﺎ ﺃﻛﺘﺸﻒُ ﻗﺪﺳﻴّﺘﻲ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ﺣﻴﻦ ﺃﻓﻚ ﺷﻴﻔﺮﺓ ﻗﺪﺳﻴّﺔ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ.[59]”
.86ﺇﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻪ ،ﻭﺑﻌﻼﻗﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪّﺩﺓ ،ﻳُﻈﻬﺮُ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﻏﻨﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻨﻀﺐ .ﻭﻗﺪ ﻟَﻔَﺖَ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﺗﻮﻣﺎ
ﺍﻷﻛﻮﻳﻨﻲ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩَ ﺑﺤﻜﻤﺔٍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻌﺪّﺩ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮّﻉ ﻳﻨﺒﻌﺎﻥ “ﻣﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ ﺍﻷﻭﻝ” ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺎﺀ ﺃﻥ “ﻣﺎ ﻳﻨﻘﺺ ﻣِﻦ ﻛﻞَّ ﺷﻲﺀ،
ﻟﻴُﻤﺜِّﻞَ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﺍﻹﻟﻬﻲ ،ّﻳﺘﻢّ ﺗﻌﻮﻳﻀﻪ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞِ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،[60]”ﻷﻥ ﺻﻼﺣﻪ “ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺸﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻘﻂ ﺃﻥ ﻳﻤﺜّﻠﻪ
ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ .[61]”ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ،ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻓﻬﻢ ﺗﻨﻮّﻉ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺩﺍﺧﻞ ﺗﻌﺪّﺩ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ .[62]ﻟﺬﺍ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ
ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻭﻣﻌﻨﻰ ﺃﻱ ﻣﺨﻠﻮﻕ ،ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺿﻤﻦ ﻣﺠﻤﻞ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻠﻪ .ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ )ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ(
ﻳﻌﻠﻤﻪ ﻫﻜﺬﺍ :“ﺗﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ،ﺃﺭﺍﺩﻩ ﺍﻟﻠﻪ .ﻓﺎﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ،ﻭﺍﻷﺭﺯﺓ ﻭﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ،ﻭﺍﻟﻨﺴﺮ ﻭﺍﻟﺪﻭﺭﻱ :ﻣﺸﻬﺪ ﺗﻨﻮﻋﻬﺎ
ﻭﺗﺒﺎﻳﻨﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﻳﻦ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻷﻱ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﺍﻛﺘﻔﺎﺀ ﺫﺍﺗﻲ ،ﻭﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﻮﺍﺟﺪ ﺇﻻ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ،ﻛﻲ ﻳﻜﻤّﻞ ﻛﻞ
ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ.[63]”
.87ﺇﻧﻨﺎ ﺣﻴﻦ ﻧﻌﻲ ﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ،ﻳﺨﺘﺒﺮ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﺍﻟﺮّﻏﺒﺔَ ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺩﺓِ ﺍﻟﺮﺏّ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺟﻤﻴﻊ
ﺧﻼﺋﻘﻪ ،ﻭﻣﻌﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺒّﺮ ﻋﻨﻪ ﻧﺸﻴﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺍﻷﺳّﻴﺰﻱ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﺟﺪًﺍ:
“ﻛُﻦْ ﻣُﺴَﺒَّﺤﺎ ،ًﻳﺎ ﺳﻴِّﺪﻱ ،ﻣَﻊَ ﻛﻞِّ ﺧَﻼﺋِﻘِﻚ،َ
ﺧﺎﺻَّﺔً ﻣَﻊَ ﺍﻟﺴﻴِّﺪﺓِ ﺃُﺧﺘِﻨﺎ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭُ ﻭﺑﻬﺎ ﻧﺴﺘﻨﻴﺮ،
ﻭَﻫﻲَ ﺟﻤﻴﻠﺔٌ ﻭﻣﺸﻌَّﺔٌ ﻭﻋﻈﻴﻤﺔُ ﺍﻟﺒﻬﺎﺀ ،ﻭﺗُﺸﻴﺮُ ﺇﻟﻴﻚَ ﺃﻳُّﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻲ.
ﻛُﻦْ ﻣُﺴَﺒَّﺤﺎ ،ًﻳﺎ ﺳﻴِّﺪﻱ ،ﻷﺧﻴﻨﺎ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐِ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ،
ﻓَﻘَﺪْ ﻛﻮَّﻧﺘﻬﺎ ﺻَﺎﻓﻴﺔً ﺛﻤﻴﻨﺔً ﻭﺟﻤﻴﻠﺔ
ﻛُﻦْ ﻣُﺴﺒَّﺤﺎ ،ًﻳﺎ ﺳﻴِّﺪﻱ ،ﻷﺧﺘﻨﺎ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﺀِ ﻭﺍﻟﺴُﺤُﺐ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺀِ ﺍﻟﺼﺎﻓﻴﺔِ
ﻭﻟﻜﻞِّ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔِ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﺗَﺤﻔﻆُ ﺣﻴﺎﺓَ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ.
ﻛُﻦْ ﻣُﺴَﺒَّﺤﺎ ،ًﻳﺎ ﺳﻴِّﺪﻱ ،ﻷﺧﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮِ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ،ﺍﻟﻮﺿﻴﻊ ،ﺍﻟﺜﻤﻴﻦ ،ﺍﻟﻨﻘﻲ.
ﻛُﻦْ ﻣُﺴَﺒَّﺤﺎ ،ًﻳﺎ ﺳﻴِّﺪﻱ ،ﻷﺧﺘِﻨﺎ ﺍﻟﻨﺎﺭ،
ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﺗُﻨﻴﺮُ ﺍﻟﻠﻴﻞ ،َﻓﻬﻲ ﺟﻤﻴﻠﺔ ،ِﻭﻓَﺮِﺣﺔ ﻭﻗﻮﻳِّﺔ.[64]”
.88ﻟﻘﺪ ﺳﻠﻂَّ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔُ ﺍﻟﺒﺮﺍﺯﻳﻞ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔِ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺗُﺨﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻫﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺣﻀﻮﺭﻩ.
ﻓﺮﻭﺣُﻪ ﺍﻟﻤُﺤﻴﻲ ﻳﺴﻜﻦ ﻛﻞَّ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﻭﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻌﻪ .[65]ﺇﻥ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻳﺤﺜّﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﻴﺔ
“ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ .[66]”ﻟﻜﻨﻨﺎ ﺣﻴﻦ ﻧﻘﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻧﻨﺴﻰ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻻﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ
ﺗﻤﻠﻚ ﻣﻞﺀ ﺍﻟﻠﻪ .ﻭﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﻻ ﻧُﺤﺴﻦُ ﺣﺘﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ،ﻷﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﺘﺮﻑ ﺑﻤﻜﺎﻧﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻭﻗﺪ
ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻨﺎ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻬﺎ ،ﺑﻼ ﺣﻖ ،ٍّﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ،ﻓﻲ ﺿﺂﻟﺘﻬﺎ ،ﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ.

2.10 Page 20

▲back to top
20
.Vﺷَﺮِﻛﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ
.89ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺧﻼﺋﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻤﻠﻜﻴﺔ ﻻ ﻣﺎﻟﻚ ﻟﻬﺎ :“ﻷﻥَ ﻛُﻞَ ﺷﻲَﺀ ﻟَﻚَ ﺃﻳُّﻬﺎ ﺍﻟﺴّﻴﺪُ ﺍﻟﻤُﺤِﺐ ﻟِﻠﺤَﻴﺎﺓ” )ﺣﻚ .(26 ،11
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺤﻤﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ،ﺧﻼﺋﻖ ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﻟﻜﻮﻧﻨﺎ ﺧُﻠِﻘﻨﺎ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞ ﺍﻵﺏِ ﻧﻔﺴِﻪ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻣﺘّﺤﺪﻭﻥ ﺑﺮُﺑﻂٍ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺋﻴﺔ
ﻭﺃﻧﻨﺎ ﻧُﻜَﻮِّﻥ ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺓٍ ﻋﺎﻟﻤﻴّﺔ ،ﻓﻲ ﺷَﺮِﻛﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡٍ ﻣﻘﺪّﺱٍ ﻭﻣُﺤِﺐٍّ ﻭﻣﺘﻮﺍﺿﻊ .ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺫَﻛِّﺮَ ﺃﻥّ “ﺍﻟﻠﻪ
ﻗﺪ ﻭﺣّﺪﻧﺎ ﻭﺣﺪﺓً ﻭﺛﻴﻘﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤُﺤﻴﻂ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﺪّ ﺃﻥ ﺗَﺼَﺤُّﺮ ﺍﻷﺭﺽ ﻫﻮ ﺩﺍﺀ ﻳﺼﻴﺐ ﻛﻼّ ﻣﻨﺎ ،ﻭﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﻔﺠّﻊ ﻋﻠﻰ
ﺍﻧﻘﺮﺍﺽ ﻧﻮﻉ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺑُﺘِﺮ.[67]”
.90ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻭﺿﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ،ﻭﺍﻧﺘﺰﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻠﺰِﻣﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﺑﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ .ﻭﻻ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺃﻳﻀًﺎ ﺗﺄﻟﻴﻪ ﺍﻷﺭﺽ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﺤﺮﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻌﻬﺎ ﻭﻣﻦ
ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻫﺸﺎﺷﺘﻬﺎ .ﻗﺪ ﺗﺆﺩﻱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮِ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻖِ ﺍﺧﺘﻼﻻﺕٍ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻠﻬﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ .[68]ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻭﺟﻮﺩَ ﻫﺎﺟﺲٍ ﻹﻧﻜﺎﺭِ ﺃﻳّﺔ ﺃﻭﻟﻮﻳﺔ ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﻊ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﻧﻀﺎﻝٍ
ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻧﻀﺎﻝ ﻻ ﻧﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﻟﻠﺪﻓﺎﻉِ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻤﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺒﺸﺮ .ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻘﻠﻘﻨﺎ ﺃﻥ
ﺗُﻌﺎﻣﻞ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴّﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻐﻀﺒﻨﺎ ،ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ،ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺗﺎﺕ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻴﻤﺎ
ﺑﻴﻨﻨﺎ ،ﻷﻧﻨﺎ ﻣﺎ ﺯﻟﻨﺎ ﻧَﺮﺿﻰ ﺑﺄﻥ ﻳﺘﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺒﻌﺾُ ﺑﻜﺮﺍﻣﺘِﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ .ﻭﻻ ﻧﻔﻄﻦ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻌﺾَ ﻳﺮﺯﺣُﻮﻥ ﺗﺤﺖ ﻓِﻘﺮٍ ﻣﺪﻗﻊ،
ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻨﻪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺁﺧﺮﻭﻥ ،ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺼﻨﻌﻮﺍ ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ،ﻭﻳﺘﺒﺎﻫﻮﻥ ،ﺑﻐﺮﻭﺭ،
ﺑﺘﻔﻮّﻗﻬﻢ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻡ ،ﻭﻳﺘﺮﻛﻮﻥ ﻭﺭﺍﺀﻫﻢ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﺮﺗﻔﻌًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺪﺭ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺗﻌﻤﻴﻤﻪ ﺩﻭﻥ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﺍﻷﺭﺽ .ﻭﻣﺎ ﺯﻟﻨﺎ ﻧﺴﻤﺢ ﻓﻲ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﺄﻥ ﻳﺸﻌﺮ ﺍﻟﺒﻌﺾُ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺳُﻠﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﻧﻬﻢ ﻭُﻟﺪﻭﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ.
.91ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺸﻌﻮﺭٍ ﺑﻮﺣﺪﺓ ﺣﻤﻴﻤﺔ ﻣﻊ ﺑﻘﻴّﺔ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕِ ﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥَ ﺃﺻﻴﻠًﺎ ،ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ،
ﻣﻔﻌﻤًﺎ ﺑﺎﻟﻌﻄﻒِ ﻭﺍﻟﺸﻔﻘﺔِ ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡِ ﺑﺎﻟﺒﺸﺮ .ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻭﺍﺿﺤًﺎ ﻟﺪﻯ ﺷﺨﺺ ﻳﻌﻤﻞُ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻻﺗّﺠﺎﺭ ﺑﺎﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕِ
ﺍﻟﻤُﻌﺮّﺿَﺔ ﻟِﺨﻄﺮِ ﺍﻻﻧﻘﺮﺍﺽ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﻻ ﻣﺒﺎﻟﻴًﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻻﺗّﺠﺎﺭ ﺑﺎﻟﺒﺸﺮ ،ﻭﻻ ﻳﻬﺘّﻢ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺃﻭ ﻟﺪﻳﻪ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﻛﺎﺋﻦ
ﺑﺸﺮﻱ ﺁﺧﺮ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻭﻕ ﻟﻪ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﺮّﺽ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﻤﺎﻳﺔِ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺃﻥ
ﻳُﻀﻴﻒ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨّﺸﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺒّﺢ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻠﻪَ ﻣﻦ ﺃﺟﻞِ ﺧﻼﺋﻘﻪ ،ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ” :ﻛُﻦْ ﻣُﺴَﺒَّﺤﺎ ،ًﻳﺎ ﺳﻴِّﺪﻱ ،ﻟﻠّﺬﻳﻦ
ﺣُﺒًﺎ ﺑﻚ ﻳَﻐﻔُﺮﻭﻥ .”ﻛﻞّ ﺷﻲﺀٍ ﻣُﺘﺼِﻞ .ﻟﺬﺍ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﺍﻓﻖ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡُ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﺑﻤﺤﺒّﺔٍ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻟﻠﺒﺸﺮ ﻭﺑﺎﻟﺘﺰﺍﻡٍ ﻣﺴﺘﻤّﺮ ﻓﻲ
ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.
.92ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﺣﻴﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻨﻔﺘﺤًﺎ ﺣﻘّﺎ ﻋﻠﻰ ﺷَﺮِﻛﺔ ﻛَﻮﻧﻴّﺔ ،ﻓﻼ ﺷﻲﺀَ ﺃﻭ ﻻ ﺃﺣﺪٌ ﻳﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﻮّﺓ.
ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻳﻀًﺎ ،ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﺃﻥّ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﻛﺘﺮﺍﺙ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺴﻮﺓ ﺗﺠﺎﻩ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻳﻨﺘﻘﻼﻥ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ،ﺑﺸﻜﻞ
ﺃﻭ ﺑﺄﺧﺮ ،ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺑﻘﻴّﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮ .ﻓﺎﻟﻘﻠﺐ ﻫﻮ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﺍﻟﺒﺆﺱ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻤﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﺳﺎﺀﺓِ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔِ
ﺣﻴﻮﺍﻥ ﻣﺎ ،ﺳﻴﻈﻬﺮُ ﻋﺎﺟﻠًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔِ ﻣﻊ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻻﺧﺮﻳﻦ .ﺇﻥّ ﻛﻞّ ﻗﺴﻮﺓ ﺗﺠﺎﻩ ﺃﻳّﺔ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ “ﻫﻲ ﺿﺪ ﻛﺮﺍﻣﺔ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .[69]”ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺃﺷﺨﺎﺻًﺎ ﻣُﺤِﺒّﻴﻦَ ﻓﻌﻠًﺎ ،ﺇﻥ ﺍﺳﺘﺒﻌﺪﻧﺎ ﻋﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ﻗﺴﻤًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ :“ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻼﻡ،
ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ ،ﻫﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ،ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﺼﻠﻬﺎ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻛﻞّ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﺓ،
ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻣﺮّﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻻﺧﺘﺰﺍﻟﻴﺔ .[70]”ﺇﻥ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻫﻮ ﻣﺘﺮﺍﺑﻂ ،ﻭﺇﻧﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ،ﻧﺤﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ،ﻣﺘّﺤﺪﻭﻥ ﻛﺈﺧﻮﺓ
ﻭﺃﺧﻮﺍﺕ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺣﺞّ ﺭﺍﺋﻌﺔ ،ﻭﻣﺮﺗﺒﻄﻮﻥ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻨّﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻜﻞّ ﻣﻦ ﺧﻼﺋﻘﻪ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻌﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎ ،ﺑﻌﻄﻒٍ
ﻣُﺤِﺐ ،ّﻣﻊ ﺃﺧﺘﻨﺎ ﺍﻟﺸﻤﺲ ،ﻭﺃﺧﻴﻨﺎ ﺍﻟﻘﻤﺮ ،ﻭﺃﺧﻴﻨﺎ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﻭﺃﻣﻨﺎ ﺍﻷﺭﺽ.
.VIﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻠﺨﻴﺮﺍﺕ
.93ﺇﻧﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ ،ﻣﺘّﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥّ ﺍﻷﺭﺽ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺇﺭﺙ ﻣﺸﺘﺮﻙ ،ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻌﻮﺩ
ﺧﻴﺮﺍﺗُﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ .ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔُ ﺇﺧﻼﺹٍ ﺗﺠﺎﻩَ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖِ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ .ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻓﻌﻠﻰ
ﻛﻞّ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔٍ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴّﺔ ﺃﻥ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳّﺔ ﻟﻤﻦ ﻫﻢ ﺃﻗﻞ ﺣﻈًﺎ .ﻟﻬﺬﺍ،
ﻓﺈﻥ ﻣﺒﺪﺃ ﺧﻀﻮﻉ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴّﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﻠﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺨﻴﺮﺍﺕ ،ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ،َّﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ،ﻫﻮ “ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻣﻦ
ﺫﻫﺐ” ﻟﻠﺴﻠﻮﻙ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﻫﻮ “ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ .[71]”ﻓﺎﻟﺘﻘﻠﻴﺪُ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲُّ ﻟﻢ ﻳَﻌﺘَﺒِﺮ

3 Pages 21-30

▲back to top

3.1 Page 21

▲back to top
21
ﺃﺑﺪًﺍ ﺍﻟﺤﻖَّ ﺑﺎﻟﻤﻠﻜﻴّﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ﺃﻣﺮًﺍ ﻣﻄﻠﻘًﺎ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ ،ﻭﻗﺪ ﺳﻠّﻂ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪَﻭﺭِ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲّ ﻷﻱّ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ
ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴّﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ .ﻭﻗﺪ ﺫَﻛَّﺮَﻧﺎ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺣّﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺸﺪﺓ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻗﺎﺋﻠًﺎ ﺇﻥ “ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﻭَﻫَﺐَ ﺍﻷﺭﺽَ
ﻟﺠﻤﻴﻊِ ﺃﺑﻨﺎﺀِ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻟﺘُﻌﻴﻠَﻬﻢ ﻛﻠّﻬﻢ ،ﺑﺪﻭﻥ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﻷﺣﺪ .[72]“ﺇﻧﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﻌﺒّﺮﺓ ﻭﻗﻮﻳّﺔ .ﺛﻢ ﺃﻭﺿﺢ ﺃﻥ “ﺃﻱّ ﻧﻤﻮﺫﺝ
ﻣﻦ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﻨﻤﻮّ ﻻ ﻳﺤﺘﺮﻡ ﻭﻻ ﻳﻌﺰّﺯ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ،ﺍﻟﻔﺮﺩﻳّﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ،ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳّﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻷﻣﻢ
ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺟﺪﻳﺮﺍً ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ .[73]”ﻭﻓﺴّﺮ ﺑﻜﻞّ ﻭﺿﻮﺡٍ ﺃﻥ “ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻖّ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴّﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗُﻌﻠّﻢ ،ﻭﺑﻮﺿﻮﺡ ﺃﻳﻀًﺎ ،ﺑﺄﻧﻪ ﻳَﻘﻊُ ﻋﻠﻰ ﻛﻞّ ﻣﻠﻜﻴّﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺭﻫﻦ [vii]ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻛﻲ ﺗﻜﻮﻥ
ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻄﺎﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﺎ .[74]”ﻭﺃﻛﺪ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺃﻧﻪ “ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻤﻮﺡ ﺃﻥ ﺗُﺴﺘَﺨﺪَﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻄﻴّﺔ
ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻓﻘﻂ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺘﻮﺍﻓﻖ ﻭﺗﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ .[75]”ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻀﻊ ﻓﻲ ﺟﺪﻝ ﺟﺪّﻱ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ
ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﺔ ﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ.[76]
.94ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻭﺍﻟﻐﻨﻲّ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺫﺍﺗﻬﺎ ،ﻷﻥ “ﺍﻟﺮَّﺏّ ﺻَﻨَﻊَ ﻛِﻠَﻴﻬﻤﺎ” )ﻣﺜﻞ ،(2 ،22“ﺍﻟﺼَّﻐﻴﺮ ﻭﺍﻟﻜَﺒﻴﺮ ﻫﻮ ﺻَﻨَﻌَﻬﻤﺎ” )ﺣﻚ ،(7 ،6
ﻭﻫﻮ “ﻳُﻄﻠِﻊُ ﺷَﻤْﺴَﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷَﺷﺮﺍﺭِ ﻭﺍﻷَﺧﻴﺎﺭ” )ﻣﺘﻰ .(45 ،5ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻪ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﻋﻤﻠﻴﺔ ،ﻛﺘﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻠﻦ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ
ﺍﻟﺒﺎﺭﺍﻏﻮﺍﻱ :“ﻟﻜﻞّ ﻣﺰﺍﺭﻉ ﺍﻟﺤﻖُّ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻓﻲ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺑﻴﺘﻪ ،ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ
ﺇﻋﺎﻟﺔ ﺍﺳﺮﺗﻪ ﻭﺍﻣﺘﻼﻙ ﺃﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩﻩ .ﻳﺠﺐ ﺿﻤﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻖّ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﻭَﻫﻤﻴًّﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﻭﺍﻗﻌﻴًّﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻧﻪ
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴّﺔ ،ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﻜّﻦ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ ،ﻭﻗﺮﻭﺽ ﻭﺗﺄﻣﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﻮﺻﻮﻝ
ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ.[77]”
.95ﺍﻟﺒﻴﺌﺔُ ﻫﻲ ﻣِﻠْﻚٌ ﻋﺎﻡ ،ﻭﺇﺭﺙٌ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳّﺔ ﺑﺄﺳﺮِﻫﺎ ﻭﻫﻲ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴّﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻓﻤَﻦْ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﻓﻘﻂ ﻹﺩﺍﺭﺗﻪ ﻟﺼﺎﻟﺢ
ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻧﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺤﻤّﻞُ ﺿﻤﻴﺮَﻧﺎ ﺛﻘﻞ ﺍﻟﺘّﻨﻜّﺮ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ .ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺗﺴﺎﺀﻝ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﻧﻴﻮﺯﻳﻠﻨﺪﺍ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ
ﻭﺻﻴّﺔ »ﻻ ﺗﻘﺘﻞ« ﻋﻨﺪﻣﺎ “ﻳﺴﺘﻬﻠﻚُ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺌﺔ ﻣﻦ ﺳﻜّﺎﻥِ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩَ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﺴﺮﻗﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝَ
ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ،ﻭﺍﻷﺟﻴﺎﻝَ ﺍﻵﺗﻴﺔ ،ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎﺟﻪ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.[78]”
.VIIﻧﻈﺮﺓ ﻳﺴﻮﻉ
.96ﻳﺘﺒﻨﻰ ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥَ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻲ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻭﻳﺴﻠّﻂ ﺍﻟﻀﻮﺀَ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮٍ ﺟﻮﻫﺮﻱ :ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺁﺏ )ﺭﺍ .ﻣﺘﻰ .(25 ،11ﻭﻗﺪ
ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻮﻉ ،ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭﺍﺗﻪ ﻣﻊ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ،ﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻷﺑﻮﻳﺔ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ،ﻭﻳﺬﻛّﺮﻫﻢ ،ﺑﻌﻄﻒ
ﻣﺆﺛﺮ ،ﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻲ ﺛﻤﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻪ :“ﺃَﻣﺎ ﻳُﺒﺎﻉُ ﺧَﻤﺴَﺔُ ﻋَﺼﺎﻓﻴﺮَ ﺑِﻔَﻠﺴَﻴْﻦ ،ﻭﻣَﻊَ ﺫﻟﻚَ ﻓﻤﺎ ﻣِﻨﻬﺎ ﻭﺍﺣِﺪٌ ﻳَﻨﺴﺎﻩُ
ﺍﻟﻠﻪ” )ﻟﻮ .(6 ،12“ﺃُﻧﻈُﺮُﻭﺍ ﺇِﻟﻰ ﻃُﻴﻮﺭِ ﺍﻟﺴَّﻤﺎﺀِ ﻛَﻴﻒَ ﻻ ﺗَﺰﺭَﻉُ ﻭﻻ ﺗَﺤﺼُﺪُ ﻭﻻ ﺗَﺨﺰُﻥُ ﻓﻲ ﺍﻷَﻫﺮﺍﺀ ،ﻭﺃَﺑﻮﻛُﻢُ ﺍﻟﺴَّﻤﺎﻭﻱُّ ﻳَﺮﺯُﻗُﻬﺎ”
)ﻣﺘﻰ .(26 ،6
.97ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺮﺏّ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﻟﻠﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺍﺻﻞ
ﻣﺴﺘﻤﺮّ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻳُﻌﻴﺮُﻫﺎ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫًﺎ ﻣِﻠﺆﻩ ﺍﻟﻌﻄﻒ ﻭﺍﻻﻧﺪﻫﺎﺵ .ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺗﺠﻮّﻟﻪ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﺭﻛﻦ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺃﺭﺿﻪ ،ﻛﺎﻥ
ﻳﺘﻮﻗّﻒ ﻟﻠﺘﺄﻣّﻞ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺮﺳﻪ ﺃﺑﻮﻩ ،ﻭﻳﺪﻋﻮ ﺍﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﻻﻛﺘﺸﺎﻑ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ :“ﺍِﺭﻓَﻌﻮﺍ ﻋُﻴﻮﻧَﻜﻢ
ﻭﺍﻧﻈُﺮﻭﺍ ﺇِﻟﻰ ﺍﻟﺤُﻘُﻮﻝ ،ﻓﻘَﺪِ ﺍﺑْﻴَﻀَّﺖ ﻟِﻠﺤَﺼﺎﺩ” )ﻳﻮ .(35 ،4“ﻣَﺜَﻞ ُ ﻣَﻠَﻜﻮﺕِ ﺍﻟﺴَّﻤَﻮﺍﺕِ ﻛَﻤَﺜَﻞِ ﺣَﺒَّﺔِ ﺧَﺮﺩَﻝ ﺃَﺧﺬَﻫﺎ ﺭَﺟُﻞٌ ﻓَﺰﺭﻋَﻬﺎ
ﻓﻲ ﺣَﻘﻠِﻪ .ﻫﻲَ ﺃَﺻﻐَﺮُ ﺍﻟﺒُﺰﻭﺭِ ﻛُﻠِّﻬﺎ ،ﻓﺈِﺫﺍ ﻧَﻤَﺖ ﻛﺎﻧَﺖ ﺃَﻛﺒَﺮَ ﺍﻟﺒُﻘﻮﻝ ،ﺑﻞ ﺻﺎﺭَﺕ ﺷَﺠَﺮَﺓً” )ﻣﺘﻰ .(32 – 31 ،13
.98ﻟﻘﺪ ﻋﺎﺵ ﻳﺴﻮﻉ ﺑﺘﻨﺎﻏﻢ ﺗﺎﻡ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺜﻴﺮ ﺩﻫﺸﺔ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ :“ﻣَﻦ ﻫﺬﺍ ﺣﺘَّﻰ ﺗُﻄﻴﻌَﻪ ﺍﻟﺮِّﻳﺎﺡُ ﻭﺍﻟﺒَﺤﺮ؟”
)ﻣﺘﻰ .(27 ،8ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺒﺪﻭ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻧﺎﺳﻚ ﻣﻨﻌﺰﻝٌ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﻭ ﻋﺪﻭٌّ ﻟﻸﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻤﺘﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ .ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺆﻛّﺪ،
ﻣﺸﻴﺮًﺍ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ :“ﺟﺎﺀَ ﺍﺑﻦُ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥِ ﻳَﺄَﻛُﻞُ ﻭﻳَﺸﺮﺏَ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ :ﻫُﻮَﺫﺍ ﺭَﺟُﻞٌ ﺃَﻛﻮﻝٌ ﺷِﺮِّﻳﺐٌ ﻟِﻠْﺨَﻤْﺮِ” )ﻣﺘﻰ .(19 ،11ﻭﻗﺪ ﺍﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ
ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻘﺮ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩّﺓ ﻭﺃﻣﻮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ،ﻗﺪ ﺃﺛّﺮﺕ ﺗﺄﺛﻴﺮًﺍ ﻭﺍﺿﺤًﺎ ﻓﻲ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻔﻜّﺮﻳﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻴﻦ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ،ﻭﺷﻮّﻫﺖ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ .ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻮﻉ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻴﺪﻩ ،ﺑﺎﺗﺼﺎﻝٍ ﻳﻮﻣﻲّ ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ
ﻛﻲ ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺷﻜﻠًﺎ ﺑﻔﻀﻞ ﻣﻬﺎﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺤﺮﻓﻴﺔ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤُﻠﻔِﺖُ ﻟﻠﻨَّﻈَﺮ ﺃﻧّﻪ ﻛﺮّﺱ ﻣُﻌﻈﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ،ﻋﺒﺮ ﺣﻴﺎﺓ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻻ ﺗﺜﻴﺮ
ﺃﻱ ﺇﻋﺠﺎﺏ :“ﺃَﻟَﻴﺲَ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨَّﺠَّﺎﺭ ﺍﺑﻦَ ﻣَﺮﻳَﻢ؟” )ﻣﺮ .(3 ،6ﻟﻘﺪ ﻗَﺪَّﺱَ ﺍﻟﻌﻤﻞَ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄّﺮﻳﻘَﺔ ﻭﺃﻋﻄﺎﻩُ ﻗﻴﻤﺔً ﺧﺎﺻّﺔً ﻣﻦ ﺃﺟﻞِ
ﻧﻀﻮﺟِﻨﺎ .ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨّﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳُﻌَﻠِّﻢ “ﺃﻥّ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،َﺑِﺘَﺤَﻤُّﻠﻪ ﻋﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﺗﺤﺎﺩٍ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢِ ﺍﻟﻤﺼﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻨﺎ،

3.2 Page 22

▲back to top
22
ﻳﺘﻌﺎﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮٍ ﻣﺎ ﻣﻊ ﺍﺑﻦِ ﺍﻟﻠﻪِ ﻓﻲ ﻓﺪﺍﺀِ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ.[79]”
.99ﺇﻥ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔِ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ ،ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲّ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ،ﻳﻤﺮّ ﻋﺒﺮ ﺳﺮّ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺀ :“ﻛُﻞُّ ﺷﻲَﺀٍ
ﺧُﻠِﻖَ ﺑِﻪ ﻭﻟَﻪ” )ﻗﻮﻝ .[80](16 ،1ﻭﺗُﻈﻬِﺮُ ﻣﻘﺪّﻣﺔُ ﺇﻧﺠﻴﻞ ﻳﻮﺣﻨﺎ (18-1 ،1)ﻋﻤﻞَ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺍﻟﻤُﺒﺪِﻉ ﻛﻜﻠﻤﺔِ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻮﺟﻮﺱ
.(Logos)ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺪّﻣﺔ ﺗﻔﺎﺟﺊ ﺑﺘﺄﻛﻴﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ “ﺻﺎﺭ ﺑَﺸﺮًﺍ” )ﻳﻮ .(14 ،1ﻟﻘﺪ ﺩﺧﻞَ ﺃﺣﺪُ ﺃﻗﺎﻧﻴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ
ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ،ﻣﺸﺎﺭﻛًﺎ ﺇﻳﺎﻩ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﺣﺘّﻰ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ .ﻓﻤﻦ ﺑﺪﺀِ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﺑَﺪﺀًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺴّﺪ ،ﻳَﻌﻤَﻞُ ﺳﺮُّ
ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ،ِﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺧﻔﻴّﺔ ،ﻓﻲ ﻣُﺠﻤَﻞِ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊِ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻹﺿﺮﺍﺭ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻪ.
.100ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻬﺪَ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪِ ﻻ ﻳُﺨﺒِﺮُﻧﺎ ﻓﻘﻂ ﻋﻦ ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻷﺭﺿﻲّ ﻭﻋﻦ ﻋﻼﻗَﺘِﻪِ ﺍﻟﻤَﻠﻤﻮﺳَﺔ ﻭﺍﻟﻤُﺤِﺒَّﺔ ﺟِﺪًّﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳُﻈﻬِﺮُﻩُ
ﺃﻳﻀًﺎ ﻗﺎﺋِﻤًﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻦِ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﻭﻣُﻤَﺠَّﺪًﺍ ،ﻭﺣﺎﺿﺮًﺍ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﺑِﺴﻴﺎﺩﺗِﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻮﻥ .“ﻓﻘَﺪ ﺣَﺴُﻦَ ﻟَﺪﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﺃَﻥ ﻳَﺤِﻞَّ ﺑِﻪ
ﺍﻟﻜَﻤﺎﻝُ ﻛُﻠُّﻪ .ﻭﺃَﻥ ﻳُﺼﺎﻟِﺢَ ﺑِﻪ ﻭﻣِﻦ ﺃَﺟﻠِﻪ ﻛُﻞَّ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻣِﻤَّﺎ ﻓﻲ ﺍﻷَﺭْﺽِ ﻭﻣِﻤَّﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴَّﻤَﻮﺍﺕ ﻭﻗَﺪ ﺣَﻘَّﻖَ ﺍﻟﺴَّﻼﻡَ ﺑِﺪَﻡِ ﺻَﻠﻴﺒِﻪ”
)ﻗﻮﻝ .(20 – 19 ،1ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻨﻘﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻴﺴﻠﻢ “ﺍﻻﺑﻦ” ﺇﻟﻰ “ﺍﻵﺏ” ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﻟِﻴﻜﻮﻥَ ﻫﻜﺬﺍ “ﺍﻟﻠّﻪ
ﻛُﻞّ ﺷَﻲﺀٍ ﻓﻲ ﻛُﻞِّ ﺷﻲَﺀ” 1)ﻗﻮﺭ .(28 ،15ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻭﺍﻗﻊ ﻃﺒﻴﻌﻲ
ﺑﺤﺖ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﻳﻐﻤﺮﻫﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﺮّﻳﺔ ﻭﻳﻘﻮﺩﻫﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﺼﻴﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻻﻣﺘﻼﺀ .ﻓﺰﻫﻮﺭ ﺍﻟﺤﻘﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺍﻟﻄﻴﻮﺭ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﻣّﻠَﻬﺎ ﺑﺈﻋﺠﺎﺏ ،ﺑﻌﻴﻮﻧﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﻗﺪ ﺍﻣﺘﻸﺕ ﺍﻵﻥ ﻣﻦ ﺣﻀﻮﺭﻩ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮ.
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ
ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻟﻸﺯﻣﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ
.101ﺇﻥ ﻛﻨّﺎ ﻻ ﻧُﺪﺭﻙ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱّ ﻟﻸﺯﻣﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴّﺔ ،ﻓﻼ ﺟﺪﻭﻯ ﻣﻦ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻭﺻﻒ ﺍﻷﻋﺮﺍﺽ .ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺳﻠﻮﺏٌ ﻣﻨﺤﺮﻑٌ ﻓﻲ
ﻓﻬﻢِ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓِ ﻭﺍﻟﺘﺼﺮّﻑ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ّﻭﻫﻮ ﻳﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻹﺿﺮﺍﺭ ﺇﻟﻴﻪ .ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻨﻌﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺮﻳﺚ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ
ﺍﻷﻣﺮ؟ ﻟﺬﺍ ﺃﻗﺘﺮﺡ ﺃﻥ ﻧﺮﻛّﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘّﻠﻪ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﻧﺸﺎﻃﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ.
.Iﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ :ﺇﺑﺪﺍﻉ ﻭﺳﻠﻄﺔ
.102ﻟﻘﺪ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺟﺪﻳﺪ ،ﺗﻀﻌُﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺳُﻠﻄَﺔ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺘﺮﻕِ ﻃﺮﻕ .ﻧﺤﻦ ﻭﺭﺛﺔ ﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﻮﺟﺎﺕ
ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ :ﺍﻵﻟﺔ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻳّﺔ ،ﺍﻟﺴّﻜﻚ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪﻳّﺔ ،ﺍﻟﺘﻠﻐﺮﺍﻑ ،ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ ،ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ،ﺍﻟﻄﻴّﺎﺭﺍﺕ ،ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ
ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴّﺔ ،ﺍﻟﻄّﺐ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴّﺔ ﻭﻣﺆﺧﺮًﺍ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﻗﻤﻴّﺔ ،(digital)ﻭﺍﻟﺮﻭﺑﻮﺗﻴّﺎﺕ ،(robotics)ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳّﺔ
ﻭﺍﻟﻨﺎﻧﻮﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ .ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﺃﻥ ﻧﻔﺮﺡ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟّﺘﻘﺪﻡ ﻭﺃﻥ ﻧﺘﺤﻤّﺲ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴّﺎﺕ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﺤﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺪّﺍﺕ
ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺻﻠﺔ ،ﻷﻥ “ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻫﻤﺎ ﺛﻤﺮﺓ ﺭﺍﺋﻌﺔ ﻟﻺﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱّ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﻄﻴّﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ .[81]”ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ
ﻷﻏﺮﺍﺽٍ ﻣﻔﻴﺪﺓ ﻫﻮ ﺳﻤﺔ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﺕ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱّ ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺎﺗﻪ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴّﺔ “ﺗُﻌﺮِﺏُ ﻋﻦ ﺍﻟﺴّﻌﻲ ﺍﻟﻜﺎﻣِﻦِ ﻓﻲ
ﺭﻭﺡ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔِ ﻟﻠﺘﻐﻠُّﺐِ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺠﻲّ ﻋﻠﻰ ﻇﺮﻭﻑٍ ﻣﺎﺩﻳﺔٍ ﻣُﻌﻴّﻨﺔ .[82]”ﻟﻘﺪ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻋﻼﺟًﺎ ﻟﻌﺪﺩٍ ﻻ ﻳُﺤﺼﻰ ﻣﻦَ
ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺫﻱ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﺗُﺤِﺪّﻩ .ﻭﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻧﻘﺪِّﺭ ﻭﻧﺜﻤِّﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪّﻡ ﺍﻟﻤُﺤﻘﻖ ،ﺑﺎﻷﺧﺺ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻄّﺐ،
ﻭﺍﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﻭﺍﻻﺗّﺼﺎﻻﺕ .ﻭﻛﻴﻒ ﻟﻨﺎ ﺃﻻَّ ﻧﻌﺘﺮﻑ ﺑﻜﻞ ﺟﻬﻮﺩ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴّﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﺟﺪﻭﺍ ﺑﺪﺍﺋﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻨﻤﻴﺔ
ﻣﺴﺘﺪﺍﻣﺔ؟
.103ﺑﺈﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ-ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﺍﻟﻤﻮﺟّﻬﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﻴّﺪﺓ ،ﺃﻥ ﺗﻨﺘﺞ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺛﻤﻴﻨﺔ ﺣﻘًّﺎ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﻧﻮﻋﻴّﺔ
ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ّﺑﺪﺀًﺍ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﻴّﺔ ﺍﻟﻤﻔﻴﺪﺓ ﻭﺻﻮﻟًﺎ ﺇﻟﻰ ﻭﺳﺎﺋِﻞ ﺍﻟﻨّﻘﻞ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﺠﺴﻮﺭ ﻭﺍﻷﺑﻨﻴﺔ ﻭﺍﻷﻣﺎﻛﻦ
ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ؛ ﺇﻧﻬﺎ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﺃﻳﻀًﺎ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﺞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﻤﻴﻞ ﻭﺃﻥ ﻳﻨﻘﻞ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﺍﻟﻐﺎﺭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻧﺤﻮ “ﻗﻔﺰﺓ” ﺇﻟﻰ
ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ .ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺟﻤﺎﻝ ﻃﺎﺋﺮﺓ ﺃﻭ ﺑﻌﺾ ﻧﺎﻃﺤﺎﺕ ﺍﻟﺴﺤﺎﺏ؟ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻟﻮﺣﺎﺕ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴّﺔ ﺛﻤﻴﻨﺔ ﺃُﺑﺪِﻋَﺖ
ﺑﻔﻀﻞ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺗﻘﻨﻴّﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ .ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺘﺤﻘﻖ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﻕ ﻟﻠﺠﻤﺎﻝ ،ﻭﻓﻲ ﻣَﻦْ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﺑﺬﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ،ﺍﻟﻘﻔﺰﺓ
ﻧﺤﻮ ﻣﻞﺀٍ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲ.ٍّ

3.3 Page 23

▲back to top
23
.104ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻨﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺘﺠﺎﻫﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳّﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴّﺔ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺤﻤﺾ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱviii]]
((DNAﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﻨﺎ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴّﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺣﻘﻘﻨﺎﻫﺎ ،ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻨﺎ ﺳُﻠﻄَﺔً ﻣﺮﻋﺒﺔ .ﺑﻞ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ،ﺗﻤﻨﺢ ﺑﺎﻷﺧﺺ ﻷﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ
ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻻﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ،ﻫﻴﻤﻨﺔً ﺭﻫﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻞ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮﻩ .ﻟﻢ ﻳﻜﻦ
ﻟﻠﺒﺸﺮﻳّﺔ ﻗﻂّ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﺍﺗﻬﺎ ،ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻳﻀﻤﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﺳﻮﻑ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﻴّﺪﺓ؛ ﺑﺎﻷﺧﺺ ﺇﻥ ﺃﺧﺬﻧﺎ
ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻛﻴﻒ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﺣﺎﻟﻴًّﺎ .ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻧﺘﺬﻛّﺮ ﺍﻟﻘﻨﺎﺑﻞ ﺍﻟﺬﺭّﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃُﻟﻘِﻴَﺖ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺳِﻂِ ﺍﻟﻘﺮﻥِ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ،ﺃﻭ
ﺍﻻﺳﺘﻌﺮﺍﺽ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﻀﺨﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻔﺎﺧﺮﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﺯﻳﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻭﺃﻧﻈﻤﺔٌ ﺷﻤﻮﻟﻴﺔٌ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺇﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ
ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﻨﺴﻰ ﺃﻥ ﺣﺮﻭﺏ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﺘﻤﺘّﻊ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﻫﻲ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺘﻜًﺎ .ﻓﺒﻴﻦ ﺃﻳﺪﻱ ﻣَﻦ ﺗﻮﺟَﺪُ ﻛﻞُّ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻭﻷﻳﺪﻱ ﻣَﻦْ ﻗﺪ ﺗَﺼِﻞ؟ ﺇﻧﻪ ﻟﺨﻄﺮ ﺭﻫﻴﺐ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺍﺟﺪ ﻓﻲ ﺟﺰﺀ ﺻﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ.
.105ﻫﻨﺎﻙ ﻣَﻴﻞٌ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻥ “ﻛﻞّ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺗُﺸﻜّﻞ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺗَﻘَﺪُّﻣًﺎ ﻓﻲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ
ﻭﺍﻟﺮﻓﺎﻩ ﻭﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ،[83]”ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺤﻖ ﺗﻨﺒﻊ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴًّﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺫﺍﺗﻬﺎ.
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻫﻮ ﺃﻥ “ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺇﻋﺪﺍﺩﻩ ﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺴّﻠﻄﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ،[84]”ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻤﻮّ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲّ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ
ﻟﻢ ﻳُﺮﺍﻓﻘﻪ ﻧﻤﻮّ ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴّﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﻀﻤﻴﺮ .ﻭﻳﻤﻴﻞ ﻛﻞّ ﻋﺼﺮٍ ﺇﻟﻰ ﺗﻨﻤﻴﺔِ ﻭﻋﻲٍ ﺫﺍﺗﻲ ﺿﻌﻴﻒ
ﺑﻀﺂﻟﺔ ﻣﺤﺪﻭﺩﻳّﺘﻪ .ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴّﺒﺐ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺸﻌﺮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺨﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﺪّﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍﺟﻬﺎﻫﺎ ،ﻭ”ﺑﺎﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺘﺰﺍﻳﺪ
ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡٍ ﺳﻲّﺀٍ ﻟﺴُﻠﻄَﺘِﻪِ” ﻋﻨﺪﻣﺎ “ﻻ ﺗﺘﻮﺍﺟﺪ ﺃﻳّﺔُ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺤﺮّﻳﺔ ،ﺑﻞ ﺣﺎﺟﺎﺕٌ ﻣﺰﻋﻮﻣﺔ :ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ
ﻭﺍﻷﻣﻦ .[85]”ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻟﻴﺲ ﻣﺴﺘﻘﻼّ ﺗﻤﺎﻣًﺎ؛ ﻭﺣﺮﻳﺘﻪ ﺗﻌﺘﻞ ﺣﻴﻦ ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻠﻘﻮﻯ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ ﻟﻼﻭﻋﻲ ،ﻭﻟﻠﻀﺮﻭﺭﺍﺕ
ﺍﻟﻔﻮﺭﻳﺔ ،ﻭﻟﻸﻧﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﻟﻠﻌﻨﻒ ﺍﻟﻮﺣﺸﻲ .ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﻳﺒﻘﻰ ﻋﺎﺭﻳًﺎ ،ﻭﺃﻋﺰﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﺧﻄﺮ ﺳﻠﻄﺘﻪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺗﺘﺰﺍﻳﺪ،
ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻀﺒﻄﻬﺎ .ﻗﺪ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻟﺪﻳﻪ ﺁﻟﻴّﺎﺕ ﺳﻄﺤﻴّﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺈﻧﻪ ﻳﻔﺘﻘﺮ ﻷﺧﻼﻗﻴّﺎﺕ ﻣﺘﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ،ﻭﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺗﺮﺳﻢ ﻟﻪ ﺣﺪﻭﺩﺍ ﻭﺗﺒﻘﻴﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔِ ﺗﺤﻜﻢ ﺟﻠﻲ ﺑﺬﺍﺗﻪ.
.IIﻋﻮﻟﻤﺔ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮﺍﻃﻲ
.106ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴّﺔ ﻫﻲ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘًﺎ :ﻫﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻭﻧﻤﻮّﻫﺎ،
ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﻓﻖ ﻣﻊ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻣﺘﺠﺎﻧﺲ ﻭﺃﺣﺎﺩﻱ ﺍﻟﺒُﻌﺪ .ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ،ﻳُﺴﻠَّﻂ ﺍﻟﻀﻮﺀُ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡٍ ﻟﻠﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ،ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ
ﺗﺪﺭﻳﺠﻴًّﺎ ﺍﻟﺸﻲﺀَ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲّ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﻤﻠُﻜُﻪ ،ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻴﺔ-ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺈﺭﺳﺎﺀ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ّﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺘﺒﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ،ﻭﺑﻮﺿﻮﺡ ،ﺗﻘﻨﻴﺔ ﻟﻼﻣﺘﻼﻙِ ﻭﻟﻠﺘﺴﻠﻂِ ﻭﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ .ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ
ﺃﻣﺎﻡ ﻭﺍﻗﻊٍ ﻣﻨﻘﻮﺹ ،ﻭﻣﺴﺘﻌﺪّ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻷﻥ ﻧﺘﻼﻋﺐ ﺑﻪ .ﻟﻘﺪ ﺗﺪﺧّﻞ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺗﺪﺧّﻠﻪ
ﻛﺎﻥ ،ﻭﻟﻤﺪّﺓٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻳﺘﻤﻴّﺰ ﺑﺼﻔﺔ ﺍﻟﻤﺮﺍﻓﻘﺔ ،ﻭﺑﺎﻟﺨﻀﻮﻉ ﻟﻺﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕِ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺫﺍﺗﻬﺎ .ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺗﻠﻘّﻴًﺎ ﻟﻤﺎ
ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﺴﺘﻌﻄﻲ .ﺃﻣﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ،ﺇﻥ ﻣﺎ ﻳﻬﻢّ ﻫﻮ ﺍﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ
ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﺎﻫﻞ ﺃﻭ ﻧﺴﻴﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺫﺍﺗﻪ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ .ﻟﻬﺬﺍ ﻓﻘﺪ
ﺗﻮﻗّﻔﺖ ﺍﻟﻤﺼﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﻮﺩّﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﻭﺃﺻﺒﺤﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ،ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ .ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺘﻢّ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ
ﻭﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻨﻤﻮّ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻲ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻤّﺴﺖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ .ﺇﻥ
ﻫﺬﺍ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﺮ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻲ ﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﺩ ﺇﻟﻰ “ﺍﺑﺘﺰﺍﺯﻫﺎ” ﺣﺘﻰ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﻭﺇﻟﻰ ﻣﺎ
ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻟﻤﺴﻤﻮﺡ ﺑﻪ .ﺇﻧﻪ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽَ ﺍﻟﺰﺍﺋﻒ ﺑﺄﻧّﻪ “ﻳﻮﺟﺪ ﻛﻤّﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ
ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ،ﻭﺑﺄﻥ ﺗﺠﺪّﺩﻫﺎ ﺍﻟﻔﻮﺭﻱ ﻫﻮ ﻣﻤﻜﻦ ،ﻭﺑﺄﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺘﻼﻋﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ.[86]”
.107ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﺃﻥ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﻋﺐ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻫﻮ ﻗﺒﻞ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﺍﻟﻤﻴﻞ ،ﺍﻟﻼﺷﻌﻮﺭﻱّ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ،
ﻹﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴّﺔ ﻭﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ-ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺑﺤﺴﺐ ﻧﻤﻮﺫﺝَ ﻓﻬﻢٍ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﺑﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻭﺑﻤﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .ﺇﻥ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﻄﺒﻴﻖ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﻋﻠﻰ ﻛﻞّ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ٍﺍﻟﺒﺸﺮﻱّ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ،ﻳﻤﻜﻦ ﺭﺅﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﻻَّ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﻼﺧﺘﺰﺍﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺷﺘّﻰ ﺃﺑﻌﺎﺩﻫﻤﺎ .ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻻﻗﺮﺍﺭ ﺑﺄﻥ ﻣﻨﺘﺠﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺤﺎﻳﺪﺓ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺨﻠﻖ
ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺎﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻓﺌﺎﺕ ﻣﺤﺪﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ.

3.4 Page 24

▲back to top
24
ﻓﺒﻌﺾ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪﻭ ﻣﻮَّﺟَﻬﺔً ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻫﻲ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺧﻴﺎﺭﺍﺕ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﻤﻂ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻨﻮﻱ ﺃﻥ ﻧﻄﻮّﺭﻩ.
.108ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺪﻋﻢ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﻭﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻛﻤﺠﺮّﺩ ﺃﺩﺍﺓ ﻭﺣﺴﺐ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮﺍﻃﻲ
ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻬﻴﻤﻨًﺎ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺟﺪّﺍ ﺍﻟﺘﺨﻠّﻲ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺻﻌﺐ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻣﻮﺍﺭﺩﻩ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻟﻤﻨﻄﻘﻪ.
ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ “ﻏﻴﺮﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ” ﺃﻥ ﻧﺨﺘﺎﺭ ﻧﻮﻉ ﺣﻴﺎﺓٍ ﺫﺍ ﺃﻫﺪﺍﻑٍ ﻣﺴﺘﻘﻠّﺔ ،ﻭﻟﻮ ﻗﻠﻴﻠًﺎ ،ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴّﺔ ﻭﻋﻦ ﺗﻜﺎﻟﻴﻔﻬﺎ ﻭﻋﻦ ﺳﻠﻄﺘﻬﺎ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮﻟﻢ ﻭﺗﺴﺤﻖ .ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺗﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﻡ ﺗﺮﻙ ﺷﻲﺀ ﺧﺎﺭﺝ ﻣﻨﻄﻘﻬﺎ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪﻱ ،“ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ
ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻳﻌﺮﻑ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻼﺕ ،ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻻ ﺑﺎﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﺮّﻓﺎﻩ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺑﺎﻟﺴّﻠﻄﺔ؛ ﺑِﻜُﻞِّ ﻣﺎ
ﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ .[87]”ﻟﻬﺬﺍ “ﻓﻬﻮ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﺤﻜّﻢ ﻓﻲ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ.[88]”ّ
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗَﻀﻌﻒ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓُ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ،ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺃﺻﺎﻟﺔ ،ﻭﺣﻴِّﺰ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺎﻷﻓﺮﺍﺩ.
.109ﻳﻤﻴﻞُ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝُ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮﺍﻃﻲ ﺃﻳﻀًﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺳﻠﻄﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ .ﻓﺎﻻﻗﺘﺼﺎﺩُ ﻳﺘﺒﻨّﻰ ﻛﻞَّ ﺗﻄﻮّﺭٍ
ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲّ ﻭﻓﻘًﺎ ﻟﻠﺮﺑﺢ ،ﺩﻭﻥ ﺇﻋﺎﺭﺓ ﺃﻱ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﻟﻠﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ .ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗَﺨﻨﻖ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩَ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ .ﺇﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﺄﺧﺬ ﺑﻌﺪ ﻋﺒﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻭﻧﺴﺘﻮﻋﺐ ﺑﺒﻂﺀ ﻛﺒﻴﺮ ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ .ﻳُﻘﺎﻝ ﻓﻲ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﺇﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩَ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺳﻴﺠﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻢّ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ،ﺑﻠﻐﺔٍ ﻏﻴﺮ
ﺃﻛﺎﺩﻳﻤﻴّﺔ ،ﺑﺄﻥ ﻣﺸﺎﻛﻞَ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﺒﺆﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺳﺘﺠﺪ ﻭﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺣﻠﻮﻻ ﺑﻨﻤﻮّ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ .ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ
ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳّﺔ ،ﻗﺪ ﻻ ﻳﺠﺮﺅ ﺃﺣﺪٌ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﺇﻧﻤﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻮﻏﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻄﻮّﺭ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲّ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ .ﻓﺎﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺆﻳّﺪﻭﻧﻪ
ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ،ﻳﺆﻳّﺪﻭﻧﻪ ﺑﺎﻷﻓﻌﺎﻝ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺒﺪﻭﻥ ﻣﻬﻤﻮﻣﻴﻦ ﺑﺤﺠﻢِ ﺇﻧﺘﺎﺝٍ ﺳﻠﻴﻢ ،ﻭﺑﺘﻮﺯﻳﻊٍ ﺃﻓﻀﻞ ﻟﻠﺜﺮﻭﺍﺕ ،ﻭﺑﻌﻨﺎﻳﺔٍ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ،
ﻭﺑﺤﻘﻮﻕِ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝِ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ .ﺇﻧﻬﻢ ﻳﻌﺒّﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺼﺮّﻓﺎﺗﻬﻢ ﻋﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻮﺻّﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺑﺎﺡ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ،ﻭﻫﺬﺍ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻳﻜﻔﻲ .ﻟﻜﻦَّ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﻳﻀﻤﻦ ﺍﻟﻨﻤﻮّ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱّ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﻤﺎﺳﻚ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .[89]ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ
ﻧﻔﺴﻪ ،ﻧﺴﺠّﻞ “ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮّﺭ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲّ ﺍﻟﺨﺎﺭﻕ ﻭﺍﻟﻤﺒﺪّﺩ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻨﺎﻗﺾ ،ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ،ﻣﻊ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ
ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻪ ،[90]”ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺑﻨﺎﺀ
ﻗﻨﻮﺍﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻸﻛﺜﺮ ﻓﻘﺮًﺍ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﻠﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴّﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﺘﻈّﻤﺔ .ﺇﻧّﻨﺎ ﻟﻢ ﻧُﻌِﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﺠﺬﻭﺭ
ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻟﻼﺧﺘﻼﻻﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴّﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺘﻮﺟّﻪ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﻏﺎﻳﺎﺗﻪ ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ ﻭﺳﻴﺎﻗﻪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ.
.110ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺨﺼُّﺺَ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﺑﺤﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﻳﻔﺮﺽ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻟﺮﺅﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ .ﻓﺘﺠﺰﺋﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔِ ﺗﺤﻘﻖ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ
ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﺩ ﻟﻔﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ،
ﻭﻟﻸﻓﻖ ﺍﻷﻭﺳﻊ ،ﻓﻴُﻀﺤﻰ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺑﻐﻴﺮ ﺫﻱ ﻗﻴﻤﺔ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﺤﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﻳﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﻃﺮﻕ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﺤﻞ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ
ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪًﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺑﺎﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﺔ
ﻧﻈﺮ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﻭﻓﻘًﺎ ﻟﻨﻮﻉ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ .ﻓﻌﻠﻢ ﻳﺪّﻋﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢَ ﺣﻠﻮﻝٍ ﻟﻠﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﻀﻊ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺴﺒﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻠﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻟﻜﻦَّ
ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻙ ﻳﺼﻌﺐ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻤﻀﻲ ﺑﻬﺎ ﻗُﺪﻣًﺎ .ﻟﻬﺬﺍ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻖٍ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔٍ
ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ .ﻓﺘﻀﺤﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﺠﺮﺩ ﺭﺿﻮﺥ ﻟﻠﻈﺮﻭﻑِ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴّﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻛﺎﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ
ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻠﻤﻮﺱ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺜﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ،ﺗﻈﻬﺮ ﺃﻋﺮﺍﺽٌ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺪﻝّ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺨﻄﺄ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﺮﺩّﻱ
ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺃﻭ ﻓﻘﺪﺍﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻌﻴﺶ ﺳﻮﻳًّﺎ .ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻧﺮﻯ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻥ “ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻫﻮ ﺃﻫﻢّ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ.[91]”
.111ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﺼﺮ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﻮﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﺟﻠﺔ ﻭﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ
ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ،ﻭﻧﻔﺎﺫ ﺍﻟﻤﺨﺰﻭﻧﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻠﻮﺙ .ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﻈﺮﺓ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻓﻜﺮ ،ﻭﺳﻴﺎﺳﺔ ،ﻭﻣﻨﻬﺞ ﺗﻌﻠﻴﻤﻲ،
ﻭﻧﻤﻂ ﺣﻴﺎﺓ ﻭﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮﺍﻃﻲ .ﺧﻼﻓًﺎ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ،ﺣﺘﻰ ﺃﻓﻀﻞ
ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ ﺑﺎﻟﺴﻘﻮﻁ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ .ﻓﺎﻟﺒﺤﺚ ﻓﻘﻂ ﻋﻦ ﻋﻼﺝ ﺗﻘﻨﻲ ،ﻛﻠﻤﺎ ﺑﺮﺯﺕ ﻣﺸﻜﻠﺔ
ﺑﻴﺌﻴﺔ ،ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺃﻣﻮﺭ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺘﺼﻠﺔ ،ﻭﺇﺧﻔﺎﺀ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻷﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘًﺎ.
.112ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻣﻤﻜﻨًﺎ ،ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﺑﺴﻂ ﺭﺅﻳﺔ ﺭﺣﺒﺔ ﻣﺠﺪﺩًﺍ ،ﻓﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻊ ﺣﺪﻭﺩ ﻟﻠﺘﻘﻨﻴﺔ،
ﻭﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﺑﻬﺎ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻧﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ،ﺃﻛﺜﺮ ﺳﻮﻳّﺔ ،ًﻭﺃﻛﺜﺮ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺷﻤﻮﻻ.

3.5 Page 25

▲back to top
25
ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮﺍﻃﻲ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ .ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺨﺘﺎﺭ
ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺻﻐﺎﺭ ﺍﻟﻤُﻨﺘِﺠﻴﻦَ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺗﺼﻨﻴﻊ ﺃﻗَﻞّ ﺗﻠﻮﻳﺜًﺎ ،ﺩﺍﻋﻤﺔً ﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺣﻴﺎﺓ ﻭﺗﻌﺎﻳﺶ ﻭﺳﻌﺎﺩﺓ ﻏﻴﺮ ﺍﺳﺘﻬﻼﻛﻲﺃﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﻳﺘﻢ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻧﺤﻮ ﺣﻞ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺍﻟﻤﻠﻤﻮﺳﺔ ،ﺑﺈﻟﺘﺰﺍﻡٍ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺑﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ
ﻭﺑﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﺃﻗﻞ .ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺠﺢ ﺍﻷﺑﺤﺎﺙ ﺍﻟﺨﻼّﻗﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻝ ﻭﻟﺘﺄﻣﻠﻪ ،ﺑﺘﺨﻄﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤُﻮَﺿِّﻌَﺔ ،ﻓﻲ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻼﺹ،
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﺑﻪ .ﺇﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮّ ﻟﺼﻴﻐﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﺗﺒﺪﻭ ﻣﺴﺘﻐﺮﻗﺔ
ﻓﻲ ﺧِﻀَﻢّ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓِ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻏﻴﺮ ﻣُﺪْﺭَﻙ ،ٍﻛﺎﻟﻀﺒﺎﺏ ﺍﻟﺬّﻱ ﻳﺘﺴﺮّﺏ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﺑﺎﺏ ﻣﻐﻠﻖ .ﻓﻬﻞ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻭﻋﺪًﺍ
ﺩﺍﺋﻤًﺎ ،ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻣﺘﺪﻓﻘًﺎ ﻛﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻋﻨﻴﺪﺓ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺻﻴﻞ؟
.113ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻳﺒﺪﻭ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺍﻵﻥ ﻭﻛﺄﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺳﻌﻴﺪ ،ﻭﻻ ﻳﺜﻘﻮﻥ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻋﻤﻰ ﺑﻐﺪ ﺃﻓﻀﻞ ،ﺍﻋﺘﻤﺎﺩًﺍ
ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ .ﻫﻨﺎﻙ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺑﺄﻥ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ
ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ،ﻭﺷﻌﻮﺭ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺳﻌﻴﺪ ﻫﻲ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻟﻜﻨﻬﻢ ،ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻻ ﻳﺘﺼﻮّﺭﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ .ﻟﻘﺪ ﺗﻐﻴﺮﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺗﻐﻴﺮﺍ ﻋﻤﻴﻘًﺎ ،ﻭﺃﺩَّﻯ ﺗﺮﺍﻛﻢ
ﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﻫﺮﻭﺏٍ ﻳَﺠُﺮُّﻧﺎ ،ﻓﻲ ﺍﺗﺠﺎﻩٍ ﻭﺍﺣﺪ ،ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴّﺔ .ﻭﻗﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﺻﻌﺒًﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﻮﻗﻒ ﻻﺳﺘﺮﺟﺎﻉ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ .ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﺗﻌﻜﺲ ﺭﻭﺡَ ﻋﺼﺮٍ ﻣﻌﻴّﻦ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻼﻗﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺍﻟﻤﺘﺴﻠﺴﻠﺔ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ
ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤُﻌَﻮﻟَﻤَﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮﺓ ﻟﻠﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﺗﺘﺤﺪ ﺑﻀﺠﺮ ﺛﻘﻴﻞ .ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻻ ﻧﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻬﺬﺍ ،ﻭﺃﻻ ﻧﺘﺨﻠّﻰ ﻋﻦ
ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﺣﻮﻝ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ .ﺧﻼﻓًﺎ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻀﻔﻲ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﻭﺳﻨﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻞ ﻟﺘﺤﻤّﻞ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ.
.114ﺇﻥ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﺍﻵﻥ ﻳﻀﻌُﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﻤﻠﺤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﻓﻲ ﺛﻮﺭﺓ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺷﺠﺎﻋﺔ .ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻟﻴﺴﺎ
ﺣﻴﺎﺩﻳﻴﻦ ،ﺑﻞ ﻭﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻤﺎ ،ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺎ ﻭﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ ،ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻧﻮﺍﻳﺎ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺸﻜّﻞ ﺑﻄﺮﻕ
ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﺪٍ ﻳﺪّﻋﻲ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺠﺮﻱ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪَّ ﻣﻦ ﺇﺑﻄﺎﺀ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻟﺴﻴﺮ ،ﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ
ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﺟﻤﻊ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻣﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﻴّﻢ ﻭﺍﻷﻫﺪﺍﻑِ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺩﻣﺮﻫﺎ ﺟﻨﻮﻥ ﺍﻟﻌﻈﻤﺔ.
.IIIﺃﺯﻣﺔ ﻭﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻴﺔ [ix]ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ
.115ﻟﻘﺪ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻨﺎﻗﺺ ،ﺇﻟﻰ ﺗﻐﻠﻴﺐ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ “ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻛﻘﺎﻧﻮﻥ ﺻﺎﻟﺢ ،ﻭﻻ ﻛﻤﻠﺠﺄ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ .ﺑﻞ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﻋﻤﻠﻴًّﺎ ،ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺃﻳﺔ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ،
ﻛﻤﻜﺎﻥ ﻭﻛﻤﺎﺩﺓ ﻳﺤﻘﻖ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻋﻤﻼ ﻣﺎ ،ﻗﺪ ﻳﻀﻊ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻻﻛﺘﺮﺍﺙ ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺠﻢ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ .[92]”ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻜﻞ ،ﻳﺘﻢ
ﺗﻘﻠﻴﺺ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ .ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻣﺠﺪﺩﺍ ،ﻓﻬﻮ ﻟﻦ ﻳﻔﻬﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ
ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻭﺳﻴﻨﺘﻬﻰ ﺑﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﻭﺍﻗﻌﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ .“ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺍﻷﺭﺽ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻫﺒﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪُ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ
ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻣﻠﺘﺰﻣًﺎ ﺑﺎﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﻭﻫِﺒﺖْ ﻟﻪ؛ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭُﻫِﺐَ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻟﺬﺍ ﻓﻌَﻠَﻴﻪِ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ
ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻭﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺼﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ.[93]”
.116ﻟُﻮﺣﻆ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﺗﺤﺖ ﺃﻗﻨﻌﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺗﻬﺪﺩ ﺃﻳّﺔ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ
ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻭﺃﻳﺔ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﺍﻷﻭﺍﺻﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺣﺎﻥَ ﺍﻟﻮﻗﺖُ ﻟﻼﻧﺘﺒﺎﻩ ﻣﺠﺪﺩّﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺑﺎﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻔﺮِﺿُﻬﺎ،
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗُﺸﻜِّﻞُ ﺑِﺪﻭﺭِﻫﺎ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔَ ﺗﻄﻮﺭٍ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲّ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲّ ﺃﻛﺜﺮَ ﻣﺘﺎﻧﺔً ﻭﺧﺼﻮﺑﺔﻟﻘﺪ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﻏﻴﺮُ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ
ﻟﻸﻧﺘﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﺪﻋﻢِ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺧﺎﻃﺊ ﺑﺸﺄﻥ ﻋﻼﻗﺔِ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻭﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣﺎ ﺗﻢ ﺗﻨﺎﻗﻞ ﺣﻠﻢ ﺑﺮﻭﻣﻮﺗﻲx]]
((prometheanﺑﺎﻟﺴﻴﻄﺮﺓِ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﺃﻧﺘﺞ ﺍﻧﻄﺒﺎﻋًﺎ ﺑﺄﻥ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ .ﺑﻴﻨﻤﺎ
ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻛﺴﻴّﺪِ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺑﻤﻌﻨﻲ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﻤُﺪﺑﺮ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ.[94]
.117ﺇﻥ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻘﻴﺎﺱ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺃُﻟﺤِﻘَﺖ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﻟﻠﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ،ﻫﻮ ﻓﻘﻂ ﺍﻻﻧﻌﻜﺎﺱ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﻟﻌﺪﻡ

3.6 Page 26

▲back to top
26
ﺍﻻﻛﺘﺮﺍﺙ ﺑﺈﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻔﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻧﻔﻄﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺫﺍﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ
ﻓﻘﻴﺮ ،ﻭﺟﻨﻴﻦ ﺑﺸﺮﻱ ،ﻭﺷﺨﺺ ﻣُﻌﺎﻕ- ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻓﻘﻂ ،-ﻓﺴﻴﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺍﻹﺻﻐﺎﺀ ﻟﺼﺮﺧﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ
ﻧﻔﺴﻬﺎ .ﺇﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻫﻮ ﻣﺘّﺼﻞ .ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻋﻠﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺃﻧﻪ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻳُﻨﺼِّﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺎﻛِﻤًﺎ ﻣُﻄﻠﻘًﺎ ،ﻓﺈﻥ
ﺃﺳﺎﺱ ﻭﺟﻮﺩِﻩ ﺫﺍﺗﻪ ﻳﻨﻬﺎﺭ ،ﻷﻧﻪ “ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻛﻤﻌﺎﻭﻥ ﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺨﻠﻖ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻀﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﺘﺴﺒﺐ
ﺑﻬﺬﺍ ﺑﺘﻤﺮﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ.[95]”
.118ﻳﺤﻤﻠﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻧﻔﺼﺎﻡ ﺩﺍﺋﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺘﻤﺠﻴﺪ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺘﺮﻑ ﺑﺎﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﺒﻘﻴﺔ
ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ،ﻭﺻﻮﻻ ﺇﻟﻰ ﺭﺩﺓ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﻲ ﻛﻞ ﻗﻴﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ .ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻏﻔﺎﻝ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻭﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ
ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺑﺪﻭﻥ ﻛﺎﺋﻦ ﺑﺸﺮﻱ ﺟﺪﻳﺪ .ﻭﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻧﺘﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﻼﺋﻤﺔ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ
ﻳُﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﺠﺮﺩ ﻛﺎﺋﻦ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ،ﻭﻟﻴﺪًﺍ ﻟﻠﻌﺒﺔ ﺍﻟﺼﺪﻓﺔ ﺃﻭ ﻧﺘﺎﺟًﺎ ﻟﻠﺤﺘﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ،“ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺨﺎﻃﺮ ﺑﺈﺿﻌﺎﻑ
ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ .[96]”ﻓﻼ ﻳﺠﺐ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﺃﻧﺜﺮﻭﺑﻴﺔ ﻣﻨﺤﺮﻓﺔ ﺃﻥ ﺗﺘﺮﻙ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ “ﺍﻟﺒﻴﻮﺳﻨﺘﺮﻳﺰﻡ ،[xi]”ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺍﺧﺘﻼﻝ ﺁﺧﺮ ،ﻟﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺣﻞ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺳﻴﺰﻳﺪﻫﺎ ﺗﻌﻘﻴﺪﺍ .
ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺑﺈﻟﺘﺰﺍﻡ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻘﺪﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ
ﻭﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ.
.119ﺇﻥ ﺍﻧﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺤﺮﻓﺔ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻀﻊ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ .ﻓﺈﺫﺍ
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﻋﻦ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻟﻠﺤﺪﺍﺛﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ
ﺃﻥ ﻧﺘﻮﻗﻊ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺑﻨﺎﺀِ ﻋﻼﻗَﺘﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺩﻭﻥَ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳُﻄﺎﻟﺐ
ﺍﻟﻔﻜﺮُ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲُّ ﺑﺈﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻗﻴﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻔﻮﻕ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ،ﻓﻬﻮ ﻳﻌﻄﻲ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻜﻞ ﺷﺨﺺ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲ،
ﻭﻳﺤﻔﺰ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑَ ﺑﺎﻵﺧﺮ .ﺇﻥ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ “ﺃﻧﺖ” ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﻭﺃﻥ ﻳﺤﺐ ﻭﺃﻥ ﻳﺘﺤﺎﻭﺭ ،ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻨُﺒﻞ ﺍﻷﻋﻈﻢ
ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ .ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ،ﻛﻲ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ،ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﻹﺿﻌﺎﻑ ﺑُﻌﺪِ
ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻻ ﺣﺘﻰ ﺑُﻌﺪﻩ ﺍﻟﺴﺎﻣﻲ ،ﺃﻱ ﺍﻧﻔﺘﺎﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـ”ﺃﻧﺖ” ﺍﻻﻟﻬﻲ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﻋﻼﻗﺔ
ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺗُﻐﻔَﻞ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ .ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻧﺰﻋﺔً ﻓﺮﺩﻳﺔً ﺭﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ،ًﻣﺘﻨﻜّﺮﺓ ﻓﻲ ﺯﻱّ
ﺟﻤﺎﻝٍ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﺑﻞ ﻭﺍﻧﻐﻼﻗًﺎ ﺧﺎﻧﻘًﺎ ﻟﻠﺬﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻳﺜﺔ.[xii]
.120ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻫﻮ ﻣﺘﺼﻞ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺗﺒﺮﻳﺮ ﺍﻹﺟﻬﺎﺽ .ﻓﻼ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻣﺮًﺍ ﻋﻤﻠﻴًّﺎ
ﺍﻧﺘﻬﺎﺝ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻳﻀﺎﻳﻘﻮﻧﻨﺎ ﺃﻭ ﻳﺰﻋﺠﻮﻧﻨﺎ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻧﻘﺪﻡ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﻠﺠﻨﻴﻦ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺠﻴﺌُﻪ ﺳﻴﺴﺒﺐ ﻣﻀﺎﻳﻘﺎﺕ ﻭﺻﻌﻮﺑﺎﺕ :“ﺇﻥ ﻓُﻘِﺪَ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱُ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺗﺠﺎﻩَ ﺗﻘﺒُّﻞ ﺣﻴﺎﺓٍ
ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ٍﺟﻔَّﺖْ ﺃﺷﻜﺎﻝٌ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺣﻴﺐِ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻧﺎﻓﻊٌ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓِ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.[97]”
.121ﻳﺒﻘﻰ ﺃﻣﺮ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺻﻴﻐﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﺘﺨﻄّﻰ ﺍﻟﺠﺪﻟﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺰﻳّﻔﺔ ﻟﻠﻘﺮﻭﻥ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺮﻗﺐ .ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ،
ﺑﺒﻘﺎﺋﻬﺎ ﺃﻣﻴﻨﺔ ﻟﻬﻮﻳﺘﻬﺎ ﻭﻟﻜﻨﺰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﻠﻤﺘﻪ ﻣﻦ ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﺗﻌﻴﺪ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻣﺠﺪﺩًﺍ
ﻋﻦ ﺫﺍﺗﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ،ﺳﺎﻣِﺤَﺔً ﻫﻜﺬﺍ ﻟﺠﺪﻳﺪﻫﺎ ﺍﻷﺑﺪﻱ ﺑﺄﻥ ﻳﺴﻄﻊ ﺩﺍﺋﻤﺎ.[98]
ﺍﻟﻨﺴﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ
.122ﺗﺆﺩﻱ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺤﺮﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻧﻤﻂ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﻨﺤﺮﻑ .ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻨﺴﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻼﻧﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴّﺰ ﻋﺼﺮﻧﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ “ﺃﺧﻄﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﻳﺔ .[99]”ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻧﻔﺴَﻪ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ،ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺈﻋﻄﺎﺀ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻟﻤﺼﺎﻟﺤﻪ ﺍﻟﻈﺮﻓﻴﺔ ،ﻭﻳﺼﺒﺢ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻧﺴﺒﻴًّﺎ .ﻟﻬﺬﺍ ،ﻳﺠﺐ ﺃﻻ ﻧﻨﺪﻫﺶ
ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻄﻮَّﺭ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ،ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻄﺎﻏﻲ ﻟﻠﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ
ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺨﺪﻡ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﻮﺭﻳﺔ ﻳﺼﺒﺢ ﺑﻼ ﻗﻴﻤﺔ .ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﻣﻨﻄﻖ ﻳﺴﻤﺢُ ﺑِﻔﻬﻢِ ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻐﺬّﻯ ،ﺑﺼﻮﺭﺓ
ﻣﺘﺒﺎﺩﻟﺔ ،ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒُ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺍﻟﻤﺴﺒﺒﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺲِ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺑﺎﻟﺘﺮﺩّﻱ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ.

3.7 Page 27

▲back to top
27
.123ﺇﻥ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻮﻳﺔ ﻫﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻓﻊ ﺷﺨﺼًﺎ ﻻﺳﺘﻐﻼﻝِ ﺷﺨﺺٍ ﺁﺧﺮ ،ﻭﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺘِﻪِ ﻛﻤﺠﺮّﺩِ ﺷﻲﺀ ،ﻣُﺠﺒِﺮًﺍ
ﺇﻳﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎﻝٍ ﺷﺎﻗﺔ ،ﺃﻭ ﻣﺤﻮِّﻻ ﺇﻳﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﺪٍ ﺑﺴﺒﺐ ﺩَﻳﻦٍ ﻣﺎ .ﺇﻧﻪ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻓﻊ ﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺟﻨﺴﻴًّﺎ،
ﻭﻟﻬﺠﺮ ﺍﻟﻤﺴﻨﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺨﺪﻣﻮﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ .ﻫﻮ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻤَﻦْ ﻳﺆﻛﺪ :“ﻟﻨﺪﻉ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﺴﻮﻕ
ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ ﺗﻨﻈّﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﻷﻥ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻲ ﺃﺿﺮﺍﺭ ﻻ ﻣﻔﺮّ ﻣﻨﻬﺎ .”ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻘﺎﺋﻖ
ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻭﻣﺒﺎﺩﺉ ﺛﺎﺑﺘﺔ ،ﺗﺘﺨﻄﻰ ﺇﺭﺿﺎﺀ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﺤﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻔﻮﺭﻳﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﺪﻭﺩ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺤﺪ ﺃﺑﺪًﺍ ﻣﻦ
ﺍﻻﺗﺠﺎﺭ ﺑﺎﻟﺒﺸﺮ ،ﻭﻣﻦ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺟﺮﺍﻡ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺗﻬﺮﻳﺐ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﺑﺎﻷﻟﻤﺎﺱ ﻭﺟﻠﻮﺩ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ
ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ ﺍﻻﻧﻘﺮﺍﺽ؟ ﺃﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻋﻴﻨﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺮَّﺭُ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺑﻬﺪﻑ ﺍﻹﺗِّﺠﺎﺭ ﺑﻬﺎ ﺃﻭ
ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟِﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝِ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻠﺒﻮﻥ ﺭﻏﺒﺔ ﺃﻫﻠﻬﻢ؟ ﺇﻧﻪ ﻧﻔﺲ ﻣﻨﻄﻖ »ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻭﺍﺭﻡِ« ﺍﻟﺬﻱ
ﻳُﻨﺘﺞ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮَ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﻟﻤﺠﺮﺩ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﺍﻟﻤﻨﺤﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﻘًﺎ ﺿﺮﻭﺭﻱ .ﻟﺬﺍ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻥ
ﺍﻟﺒﺮﺍﻣﺞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻭ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻤﻨﻊ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤُﻀﺮّﺓ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺎﺏ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔُ ﺑﺎﻟﻔﺴﺎﺩ،
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺼﺒﺢ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭﻳﻦ ﺑﻌﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻱ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﺑﺄﻱ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﻓﺈﻥ
ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺳﺘﻌﺘﺒﺮ ﻛﺸﺮﻭﻁٍ ﻣﻔﺮﻭﺿﺔ ﻭﺗﻌﺴﻔﻴﺔ ﻭﻛﻌﻘﺒﺎﺕ ﻳﺠﺐ ﺗﺠﻨﺒﻬﺎ.
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ
.124ﻓﻲ ﺃﻱ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﻻ ﺗﺴﺘﺜﻨﻲ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻻ ﺑﺪّ ﻣﻦ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ،ﻭﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻗﺪ ﺗﻄﺮﻕ
ﻟﻪ ﺑﺤﻜﻤﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ .(Laborem Exercens)ﻟﻨﺬﻛﺮ ﺃﻥ
ﺍﻟﻠﻪ ،ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ ﻟﻠﺨﻠﻖ ،ﻗﺪ ﻭﺿﻊَ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺧﻠﻘﻬﺎ ﻟﻠﺘﻮ)ﺭﺍ .ﺗﻚ ،(15 ،2ﻟﻴﺲ
ﻓﻘﻂ ﻛﻲ ﻳﺮﻋﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ )ﻳﺤﺮﺱ ،(ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻟﻴﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﻓﻴﻌﻄﻲ ﺛﻤﺎﺭًﺍ )ﻳﺤﺮﺙ .(ﻫﻜﺬﺍ ﺍﻟﻌُﻤﺎﻝُ ﻭﺍﻟﺤﺮﻓﻴﻮﻥ “ﻳُﺜَﺒَﺘﻮﻥ
ﺍﻟﺨَﻠﻴﻘَﺔَ ﺍﻷَﺑَﺪِﻳَّﺔ” )ﺳﻲ .(34 ،38ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱّ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺘﻄﻮّﺭ ﻣﺘﺰﻥ ﻟﻠﺨﻠﻴﻘﺔ ،ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻣُﻼﺋﻤﺔً
ﻟﺮﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ،ﻷﻧﻪ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻨﺎ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻟﻠﻪ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ :“ﺍﻟﺮَّﺏُّ ﺃَﺧﺮَﺝ ﺍﻷَﺩﻭِﻳَﺔَ ﻣِﻦَ
ﺍﻷَﺭﺽ ﻭﺍﻟﺮَّﺟُﻞُ ﺍﻟﻔَﻄِﻦُ ﻻ ﻳَﺴﺘَﺨِﻒُّ ﺑﻬﺎ” )ﺳﻲ .(4 ،38
.125ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ،ﺗﻈﻬﺮ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ
ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺻﺤﻴﺢ ﻟﻠﻌﻤﻞ ،ﻷﻧﻨﺎ ،ﺇﺫﺍ ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻳﻄﺮﺡ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ
ﻭﻫﺪﻑ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ .ﻭﻫﻨﺎ ﻻ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻓﻘﻂ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻴﺪﻭﻱ ﺃﻭ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﻦ
ﺃﻱ ﻧﺸﺎﻁ ﻳﺆﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ،ﻣﻦ ﺍﻹﻋﺪﺍﺩ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﺘﻄﻮﺭ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ.
ﻓﺄﻱ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺃﻭ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﻴﻤﻬﺎ ﻣﻊ
ﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ .ﺇﻥ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔَ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ،َﺟﻨﺒًﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ ﺍﻻﻧﺪﻫﺎﺵ ﺍﻟﺘﺄﻣﻠﻲ ﺑﺎﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺠﺪﻩ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ
ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺍﻷﺳﻴﺰﻱ ،ﻗﺪ ﻃﻮّﺭَﺕ ﻓﻬﻤًﺎ ﻏﻨﻴًّﺎ ﻭﺻﺎﻟﺤًﺎ ﻟﻠﻌﻤﻞ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺮﺍﻩ ،ﻣﺜﻼ ،ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻄﻮﺑﺎﻭﻱ ﺷﺎﺭﻝ ﺩﻱ ﻓﻮﻛﻮ
(Charles de Foucauld)ﻭﺗﻼﻣﻴﺬﻩ.
.126ﻟﻨﻘﻄﻒ ﺷﻴﺌًﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﺮﻫﺒﺎﻧﻲ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ .ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﻟﺠﺄﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓُ ﺍﻟﺮﻫﺒﺎﻧﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ،
ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻺﻓﻼﺕ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺤﻄﺎﻁ ﺍﻟﺤﻀﺮﻱ .ﻟﻬﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﻫﺒﺎﻥ ﻳﺒﺤﺜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺮﻳﺔ ،ﻣﻘﺘﻨﻌﻴﻦ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ
ﻟﻠﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﻠﻪ .ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻨﺪﻛﺘُﺲ ﺍﻟﻨﻴﺮﺳﻲ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﺭﻫﺒﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ،ﺭﺍﺑﻄﻴﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻴﺪﻭﻱ “ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻭﻋﻤﻞ” .(Ora et labora)ﺛﻢَّ ﺗﺒﻴّﻦ ﺃﻥ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻴﺪﻭﻱ ،ﻭﻗﺪ ﺗﺸﺮَّﺏ ﻣﻌﻨﻰً
ﺭﻭﺣﻴّﺎ ،ﻛﺎﻥ ﺃﻣﺮًﺍ ﺛﻮﺭﻳًّﺎ .ﻓﻘﺪ ﻋﻠّﻢ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺰﺍﻭﺝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ .ﺇﻥ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻟﻌﻴﺶ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺗﺠﻌﻠُﻨﺎ ﺃﻛﺜﺮَ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫًﺎ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻣًﺎ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ ﻭﺗُﺨﺼِﺐُ ﻋﻼﻗﺘَﻨﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻘﻨﺎﻋﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ.
.127ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻭﻗُﻠﻨَﺎ ﺇﻥ “ﺍﻹﻧﺴﺎﻥَ ﻫﻮ ﻣﺆﻟﻒ ﻭﻣﺮﻛﺰ ﻭﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ .[100]”ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ
ﺫﻟﻚ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻘﺪ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ،ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﻨﺸﺄ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﻼﺋﻤﺔ ﻛﻲ ﻳﺘﻢ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﻣﻌﻨﻰ
ﺍﻟﻌﻤﻞ .[101]ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﻴﺪ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺗﺬﻛّﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻫﻮ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ،“ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﺎﻣﻞ

3.8 Page 28

▲back to top
28
ﺗﺤﺴﻦٍ ﻟﺮﺧﺎﺋﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻭﺗﻘﺪﻣﻪ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ،ﻭﺗﻔﺘﺤﻪ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ .[102]”ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻲ
ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩ ،ﺣﻴﺚ ﺗﻮﺿَﻊُ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤِﺤَﻚّ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ :ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ،ﻭﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻭﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ،ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺔ
ﺍﻟﻘﻴﻢ ،ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻭﻣﻮﻗﻒ ﻋﺒﺎﺩﺓ .ﻟﻬﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﻭﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ
ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ ﻟﻠﺸﺮﻛﺎﺕ ﻭﻋﻦ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎﺵ ،ﻳﺠﺐ “ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺻَﻞَ ﺍﻟﺴﻌﻲ ،ُﻛﺄﻭﻟﻮﻳﺔ ،ٍﺑﻬﺪﻑِ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﻞَ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊُ
ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺹِ ﺍﻟﻌﻤﻞ.[103]”ِ
.128ﺇﻧﻨﺎ ﻣﺪﻋﻮﻭﻥ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﺧُﻠِﻘﻨﺎ .ﻓﻼ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻻﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ :ﻷﻧﻪ
ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﺘُﺪﻣﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔُ ﻧﻔﺴَّﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴِّﻬﺎ .ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻫﻮ ﺿﺮﻭﺭﺓ ،ﺇﻧﻪ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﻫﻮ ﺩﺭﺏ
ﻟﻠﻨﻀﻮﺝ ﻭﻟﻠﺘﻄﻮّﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻭﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺬﺍﺕ .ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺑﺎﻟﻤﺎﻝ ﻋﻼﺟًﺎ ﻣﺆﻗﺘﺎ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ
ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻄﺎﺭﺋﺔ .ﺍﻟﻤﻘﺼﺪُ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﻬﻢ ﺑﺄﻥ ﻳﻌﻴﺸﻮﺍ ﺑﻜﺮﺍﻣﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻤﻞ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺗﻮﺟّﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻗﺪ ﻋﺰّﺯ
ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪّﻡ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻤﻮﻇّﻔﻴﻦ ،ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻢ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻟﻬﻢ
ﺑﺎﻵﻻﺕ .ﺇﻧﻪ ﻣﺜﺎﻝ ﺁﺧﺮ ﻳُﻈﻬﺮ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻧﻔﺴﻪ .ﺇﻥ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒِ ﻟﻪ “ﺃﺛﺮٌ
ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱٌّ ﺳﻠﺒﻲ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝِ ﺍﻟﺘﺂﻛﻞِ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺠﻲ ﻟـ “ﺭﺃﺱِ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،”ﺃﻱ ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔِ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕِ ﺍﻟﻤﺒﻨﻴﺔِ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻘﺔِ
ﻭﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ،ِﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻡِ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪِ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻜﻞِّ ﺗﻌﺎﻳﺶٍ ﻣﺪﻧﻲ .[104]”ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻛﺪ ﺃﻥ “ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒُ
ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔٌ ﻭﺍﻹﺧﻔﺎﻕُ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒَ ﺑﺸﺮﻳﺔ .[105]”ٍﺇﻥ ﺍﻟﺘﻮﻗّﻒ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺑﻬﺪﻑ
ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﺮﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻮﺭﻱّ ﻫﻮ ﺻﻔﻘﺔ ﺭﺩﻳﺌﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ.
.129ﻛﻲ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻣﻤﻜﻨﺎ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻓﺮﺹ ﻋﻤﻞ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩٍ ﻳﺸﺠّﻊُ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮّﻉ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻌﻲ .ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞِ
ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻨﻮّﻉٌ ﻛﺒﻴﺮٌ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔِ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ،ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﺤﺠﻢ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺆﻣّﻦُ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀَ ﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔِ ﺳﻜّﺎﻥِ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ،
ﻣُﺴﺘَﻐﻠﺔ ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﻣﻨﺘﺠﺔ ﻧﻔﺎﻳﺎﺕ ﺃﻗﻞ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﻗﻄﻊ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺤﺪﺍﺋﻖ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﺪ ﻭﻓﻲ ﺟﻨﻲ ﻣﻨﺘﺠﺎﺕ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ،ﻭﺻﻴﺪ ﺍﻷﺳﻤﺎﻙ ﺍﻟﺤﺮﻓﻲ .ﺇﻥ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻌﺔ ،[xiii]ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ
ﻓﻲ ﻗﻄﺎﻉ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ،ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺈﺭﻏﺎﻡ ﺻﻐﺎﺭ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻊ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﻢ ﺃﻭ ﻫﺠﺮ ﻃﺮﻕ ﺯﺭﺍﻋﺘﻬﻢ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ .ﻭﻗﺪ ﺗﺒﻴّﻦَ ﻓﻲ
ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻥ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﻠﺘﻮﺟّﻪ ﻧﺤﻮ ﺃﺷﻜﺎﻝٍ ﺃُﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ،ﺃﻛﺜﺮ ﺗﻨﻮّﻋًﺎ ،ﻫﻮ ﺗﻮﺟﻪ ﻏﻴﺮ ﻧﺎﻓﻊ ﺑﺴﺒﺐ ﺻﻌﻮﺑﺔ
ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻷﻥ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻟﻠﺒﻴﻊ ﻭﻟﻠﻨﻘﻞ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ .ﻟﺪﻯ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺒﻨﻲ ﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻭﺛﺎﺑﺘﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﺻﻐﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻲ .ﻓﻠﻜﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ
ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻳﺘﺤﺘﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻭﺿﻊ ﺣﺪﻭﺩ ﻟﻤﻦ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ
ﻭﺳﻠﻄﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ .ﺇﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﺘﻐﻨﻲ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳّﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺗﻤﻨﻊ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻬﺎ،
ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻀﺎﺅﻝ ﻓﺮﺹ ﺍﻟﻌﻤﻞ ،ﻫﻮ ﺧِﻄﺎﺏ ﻣﺘﻨﺎﻗﺾ ﻳُﻠﺤﻖ ﺍﻟﻌﺎﺭ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ .ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺸﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺩﻋﻮﺓ ﻧﺒﻴﻠﺔ
ﺗﻬﺪﻑ ﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻐﻨﻰ ﻭﺇﺻﻼﺡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﺜﻤﺮﺓ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺃﻥ ﺧﻠﻖ ﻓﺮﺹ ﻋﻤﻞ ﻫﻮ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺧﺪﻣﺘﻪ ﻟﻠﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ.
ﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﻮﺙ
.130ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﻟﻠﺨﻠﻴﻘﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ،ﻳﻈﻬﺮ ﺟﻠﻴًّﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ،
ﺑﻔﺮﺍﺩﺓ ﻋﻘﻠﻪ ﻭﻭﻋﻴِّﻪ ،ﻟﻴﺲ ﻋﺎﻣﻼ ﺧﺎﺭﺟﻴًّﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﻗﺼﺎﺅﻩ ﻛﻠﻴًّﺎ .ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ )ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ( -ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ
ﺗﻤﻜﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻨﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻪ ﻋﻨﺪ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ -ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺇﺟﺮﺍﺀ
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﺷﺮﻋﻲ ﻓﻘﻂ ،ﺇﻥ “ﺑﻘﻲَّ ﺩﺍﺧﻞ ﺣﺪﻭﺩ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﻭﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺃﻭ ﺇﻧﻘﺎﺫ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .[106]”ﻭﻳﺬﻛّﺮ ﺑﺤﺰﻡ ﺃﻥ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺣﺪﻭﺩًﺍ ﻭﺃﻥ “ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺳُﺪﻯ ﻭﻫﺪﺭ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ،ﻳﺘﻌﺎﺭﺿﺎﻥ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .[107]”ﺇﻥ ﺃﻳﺔ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻟﻬﺎ “ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣًﺎ ﺩﻳﻨﻴّﺎ ﻟﺴﻼﻣﺘﻬﺎ” .[108]
.131ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﻗِﻒ ﺍﻟﻤﺘﺰﻧﺔ ﻟﻠﻘﺪﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿَّﺢ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺘﻘﺪّﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ
ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﺍﻟﺘﻲ “ﺗُﻈﻬﺮُ ﻧُﺒﻞَ ﺩﻋﻮﺓِ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻞِ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺨﻼّﻕ ،”ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺫﻛَّﺮَ ﺃﻳﻀًﺎ ،ﻓﻲ

3.9 Page 29

▲back to top
29
ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﻛﻴﻒ ﺃﻥ “ﺃﻱ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻖ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ
ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻋﻮﺍﻗﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺃﺧﺮﻯ .[109]”ﻭﻗﺪ ﺷﺪَّﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺗﻘﺪّﺭ ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ “ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ
ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺠﺰﻳﺌﻴﺔ ،ﻭﻣﺎ ﻳﻜﻤﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺨﺼّﺼﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﺜﻞ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ.[110]”
ﻛﻤﺎ ﺃﻛّﺪ ﺃﻳﻀًﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ “ﺍﻟﺘﻼﻋﺐ ﺍﻟﺠﻴﻨﻲ ﺍﻟﻌﺸﻮﺍﺋﻲ [111]”ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺠﺎﻫﻞ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ
ﺍﻟﺘﺪﺧﻼﺕ .ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺧﻨﻖ ﺍﻷﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ .ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳُﻤﻨﻊ ﻓﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺮﺽ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ،ﻓﻼ
ﻳﻤﻜﻦ ﻋﺮﻗﻠﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮﻥ ﻣﻮﺍﻫﺐ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺘﻄﻮّﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻭﻫﻲ ﻗﺪﺭﺍﺕ ﻗﺪ ﻭُﻫِﺒَﺖ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞِ ﺍﻟﻠﻪ ﻷﺟﻞ
ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺤﺪﻳﺪ ،ﻭﺑﺪﻗﺔ ،ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻭﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ
ﻭﺇﻃﺎﺭﻩ ﻭﺣﺪﻭﺩﻩ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ،ﻛﻮﻧﻪ ﻳُﺸﻜِﻞ ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ.
.132ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻮﺿﻊ ﺃﻱ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﻲ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﻲ ،ﺍﻟﺬﻱ ،ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻨﺎ
ﻫﺬﺍ ،ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﺟﻴﻨﻴﺔ ﺗﻨﺘﺠﻬﺎ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ،ﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ .ﺇﻥ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻜﻨُّﻪُ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥُ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺗﻄﻮﺭﺕ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ،ﺃﻥ ﺗﻌﻠّﻤُﻪُ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒُﻨﻰ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻬﺎ ﻭﺗﻐﻴﺮﺍﺗﻬﺎ .ﺑﺄﻳﺔ ﺣﺎﻝ ،ﺷﺮﻋﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ
“ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﻓﻘًﺎ ﻟﻤﺴﺎﺭﻫﺎ ،ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺨﻠﻖ ،ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺍﺩﻩ ﺍﻟﻠﻪ.[112]”
.133ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺣﻜﻢ ﻋﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻟﺔ ﻭﺭﺍﺛﻴًّﺎ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻷﻏﺮﺍﺽ ﻃﺒﻴﺔ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ
ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ،ﺇﺫ ﺍﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺟﺪًﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺗﻘﺘﻀﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻻ ﺗُﻌﺰﻱ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺍﻷﺧﻄﺎﺭ ﻟﻠﺘﻘﻨﻴﺔ
ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ .ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻟﺠﻴﻨﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻗﺪ ﻧﺘﺠﺖ ﻭﺗﻨﺘﺞ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ
ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔِ ﻧﻔﺴِّﻬﺎ .ﻓﺤﺘﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻈﺎﻫﺮﺓ ﺣﺪﻳﺜﺔ .ﻓﺘﺮﻭﻳﺾ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ،ﻭﺗﻬﺠﻴﻦ
ﺍﻷَﺟْﻨﺎﺱ ،ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻭﻣﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴًّﺎ ،ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﺪﺭﺝ ﺗﺤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﻴﺪ ﺗﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺑﺪﺍﻳﺔ
ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺒﻮﺏ ﺍﻟﻤﻌﺪﻟﺔ ﻭﺭﺍﺛﻴًّﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﺒﻜﺘﻴﺮﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﺗﻌﺪﻳﻼ ﻓﻲ ﺟﻴﻨﻮﻡ ﺍﻟﻨﺒﺎﺕ ﺑﺸﻜﻞ
ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻭﻋﻔﻮﻱ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﻄﻲﺀ ،ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻘﺎﺭﻧﺘﻪ ﺑﺎﻟﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺿﺔ ﻟﻠﺘﻘﺪﻡ
ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻄﻮﺭ ﻋﻠﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﻋﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ.
.134ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻛﻨَّﺎ ﻻ ﻧﻤﻠﻚ ﺩﻟﻴﻼ ﻗﺎﻃﻌًﺎ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﺗﻠﺤﻘُﻪ ﺍﻟﺤﺒﻮﺏُ ﺍﻟﻤﻌﺪّﻟﺔُ ﻭﺭﺍﺛﻴًّﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﻭﻟﻮ ﺃﻥ
ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻗﺪ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻧﻤﻮ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻗﺪ ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺣﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻫﺎﻣﺔ
ﻻ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﻬﺎﻭﻥ ﺑﻬﺎ .ﻓﻔﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻋﻘﺐ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ ،ﻳُﻼﺣﻆ ﺍﺳﺘﺤﻮﺍﺫ ﻋﺪﺩ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ،ﻧﺘﻴﺠﺔ “ﻟﻼﺧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺠﻲ ﻟﺼﻐﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻦ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ
ﺍﻟﻤﺰﺭﻭﻋﺔ ﻳﻀﻄﺮﻭﻥ ﻟﻼﻧﺴﺤﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ” .[113]ﻓﻴﺘﺤﻮّﻝ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻫﺸﺎﺷﺔ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺇﻟﻰ ﻋﻤّﺎﻝٍ ﻣﺆﻗﺘﻴﻦ،
ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺑﺎﺋﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻀﺮ .ﻭﻳﻘﻀﻲ ﺍﺗﺴﺎﻉ ﻣﺴﺎﺣﺔ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻟُﺤْﻤَﺔِ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻘﺪﺓ ،ﻭﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻮّﻉ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ ﻭﻳﺆﺛّﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺿﺮ ﻭﺃﻳﻀًﺎ ﻋﻠﻰ
ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﺍﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ .ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣَﻴّﻞ ﻧﺤﻮ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﺔ [xiv]ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺒﺬﻭﺭ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ
ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻠﺰﺭﺍﻋﺔ ،ﻭﺗﺘﻔﺎﻗﻢ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺒﺬﻭﺭ ﺍﻟﻌﻘﻴﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﻀﻄّﺮ ﺍﻟﻔﻼّﺣﻮﻥ ﻟﺸﺮﺍﺋﻬﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ.
.135ﺑﺪﻭﻥ ﺷﻚ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﻣﺴﺘﻤﺮ ،ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ .ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻫﻨﺎﻙ ﻧﻘﺎﺵ ﻋﻠﻤﻲ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺴﺆﻭﻻ ﻭﺷﺎﻣﻼ ،ﻭﻗﺎﺩﺭًﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺘﻮﻓّﺮﺓ ﻭﺗﺴﻤﻴﺔ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﻬﺎ .ﻓﺄﺣﻴﺎﻧﺎ ﻻ ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻄﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﻓﻴﺔ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺍﻧﺘﻘﺎﺅﻫﺎ ﺑﺤﺴﺐ
ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺇﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺭﺃﻱ ﻣﺘﻮﺍﺯﻥ ﻭﻳﻘﻆ
ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻣﻊ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺎﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻼﺋﻤﺔ .ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺘﻮﻓﻴﺮ ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻜﻞ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ ﺑﺄﻥ ﻳﻠﺘﻘﻮﺍ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ )ﻣﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ،ﻣﺴﺘﻬﻠﻜﻴﻦ ،ﺳﻠﻄﺎﺕ ،ﻋﻠﻤﺎﺀ ،ﻣﻨﺘﺠﻲ ﺣﺒﻮﺏ ،ﺳﻜﺎﻥ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻟﻸﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ( ﻟﻴﺘﻢ ﻋﺮﺽ ﻣﺸﺎﻛﻠﻬﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ
ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤُﻮﺛﻮﻗﺔ ﻟﻜﻲ ﺗُﺘﺨﺬ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺗﺼﺐ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ .ﺇﻥ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻌﻀﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺪﻟﺔ

3.10 Page 30

▲back to top
30
ﻭﺭﺍﺛﻴًّﺎ ﻫﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻌﻘﺪﺓ ،ﻭﺗﻘﺘﻀﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﺭﺅﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺟﻮﺍﻧﺒﻬﺎ؛ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺃﻗﻠّﻪ ﺟﻬﺪًﺍ ﺃﻛﺒﺮ ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﻟﺒﺤﻮﺙ
ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻭﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺇﺿﺎﺀﺍﺕٍ ﺟﺪﻳﺪﺓ.
.136ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﺇﻧﻪ ﻟﺒﺎﻋﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺃﻣﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻭﺑﺤﻖ ﺗﻄﺎﻟﺐ
ﺑﻮﺿﻊ ﺑﻌﺾ ﺣﺪﻭﺩ ﻟﻠﺒﺤﻮﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﺗﻄﺒﻖ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻭﻋﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺒﺮﻳﺮ
ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯﺍﺕ ﻋﻨﺪ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﺟﻨّﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺣﻴّﺔ .ﻭﻧﻨﺴﻰ ﺃﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﻛﺎﺋﻦ ﺑﺸﺮﻱ ،ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻭﻣﺔ ،ﺗﺘﺨﻄﻰ
ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺩﺭﺟﺔ ﻧﻤﻮّﻩ .ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻨﻜﺮ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ،ﻓﻬﻲ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺈﺿﻔﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ
ﺃﻳّﺔ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ .ﻭﻛﻤﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ،ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻀﻊ ﺣﺪًّﺍ ﻟﺴﻠﻄﺘﻬﺎ
ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ.
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ
ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ
.137ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃًﺎ ﻭﺛﻴﻘًﺎ ،ﻭﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻧﻈﺮﺓ ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺟﻤﻴﻊ
ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻓﺈﻧﻲ ﺃﻗﺘﺮﺡ ﺃﻥ ﻧﺘﻮﻗﻒ ﺍﻵﻥ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﺣﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ،ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺍﻟﺒﻌﺪ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ.
.Iﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﻴﺌﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
.138ﺗﺪﺭﺱ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔُ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕِ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔَ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻮ ﻓﻴﻬﺎ .ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﻭﺭ
ﺣﻮﻝ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ،ﺑﺼﺪﻕ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻹﻧﺘﺎﺝ
ﻭﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ .ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﺮﻑ ﺍﻹﻟﺤﺎﺡ ﻣﺠﺪﺩًﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﺘﺼﻞ .ﻓﺎﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻟﻴﺴﺎ ﻣﺴﺘﻘﻠﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ
ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻼﻳﺎ ﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺎﺕ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ .ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﻛﻮﻛﺐ ﺍﻷﺭﺽ
-ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ -ﻫﻲ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ،ﻫﻜﺬﺍ ﺃﻳﻀًﺎ ﺗُﺸﻜّﻞُ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺷﺒﻜﺔً ﻟﻦ ﻧﻨﺘﻬﻲ ﺃﺑﺪًﺍ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻓﻬﻤﻬﺎ .ﻓﻘﺴﻢٌ ﻛﺒﻴﺮٌ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﺠﻴﻨﻴﺔ ﻫﻮ ﻣﺸﺘﺮﻙ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ،ﻓﺈﻥ
ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﺠﺰّﺃﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﺰﻭﻟﺔ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺼﻴﺮ ﺷﻜﻼ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺠﻬﻞ ،ﺇﺫﺍ ﺃﺑﺖ ﺍﻻﻧﺪﻣﺎﺝ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﺓ ﺃﻭﺳﻊ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ.
.139ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ “ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ” ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺸﻴﺮ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ :ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻘﻄﻨﻬﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻤﻨﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻛﺸﻲﺀ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻋﻨﺎ ﺃﻭ ﻛﻤﺠﺮﺩ ﺇﻃﺎﺭ ﻟﺤﻴﺎﺗﻨﺎ .ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺸﻤﻠﻨﺎ ،ﻭﻧﺤﻦ ﺟﺰﺀ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻧﺤﻦ
ﻣﺘﺸﺎﺑﻜﻮﻥ ﻣﻌﻬﺎ .ﺇﻥ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺗﻠﻮﺙ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺗﺤﻠﻴﻼ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻩ ﻭﺳﻠﻮﻛﻪ ،ﻭﺃﺳﺎﻟﻴﺒﻪ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ .ﻭﻧﻈﺮًﺍ ﻻﺗﺴﺎﻉ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻤﻜﻨًﺎ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺟﻮﺍﺏ ﻣﺤﺪﺩ ﻭﻣﺴﺘﻘﻞ ﻟﻜﻞ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ .ﻓﻤﻦ
ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻠﻮﻝٍ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ،ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺗﺪﺍﺧﻞ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﻣﻊ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺯﻣﺘﺎﻥ ﻣﻨﻔﺼﻠﺘﺎﻥ ،ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﻴﺌﻴﺔ ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ-ﺑﻴﺌﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻣﻌﻘﺪﺓ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻬﻴﺔ ،ﻹﻳﺠﺎﺩ ﺣﻞ ،ّﺗﺘﻄﻠﺐُ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔً ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔً ﻟﻤﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮ ،ﻭﻹﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻟﻠﻤُﻨﺒﻮﺫﻳﻦ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖِ ﻧﻔﺴﻪ،
ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ.
.140ﺑﺴﺒﺐ ﻛﻤﻴﺔ ﻭﺗﻨﻮﻉ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﺧﺬﻫﺎ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ،ﻋﻨﺪ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳُﻨﺘﺠﻬﺎ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ،
ﻳُﺼﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﺩﻭﺭًﺍ ﺑﺎﺭﺯًﺍ ﻭﺗﺴﻬﻴﻞ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،ﻣﻊ ﻫﺎﻣﺶ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ .ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﺗﺴﻤﺢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﺤﻮﺙ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮﺓ ﺑﺎﻟﻮﺻﻮﻝ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ،

4 Pages 31-40

▲back to top

4.1 Page 31

▲back to top
31
ﻣُﺸﻜّﻠَﺔً ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﺳﻢ “ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ” .(Ecosystema)ﻭﻫﻲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﻻ
ﻧﻬﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻟﻨﺤﺪﺩ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻤﻠﻚ ﻗﻴﻤﺔ ﺫﺍﺗﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ .ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ
ﻛﻞ ﻛﻴﺎﻥ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﺻﺎﻟﺢ ﻭﺑﺪﻳﻊ ﻷﻧﻪ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻫﻜﺬﺍ ﻫﻲ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﺎﻏﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ
ﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴِّﺰٍ ﻣﻌﻴﻦ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻛﻨﻈﺎﻡ .ﻓﻨﺤﻦ ،ﺣﺘﻰ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﻧﻌﻲ ﻫﺬﺍ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺴﺘﻨﺪ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩﻧﺎ ﺫﺍﺗﻪ ﻟﺘﻠﻚ
ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ .ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻟﺘﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻨُﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻋﺰﻝ ﺛﺎﻧﻲ ﺃﻛﺴﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ ،ﻭﻓﻲ ﺗﻨﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ،ﻭﻓﻲ
ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻭﺍﻷﻭﺑﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺘﺮﺑﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺗﺤﻠﻞ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻧﻨﺴﺎﻫﺎ ﺃﻭ
ﻧﺠﻬﻠﻬﺎ .ﻓﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ،ﺣﻴﻦ ﻳﻼﺣﻈﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺪﺭﻛﻮﻥ ﻣﺠﺪﺩًﺍ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﻭﻧﺘﺼﺮﻑ ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻊ ﻗﺪ ﺃُﻋﻄﻲ ﻟﻨﺎ
ﻣﺴﺒﻘًﺎ ،ﻭﺍﻗﻊ ﻳﺴﺒﻖ ﻗﺪﺭﺍﺗﻨﺎ ﻭﻭﺟﻮﺩﻧﺎ .ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﺣﻴﻦ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ “ﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻡ” ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺃﻥ ﻧﺮﻓﻘﻪ ﺑﺘﻔﻜﻴﺮ ﺣﻮﻝ
ﻗﺪﺭﺓ ﻛﻞ ﻧﻈﺎﻡ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻟﺠﻮﺍﻧﺒﻪ ﻭﻟﻤﺠﺎﻻﺗﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ.
.141ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻳﻤﻴﻞ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻭﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ،ﺑﻬﺪﻑ ﺗﻴﺴﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﻭﺧﻔﺾ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ .ﻟﻬﺬﺍ ﻓﻤﻦ
ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻭﺟﻮﺩ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ،ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﻭﺳﻊ .ﻷﻧﻪ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،“ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺸﻜّﻞ
ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺟﺰﺀًﺍ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ،ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻌﺰﻭﻝ .[114]”ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﺗﻐﺪﻭ
ﺭﺍﻫﻨﺔ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﻤﻠﺤﺔ ﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﻪ ﻧﺪﺍﺀً ﻟﺸﺘﻰ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ،
ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﻟﺮﺅﻳﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻭﻣﻜﻤﻠّﺔ .ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻭﺗﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺘﺸﻐﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺮﻳﺔ ،ﻭﺑﻴﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻣﻊ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟّﺪ ﺍﺳﻠﻮﺑًﺎ ﻣﻌﻴﻨًﺎ ﻓﻲ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻣﻊ
ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨُﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻢ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﻳﻈﻬﺮ ﻫﻜﺬﺍ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻥ
“ﺍﻟﻜﻞّ ﻳﻔﻮﻕ ﺍﻟﺠﺰﺀ.[115]”
.142ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﺘﺼﻼ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﺗﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺍﻗﺐ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﻓﻲ ﻧﻮﻋﻴﺔ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ :“ﻓﻜﻞُّ ﺇﺳﺎﺀﺓٍ ﻟﻠﺘﻀﺎﻣﻦِ ﻭﻟﻠﺘﻌﺎﻳُﺶِ ﺍﻟﻤﺘﻤﺪِّﻥِ ﺗﻠﺤﻖُ ﺃﺿﺮﺍﺭﺍً ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ .[116]”ِﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻣﺆﺳﺴﻴِّﺔ ﻭﺗﺼﻞ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴًّﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻷﺑﻌﺎﺩ ،ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ،
ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ،ﻣﺮﻭﺭًﺍ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻭﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ .ﻓﻔﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﺗﺘﻄﻮّﺭ
ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﻢ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .ﻭﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻗﺪ ﻳُﻠﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﺍﻷﺫﻯ ،ﻟﻪ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺗﻪ ﺍﻟﻀﺎﺭﺓ ،ﻛﻔﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ
ﻭﺍﻟﻌﻨﻒ .ﻳَﺤﻜﻢُ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻧﻈﺎﻡ ﻣﺆﺳّﺴﺎﺗﻲ ﻫﺶ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪﻭﻥ ﻣﻦ
ﻭﺿﻊ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻫﺬﺍ .ﺳﻮﺍﺀ ﺩﺍﺧﻞ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﺣﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ .ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﻭﺿﻌﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ،
ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﺣﺒﺮًﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﺭﻕ .ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ،َّﻫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺄﻣﻞ ﺑﺄﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ
ﻓﻌﺎﻟﺔ ﺣﻘًﺎ؟ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻌﺮﻑ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﺃﻥ ﺑُﻠﺪﺍﻧًﺎ ﺗﻤﻠﻚ ﺗﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ،ﻻ ﺯﺍﻟﺖ ﻻ ﺗﺤﺮﻙ ﺳﺎﻛﻨﺎ
ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻜﺮﺭﺓ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺫﺍﺗﻬﺎ .ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺈﻥ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ،
ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ .ﻓﺘﻌﺎﻃﻲ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻴﺴﻮﺭﺓ ،ﻣﺜﻼ ،ﻳﻮﻟِّﺪ ﻃﻠﺒًﺎ ﺛﺎﺑﺘًﺎ ﺃﻭ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪًﺍ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺗﻢَّ ﺇﻓﻘﺎﺭﻫﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﺇﻓﺴﺎﺩ ﺍﻷﺧﻼﻕ ،ﻭﺗﺪﻣﻴﺮ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ.
.IIﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ
.143ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﻀًﺎ ﺗﺮﺍﺙ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ ﻭﻓﻨﻲ ﻭﺛﻘﺎﻓﻲ ،ﻣﻬﺪﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ .ﺇﻧﻪ ﺟﺰﺀ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ
ﻫﻮّﻳﺔ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺎ ﻭﺃﺳﺎﺱ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺴﻜﻦ .ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻫﺪﻡ ﻣﺪﻥ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺃﺧﺮﻯ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺑﺰﻋﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ
ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ًﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻮﻓﺮ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ .ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺩﻣﺞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ،ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻭﺍﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻤﻜﺎﻥ
ﻣﻌﻴﻦ ،ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻫﻮﻳﺘﻪ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﻔﺘﺮﺽ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻨﻮﺯ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ
ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ .ﻭﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺇﻋﺎﺭﺓ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻢ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺗﺘﻌﻠﻖ
ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺣﻮﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ-ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ .ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺣﻴﻦ ﺗﻌﻨﻲ ،ﻻ ﻓﻘﻂ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ،

4.2 Page 32

▲back to top
32
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﺑﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺤﻲ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻲ ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﺭﻛﻲ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻪ ﺇﻋﺎﺩﺓ
ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ.
.144ﺇﻥ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﺠﻌﻬﺎ ﺗﺪﺧﻼﺕ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﻌﻮّﻟﻤﺔ ،ﺗﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺻﻬﺮ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﺑﻮﺗﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺇﺿﻌﺎﻑ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻜﻞ ﺛﺮﻭﺓ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ،ﻓﺈﻥ
ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﺑﺤﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺎﺕ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻣﻌﺎﻳّﻴﺮ ﻣﻮﺣﺪﺓ ﺃﻭ ﺗﺪﺧﻼﺕ ﺗﻘﻨﻴﺔ ،ﻳﻘﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺇﻏﻔﺎﻝ ﺗﻌﻘﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ
ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻔﻌّﺎﻟﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎﻥ .ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺩﻣﺎﺝ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ،ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺘﺤﻀﻴﺮ ،ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﻗﺪ ﻭُﺿِﻌَﺖ ﻣﻦ
ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﺑﻞ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻧﻔﺴِّﻬﺎ .ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺩﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ،ﻓﺈﻥ ﻃﺮﻳﻘﺘﻨﺎ
ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺮﻧﺔ ﻭﺩﻳﻨﺎﻣﻴﺔ .ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺘﺔ ﻫﻲ ﻣﻌﺮﺿﺔ ﻟﺨﻄﺮ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻷﻋﺮﺍﺽ
ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﻜﺲ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘًﺎ .ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺗَﺒَﻨِّﻲ ﺗﻄﻠﻌﺎﺕ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ،ﻭﻣﻦ ﺛﻢَّ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺃﻥ ﺗﻄﻮﺭ
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ،ﺗﺘﻢ ﺩﺍﺧﻞ ﺳﻴﺎﻕ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻣﻌﻴﻦ ،ﻭﻳﺘﻄﻠﺐ ﺣﺮﺹ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ
ﺍﻟﻔﻌّﺎﻟﺔ ﺑﺎﻻﻧﻄﻼﻕ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻢ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ .ﻓﺤﺘﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﺮﺿﻪ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﻓﻬﻤﻪ ﺩﺍﺧﻞ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ
ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ.
.145ﺑﺈﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﻤﺮﻛّﺰﺓ ﻭﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻨﻔﺬ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﻌﻴﺸﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ
ﺃﻳﻀًﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻤﺤﺖ ﺑﻘﻴﺎﻡ ﻧﻤﻂ ﺗﻌﺎﻳﺶ ﻗﺪ ﺃﻋﻄﻰ ،ﻭﻟﻤﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻫﻮﻳﺔً ﺛﻘﺎﻓﻴﺔً ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ
ﻭﻟﻠﻌﻴﺶ ﻣﻌًﺎ .ﺇﻥ ﺯﻭﺍﻝ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺎ ،ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﻄﻴﺮًﺍ ،ﺑﻘﺪﺭ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺍﻧﻘﺮﺍﺽ ﺻﻨﻒ ﺣﻴﻮﺍﻧﻲ ﺃﻭ ﻧﺒﺎﺗﻲ ﺑﻞ ﻭﺣﺘﻰ ﺃﻛﺜﺮ
ﺧﻄﻮﺭﺓ .ﻓﻔﺮﺽ ﻧﻤﻂٍ ﻣُﻬﻴﻤِﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﻣﺎ ،ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻀﺮًّﺍ ﺟﺪًﺍ ﺑﻨﻔﺲ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺴﺒﺒﻪ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ.
.146ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺇﻋﺎﺭﺓ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺧﺎﺹ ﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻷﺻﻠﻴﻴﻦ ﻭﻟﻌﺎﺩﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ .ﻓﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﺃﻗﻠﻴﺔ
ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺑﻴﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺤﻮﺍ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺀ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﻴﻦ ،ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﺣﻴﻦ ﻧﻄﻮِّﺭ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺳﺘﺆﺛﺮ
ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﻢ .ﻷﻥ ﺍﻷﺭﺽ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮﺩ ﻣﻠﻜًﺎ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳًّﺎ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﻄﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﻦ ﺃﺳﻼﻓﻬﻢ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻗﺪﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺇﻧﻬﺎ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻘﺪﺱ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺻﻮﻥ ﻫﻮﻳﺘﻬﻢ ﻭﻗﻴﻤﻬﻢ .ﺇﻧﻬﻢ ﺣﻴﻦ
ﻳﺒﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﻢ ،ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻫﻢ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ .ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ،ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻋﺪﺓ ﻣﻦ
ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﻳﺨﻀﻌﻮﻥ ﻟﻀﻐﻮﻁ ﻛﻲ ﻳﻬﺠﺮﻭﺍ ﺃﺭﺿﻬﻢ ﻟﻴﻔﺴﺤﻮﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﺳﺘﺨﺮﺍﺟﻴﺔ ﻭﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺷﻴﺔ ﻻ ﺗُﻌﻴﺮ
ﺍﻫﺘﻤﺎﻣًﺎ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ.
.IIIﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ
.147ﻛﻲ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺃﺻﻴﻠﺔ ،ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﺗُﻨﺘﺞ ﺗﺤﺴُّﻨًﺎ ﺷﺎﻣﻼ ﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ
ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺤﻴِّﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ .ﻓﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻨﺎ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﺗﻨﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺣﺴﺎﺳﻨﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻨﺎ.
ﺇﻧﻨﺎ ،ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻨﺎ ،ﻭﻓﻲ ﺑﻴﺘﻨﺎ ،ﻭﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻭﻓﻲ ﺣﻴِّﻨﺎ ،ﻧﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ .ﻭﻧﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ
ﺍﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻭﻓﻮﺿﻮﻳﺔ ﺃﻭ ﻣﺸﺒﻌﺔ ﺑﺎﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻤﻌﻲ ،ﻓﺈﻥ ﺗﺪﺍﻓﻊ ﺍﻟﺤﻮﺍﻓﺰ ﻳﻀﻌﻨﺎ
ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻱ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻫﻮﻳﺔ ﻣﺘﺄﻗﻠﻤﺔ ﻭﺳﻌﻴﺪﺓ.
.148ﺇﻧﻪ ﻟﻤﺜﻴﺮٌ ﻟﻺﻋﺠﺎﺏ ،ﺇﺑﺪﺍﻉ ﻭﺳﺨﺎﺀ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻄﻲ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ
ﻟﻠﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ،ﻭﺗﻌﻠﻢ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺑﻬﻢ .ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ،
ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻭﺍﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺘﺮﺩﻳﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻧﺎﺱ ﻳﻌﺘﻨﻮﻥ ﺑﻜﻞ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺑﺪﺍﺧﻞ ﻣﺴﺎﻛﻨﻬﻢ ﺃﻭ ﻭﻳﺸﻌﺮﻭﻥ
ﺑﺎﻟﺮﺍﺣﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻮﺩﺓ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺻﺪﺍﻗﺘﻬﻢ .ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻤﺔ ﻟﻠﺴﻜّﺎﻥ ﺗﻨﺸﺮ ﻧﻮﺭًﺍ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ ﻗﺪ ﻳﺒﺪﻭ
ﻟﻠﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻈﻮﺭ .ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺍﻹﻃﺮﺍﺀ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺗﻨﻤﻴﺘﻬﺎ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ
ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ .ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻻﺧﺘﻨﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﻟﺪﻩ ﺍﻛﺘﻈﺎﻅ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻦ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻜﺜﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻳﺘﻢ ﺗﻌﻮﻳﻀﻪ

4.3 Page 33

▲back to top
33
ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﻢ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻘﺮﺑﻬﺎ ﻭﺣﺮﺍﺭﺗﻬﺎ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﻢ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﻢ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ
ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ،ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻣﺪﺭﺟًﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺷﺒﻜﺔ ﺷﺮﺍﻛﺔ ﻭﺍﻧﺘﻤﺎﺀ .ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻱ ﻣﻜﺎﻥ ﺑﻌﺪ ﺟﺤﻴﻤًﺎ
ﺑﻞ ﻳﺼﺒﺢ ﺇﻃﺎﺭًﺍ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﻛﺮﻳﻤﺔ.
.149ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻛﺪ ﺃﻳﻀًﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﻘﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﺎﻏﻢ ﻭﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺎﺕ ﻭﻓﻲ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻻﻧﺪﻣﺎﺝ ،ﺗُﺴﻬّﻞ ﺻﺪﻭﺭ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺇﺟﺮﺍﻣﻴﺔ.
ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻮﺍﺣﻲ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﻔﻘﺮ ،ﻓﺈﻥ ﺧﺒﺮﺓ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ﻣﻦ ﺍﻻﺯﺩﺣﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻔﻠﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﺒﺮﻫﺎ
ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ،ﻗﺪ ﻳﺴﺒﺐ ﺷﻌﻮﺭًﺍ ﺑﺎﻻﻏﺘﺮﺍﺏ ،ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻌﺰﺯ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ .ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻲ
ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻻﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺐ ﻳﺒﻘﻰ ﺃﻗﻮﻯ .ﻓﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ،ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ،ﻳﺒﻘﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺭﻭﺍﺑﻂ
ﺍﻧﺘﻤﺎﺀ ﻭﺗﻌﺎﻳﺶ ،ﺗُﺤﻮّﻝ ﺍﻻﺯﺩﺣﺎﻡَ ﺇﻟﻰ ﺧﺒﺮﺓٍ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔٍ ﺗﻨﻬﺎﺭُ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ ﺟﺪﺭﺍﻥُ ﺍﻟـ”ﺃﻧﺎ” ﻭﻳﺘﻢ ﺗﺨﻄﻲ ﺣﻮﺍﺟﺰ ﺍﻻﻧﺎﻧﻴﺔ .ﻓﺨﺒﺮﺓ
ﺍﻟﺨﻼﺹ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻫﺬﻩ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﺤﻔﺰ ﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌﻞ ﺧﻼﻗﺔ ﻹﺻﻼﺡ ﻣﺒﻨﻰ ﺃﻭ ﺣﻲ.[117]
.150ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻂ ﺍﻟﻌﻼﻗﺘﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺎﻟﺘﺨﻄﻴﻂ
ﻟﺘﺸﻴﻴﺪ ﻣﺒﺎﻥٍ ﻭﺃﺣﻴﺎﺀ ﻭﺃﻣﺎﻛﻦ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﻣﺪﻥ ،ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻔﻬﻢ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ
ﻭﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ .ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﻲ ﻭﺣﺴﺐ ،ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻗﻴﻤﺔ ﺧﺪﻣﺔ ﻧﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ،
ﻣﺜﻞ :ﻧﻮﻋﻴِّﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ،ﻭﺗﻨﺎﻏﻤﻬﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻭﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻟﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ
ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻮﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﻓﻲ ﺇﺗﻤﺎﻡ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ.
.151ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻻﻋﺘﻨﺎﺀ ﺑﺎﻷﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻭﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺤﻀﺮﻳﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻨﻤّﻲ
ﻓﻴﻨﺎ ﺣﺲ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ،ﻭﺷﻌﻮﺭﻧﺎ ﺑﺎﻟﺘﺠﺬﺭ ،ﻭﺷﻌﻮﺭﻧﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﻭﻳﻨﺎ ﻭﺗﻮﺣﺪﻧﺎ “ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻨﺎ .“ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ
ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺟﻴﺪًﺍ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻨﻈﺮﺓ ﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺍﻧﻐﻼﻕ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺩﺍﺧﻞ
ﺣﻲٍّ ﻣﺎ ،ﺣﺎﺭﻣﻴﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﻴﺶ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻛﻤﺴﺎﺣﺔ ﻳﺘﻘﺎﺳﻤﻮﻧﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ .ﺇﻥ ﺃﻱ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ
ﺍﻟﺤﻀﺮﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﻳﻔﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﻛُﻼ ﻳﻔﻬﻤﻪ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ
ﻛﺈﻃﺎﺭ ﻣﺘﻨﺎﺳﻖ ،ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﻦ ﻏﻨﻰ .ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ ﻏﺮﺑﺎﺀَ ﺑﻞ ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻢ ﺟﺰﺀًﺍ
ﻣﻦ ﺍﻟـ”ﻧﺤﻦ” ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺒﻨﻴﻪ ﺳﻮﻳًّﺎ .ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺤﻀﺮﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ،ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ
ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻨﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻱ ﺗﺪﺧﻼﺕ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻐﻴﺮﻫﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ.
.152ﻳﺸﻜﻞ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﺴﻜﻨﻴﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﺃﻡ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ،ﻷﻥ ﻣﻴﺰﺍﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻋﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﺗﻠﺒﻲ ﺟﺰﺀًﺍ ﺻﻐﻴﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻠﺐ .ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﻟﻴﺲ
ﻓﻘﻂ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ،ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺻﻌﻮﺑﺎﺕ ﺟﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻜﻦ ﺧﺎﺹ .ﺇﻥ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﻣﺴﻜﻦ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﺫﻭ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻟﻜﺮﺍﻣﺔ
ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻭﻟﻨﻤﻮ ﺍﻟﻌﺎﺋﻼﺕ .ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ “ﻟﻺﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .”ﻓﺈﻥ ﺗﻢ ﺑﻨﺎﺀ ﺗﻜﺘﻼﺕ
ﻋﺸﻮﺍﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻌﻴﻦ ،ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﺣﺘﺜﺎﺙ
ﻭﻃﺮﺩ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ .ﻓﺤﻴﻦ ﻳﻌﻴﺶ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺿﻮﺍﺣﻲ ﻣﻠﻮﺛﺔ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺗﺠﻤﻌﺎﺕ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻳﺠﺐ ،“ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻹﻗﺪﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺣﻴﻠﻬﻢ
ﻭﻟﺘﺠﻨﺐ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ،ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻣﺴﺒﻘﺔ ﻟﻬﻢ ،ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺑﺪﺍﺋﻞ ﺳﻜﺎﻧﻴﺔ ﻻﺋﻘﺔ ﻭﺇﺷﺮﺍﻙ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻦ
ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ .[118]”ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﺩَ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻣﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﺪﻣﺎﺝ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ ﺑﺮﺣﺎﺑﺔ .“ﻳﺎ
ﻟﺠﻤﺎﻝِ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﻭﺗﺪﻣﺞ ﻣﻦ ﻫﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﻭﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﺪﻣﺎﺝ ﻋﺎﻣﻞ ﺗﻄﻮﺭ ﺟﺪﻳﺪًﺍ! ﻳﺎ
ﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺘﻲ ،ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻫﻨﺪﺳﺘﻬﺎ ،ﺗﻀﻢ ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﺗﺠﻤﻊ ﻭﺗﺘﻴﺢ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﺗﻌﺰﺯ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻵﺧﺮ.[119]”!
.153ﺇﻥ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﺒﺐ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﺑﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻟﻠﺴﻜﺎﻥ .ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ،
ﻳﺘﻨﻘﻞ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻞ ﺷﺨﺼًﺎ ﺃﻭ ﺷﺨﺼﻴﻦ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺗﻜﺜﻴﻒ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺴﻴﺮ ،ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ،
ﻭﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﻛﻤﻴﺎﺕ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﺠﺪﺩﺓ ،ﻭﺗﺒﺮﺯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺑﻨﺎﺀ ﻃﺮﻕ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻣﻮﺍﻗﻒ ﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ،ﺗﻠﺤﻖ ﺍﻟﻀﺮﺭ
ﺑﺎﻟﻨﺴﻴﺞ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ .ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﺼﺎﺋﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﺑﻴﺪ
ﺃﻥ ﺑﻌﺾَ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﺗُﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺩﻭﻥ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ﻓﻲ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ،ﺍﻟﺘﻲ،

4.4 Page 34

▲back to top
34
ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻥ ،ﺗﻔﻀﻲ ﺑﺎﻣﺘﻬﺎﻥ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻻﻛﺘﻈﺎﻅ ،ﻭﺍﻟﻤﻀﺎﻳﻘﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﺮﺓ ،ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻷﻣﺎﻥ.
.154ﺇﻥ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪﺓ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻋﻴﺶ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻀﻄﺮ ﻟﻌﻴﺸﻬﺎ
ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﻣﺪﻧﻨﺎ .ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ﺑﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻫﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺳﻜﺎﻥ
ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺮﻳﻒ ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﺼﻠﻬﻢ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﻭﺣﻴﺚ ﻳﻮﺟﺪ ﻋُﻤّﺎﻝ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺰﺝ ﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﺨﺮﺓ ﻛﻌﺒﻴﺪ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻱ
ﺣﻘﻮﻕ ﺃﻭ ﺗﻮﻗﻌﺎﺕ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻛﺮﺍﻣﺔ.
.155ﺇﻥ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﻔﺮﺽ ﺃﻳﻀًﺎ ﺃﻣﺮًﺍ ﺑﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻖ :ﻋﻼﻗﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺤﻔﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻋﻼﻗﺔ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﺨﻠﻖ ﺑﻴﺌﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻛﺮﺍﻣﺔ .ﺃﻛﺪَّ ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ
“ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ” ﻷﻥ “ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻳﻀًﺎ ﻳﻤﻠﻚ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﺮﻣﻬﺎ ،ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎﺀ .[120]”ﻓﻲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺤﻰ ،ﻳﺠﺐ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻥ ﺟﺴﺪﻧﺎ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻳﻀﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ .ﻓﻤﻦ
ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻛﻬﺒﺔ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻭﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮﻩ ﻛﻬﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﺏ ﻭﻛﺒﻴﺖ ﻣﺸﺘﺮﻙ؛ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ
ﺃﻥ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻄﻖ ﺑﺎﺭﻉ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻠﻖ .ﺇﻥ ﺗﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻗﺒﻮﻝ
ﺟﺴﺪﻩ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍﻻﻋﺘﻨﺎﺀ ﺑﻪ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ .ﻓﺘﻘﻴﻴﻢ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺃﻳﻀًﺎ ،ﺑﺄﻧﻮﺛﺘﻪ ﺃﻭ
ﻭﺑﺬﻛﻮﺭﻳﺘﻪ ،ﻫﻮ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻛﻲ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﻪ .ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻘﺒﻞ ﺑﻔﺮﺡ ﻫﺒﺔ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ،ﺭﺟﻼ ﻛﺎﻥ ﺃﻡ ﺍﻣﺮﺃﺓ ،ﻭﺃﻥ ﻧﺜﺮﻱ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ .ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ،
ﻟﻴﺲ ﺑﺴﻠﻴﻢٍ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺰﻋﻢ “ﻣﺤﻮ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺠﻨﺴﻲ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻪ.[121]”
.IVﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ
.156ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻣﺒﺪﺃ ﻳﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭًﺍ ﻣﺤﻮﺭﻳًّﺎ ﻭﻣُﻮَﺣِّﺪًﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻷﻥ “ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻭﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢُ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻜﻞّ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﺎ ،ﺑﺒﻠﻮﻍ
ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔٍ ﺃﻛﺜﺮ ﺷﻤﻮﻻً ﻭﻳُﺴﺮًﺍ.[122]”
.157ﻳﻔﺘﺮﺽُ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡَ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺷﺨﺼًﺎ ،ﺫﺍ ﺣﻘﻮﻕ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻭﻣﺔ ،ﻭﺿﻌﺖ
ﻟﻨﻤﻮﻩ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ .ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺃﻳﻀًﺎ ﺗﻮﻓﺮ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺮﺧﺎﺀ ﻭﺍﻷﻣﻦ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻮﺳﻄﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﺗﻄﺒﻴﻖ
ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻁ .[xv]ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻘﻮﻣﺎﺕ ﺗﻈﻬﺮ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،ﻛﺨﻠﻴﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ .ﻭﺃﺧﻴﺮًﺍ ،ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﻼﻡ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺃﻣﻦ ﻧﻈﺎﻡ ﻣﺤﺪﺩ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺩﻭﻥ ﺣﺮﺹ ﺧﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻌﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺇﺫﺍ
ﺍﻧﺘُﻬِﻜَﺖ ﺗﻮﻟِّﺪ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺍﻟﻌﻨﻒ .ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ –ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ– ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺗﻌﺰﻳﺰﻩ.
.158ﻓﻲ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ،ﻭﺣﻴﺚ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﻋﺪﺩ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﻨﺒﻮﺫﻳﻦ،
ﺍﻟﻤﻬﻤَّﺸﻴﻦ ،ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻢ ﺗﺠﺎﻫﻠﻬﻤﺎ ،ﻭﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ،ﻭﻳﺘﺤﻮﻝ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺣﺎﻻ ،ﻛﻨﺘﻴﺠﺔ
ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻭﺣﺘﻤﻴﺔ ،ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﺷﺪﺓ ﻟﻠﺘﻀﺎﻣﻦ ﻭﺇﻟﻰ ﺧﻴﺎﺭ ﺗﻔﻀﻴﻠﻲ ﻟﻸﻛﺜﺮ ﻓﻘﺮًﺍ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ ﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ – ﻛﻤﺎ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ – [123]ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻗﺒﻞ
ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﻗﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘﺎ .ﻳﻜﻔﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ
ﻛﻲ ﻧﻔﻬﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻫﻮ ﺍﻵﻥ ﺷﺮﻁ ﺃﺧﻼﻗﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ.
.Vﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ
.159ﺇﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻳﺸﻤﻞ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻵﺗﻴﺔ .ﻭﻗﺪ ﺃﻇﻬﺮﺕ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕُ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻭﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﺠّﺔ ،ﺍﻷﺿﺮﺍﺭَ

4.5 Page 35

▲back to top
35
ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺒﺒﻬﺎ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻤﺼﻴﺮ ﻣﺸﺘﺮﻙ ،ﻣﺼﻴﺮ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧَﻘﺼِﻲ ﻋﻨﻪ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﺄﺗﻮﻥ ﺑﻌﺪﻧﺎ .ﺇﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ
ﺍﻟﺘﻜﻠّﻢ ﺑﻌﺪ ﻋﻦ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺴﺘﺪﺍﻣﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘّﻀﺎﻣﻦ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﻔﻜّﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻨﺘﺮﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻮﻛﺐ ﺍﻷﺭﺽ
ﻟﻸﺟﻴﺎﻝ ﺍﻵﺗﻴﺔ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻖ ﺁﺧﺮ ،ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺘﻠﻘﺎﻩ ﻭﻧﻌﻄﻴﻪ .ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﻗﺪ ﺃُﻋﻄِﻴَﺖ
ﻟﻨﺎ ،ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻘﻂ ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﻴﺎﺭٍ ﻧﻔﻌﻲٍّ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻌّﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴّﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺮﺑﺢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲﺇﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺘﻜﻠّﻢ
ﻫﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻱ ،ّﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ،ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺃُﻋﻄﻴﺖ ﻟﻨﺎ ،ﻫﻲ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣِﻠّﻚٌ
ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺳﻴﺄﺗﻮﻥ ﺑﻌﺪﻧﺎ .ﻭﻗﺪ ﺣﺚّ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤّﻞ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴّﺔ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻫﺬﺍ :“ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻄﻖ
ﺍﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ .ﺇﻧﻪ ﻗﺮﺽ ﻳﺘﻠﻘّﺎﻩ ﻛﻞّ ﺟﻴﻞ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﻠّﻤﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻴﻞ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ .[124]”ﺇﻥ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗﻤﻠﻚ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ
ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ.
.160ﺃﻱ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﺮﻳﺪ ﺗﺮﻛﻪ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﺳﻴﺄﺗﻮﻥ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻧﺎ ،ﻟﻸﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺒﺮﻭﻥ؟ ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻻ ﻳﺨﺺّ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔَ
ﻓﻘﻂ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔٍ ﻣﻌﺰﻭﻟﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺠﺰﺃﺓ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺮﻳﺪ ﺗﺮﻛﻪ ،ﻓﻨﺤﻦ
ﻧﺸﻴﺮ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺟّﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ،ﻭﺇﻟﻰ ﻣﻌﻨﺎﻩ ،ﻭﺇﻟﻰ ﻗﻴَّﻤِﻪ .ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺘﺠﺎﻭﺏ ﺑﺪﺍﺧﻠﻨﺎ ﺻﺪﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ
ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ،ﻓﻼ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻣﺨﺎﻭﻓﻨﺎ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻫﺎﻣﺔ .ﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﻃُﺮِﺡَ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﺤﻤﻠﻨﺎ
ﺣﺘﻤﺎ ﻟﻄﺮﺡ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺟﺪًّﺍ :ﻣﺎ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﻭﺭﻧﺎ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ؟ ﻭﻷﻱ ﻫﺪﻑ ﺟﺌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؟ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ
ﻧﻌﻤﻞ ﻭﻧﺠﺎﻫﺪ؟ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ؟ ﻟﻬﺬﺍ ،ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻛﺎﻓﻴًﺎ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺑﺄﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻘﻠﻖ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻵﺗﻴﺔ .ﻣﻦ
ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﻧﻌﻲ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﻫﻮ ﻛﺮﺍﻣﺘﻨﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ .ﻓﻨﺤﻦ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻤﻨﺘﻔﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﻛﻮﻛﺐ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻠﺴﻜﻦ
ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﺨﻠﻔﻨﺎ .ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺄﺳﺎﺓ ﺗﻤﺴﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻤﺲ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺮﻭﺭِﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ.
.161ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻵﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻮﻗﻌﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﺭﺛﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﻬﺰﺍﺀ ﻭﺗﻬﻜﻢ .ﻓﻘﺪ ﻧﺘﺮﻙ ﻟﻸﺟﻴﺎﻝ ﺍﻵﺗﻴﺔ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻄﺎﻡ
ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﻘﺬﺍﺭﺓ .ﻟﻘﺪ ﺗﺨﻄﻰ ﻣﻌﺪّﻝُ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ،ﻭﺍﻟﻬﺪﺭ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ،ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ،ﺑﺤﻴﺚ ،ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﻧﻤﻂ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻮﺍﻟﻪ ،ﻓﺴﻮﻑ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻓﻘﻂ ﺑﻜﻮﺍﺭﺙ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﺩﻭﺭﻳًّﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ
ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻻﺧﺘﻼﻝ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺍﻵﻥ ،ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻓَﻜَّﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻴُﺤَﻤِّﻠُﻨﺎ ﺇﻳّﺎﻫﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻮﻑ
ﻳﻀﻄﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻤُّﻞ ﺍﻟﻌﻮﺍﻗﺐ ﺍﻷﺳﻮﺃ.
.162ﺇﻥ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺃﺧﺬ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﻞ ﺍﻟﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺘﺪﻫﻮﺭ ﺃﺧﻼﻗﻲ ﻭﺛﻘﺎﻓﻲ ،ﻳﺮﺍﻓﻖ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ .ﺇﻥ
ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ،ﺭﺟﻼ ﻭﺍﻣﺮﺃﺓ ،ﻣﻌﺮﺽ ﻟﺨﻄﺮ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻧﻔﺮﺍﺩﻳًّﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻳﺠﺐ ﺭﺑﻄﻬﻤﺎ ﺑﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻷﻧﺎﻧﻲ ﻋﻦ ﺇﺷﺒﺎﻉ ﻓﻮﺭﻱ ،ﻭﺑﺄﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺻﻌﻮﺑﺎﺕ
ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻵﺧﺮ .ﻓﻤﺮﺍﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻧﺠﺪ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﻣﺴﺮﻑ ﻭﻗﺼﻴﺮ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﺴﺪﻭﻥ
ﺃﺑﻨﺎﺀَﻫﻢ .ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺪﻭﻥ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺖ ﺧﺎﺹ ﺑﻬﻢ ﻭﺗﺄﺳﻴﺲ ﻋﺎﺋﻠﺔ .ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ،
ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻋﺪﻡ ﻗﺪﺭﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺠﺪﻳﺔ ﺑﺎﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻵﺗﻴﺔ ﺑﻌﺪﻡ ﻗﺪﺭﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎﻕ ﻣﺼﺎﻟﺤﻨﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺃﻭﻟﺌﻚ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ ﻣﺴﺘﺒﻌﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ .ﺩﻋﻮﻧﺎ ﺃﻻ ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻘﻂ ﺑﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻐﺪ ،ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻧﺘﺬﻛﺮ ﻓﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ
ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻟﻴﻌﻴﺸﻮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺑﺎﻟﻌﻴﺶ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ .ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ “ﺇﻟﻰ
ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ،ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻠﺤﺔ ﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﺘﺠﺪﺩ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ
ﻧﻔﺴﻬﺎ.[125]”
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ
ﺑﻌﺾ ﺍﻹﺭﺷﺎﺩﺍﺕ ﻟﻠﺘﻮﺟﻴﻪ ﻭﻟﻠﻌﻤﻞ

4.6 Page 36

▲back to top
36
.163ﻗﺪ ﺣﺎﻭﻟﺖُ ﺗﺤﻠﻴﻞَ ﻭﺿﻊَ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﺳﻮﺍﺀً ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺼﺪﻋﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﻄﻨﻪ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﺴﺒّﺒﺎﺕ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ﺍﻟﺒﺤﺘﺔ ﻟﻠﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗﻊ ﻳﺸﻴﺮ ﺑﺤﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺤﻮّﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﻭﻳﻘﺘﺮﺡ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﺘﺤﺮﻛﺎﺕ ،ﻟﻨﺤﺎﻭﻝ ﺍﻵﻥ ﺭﺳﻢ ﺧﻄﻮﻁ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ ،ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺩﻭﺍﻣﺔ ﺍﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻐﻮﺹ ﻓﻴﻬﺎ.
.Iﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ
.164ﻟﻘﺪ ﻧﺸﺄ ﻣﻨﺬ ﺃﻭﺍﺳﻂ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺎﺕ ،ﻣﻴّﻞٌ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪ ﻧﺤﻮ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ
ﻭﻃﻦ ،ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﺸّﻌﺐ ﻳﺴﻜﻦ ﺑﻴﺘًﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛًﺎ .ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﺑﻂ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻘﻂ ﻣﺠﺮّﺩ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﻮﺍﻗﺐ ﺍﻟﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﺎﺟﻤﺔ
ﻋﻦ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺣﻴﺎﺓ ﻭﺇﻧﺘﺎﺝ ﻭﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺤﺜّﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻊ ﺣﻠﻮﻝ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭٍ ﺷﺎﻣﻞ
ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺩﻓﺎﻋًﺎ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻂ ﻳُﻠﺰﻣﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢٍ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﻓﻲ ﻣﺸﺮﻭﻉٍ ﻣﺸﺘﺮﻙ.
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ﻧﻔﺴّﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺘﺠﺖ ﺗﻄﻮﺭًﺍ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴًّﺎ ﻫﺎﺋﻼ ،ﺗﺒﺪﻭ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻊ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻓﻌّﺎﻟﺔ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺩﻭﻟﻴّﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ
ﻋﻠﻰ ﺣﻞّ ﺍﻟﻤﺼﺎﻋﺐ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴّﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮﺓ .ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺬﺭﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻠّﻬﺎ
ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﻣﻨﻔﺮﺩﺓ ،ﺍﻟﺘﻮﺻّﻞ ﺇﻟﻰ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﻋﺎﻟﻤﻲّ ﻳﻘﻮﺩ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺯﺭﺍﻋﺔ ﻣﺴﺘﺪﺍﻣﺔ
ﻭﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﻤﺘﺠﺪﺩﺓ ﻭﻗﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻠﻮﻳﺚ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ،ﻭﺇﻟﻰ
ﺗﺪﻋﻴﻢ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺃﻓﻀﻞ ﻟﻠﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﺤﺮﺟﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺸﺮﺏ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ.
.165ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴّﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﻮﻗﻮﺩ ﺍﻷﺣﻔﻮﺭﻱ ﺍﻟﻤﻠﻮﺙ ﺟﺪًﺍ – ﺑﺎﻷﺧﺺ ﺍﻟﻔﺤﻢ ﻭﻛﺬﻟﻚ
ﺍﻟﻨﻔﻂ ،ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺃﻗﻞ ﺿﺮﺭﺍ ﺍﻟﻐﺎﺯ – ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴّﺔ ﻭﺩﻭﻥ ﺗﺄﺧﻴﺮ .ﻭﻃﺎﻟﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻟﻠﻄﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺠﺪﺩﺓ،
ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺑﺪﺃ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻘﺒﻮﻝ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﻫﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮّﻳﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻠﻮﻝ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴّﺔ .ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﺻّﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴّﺎﺕ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﺣﻮﻝ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻤّﻠﻮﺍ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ
ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ .ﻭﻗﺪ ﺍﺳﻔﺮﺕ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔُ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴّﺔ ،ُﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ،ﻋﻦ ﻧﻘﺎﺵ ﻋﺎﻡ ﻗﺪ ﺃﻋﻄﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ
ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﺃﻭﺳﻊ ﻟﻠﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﻧﻲ ﺍﻟﺴﺨﻲ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺟﻮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺑﻄﻲﺀ ﻭﻻ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ
ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ .ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻧﻪ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺳﻴُﺬﻛَﺮ ﺭﺑﻤَّﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎﻥ
ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﻤﻴﺰًﺍ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺄﻣﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻛﻮﻧﻪ
ﺗﺤﻤّﻞ ﺑﺴﺨﺎﺀ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺠﺴﺎﻡ.
.166ﻗﺪ ﻗﻄﻌﺖ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔُ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔُ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺷﻮﻃًﺎ ﻛﺒﻴﺮًﺍ ،ﺃَﺛﺮﺗﻬﺎ ﺧﻼﻟﻪ ﺟﻬﻮﺩُ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪِ ﻣﻦ ﻣﻨﻈّﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻲﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺬﻛﺮﻫﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺃﻭ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﺽ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻣﺴﺎﻫﻤﺎﺗﻬﺎ .ﻟﻜﻦ ،ﻭﺑﻔﻀﻞ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ،
ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴّﺔ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﺪﺍﻭﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪ ،ﻭﺗﺤﻮّﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﺩﻋﻮﺓ ﻣﺴﺘﻤﺮّﺓ ﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪ
ﺍﻟﻤﺪﻯ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻤﻢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴّﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻟﻢ ﺗﺮﻕَ ﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻮﻗﻌﺎﺕ ،ﻭﻟﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﻟﻢ
ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﻮﺻّﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺑﻴﺌﻴّﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴّﺔ ﻣﻬﻤّﺔ ﻭﻓﻌّﺎﻟﺔ ﺣﻘّﺎ.
.167ﺗﺠﺪﺭ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻋُﻘِﺪَ ﻓﻲ ﺭﻳﻮ ﺩﻱ ﺟﻨﻴﺮﻭ ﺳﻨﺔ .1992ﻭﻗﺪ ﺻﺪﺭ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ “ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻫﻢ ﻣﺤﻮﺭ
ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻣﺔ .[126]”ﻭﻗﺪ ﺃُﻗﺮَّ ﻛﺬﻟﻚ – ﻟﻼﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎﺕ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺳﺘﻮﻛﻬﻮﻟﻢ
– (1972)ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲّ ﻟﻠﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻸﺭﺽ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﻛﻞ ﻣَﻦْ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻠﻮّﺙ ،ﺑﺘﺤﻤّﻞ
ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻨﻪ ،ﻭﻭﺍﺟﺐ ﺗﻘﻴِّﻴﻢ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴّﺔ ﻟﻜﻞِّ ﻋﻤﻞ ﺃﻭ ﻣﺸﺮﻭﻉ .ﻛﻤﺎ ﺍﻗﺘﺮﺡَ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪّ ﻣﻦ
ﺗﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﻐﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺒﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺣﺘﺒﺎﺱ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﻱّ ﻓﻲ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺠﻮ ،ّﺑﻬﺪﻑ ﺍﻟﺘﺼﺪّﻱ ﻟﻼﺣﺘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ .ﻛﻤﺎ ﻭﺿﻊ ﺟﺪﻭﻝ
ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻤﻞ ﻭﻭﺛﻴﻘﺔ ﺗﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﻨﻮّﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ،ّﻭﺃﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻣﺘﻌﻠﻘّﺔ ﺑﺎﻟﻐﺎﺑﺎﺕ .ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮّﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻗﺪ ﻣﺜَّﻞ ﺧﻄﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﺎﻡ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺣﻘًّﺎ ﻣﺒﺪﻋًﺎ ﻭﻧﺒﻮﻳًّﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ،ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﻢ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ
ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﻭﺿﻊ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ ،ﻭﻟﻠﻤﺮﺍﺟﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﺭﻳﺔ ﻭﻟﻠﻤﻌﺎﻗﺒﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﻣﺘﺜﺎﻝ .ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ
ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺻﺪﺭﻫﺎ ﺗﻨﺘﻈﺮُ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺗﻨﻔﻴﺬٍ ﻋﻤﻠّﻴﺔ ﻓﻌّﺎﻟﺔ ﻭﻣﺮﻧﺔ.

4.7 Page 37

▲back to top
37
.168ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﺒﺮﺍﺕ ﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺑﺎﺯﻝ (Basilea)ﺣﻮﻝ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﻧﻘﻞ
ﻧﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺨﻄﺮﺓ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻣﻊ ﻧﻈﺎﻡ ﺗﺒﻠﻴﻎ ،ﻭﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻭﺿﻮﺍﺑﻂ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻪ؛ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻼﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺍﻟﻤُﻠﺰِﻣَﺔ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ
ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮّﻳﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪّﺩﺓ ﺑﺎﻻﻧﻘﺮﺍﺽ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤّﻦ ﺑﻌﺜﺎﺕ ﻟﻠﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲّ
ﻟﻠﻘﻮﺍﻧﻴﻦ .ﻭﺑﻔﻀﻞ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴّﺔ ﻓﻴﻴﻨّﺎ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻷﻭﺯﻭﻥ ،ﻭﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﺑﺮﺗﻮﻛﻮﻝ ﻣﻮﻧﺘﺮﻳﺎﻝ ﻭﺗﻌﺪﻳﻼﺗﻬﺎ ،ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﻘﻠﺺ ﻃﺒﻘﺔ
ﺍﻷﻭﺯﻭﻥ ﻫﺬﻩ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﺪﺧﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺤﻞ.
.169ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻨﻮّﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻭﺍﻟﺘﺼﺤّﺮ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘّﻘﺪﻡ ﻧﺤﻮ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺣﻠﻮﻝ ﻛﺎﻥ ﻗﻠﻴﻞ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ .ﺃﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮﺹ
ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻲ ،ﻓﺎﻟﺘﻘﺪّﻡ ﻛﺎﻥ ﻟﻸﺳﻒ ﺿﺌﻴﻼ ﺟﺪﺍ .ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺪّ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺒّﺒﺔ ﻟﻼﺣﺘﺒﺎﺱ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﻱ ﻳﺘﻄﻠّﺐ ﺻﺪﻗًﺎ ﻭﺷﺠﺎﻋﺔً
ﻭﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ،ًﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻗﺪﺭﺓ ﻭﺍﻷﻛﺜﺮ ﺗﺴﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ .ﺃﻣﺎ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻣﺔ ،ﺍﻟﻤُﺴَﻤّﻰ ﺭﻳﻮ 20+)ﺭﻳﻮ ﺩﻱ ﺟﺎﻧﻴﺮﻭ ،(2012ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺪﺭ ﺑﻴﺎﻧًﺎ ﻧﻬﺎﺋﻴًّﺎ ﻣﺴﻬﺒًﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﺘﻮﺍﻫﺎ ﻭﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺟﺪﻭﻫﺎ.
ﻓﺎﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊُ ﺇﺣﺮﺍﺯَ ﺗﻘﺪّﻡ ﻣﻠﺤﻮﻅ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻀﻊ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻮﻕ
ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ .ﺃﻣَّﺎ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﻌﺎﻧﻮﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻮﺍﻗﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺤﺎﻭﻝ ﺇﺧﻔﺎﺀﻫﺎ ،ﺳﻴﺘﺬﻛّﺮﻭﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺺ
ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ .ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﺮﺗﻔﻌًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪّﺓ ،ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ،ﻧﺤﻦ
ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ،ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻧﺘﻀﺮّﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﺴﻦ ﺳﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﻜﻴﻼ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻵﺗﻴﺔ ﻣﻦ
ﻋﻮﺍﻗﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺄﺧﻴﺮﺍﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺤﺼﻴﻔﺔ.
.170ﺇﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺍﻧﺒﻌﺎﺙ ﺍﻟﻐﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﻠﻮﺛﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺗﺪﻭﻳﻞ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴّﺔ ،ﻣﻊ
ﺧﻄﺮ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ ﺛﻘﻴﻠﺔ ﻟﺘﺨﻔﻴﺾ ﺍﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎﺕ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ،ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳُﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ
ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ .ﺇﻥ ﻓﺮﺽ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﻳﺼﻴﺐ ﺑﺎﻟﺸﻠﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺃﺷﺪّ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ .ﻭﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ
ﻳﻀﺎﻑ ﻇﻠﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﺗﺤﺖ ﻏﻄﺎﺀ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺃﻳﻀًﺎ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺳﻮﺀًﺍ .ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ
ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴّﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ﺑﻌﺪ ﺯﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻭﺟﻴﺰ ،ﻭﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺍﺗُﺨِﺬَﺕ ﺍﻵﻥ ﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﺣﺎﺯﻣﺔ ،ﻓﺴﻮﻑ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺫﺍﺕ
ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ،ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺘﻜﻴّﻒ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺠﻬﺎ ﺍﻵﻥ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻀﺮ ﺑﺎﻗﺘﺼﺎﺩﻫﺎ .ﻳﺒﻘﻰ ﺃﻛﻴﺪًﺍ ﺃﻥ
ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴّﺎﺕ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ،ﻷﻥ ﻭﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺑﻮﻟﻴﻔﻴﺎ :“ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺕ ﻣﻦ ﺍﻣﺘﻼﻙ
ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻊ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻧﺒﻌﺎﺛﺎﺕ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺒّﺒﺔ ﻟﻼﺣﺘﺒﺎﺱ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﻱ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ
ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺃﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻬﺎﻡ ﻓﻲ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺣﻞّ ﻟﻠﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﺑﻬﺎ.[127]”
.171ﺇﻥ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺑﻴﻊ ﻭﺷﺮﺍﺀ “ﺃﺭﺻﺪﺓ ﺍﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎﺕ” ﻗﺪ ﺗﻔﺴﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﻨﻮﻉ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﺑﺔ ،ﻭﻟﻦ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺗﺨﻔﻴﺾ
ﺍﻻﻧﺒﻌﺎﺙ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻐﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﻠﻮّﺛﺔ .ﻳﺒﺪﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﻈﺎﻡ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﻮﻓّﺮ ﺣﻠًّﺎ ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﻭﺳﻬﻠًﺎ ،ﺗﺤﺖ ﺳﺘﺎﺭِ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ
ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻔﺮﺽ ،ﺑﺄﻱّ ﺣﺎﻝٍ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ،ﺗﻐﻴﻴﺮًﺍ ﺟﺬﺭﻳًّﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ .ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻌﻜﺲ ،ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﺎﻳﻞ ،ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺩﻋﻢ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ.
.172ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻮﺟﻪ ﺃﻭﻟﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ﻻﺳﺘﺌﺼﺎﻝ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﻭﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﺴﻜّﺎﻧﻬﺎ؛ ﻭﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ﺍﻟﻤُﺸﻴﻦ ﻟﺒﻌﺾ ﻗﻄﺎﻋﺎﺕ ﺷﻌﻮﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﻤﻴّﺰﺓ ،ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻱ ﻟﻠﻔﺴﺎﺩ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻓﻀﻞ .ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻳﻀًﺎ
ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺳﺒﻞ ﻹﻧﺘﺎﺝ ﻃﺎﻗﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻗﻞ ﺗﻠﻮﻳﺜًﺎ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ،ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺕ ﻧﻤﻮًﺍ ﻛﺒﻴﺮًﺍ
ﻛﺎﻥ ﺛﻤﻨﻪ ﺍﻟﺘﻠﻮّﺙ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲّ ﻟﻠﻜﻮﻛﺐ .ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴّﺔ ﺍﻟﻐﺰﻳﺮﺓ ﺇﺭﺳﺎﺀ ﺁﻟﻴّﺎﺕ ﻭﺇﻋﺎﻧﺎﺕ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻠﺒﻠﺪﺍﻥ
ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ،ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴّﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴّﺔ ،ﻣﻊ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﻣﺴﺘﻤّﺮﺓ ﻟﻸﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ،
ﺣﻴﺚ ﺃﻧﻪ “ﻻ ﻳﺘﻢ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻭﺿﻊ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻛﺎﻑٍ ﻟﻠﺘﻮﻓﻴﻖ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒُﻨﻰ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺴّﻴﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﺻُﻤِّﻤَﺖ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ .[128]”ﺳﺘُﻌﺘَﺒَﺮ
ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻗﻮﺭﻧﺖ ﻣﻊ ﺧﻄﺮ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ .ﺇﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻫﻮ ،ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻗﺮﺍﺭ ﺃﺧﻼﻗﻲ ،ّﻳﻘﻮﻡ
ﻋﻠﻰ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺷﻌﻮﺏ.
.173ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻌﻘﺪ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺩﻭﻟﻴّﺔ ﺗُﻮﺿَﻊ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ،ﻭﺗﺄﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻋﺪﻡ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠّﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺪّﺧﻞ
ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﻌّﺎﻟﺔ .ﻭﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺃﻥ ﺗﺮﺍﻋﻲ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﻛﻞّ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ ﺃﻳﻀًﺎ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻣﺴﺎﺭﺍﺕ ﺗﻮﺍﻓﻘﻴّﺔ
ﻟﺘﺠﻨّﺐ ﻛﻮﺍﺭﺙ ﻣﺤﻠّﻴﺔ ﺗﺆﺩّﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﺤﺎﻕ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﺃﻳﻀًﺎ ﻷُﻃﺮٍ ﺗﻨﻈﻴﻤﻴّﺔٍ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﺗَﻔﺮِﺽُ

4.8 Page 38

▲back to top
38
ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ ،ٍﻭﺗَﺤﻮﻝُ ﺩﻭﻥَ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻘﺒﻮﻟﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻘﻮﻳّﺔ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻓﻀﻼﺕ ﻭﺻﻨﺎﻋﺎﺕ ﻋﺎﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﺃﺧﺮﻯ.
.174ﻧﺬﻛﺮ ﺃﻳﻀًﺎ ﻧﻈﺎﻡ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺎﺕ .ﻷﻧﻪ ﺑﺮﻏﻢ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴّﺎﺕ ﺩﻭﻟﻴّﺔ ﻭﺇﻗﻠﻴﻤﻴّﺔ ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﺑﻌﺜﺮﺓ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺁﻟﻴّﺎﺕ ﺻﺎﺭﻣﺔ
ﻟﻠﺘّﻨﻈﻴﻢ ،ﻭﺍﻟﻀﺒﻂ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻗﺒﺔ ،ﻳﻘﻮﺩ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻓﺸﺎﻝ ﻛﻞّ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ .ﺇﻥ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺒﺤﺮّﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﻗﻤﺔ ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺒﺤﺮّﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴّﺔ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺸﻜّﻞ ﺗﺤﺪّﻳًّﺎ ﺧﺎﺻًّﺎ .ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﻼﺗﻔﺎﻕ ﺣﻮﻝ ﺃﻧﻈﻤﺔ
ﺇﺩﺍﺭﺓ ،ﻟﻜﻞ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻳُﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ.
.175ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺍﺗّﺨﺎﺫ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺟﺬﺭﻳّﺔ ﻟﻠﺘﺼﺪﻱ ﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻻﺣﺘﺒﺎﺱ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﻱ ،ّﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻤﻨﻊ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺪﻑ ﺍﺳﺘﺌﺼﺎﻝ ﺍﻟﻔﻘﺮ .ﺇﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﺩّﺓ ﻓﻌﻞ ﻋﺎﻟﻤﻴّﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴّﺔ ﺗﺘﻀﻤّﻦ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ،
ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺧﻔﺾ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﻭﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ .ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ ﻳُﺒﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻡ
ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻋﺘﻴﻖ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺸﻬﺪ ﺗَﺮَﺩِّﻳﺎ ﻓﻲ ﺳﻠﻄﺎﺕِ ﺍﻟﺪﻭﻝِ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴّﺔ ،ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﻷﻥ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ-ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ،ﺑﺒﻌﺪﻩ
ﻣﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺎﺕ ،ﻳﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴّﻴﺎﺳﺔ .ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴّﻴﺎﻕ ،ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱّ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻫﻴﺌﺎﺕ ﺩﻭﻟﻴّﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻗﻮﺓ
ﻭﻣﻨﻈﻤﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﻌّﺎﻟﺔ ،ﺗﻤﺘﻠﻚ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﻣﺤﺪﺩﺓ ﺑﺸﻜﻞ ﻣُﻨﺼﻒ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻭﻣﺘﻤﺘﻌﺔ
ﺑﺴﻠﻄﺔ ﻓﺮﺽ ﻋﻘﻮﺑﺎﺕ .ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻛﺪ ﺑﻨﺪﻛﺘُﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻃﻮَّﺭﺗﻪ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ،
ﺃﻥ “ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻟﺴُﻠﻄﺔٍ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔٍ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ،ٍﻛﺘﻠﻚَ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺳﻢَ ﺧﻄﻮﻃَﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺳﻠﻔﻲ ]ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ[ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚُ
ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﻞِ ﻗﻴﺎﺩﺓِ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩِ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲّ؛ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓِ ﺗﺄﻫﻴﻞِ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﺍﺕِ ﺍﻟﻤﺘﺄﺛِّﺮﺓ ﺑﺎﻷﺯﻣَﺔ ،ِﻟﻤﻨﻊِ ﺗﻔﺎﻗُﻤِﻬﺎ ﻭﺗﻔﺎﻗُﻢِ ﻣﺎ
ﻳﺘﺮﺗَّﺐُ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻠَﻞٍ؛ ﻭﻟﺘﺤﻘﻴﻖِ ﻧﺰﻉِ ﺳﻼﺡٍ ﺗﺎﻡٍّ ﻭﻣُﻼﺋﻢٍ ﻭﺍﻷﻣﻦِ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡِ؛ ﻭﻟﻀﻤﺎﻥِ ﺣﻤﺎﻳﺔِ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔِ ﻭﺗﻨﻈﻴﻢِ ﺗﺪﻓﻘﺎﺕِ
ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ .[129]”ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻐﺮﺽ ،ﺗﻜﺘﺴﺐ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ،ﺑﻬﺪﻑ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴّﺎﺕ ﺩﻭﻟﻴّﺔ ﺗﺴﺘﺒﻖ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ
ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺑﺈﻟﺤﺎﻕ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻊ.
.IIﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻭﻣﺤﻠّﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ
.176ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻘﻂ ﺭﺍﺑﺤﻮﻥ ﻭﺧﺎﺳﺮﻭﻥ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ،ﺑﻞ ﻭﺃﻳﻀًﺎ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺑﺎﻟﻨﻤﻮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻓﻘﻂ ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ
ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ.
.177ﺃﻣﺎﻡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ،ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻬﺎﻡ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﺗﺨﺎﺫﻫﺎ ﺩﺍﺧﻞ
ﺣﺪﻭﺩ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻛﻮﺿﻊ ﺍﻟﺨﻄﻂ ،ﻭﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ،ﻭﺍﻟﺴﻬﺮ ﻭﻓﺮﺽ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ .ﻓﺒﺄﻳﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻳﻨﻈﻢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻭﻳﺤﻤﻴﻪ ،ﻓﻲ
ﺳﻴﺎﻕ ﺍﺑﺘﻜﺎﺭﺍﺕ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ؟ ﺇﻥ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻞ ﻛﻤﻨﻈﻢ ﻓﻌّﺎﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻊ ﻗﻮﺍﻋﺪ
ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﺿﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻊٌ ﺳﻠﻴﻢ ،ﻭﻧﺎﺿﺞ ﻭﺫﻭ ﺳﻴﺎﺩﺓ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﺘﻌﻠﻖ :ﺑﺎﻻﺳﺘﺒﺎﻕ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ،ﻭﻭﺿﻊ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻭﺍﻟﺴﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ،ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻱ ﻟﻠﻔﺴﺎﺩ،
ﻭﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻔﻌّﺎﻟﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﻇﻬﻮﺭ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺮﻏﻮﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ،ﻭﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺨﺎﻃﺮ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﺃﻭ
ﻣﺆﻛﺪﺓ .ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﻓﻲ ﺍﻷَﺣْﻜﺎﻡِ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴﺒﺒﺔ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ .ﻟﻜﻦَّ
ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻘﻂ ﻟﺘﺠﻨﺐ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﺍﻟﺨﺒﺮﺍﺕ ﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ،
ﻭﻟﺘﺤﻔﻴﺰ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻃﺮﻕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ.
.178ﺇﻥ ﻣﺄﺳﺎﺓ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻔﻮﺭﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﺪﻋﻮﻣﺔ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞ ﺷﻌﻮﺏ ﻣﺴﺘﻬﻠﻜﺔ ،ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺍﻧﺘﺎﺝ
ﻧﻤﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ .ﻭﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ،ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ،ﻻ ﺗﻌﺮﺽُّ ﻧﻔﺴّﻬﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻟﺨﻄﺮ ﺇﺯﻋﺎﺝ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺑﺎﺗﺨﺎﺫ
ﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﺟﺮﻳﺌﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻓﺔ ﺑﺎﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ .ﺇﻥ ﻗِﺼﺮ ﻧﻈﺮ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻳﺒﻄﺊ
ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺇﺩﻣﺎﺝ ﺍﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﺍﻷﻓﻖ ﻓﻲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﻓﻨﻨﺴﻰ ﻫﻜﺬﺍ ﺃﻥ “ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺃﺳﻤﻰ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺴﺎﺣﺔ ،[130]”ﻭﺃﻧﻨﺎ ﺳﻨﻜﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺧﺼﻮﺑﺔ ﺣﻴﻦ ﻧﻬﺘﻢ ﺑﺈﻧﺘﺎﺝ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ،ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ﺑﺎﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ.

4.9 Page 39

▲back to top
39
ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻈﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻢ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ،ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ .ﻟﻜﻦَّ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺠﺪ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺗﺒﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻭﻃﻨﻲ.
.179ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ،ﻳﺘﻢ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺗﻌﺎﻭﻧﻴﺎﺕ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻄﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺠﺪﺩﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ
ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ،ﺑﻞ ﻭﺣﺘﻰ ﺑﺒﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺾ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ .ﻳﺸﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ -ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺒﺪﻭ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻏﻴﺮ
ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ -ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻄﻠﺐ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﺮﻗًﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴًّﺎ .ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻫﻨﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻮﻟﺪ ﻗﺪﺭ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﺣﺲٌّ ﺟﻤﺎﻋﻲٌّ ﻗﻮﻱ ،ٌّﻭﻗﺪﺭﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ،ﻭﺇﺑﺪﺍﻉٌ ﺳﺨﻲ ،ٌّﻭﺣﺐٌ ﻋﻤﻴﻖٌ ﻟﻸﺭﺽ ،ﻭﻫﻨﺎ ﻳﺘﻢ
ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﻤﺎ ﺳﻮﻑ ﻳُﺘﺮﻙ ﻟﻸﺑﻨﺎﺀ ﻭﻟﻸﺣﻔﺎﺩ .ﺇﻥ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴّﻢ ﺟﺬﻭﺭًﺍ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻷﺻﻠﻴﻴﻦ .ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ
ﻗﺪ ﻳﺒﺪﻭ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻑ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ،ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻗﺮﺍﺭًﺍ ﺳﻴﺎﺳﻴًّﺎ ﻳﺼﺎﺣﺒﻪ ﺿﻐﻂ ﺷﻌﺒﻲ .ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻋﺒﺮ
ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ،ﺃﻥ ﻳُﺮﻏﻢ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻭﺿﻮﺍﺑﻂ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﺰﻣًﺎ.
ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺮﺍﻗﺐ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻮﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔَ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ –ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻠﺪﻳﺔ– ﻓﺈﻥ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﻏﻴﺮ
ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻛﺬﻟﻚ .ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﺎﺕ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﺪﻯ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺷﻌﻮﺏ ﻣﺠﺎﻭﺭﺓ،
ﻟﺪﻋﻢ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺑﻴﺌﻴﺔ ﻣﻮﺣﺪﺓ.
.180ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻭﺻﻔﺎﺕ ﻣﻮﺣﺪﺓ ،ﻷﻥ ﻟﻜﻞ ﺑﻠﺪ ﺃﻭ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺸﺎﻛﻠﻬﺎ ﻭﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ .ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻳﻀًﺎ ﺃﻥ
ﺍﻟﺒﺮﺍﻏﻤﺎﺗﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻔﺮﺽ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻭﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ،ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻓﻘﻬﺎ ﺧﻄﺔ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﺘﻌﻬﺪﺍﺕ ﺍﻟﺘﺪﺭﺟﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻤﻠﺰﻣﺔ .ﻟﻜﻦ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻭﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﻪ ،ﻣﺜﻞ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺗﻮﻓﻴﺮ
ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ .ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻗﺼﻮﻯ ﻭﺑﺄﺩﻧﻰ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ،
ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻠﻮﻳﺚ ،ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ .ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻟﺘﺤﺴﻴﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ
ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﺑﻨﺎﺀ ﻭﺗﺮﻣﻴﻢ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﻔﺾ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﻭﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺘﺠﻪ .ﻣﻦ
ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ ﻧﺤﻮ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ،ﻭﺗﻨﻤﻴﺔ ﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺪﻭﻳﺮ،
ﻭﺇﻟﻰ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻤﻬﺪﺩﺓ ،ﻭﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺗﺸﻤﻞ ﺗﻨﺎﻭﺏ ﺍﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ .ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻳﻀًﺎ ﺗﺸﺠﻴﻊ
ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ،ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒِﻨﻴﺔِ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ،ﻭﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺃﻭ
ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻧﻈﻢ ﺍﻟﺮﻱ ،ﻭﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﻣﺴﺘﺪﺍﻣﺔ .ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﻨُﻈﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺻﻐﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻦ ،ﻭﺗﺤﻤﻲ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﺍﺏ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ
ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻬﺎ!
.181ﻻ ﺑﺪﻳﻞ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴّﺔ ﻭﺑﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ
ﺗﺘﺒﺪﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺎ .ﻓﺎﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻭﻗﺘًﺎ ﻃﻮﻳﻼ ﻭﺗﻔﺘﺮﺽ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻓﻮﺭﻳﺔ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﻭﻻﻳﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ
ﻭﺍﺣﺪﺓ .ﻟﻬﺬﺍ ،ﺩﻭﻥ ﺿﻐﻂ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ،ﺳﻴﻘﺎﺑﻞ ﺃﻱ ﺗﺪﺧﻞ ﺑﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ،ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﻋﻨﺪ ﻇﻬﻮﺭ ﺃﻣﻮﺭ ﻣﻠّﺤﺔ ﺗﺤﺘﺎﺝ
ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ .ﺇﻥ ﺗﺤﻤّﻞ ﺭﺟﻞ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ،ﻻ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﻨﺠﺎﻋﺔ ﻭ”ﺍﻟﻔﻮﺭﻳﺔ”
ﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﻴﻦ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺇﻥ ﺍﻣﺘﻠﻚ ﺷﺠﺎﻋﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻬﺬﺍ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﺘﻤﻜﻦ ﻣﺠﺪﺩًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺃﻋﻄﺎﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪُ ﺇﻳﺎﻩ ﻛﺸﺨﺺ ،ﻭﺳﻴﺘﺮﻙ ،ﺑﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﻦ ،ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺳﺨﻴﺔ .ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﻣﺴﺎﺣﺔ
ﺃﻛﺒﺮ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ،ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﻼﺡ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺗﻨﺴﻴﻘﻬﺎ ،ﻭﺗﺰﻭﻳﺪﻫﺎ ﺑﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺻﺎﻟﺤﺔ ،ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺘﺨﻄﻲ ﺍﻟﻀﻐﻮﻃﺎﺕ
ﻭﺍﻟﺨﻤﻮﻝ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ .ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ،ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻳﻔﺸﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻋﻈﻴﻤﺔ،
ﻭﻗﻴﻢ ﻧﺒﻴﻠﺔ ،ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲ ﻏﻨﻲ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻲ ﻟﻜﻞّ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗﻮﺟﻬًﺎ ﻧﺒﻴﻼ ﻭﺳﺨﻴًّﺎ.
.IIIﺣﻮﺍﺭ ﻭﺷﻔﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ
.182ﺇﻥ ﺗﻮﻗﻊ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻭﻋﻦ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺷﻔﺎﻓﺔ،
ﻭﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﺨﻔِﻲ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻣﺎ ،ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻓﻊ
ﺧﺎﺻﺔ ،ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﺮﺍﻡ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﻣُﺒﻬﻤﺔ ﺗﺘﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺍﻟﻤﺘﻌﻤﻖ.

4.10 Page 40

▲back to top
40
.183ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻻﺣﻘﺔ ﻟﻮﺿﻊ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺇﻧﺘﺎﺟﻲ ﺃﻭ ﻷﻱ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺃﻭ ﺧﻄﺔ ﺃﻭ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ .ﺑﻞ ﻳﺠﺐ
ﺇﺩﺭﺍﺟﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺇﻋﺪﺍﺩﻫﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺨﺼّﺼﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ،ﻭﺷﻔﺎﻓﺔ ﻭﻣﺴﺘﻘﻠّﺔ ﻋﻦ ﺃﻱ ﺿﻐﻂ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺃﻭ
ﺳﻴﺎﺳﻲ .ﻳﺠﺐ ﺭﺑﻄﻬﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺑﺎﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴّﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﺤﻠّﻲ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻦ .ﻳﻤﻜﻦ ﻫﻜﺬﺍ ﺗﻮﻗﻊ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ،ﺁﺧﺬﻳﻦ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ
ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮﻫﺎﺕ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻭﻣﺴﺘﺒﻘﻴﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺃﻛﺒﺮ ﺇﺫﺍ ﻟﺰﻡ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺻﻼﺡ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺮﻏﻮﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻥ
ﺃﻣﻜﻦ .ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﻓﻲ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﺎ
ﻃﺮﺡ ﻭﺟﻬﺎﺕ ﻧﻈﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺣﻠﻮﻝ ﻭﺑﺪﺍﺋﻞ .ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻳﺠﺐ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻤﻴّﺰ ﻟﻠﺴﻜّﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻳﺘﺴﺎﺀﻟﻮﻥ ﻋﻤﺎ ﻳﺘﻤﻨّﻮﻧﻪ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻷﻭﻻﺩﻫﻢ ،ﻭﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻫﻢ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﺓ .ﺇﻧﻨﺎ
ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺃﻳﻀًﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﻓﻜﺮﺓ “ﺍﻟﺘﺪﺧﻼﺕ” ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻹﻓﺴﺎﺡ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻣﺪﺭﻭﺳﺔ ﻭﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞِ ﺟﻤﻴﻊ
ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ .ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺣﻮﻝ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﻭﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻻﺕ
ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺒﺪﺋﻲ ﻟﻠﻤﺸﺮﻭﻉ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮﺓ .ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﺟﺔ
ﺇﻟﻰ ﺇﺧﻼﺹ ﻭﺻﺪﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺭ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﺎﺋﺰ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴًّﺎ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﻴﺮ
ﺟﺎﺋﺰ.
.184ﺣﻴﻦ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﺨﺎﻃﺮ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺗﻤﺲ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ،ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ “ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻨﺪ
ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺪﻳﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ .[131]”ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺼﺢ ﺑﺸﻜﻞ
ﺧﺎﺹ ﺇﺫﺍ ﺗﺴﺒﺐ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻻﻧﺒﻌﺎﺛﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻬﺪﺭ ﺃﻭ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮ
ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒِﻴﺌَﺔ ﺍﻟﻄَﺒِﻴﻌِﻴَّﺔ ﻟﻸﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻤﺤﻤﻴِّﺔ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﺎﻡ .ﺇﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ
ﻗﺪ ﺗﻠﺤﻖ ﺿﺮﺭًﺍ ﺑﺎﻟﻐًﺎ ﺑﻨﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺎ ،ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺟﺪًﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﻛﺎﻟﺘﻠﻮﺙ
ﺍﻟﺴﻤﻌﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﻮﻗّﻊ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ،ﺃﻭ ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻘﻴِّﻢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ .ﺇﻥ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ ﻟﻠﻤﺪﻯ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮ ﻟﻠﻤﻨﻔﻌﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺸﺠِّﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺳﺮﻳﻌﺔ
ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﺑﺈﺧﻔﺎﺀ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ.
.185ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺸﺮﻭﻉ ﺗﺠﺎﺭﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻃﺮﺡ ﻻﺋﺤﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ،ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺗﻤﻴِّﻴﺰ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ
ﺳﻴﺤﻘﻖ ﺃﻭ ﻻ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ :ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻱ ﻫﺪﻑ؟ ﺑﺄﻱ ﺑﺎﻋﺚ؟ ﺃﻳﻦ؟ ﻣﺘﻰ؟ ﺑﺄﻳﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ؟ ﻟﻤﻦ ﻳﺘﻮﺟﻪ؟ ﻣﺎ ﻫﻲ
ﺍﻷﺧﻄﺎﺭ؟ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ؟ ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﻭﻛﻴﻒ؟ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻳﺠﺐ ﺇﻋﻄﺎﺅﻫﺎ ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ .ﻋﻠﻰ
ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﻧﻌﺮﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺗُﺸﻜِّﻞ ﻣﻮﺭﺩًﺍ ﻧﺎﺩﺭًﺍ ﻭﺿﺮﻭﺭﻳًّﺎ ،ﻓﻀﻠًﺎ ﻋﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺣﻖٌ ﺃﺳﺎﺳﻲٌّ ﻳﺆﺛّﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ
ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻷﺧﺮﻯ .ﺇﻧﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻳﺮﻗﻰ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺗﻔﻮﻕ ﺃﻱ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺎ.
.186ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺭﻳﻮ ﻓﻲ ،1992ﺃُﻋﺘﻤِﺪَ ﺃﻧﻪ “ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺧﻄﺎﺭ ﺫﺍﺕ ﺃﺿﺮﺍﺭ ﺟﺴﻴﻤﺔ ﺃﻭ ﻻ ﺭﺟﻌﺔ
ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘﺬﺭﻉ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻟﻠﻴﻘﻴﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﺘﺄﺧﺮ ﻓﻲ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﻓﻌﺎﻟﺔ [132]”ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻣﻨﻊ
ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ .ﻳﺴﻤﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻲ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﺿﻌﻔًﺎ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﻤﺘّﻌﻮﻥ ﺳﻮﻯ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ
ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺃﺩﻟﺔ ﺩﺍﻣﻐﺔ .ﺇﺫﺍ ﺃﺷﺎﺭﺕ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺣﺪﻭﺙ ﺿﺮﺭ ﺧﻄﻴﺮ ﻻ ﺭﺟﻌﺔ ﻓﻴﻪ -
ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﻴﺎﺏ ﺩﻻﺋﻞ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎﺵ -ﻳﺠﺐ ﺇﻳﻘﺎﻑ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ،ﺃﻳًّﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﺗﻌﺪﻳﻠﻪ .ﻓﻌﺐﺀ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺑﻬﺬﻩ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻷﻧﻪ ،ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ،ﻳﺠﺐ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻋﺮﺽ ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﻭﻣﻘﻨﻊ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻤُﻘﺘﺮﺡ ﻟﻦ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺃﺿﺮﺍﺭ
ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻃﻨﻴﻬﺎ.
.187ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺃﻱ ﺍﺑﺘﻜﺎﺭ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺘﺤﺴﻴﻦ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺷﻌﺐ ﻣﺎ .ﻟﻜﻦ ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ،ﻳﺠﺐ
ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻗﺎﻃﻌًﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺮﺩﻭﺩ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻷﻭﺣﺪ ﺍﻟﻤﺄﺧﻮﺫ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﺃﻧﻪ ،ﺣﻴﻦ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻨﺎﺻﺮ
ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ،ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻘﻴﻴﻢٌ ﺟﺪﻳﺪٌ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﻓﻴﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ .ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺑﻌﺪﻡ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗُﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺕٍ ﺃﻭ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻘﺘﺮﺣﺎﺕ
ﺑﺪﻳﻠﺔ.

5 Pages 41-50

▲back to top

5.1 Page 41

▲back to top
41
.188ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ،ﺣﻮﻝ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻳﺼﻌﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺍﻓﻖ .ﺃﻛﺮﺭ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻻ ﺗﺪﻋﻲ
ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻭﻻ ﺃﺧﺬ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻲ ﺃﺩﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﻧﻘﺎﺵ ﺻﺎﺩﻕ ﻭﺷﻔﺎﻑ ،ﻛﻲ ﻻ ﺗُﻠﺤِﻖَ ﺍﻟﺤﺎﺟﺎﺕُ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ
ﺃﻭ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕُ ﺍﻟﻀﺮﺭَ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮِ ﺍﻟﻌﺎﻡ.
.IVﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻤﻞﺀ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ
.189ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺃﻻ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﻭﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺃﻻ ﻳﻨﺼﺎﻉ ﻹﻣﻼﺀﺍﺕ ﻭﻧﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ .ﺇﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﻀﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻧﻔﺴﻴﻬﻤﺎ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ،ﻭﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﺇﻥ ﺇﻧﻘﺎﺫَ ﺍﻟﻤﺼﺎﺭﻑ ﺑﺄﻱ ﺛﻤﻦ ﻛﺎﻥ ،ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ
ﺍﻟﺸﻌﺐ ،ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﻗﺮﺍﺭ ﺣﺎﺯﻡ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﺃﻭ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺗﺸﻜﻴﻠﻪ ،ﻫﻮ ﺃﻣﺮٌ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﻟﻬﻴّﻤﻨﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻟﻤﺎﻟﻴﺔٍ ﻻ
ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻬﺎ ،ﺗُﻨﺘﺞ ﻓﻘﻂ ﺃﺯﻣﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﺑﻌﺪ ﺗﻤﺎﺛﻞ ﻇﺎﻫﺮﻱ ﻟﺸﻔﺎﺀ ﻃﻮﻳﻞ ﻭﻣﻜﻠﻒ .ﻟﻘﺪ ﺷﻜﻠﺖ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻌﺎﻣﻲ
2008-2007ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩٍ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫًﺎ ﻟﻠﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ،ﻭﻟﻮﺿﻊ ﺗﻘﻨﻴﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﻤﻀﺎﺭﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻟﻠﺜﺮﺍﺀ
ﺍﻟﻮﻫﻤﻲﻟﻜﻦ ﺭﺩﺓ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻟﻢ ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ ،ﻟﻸﺳﻒ ،ﺇﻟﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻟﺒﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺤﻜﻢ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﺇﻥ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ ﻟﻴﺲ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻋﻘﻼﻧﻴًّﺎ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﻋﺎﺩﺓ ﺑﻤﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺗﺤﺪﺩُ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻠﻤﻨﺘﻮﺟﺎﺕ ﻻ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ .ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻓﺮﺍﻁ ﻓﻲ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﺫﺍﺕ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺑﻴﺌﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻴﺪﺓ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ
ﺗﻀﺮ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﺍﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ .[133]ﺇﻥ ﺍﻟﻔﻘﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻳﻀًﺎ ،ﻭﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ ،ﻓﻘﺎﻋﺔ ﺇﻧﺘﺎﺟﻴﺔ .ﻓﻔﻲ
ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﺇﻥ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻢ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻪ ﺑﺤﺰﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺘﻨﻮﻳﻊ ﻭﺑﺘﺤﺴﻴﻦ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ،ﻭﺑﺄﻥ ﺗﻌﻤﻞ
ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻼﺋﻢ ،ﻭﺑﺄﻥ ﺗﺘﻄﻮَّﺭ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ ،ﻭﺗﺨﻠﻖ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﻋﻤﻞ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺩﻭﺍﻟﻴﻚ.
.190ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﺬﻛّﺮ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺃﻧﻪ “ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺿﻤﺎﻥ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺤﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﻜﺎﻟﻴﻒ
ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ .ﻓﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﻫﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻭ ﺗﻌﺰﻳﺰﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎﻑ .[134]”ﻣﺮّﺓ
ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﺗَﺠَﻨُّﺐ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺳﺤﺮﻱ ﻟﻠﺴﻮﻕ ،ﻳﺤﻤﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻥ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺃﺭﺑﺎﺡ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺗﻜﻔﻲ ﻟﺤﻞ
ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ .ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻲ ﺃﻥ ﻧﻨﺘﻈﺮ ﺃﺑﺪﺍ ﻣِﻦ ﻣَﻦْ ﻳﺘﻤﻠﻜﻪ ﻫﺎﺟﺲ ﺍﻟﺮﺑﺢ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﺍﻟﺘﺮﻳﺚ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺳﻴﺘﺮﻛﻬﺎ ﻟﻸﺟﻴﺎﻝ ﺍﻵﺗﻴﺔ؟ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺨﻄﻂ ﺍﻟﺮﺑﺢ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺇﻳﻘﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﺃﻭﻗﺎﺕ ﺗﺮﺩّﻳﻬﺎ ﻭﺗﺠﺪّﺩﻫﺎ ،ﻭﻻ
ﻓﻲ ﺗﻌﻘﻴﺪ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﻄﻴﺮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ .ﻓﻀﻠًﺎ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ
ﺍﻟﺘﻨﻮّﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻓﺎﻟﺤﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ]ﻟﻤﺎ ﻳُﻤﻜﻦ ﺗﻮﻗﻌﻪ[ ﻫﻮ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻛﻤﺨﺰﻥ ﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻳُﻤﻜﻦ
ﺍﺳﺘﻐﻼﻟﻪ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺟﺪﻳًّﺎ ﻓﻲ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﻭﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺷﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ،ﻭﻻ ﻓﻲ ﻣﺼﺎﻟﺢ
ﻭﺣﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ.
.191ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻌﺮﺽ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻴﻊ ،ﻳﺘﻬﻢ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻟﺘﻌﻄﻴﻞ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻘﻨﻊ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﺄﻥ ﺗﺒﻄﻲﺀ ﺳﺮﻋﺔ ﻧﻤﻂ ﻣﻌﻴﻦ ﻟﻺﻧﺘﺎﺝ ﻭﻟﻼﺳﺘﻬﻼﻙ ﻗﺪ ﻳُﻔﺴﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﻨﻤﻂ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ .ﻓﺎﻟﺠﻬﻮﺩ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻣﺴﺘﺪﺍﻡ ﻟﻠﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻨﻔﻘﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ
ﺳﻴﻌﻄﻲ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ .ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭﺳﻊ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺃﻥ ﺗﻨﻮﻉ ﺍﻧﺘﺎﺝ
ﺃﻛﺜﺮ ﺇﺑﺪﺍﻋًﺎ ،ﻭﺃﻗﻞ ﺗﺄﺛﻴﺮًﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺮﺩﻭﺩًﺍ .ﺇﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻧﺤﻮ ﻓُﺮﺹٍ ﻣُﺨﺘﻠﻔﺔ ،ٍﻻ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ
ﺍﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﻣﻦ ﺣﻠﻤﻪ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﻡ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺟﺪﻳﺪ.
.192ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﺇﻥ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺇﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﺇﺑﺪﺍﻋًﺎ ،ﻭﻣﻮﺟﻬﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻗﺪ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺇﺻﻼﺡ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺑﻴﻦ
ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ،ﻭﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻬﺰﻳﻞ ﻓﻲ ﺣﻞ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻤﻠﺤّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ؛
ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺫﻛﻴِّﺔ ﻭﻣﻔﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺄﻫﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﺪﻭﻳﺮ؛ ﻭﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤُﺪﻥ،
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺩﻭﺍﻟﻴﻚ .ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻻﻧﺘﺎﺟﻲ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﻓﻴﻪ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ،ﻳﻘﺪّﻡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ
ﺷﺎﺳﻌﺔ ﺟﺪﺍ ﻟﻠﺬﻛﺎﺀ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻟﻺﺑﺪﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ .ﻭﺳﻴﻜﻮﻥ ﺇﺑﺪﺍﻋًﺎ ﻗﺎﺩﺭًﺍ ﻋﻠﻰ ﺟﻌﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻧﺒﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻳﺰﻫﺮ
ﻣﺠﺪﺩًﺍ ،ﻷﻧﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺬﻛﺎﺀ ،ﺑﺈﻗﺪﺍﻡ ﻭﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ،ﻹﻳﺠﺎﺩ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻡ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ،ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻔﻬﻮﻡ

5.2 Page 42

▲back to top
42
ﺃﻭﺳﻊ ﻟﻨﻮﻋﻴِّﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﻭﺍﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺃﻗﻞ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﻭﺃﺑﺪﺍﻋًﺎ ،ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺳﻄﺤﻴﺔ ،ﺍﻻﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻧﻬﺐٍ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ،
ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻼﺳﺘﻬﻼﻙ ﻭﺍﻟﺮﺑﺢ ﺍﻟﻔﻮﺭﻱ.
.193ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺔ ﺣﺎﻝ ،ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺾ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻡ ﺳﻴﺠﻠﺐ ﺃﻧﻤﺎﻃًﺎ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﻨﻤﻮ ،ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻻﺕ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻭﺃﻣﺎﻡ
ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻟﺠﺸﻊ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺇﺑﻄﺎﺀ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﻗﻠﻴﻼ ،ﻭﻭﺿﻊ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻟﺔ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻊ ﺃﻳﻀًﺎ ﻗﺒﻞ ﻓﻮﺍﺕ ﺍﻷﻭﺍﻥ .ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺆﺍﺯﺭﺓ ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻬﻠﻜﻮﻥ
ﻭﻳﺪﻣﺮﻭﻥ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺃﻛﺜﺮ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻭﻓﻘًﺎ ﻟﻤﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻜﺮﺍﻣﺘﻬﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺣﺎﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻟﻘﺒﻮﻝ
ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻣﻌﻴﻦ ﻟﻠﻨﻤﻮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻟﺘﻮﻓﻴﺮ ﻣﻮﺍﺭﺩ ﺣﺘﻰ ﺗَﺘَﻤَﻜَّﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻠﻴﻢ.
ﻛﺎﻥ ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻧﻪ “ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴًّﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪﺓ ﻟﺘﺤﻔﻴﺰ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ
ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ،ﻋﺒﺮ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺍﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﻭﺗﺤﺴﻴﻦ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ.[135]”
.194ﻛﻲ ﺗﺒﺮﺯ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ “ﺗﺒﺪﻳﻞ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،[136]”ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ
ﺑﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ “ﺣﻮﻝ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﻏﺎﻳﺎﺗﻪ ،ﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﻣﺎ ﻳﺸﻮﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﻻﺕ ﻭﺗﺸﻮﻫﺎﺕ .[137]”ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ،ﻛﺤﻞ
ﻭﺳﻂ ،ﺑﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﻨﺎﺀ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺮﺑﺢ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ،ﺃﻭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ .ﻓﺎﻟﺤﻞ ﺍﻟﻮﺳﻂ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ
ﺳﻮﻯ ﻣﺠﺮﺩ ﺗﺄﺟﻴﻞ ﺑﺴﻴﻂ ﻟﻠﻜﺎﺭﺛﺔ .ﺇﻥ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻭﺑﻜﻞ ﺑﺴﺎﻃﺔ ،ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ .ﻓﻜﻞ ﺗﻄﻮﺭ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ
ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﻋﻠﻤًﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﻭﻧﻮﻋﻴﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﺭﻗﻰ ﺑﺸﻤﻮﻟﻴﺘﻬﺎ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺗﻘﺪﻣًﺎ .ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﺇﻥ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺣﻴﺎﺓ
ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴﺔ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺘﻘﻬﻘﺮ –ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻧﺨﻔﺎﺽ ﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﻮﺟﺎﺕ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻨﻔﺎﺫ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ– ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻧﻤﻮ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ .ﻓﻴﺘﺤﻮﻝ ﻋﺎﺩﺓ ،ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ،ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻡ ﺇﻟﻰ ﺗﻬﺮﺏ ﻭﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ
ﺍﻟﺘﺒﺮﻳﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺠﺰ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ،ﻭﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻟﻠﺸﺮﻛﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﻘﻴﺔ ،ﻭﺗﺠﻤﻴﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ.
.195ﺇﻥ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺮﺑﺢ ﺍﻷﻗﺼﻰ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺄﻱ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﺃﻱّ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺁﺧﺮ ،ﻫﻮ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ :ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻬﻢ
ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻳﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴّﺔ ﺃﻭ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ؛ ﻭﺇﻥ ﺳﺎﻫﻢ ﺍﺳﺘﺌﺼﺎﻝ ﻏﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺩﺓ
ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ،ﻓﻼ ﺃﺣﺪ ﻳﻘﻴﺲ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻮﻟّﺪﻫﺎ ﺗﺼﺤّﺮ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ،ﺃﻭ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﺘﻨﻮّﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﺃﻭ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻠﻮّﺙ .ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ
ﺍﻟﺸّﺮﻛﺎﺕ ﺗﺤﺼﺪ ﺃﺭﺑﺎﺣًﺎ ،ﺑﻌﺪ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﺴﺎﺑﺎﺕ ﻭﺩﺍﻓﻊ ﻗﺴﻢ ﺯﻫﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ .ﺇﻥ ﺗﺼﺮﻓًﺎ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺃﺧﻼﻗﻴًّﺎ ﻓﻘﻂ
ﺇﺫﺍ ﺗﻢ “ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒِ ﺑﺎﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒِ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔِ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔِ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔِ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡِ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭِﺩِ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔِ ﺍﻟﻤُﺸﺘﺮﻛَﺔ ،ﺑﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ،ٍﻭﺿﻤﺎﻥِ ﺃﻥ
ﻳﻜﻮﻥَ ﻣﺼﺪﺭُﻫﺎ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞِ ﺃﻭﻟﺌﻚَ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪﻭﻥَ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻏﻴﺮَﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏِ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺃﺟﻴﺎﻝِ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ .[138]”ﺇﻥ
ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞٍ ﺛﺎﺑﺖ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻭﻓﻘًﺎ ﻟﻼﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ،ﻫﻲ ﻣﺎﺛﻠﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻫﻮ
ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ،ﺃﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤُﺨﻄﻄﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻬﺬﺍ.
.196ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ؟ ﻟﻨﺘﺬﻛﺮ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻁ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻨﺢ ﺣﺮﻳﺔ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ
ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺃﻛﺒﺮ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞِ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ .ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻵﻥ ﺗﻤﺎﺭﺱ ﺳﻠﻄﺔً ﺃﻛﺒﺮَ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎﺭﺳﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻧﻔﺴﻬﺎ .ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺳﻴﺎﺳﺔ،
ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺭﺑﻤﺎ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﻟﻤﻨﻄﻖ ﺃﺧﺮ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ .ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺮﻙ
ﻣﺠﺎﻻ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺠﺪّﻱ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻣﻜﺎﻥ ﺑﻪ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻤﻦ ﻫﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻫﺸﺎﺷﺔ ،ﻷﻥ “ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻣﻦ
ﺍﺩﻋﺎﺀ “ﻧﺠﺎﺡٍ” ﻭ”ﺣﻖٍّ ﺧﺎﺹ ،”ﻻ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﺘﻜﺮﻳﺲ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻓﻴﺘﻤﻜَّﻦَ ﻣﻦ ﺷﻖّ ﻃﺮﻳﻖٍ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺆﺧﺮﺓ ،ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻣﻮﻥ.[139]”
.197ﺇﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﺮﺅﻳﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ،ﺗﺘﺒﻨﻲ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ،ﺗﺸﻤﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﺘﻌﺪﺩ
ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻧﻔﺴًﻬﺎ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﻬﺎ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﻋﺎﻣﺔ
ﺻﺎﻟﺤﺔ .ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﻠﻌﺐ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺎ ،ﺳﺘﺘﻤﻜﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻓﻲ ﺛﻮﺏ
ﺍﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ ﻭﺗﻤﺴﻚ ﺑﺰﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻣﺴﺘﺜﻨﻴﺔ ﻧﻔﺴّﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﻭﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺴﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﻨﺸﺄﺓ ﺃﺷﻜﺎﻝ
ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ،ﻭﺍﻹﺗﺠﺎﺭ ﺑﺎﻷﺷﺨﺎﺹ ،ﻭﺗﻬﺮﻳﺐ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ ،ﻭﺍﻟﻌﻨﻒ ،ﻭﺃﺷﻜﺎﻝ ﻳﺼﻌﺐ ﺍﺳﺘﺌﺼﺎﻟﻬﺎ.

5.3 Page 43

▲back to top
43
ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺮ ﻣﻨﻄﻖ ﻓﺎﺳﻖ ،ﻭﺗﺒﻘﻰ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺣﺒﻴﺴﺔ ﻓﻲ ﺧﻄﺎﺑﺎﺕ ﻣﻨْﻬﻜﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ
ﺳﻨﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ .ﺇﻥ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻞ
ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻧﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ .ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ.
.198ﺗﻤﻴﻞ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻟﺘﺒﺎﺩﻝ ﺍﻻﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ ﻭﺑﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳُﻨﺘﻈﺮ ﻣﻨﻬﻤﺎ
ﻫﻮ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﺧﻄﺎﺋﻬﻤﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻭﺇﻳﺠﺎﺩ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﺗﺼﺐ ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎﻁ
ﻟﻤﺠﺮﺩ ﺃﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﻘﻘﻮﺍ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﻣﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﻮﺍﺟﺲ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﺃﻭ ﺯﻳﺎﺩﺗﻬﺎ ،ﻓﺈﻥ ﻣﺎ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻨﺎ ﻫﻮ
ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺃﻭ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ﺣﻴﺚ ﺃﻗﻞ ﻣﺎ ﻳﻬﻢ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺿﻌﻔًﺎ .ﻫﻨﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﻳﺠﻮﺯ
ﻣﺒﺪﺃ “ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺃﺳﻤﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ.[140]”
.Vﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ
.199ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺒﻴﺔ ﺗﻔﺴّﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ
ﻣﺠﻤﻠﻪ .ﻓﻬﺬﺍ ﻳﺘﺨﻄﻰ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺷﻚ ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ .ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻢ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺩﺍﺧﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮّﺭ ﺍﻟﻀﻴﻖ ،ﻓﻼ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﻠﺤﺎﺳﺔ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺸِﻌﺮ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﻏﺎﻳﺘﻬﺎ .[141]ﻭﻫﻨﺎ ﺃﻭﺩ ﺃﻥ ﺃُﺫﻛِّﺮ ﺃﻥ “ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ
ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﺗﻔﺴﻴﺮﺍ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ،ﻭﺃﻥ ﻟﻬﺎ ﻗﻮﺓ ﺗﻌﻠﻴﻞ ﺗﻔﺘﺢ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺁﻓﺎﻗًﺎ ﺟﺪﻳﺪﺓ ]…[ ﻓﻬﻞ ﻳُﻌﻘﻞ ﻭﻳُﻔﻬﻢ
ﺃﻥ ﺗﺤﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺩﻳﻨﻲ؟ .[142]”ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺬﺍﺟﺔ ﺑﻤﻜﺎﻥ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ
ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺗﻄﺮﺡ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺠﺮﺩّﺓ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ،ﻭﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋﻦ ﺃﻱ ﺳﻴﺎﻕ ،ﻓﻜﻮﻧﻬﺎ ﺗُﻘﺪَّﻡ ﺑﻠﻐﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻻ
ﻳُﺠﺮﺩﻫﺎ ﻣﻦ ﺃﻳﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﺇﻥ ﺑﺈﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺇﺩﺭﺍﻛﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ
ﺗﺤﺖ ﺻﻴﻎٍ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻭﻳُﻌﺒّﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻠﻐﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ.
.200ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﺃﻱ ﺣﻞ ﺗﻘﻨﻲ ﺗﺪﻋﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻛﺘﺸﺎﻓﻪ ،ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻋﺎﺟﺰًﺍ ﻋﻦ ﺣﻞ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮﺓ ﺇﺫﺍ ﻓﻘﺪﺕ
ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﺴﺎﺭﻫﺎ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻧﺴﻴّﻨﺎ ﺍﻟﺪﻭﺍﻓﻊ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻣﻌًﺎ ﻭﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ ﺃﻣﻮﺭًﺍ ﻣﻤﻜﻨﺔ .ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ،
ﻳﺠﺐ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻧﺪﺍﺀ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣُﻨﺴﺠﻤﻴﻦ ﻣﻊ ﺇﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﻭﺃﻻ ﻳﻨﺎﻗﻀﻮﻩ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻬﻢ ﺑﺎﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻣﺠﺪﺩًﺍ
ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﻥ ﻳﻨﻬﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻗﺘﻨﺎﻋﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ .ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻬﻢٌ ﻣﻠﺘﺒﺲٌ
ﻟﻤﺒﺎﺩﺋﻨﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻗﺪ ﺣﻤﻠﻨﺎ ،ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ،ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﺳﻮﺀ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺃﻭ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ،ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻨﻒ ،ﻓﻨﺤﻦ ﻛﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻟﻢ ﻧﻜﻦ ﺃﻣﻨﺎﺀ ﻟﻜﻨﺰ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﻔﻲ ﻋﺼﻮﺭ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺃﺛﺮﺕ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻜﻨﻮﺯ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻳﻨﺎﺑﻴﻌﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪًﺍ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻴﺴﻤﺢ ﻟﻸﺩﻳﺎﻥ ﺑﺎﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ
ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻓﻀﻞ.
.201ﺇﻥ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻳﻌﻠﻨﻮﻥ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﺆﻣﻨﻮﻥ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻟﻠﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻳﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ،ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺷﺒﻜﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﻷﺧﻮﺓ .ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻳﻀًﺎ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺣﻮﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ
ﻧﻔﺴّﻬﺎ ،ﻧﻈﺮًﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻋﻠﻢ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺃﻥ ﻳﻨﻐﻠﻖ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﻟﻐﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺨﺼﺺ ﻳﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻮّﻝ
ﻟﻌﺰﻟﺔ ﻭﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ .ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻳﻀًﺎ ﺇﻗﺎﻣﺔ
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻨﻔﺘﺢ ﻭﻣﻮﻗﺮ ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻐﻴﺐ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ .ﺇﻥ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺍﻷﺯﻣﺔ
ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻣﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺏ ﺣﻮﺍﺭ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻟﺼﺒﺮ ،ﻭﺯﻫﺪ ﻭﺳﺨﺎﺀ ،ﻣﺘﺬﻛﺮﻳﻦ
ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺃﻥ “ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻫﻮ ﺃﺳﻤﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ.[143]”
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ

5.4 Page 44

▲back to top
44
ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻭﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ
.202ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﺪ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻣﺴﺎﺭﻫﺎ ،ﻭﻟﻜﻦ ،ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ .ﻫﻨﺎﻙ
ﻧﻘﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻷﺻﻞ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ ،ﻭﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻝ ،ﻭﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﺘﺸﺎﺭﻙ ﺑﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ
ﺳﻴﺴﻤﺢ ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﻗﻨﺎﻋﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﻣﻮﺍﻗﻒ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﺃﻧﻤﺎﻁ ﺣﻴﺎﺓ .ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﻨﺒﺮﻱ ﺗﺤﺪٍّ ﻛﺒﻴﺮٍ ﺛﻘﺎﻓﻲ ،ﻭﺭﻭﺣﻲ ،ﻭﺗﺮﺑﻮﻱ ،ﻳﻘﺘﻀﻲ
ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺪّﺩ.
.Iﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﻧﻤﻂ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
.203ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻳﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﺁﻟﻴﺔ ﺍﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﻗﻬﺮﻳﺔ ﺑﻬﺪﻑ ﺑﻴﻊ ﻣﻨﺘﻮﺟﺎﺗﻪ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺈﻏﺮﺍﻕ
ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻣﺔ ﺍﻟﺸﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻨﻔﻘﺎﺕ ﻋﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﺠﺪﻭﻯ .ﺇﻥ ﻫﻮﺱ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﻫﻮ ﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﻟﻠﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ-ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ.
ﻓﻴﺤﺪﺙ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﻭﻣﺎﻧﻮ ﻏﻮﺍﺭﺩﻳﻨﻲ :ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ “ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀَ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺔ ﻭﺃﺷﻜﺎﻝَ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﻋﺘﻴﺎﺩﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﺗُﻔﺮﺽ
ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻭﻣﻦ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤُﻘﻨَّﻨﺔ ،ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻬﺬﺍ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ،ﻣﻊ ﺍﻻﻧﻄﺒﺎﻉ ﺑﺄﻥ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻨﻄﻘﻲ
ﻭﺻﺎﻟﺢ .[144]”ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺃﺣﺮﺍﺭ ،ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺤﺘﻔﻈﻮﻥ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻣﺰﻋﻮﻣﺔ ﻓﻲ
ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ،ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻫﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺴﻚ ﺑﺰﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ .ﻓﻲ ﻏﻤﺮﺓ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﺒﺲ ،ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻓﻬﻤًﺎ ﺟﺪﻳﺪًﺍ ﻟﺬﺍﺗﻬﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ
ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺑﻘﻠﻖﻓﻨﺤﻦ ﻧﻤﺘﻠﻚ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻷﻫﺪﺍﻑ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻭﻫﺰﻳﻠﺔ.
.204ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ “ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺷﻌﻮﺭ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺑﺎﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻷﻣﻦ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﻔﺰ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺃﺷﻜﺎﻟًﺎ ﻣﻦ
ﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ .[145]”ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﺫﺍﺗﻴﺔ ،ﻭﻳﻨﻌﺰﻟﻮﻥ ﺩﺍﺧﻞ ﺇﺩﺭﺍﻛﻬﻢ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ،ﻓﺈﻥ
ﺟﺸﻌﻬﻢ ﻳﺘﺰﺍﻳﺪ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﺸﺨﺺ ،ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺷﺮﺍﺀ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻭﺍﻣﺘﻼﻛﻬﺎ
ﻭﺍﺳﺘﻬﻼﻛﻬﺎ .ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻳﺒﺪﻭ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﺃﺣﺪٌ ﺃﻥ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻟﻪ ﺣﺪﻭﺩًﺍ .ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻓﻖ ﻻ ﻭﺟﻮﺩ
ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻠﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ .ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻠﻦ ﺗُﺘَّﺒﻊُ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪﻡ ﺗﻌﺎﺭﺿﻬﺎ
ﻣﻊ ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ .ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻻ ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺣﺪﻭﺙ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﻣﻨﺎﺧﻴﺔ ﺭﻫﻴﺒﺔ ﺃﻭ ﻛﻮﺍﺭﺙ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ
ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﻛﻮﺍﺭﺙ ﻧﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺃﺯﻣﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻬﻮﺱ ﺑﻨﻤﻂِ ﺣﻴﺎﺓٍ ﺍﺳﺘﻬﻼﻛﻲ -ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺘﺎﺣًﺎ ﻓﻘﻂ ﻟﻌﺪﺩ
ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ– ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺆﺟﺞ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﺍﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻝ.
.205ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ،ﻟﻢ ﻧﺨﺴﺮ ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮ ،ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﺤﻄﺎﻁ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ،ﻫﻢ ﺃﻳﻀًﺎ ﻗﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ
ﺗﺨﻄّﻲ ﺫﻭﺍﺗﻬﻢ ﻭﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺨﻴﺮ ،ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ ،ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺗﺘﺨﻄﻰ ﺃﻱ ﺗﻜﻴّﻒ ﻋﻘﻠﻲ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻳُﻔﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﻢ .ﻫﻢ
ﻗﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺼﺪﻕ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﺷﻤﺌﺰﺍﺯﻫﻢ ﻭﺷﻖ ﺩﺭﻭﺏ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﻘﻮﺩﻫﻢ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ .ﻓﻼ
ﻭﺟﻮﺩ ﻟﻨُﻈﻢ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺗُﻠﻐﻲ ﻧﻬﺎﺋﻴًّﺎ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ،ﻭﻻ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﺍﻟﻠﻪ
ﻓﻲ ﺗﺤﻔﻴﺰﻫﺎ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ .ﺃﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﻻّ ﻳﻨﺴﻰ ﻛﺮﺍﻣﺘﻪ ﻫﺬﻩ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺤﻖ ﻷﺣﺪٍ ﺍﻧﺘﺰﺍﻋُﻬﺎ
ﻣﻨﻪ.
.206ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺿﻐﻂ ﺳﻠﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ
ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﺣﻴﻦ ﺗﻨﺠﺢ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻜﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺷﺮﺍﺀ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻠﻊ ،ﻓﻴﺼﺒﺤﻮﺍ ﻫﻜﺬﺍ
ﻣﺆﺛﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ،ﻭﺇﺟﺒﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻭﻧﻤﺎﺫﺝ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ .ﺇﻧﻪ ﻷﻣﺮٌ ﻭﺍﻗﻌﻲٌ ﺃﻥ ﺗﻀﻄﺮ
ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻃُﺮﻕ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﺎﺣﻬﺎ .ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺬﻛّﺮﻧﺎ ﺑﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻜﻴﻦ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .“ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﺍﺀِ ﻫﻲ ﻓِﻌﻞٌ ﺃﺧﻼﻗﻲٌّ ﻋﺪﺍ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳًّﺎ .[146]”ﻭﻟﻬﺬﺍ “ﺇﻥ ﻣﻮﺿﻮﻉ
ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﻳﻀﻊ ﻓﻲ ﻗﻔﺺ ﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ.[147]”

5.5 Page 45

▲back to top
45
.207ﻟﻘﺪ ﺩﻋﺎﻧﺎ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﺭﺽ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻙ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﻫﺬﻩ ﻭﺭﺍﺀﻧﺎ ﻭﺍﻟﺒﺪﺀ ﻓﻲ ﺍﻧﻄﻼﻗﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ،ﺇﻻ ﺃﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻄﻮِّﺭ ﺑﻌﺪ
ﻭﻋﻴًّﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴًّﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻣﻤﻜﻨًﺎ .ﻟﻬﺬﺍ ﺃﺗَﺠَﺮّﺃُ ﺑﺎﻗﺘﺮﺍﺡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪّﻱ ﺍﻟﺜﻤﻴﻦ ﻣﺠﺪﺩًﺍ :“ﺇﻥ ﻣﺼﻴﺮﻧﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ
ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ،ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻧﻄﻼﻗﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ .[…]ﻟﻨﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻨﺎ ﻛﻲ ﻳﺬﻛُﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻋﺼﺮَﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﻛﻌﺼﺮِ
ﺻﺤﻮﺓِ ﻭﻻﺀٍ ﺟﺪﻳﺪٍ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﻗﺮﺍﺭٍ ﺣﺎﺳﻢٍ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝِ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺳﺘﺪﺍﻣﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩِ ﺍﻟﻤﺘﺴﺎﺭﻉ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔِ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ،
ﻭﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝِ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ.[148]”
.208ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻧﺤﻮ ﺍﻵﺧﺮ .ﻓﻤﻦ ﺩﻭﻧﻬﺎ ،ﻟﻦ ﻧﺪﺭﻙ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ﻟﺒﻘﻴّﺔ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ،
ﻭﻟﻦ ﻧﻜﺘﺮﺙ ﺑﺎﻻﻋﺘﻨﺎﺀ ﺑﺄﻱ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻭﺳﻨﻔﻘﺪ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻢ ﺣﺪﻭﺩ ﻟﺬﻭﺍﺗﻨﺎ ﻟﻤﻨﻊ ﺍﻻﻟﻢ ﺃﻭ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻂ
ﺑﻨﺎ .ﺇﻥ ﺍﻟﺴّﻠﻮﻙ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺬﺍﺕ ،ﺑﻜﺴﺮ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻤﻌﺰﻭﻝ ﻭﺍﻟﻤﺮﺟﻌﻴّﺔ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴّﺔ ،ﻫﻮ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﻛﻞ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻮﻟّﺪ ﺭﺩﺓ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴّﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ،ﻭﻋﻦ
ﻛﻞ ﻗﺮﺍﺭ ﺷﺨﺼﻲّ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺍﺕ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻄّﻲ ﺍﻹﻧﻔﺮﺍﺩﻳﺔ ،ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﻤﻜﻦ ﻭﺍﻗﻌﻴًّﺎ ﺍﻧﺘﺎﺝ ﻧﻤﻂ ﺣﻴﺎﺓ
ﺑﺪﻳﻞ ،ﻭﻳﺼﻴﺮ ﻣﻤﻜﻨًﺎ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺗﺤﻘّﻴﻖ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.
.IIﺗﺮﺑﻴﺔٌ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ
.209ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳُﺘﺮﺟﻢ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺨﻄﻮﺭﺓ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﺩﺍﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ .ﻳﻌﺮﻑ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ
ﻭﻣﺠﺮﺩ ﺗﺮﺍﻛﻢ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻠﺬﺍﺕ ،ﻻ ﺗﻜﻔﻲ ﻹﻋﻄﺎﺀ ﻣﻌﻨﻰ ﻭﻓﺮﺡ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻗﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﺪّﻣﻪ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺴﻮﻕ .ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺸﺒّﺎﻥ -ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻛﺒﺮ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﻋﺎﺩﺍﺕ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ-
ﻳﻮﺟﺪ ﻭﻋﻲ ﺑﻴﺌﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﺭﻭﺡ ﺳﺨﻲ ،ﻭﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻨﺎﺿﻠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺭﺍﺋﻊ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻬﻢ ﻧﺸﺄﻭﺍ
ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭٍ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ ﻭﻣﻦ ﺭﻏﺪ ﺍﻟﻌﻴﺶ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﻧﻀﻮﺝ ﻋﺎﺩﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ .ﻟﻬﺬﺍ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪ
ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺗﺤﺪٍّ ﺗﺮﺑﻮﻱ.
.210ﻟﻘﺪ ﺷﺮﻋﺖ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺣﻘﻞ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ .ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ،ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻣﺮﻛﺰﺓ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺍﻵﻥ ﺗﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﻧﻘﺪ “ﻷﺳﺎﻃﻴﺮ” ﺍﻟﻌﺼﺮﻧﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ
ﻋﻘﻞ ﺃﺩﺍﺗﻲ [xvi])ﻧﺰﻋﺔ ﻓﺮﺩﻳﺔ ،ﻭﺗﻘﺪﻡ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﻭﺩ ،ﻭﺗﻨﺎﻓﺲ ،ﻭﻧﺰﻋﺔ ﺍﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ،ﻭﺳﻮﻕ ﺑﻼ ﻣﺒﺎﺩﺉ ،(ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ
ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ :ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﺬﺍﺕ ،ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻨﻲ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ
ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ،ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ .ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺃﻥ ﺗُﻌﺪَّﻧﺎ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻘﻔﺰﺓ ﻧﺤﻮ
“ﺍﻟﺴﺮ ،”ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻣﻨﻪ ﺗَﻨﻬﻞ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔُ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻷﻋﻤﻖ .ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺮﺑّﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻭﺿﻊ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ،ﻟﺘﺴﺎﻋﺪ ﺑﻔﻌّﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻤﻮّ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ
ﺍﻟﻤﺒﻨِّﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻒ.
.211ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﺪﻋﻮّﺓ ﻟﺨﻠﻖِ “ﻣُﻮَﺍﻃِﻨِﻴَّﺔ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴّﺔ ،”ﺗﻘﺘَﺼِﺮُ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﻄﺎﺀِ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺗﻔﺸﻞ ﻓﻲ ﺇﻧﻀﺎﺝ
ﻋﺎﺩﺍﺕ .ﻓﻮﺟﻮﺩ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭﺗﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻑ ،ٍﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ،ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻭﺟﻮﺩ
ﺭﻗﺎﺑﺔ ﻓﻌّﺎﻟﺔ .ﻓﻠﻜﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕٌ ﻣُﻬِﻤّﺔٌ ﻭﻣُﺴﺘﺪﺍﻣﺔ ،ٌﻣِﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔُ ﺃﻋﻀﺎﺀِ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺣﻮﺍﻓﺰ ﻛﺎﻓﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻳﺘﻔﺎﻋﻠﻮﺍ ﻣﻌﻬﺎ ﻭﻓﻘًﺎ ﻟﺘَﻐﻴّﺮ ﺷﺨﺼﻲ .ﻓﻘﻂ ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻗﻴّﻢ ﺭﺍﺳﺨﺔ
ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬِﺒَﺔ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡٍ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ ﺃﻥ ﺗُﺼﺒﺢ ﻣﻤﻜﻨﺔ .ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ
ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﻭﺑﺎﻹﻧﻔﺎﻕ ،ﺃﻥ ﻳﺘﻐﻄﻰ ﻗﻠﻴﻠًﺎ ﻋﻮﺿًﺎ ﻋﻦ ﺗﺸﻐﻴﻞ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺘﺪﻓﺌﺔ ،ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺍﻛﺘﺴﺐَ ﺣِﺴًّﺎ
ﻭﻗَﻨﺎﻋﺎﺕٍ ﺗُﺴﺎﻧﺪ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻨﺒﻴﻞ ﺟﺪًﺍ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﻳﻮﻣﻴﺔ
ﺻﻐﻴﺮﺓ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺮﺍﺋﻊ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺻﻞ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻔﻴﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻮﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻧﻤﻂ ﺣﻴﺎﺓ .ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﺸﺠّﻊ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺫﺍﺕ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻭﻫﺎﻡ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺗﺠﻨّﺐ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺒﻼﺳﺘﻴﻜﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺭﻗﻴﺔ ،ﻭﺗﺨﻔﻴﺾ ﺍﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ،ﻭﻓﺮﺯ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ،ﻭﻃﻬﻲ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﻜﻤﻴﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ،
ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎﻡ ﻣﻊ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴّﺔ ،ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨّﻘﻞ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺑﻴﻦ ﻋﺪّﺓ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ

5.6 Page 46

▲back to top
46
ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻭﺯﺭﺍﻋﺔ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ،ﻭﺇﻃﻔﺎﺀ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺇﺑﺪﺍﻋﻲ ﺳﺨﻲ ﻭﻧﺒﻴﻞ ،ﻳُﻈﻬﺮ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ .ﺇﻥ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ،ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﺍﻓﻊ ﻋﻤﻴﻘﺔ ،ﺑﺪﻝ ﺍﻟﺘﺨﻠّﺺ ﻣﻨﻪ ﺑﺘﺴﺮﻉ ،ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﻋﻤﻞ ﻣﺤﺒﺔ ﻳﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﻛﺮﺍﻣﺘﻨﺎ.
.212ﻻ ﻳﺠﺐ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﻟﻦ ﺗﻐﻴِّﺮَ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻓﺄﻋﻤﺎﻝ ﻛﻬﺬﻩ ﺗﻨﺸﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺧﻴﺮًﺍ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺃﻥ
ﻳُﻌﻄﻲ ﺛﻤﺎﺭًﺍ ﺗﻔﻮﻕ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻪ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻮﻟﺪ ﻓﻲ ﺃﺣﺸﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﺧﻴﺮًﺍ ﻳﻤﻴﻞ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ،ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ
ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻈﻮﺭﺓ .ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎﺕ ﺗُﻌﻴﺪ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﻜﺮﺍﻣﺘﻨﺎ ،ﻭﺗﻘﻮﺩﻧﺎ ﻧﺤﻮ ﻋﻤﻖ ﻛﻴﺎﻧﻲّ ﺃﻛﺒﺮ،
ﻭﺗﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺨﺘﺒﺮ ﺃﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﻣﺮﻭﺭﻧﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻳﺴﺘﺤﻖّ ﺍﻟﻌﻨﺎﺀ.
.213ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻫﻲ ﺑﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ :ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ،ﻭﺑﻴﺌﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ .ﺇﻥ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻣﺪﺭﺳﻴّﺔ
ﺟﻴّﺪﺓ ،ﻓﻲ ﺳﻦ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻫﻘﺔ ،ﺗﺰﺭﻉ ﺑﺬﻭﺭًﺍ ﻗﺪ ﺗﻌﻄﻲ ﺛﻤﺎﺭًﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻲ ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﻟﻸﺳﺮﺓ ،ﻷﻥ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻫﻲ “ﻣﻬﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻫﺒﺔ ﺍﻟﻠّﻪ ،ﻭﺣﻀﻨﻬﺎ ﺍﻟﻼﺋﻖ ،ﻭﺣﺼﻨﻬﺎ ﺿﺪ ﺍﻷﺧﻄﺎﺭ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﺎ،
ﻭﺍﻟﻤﻨﺒﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺘﺮﻋﺮﻉ ﻓﻴﻪ ﻃﺒﻘﺎً ﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﻧﻤﻮٍّ ﺑﺸﺮﻱّ ﺻﺤﻴﺢ .ﻓﻀﺪّ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻮﺕ ،ﺗﺸﻜّﻞ ﺍﻷﺳﺮﺓ
ﻗﻠﺐ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .[149]”ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺮﺓ ،ﺗﺘﺮﻋﺮﻉ ﺃﻭﻟﻰ ﻋﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﻨﺎﺀ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻛﻤﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ
ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻸﺷﻴﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ،ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﻨُﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ،ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ .ﺇﻥ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻫﻲ
ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻜﺸﻒ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻨﻀﻮﺝ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ،ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺍﺗﺼﺎﻻ ﻭﺛﻴﻘًﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ .ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺮﺓ،
ﻧﺘﻌﻠّﻢ ﺍﻻﺳﺘﺌﺬﺍﻥ ﺑﺎﺣﺘﺮﺍﻡ ،ﻭﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ “ﺷﻜﺮًﺍ” ﻛﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺻﺎﺩﻕ ﻟﻸﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﺃﻥ ﻧﻜﺒﺢ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺃﻭ
ﺍﻟﺠﺸﻊ ،ﻭﺃﻥ ﻧﻌﺘﺬﺭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺸﻲﺀ ﺳﻲﺀ .ﺇﻥ ﻟﻔﺘﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﻫﺬﻩ ،ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ
ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻨﺎ.
.214ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺟﻬﺪ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ .ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻖ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺃﻳﻀًﺎ .ﻟﺪﻯ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﻛﺎﻓﺔ ﺩﻭﺭ ﻣﻬﻢّ ﻟﺘﻘﻮﻡَ ﺑِﻪِ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ .ﻭﺃﺗﻤﻨﻰ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫﺪﻧﺎ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴّﺔ،
ﻭﻓﻲ ﺑﻴﻮﺕ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﺗﻨﺸﺌﺔٌ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﺸﻒ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻣّﻞ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻣﺘﻨﺎﻥ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺿُﻌﻒ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ
ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻓﻨﻈﺮًﺍ ﻷﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ،ﻭﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺴﻠﻄﺔ ﻟﻤﻌﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ
ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺃﻳﻀًﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻭﺍﺗﻨﺎ ﻭﺇﻟﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ.
.215ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،“ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﻫﻤﺎﻝ ]…[ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴّﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺌﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ.[150]”
ﻓﺎﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﻟﻠﺠﻤﺎﻝ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﻳﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻟﺒﺮﺍﻏﻤﺎﺗﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﻌﻴّﺔ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒَ ﻟﻠﺘﺄﻣّﻞ
ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ،ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤُﺴﺘﻐﺮﺏ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻮّﻝ ﻛﻞُّ ﺷﻲﺀ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﺽٍ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﺩﻧﻰ ﺷﻌﻮﺭ
ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﻋﻤﻴﻘﺔ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﺘﺬﻛّﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳّﺔ ﺗﺆﺛّﺮ ﻓﻌﻠًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ.
ﻓﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻛﺎﻓﻴﺔ ،ﻭﺟﻬﻮﺩﻫﺎ ﺳﺘﺬﻫﺐ ﺳﺪﻯ ،ﺇﻥ ﻟﻢ ﻧﻬﺘﻢ ﺃﻳﻀًﺎ ﺑﻨﺸﺮ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﺟﺪﻳﺪ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ،
ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .ﻭﺇﻻ ،ﻓﺎﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻨﺎﻗﻠﻪ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﻋﻼﻡ ﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻔﻌّﺎﻟﺔ ﺳﻴﺴﺘﻤﺮ
ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺎﻗﻢ.
.IIIﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ
.216ﺇﻥ ﻋﻈﻤﺔ ﻛﻨﺰ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ،ﻭﻟﻴﺪ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻗﺮﻥ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺗﺸﻜﻞ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﺭﺍﺋﻌﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﻤﺒﺬﻭﻟﺔ ﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ .ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻗﺘﺮﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﺘﺄﺗﻰ ﻣﻦ
ﻗﻨﺎﻋﺎﺕ ﺇﻳﻤﺎﻧﻨﺎ ،ﻷﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﺇﻳﺎﻩ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ ﻟﻪ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻔﻜﻴﺮﻧﺎ ﻭﺷﻌﻮﺭﻧﺎ ﻭﻋﻴﺸﻨﺎ .ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ
ﺃﻓﻜﺎﺭ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻭﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﻦ ﺩﻭﺍﻓﻊ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺑﻬﺪﻑ ﺗﻐﺬﻳﺔ ﺷﻐﻒ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺇﻧﻪ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ﺃﻥ ﻧﻠﺘﺰﻡ ﺑﺄﻣﻮﺭ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻣﻜﺘﻔﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻳﺔ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺗﻠﻬﻤﻨﺎ ،ﺩﻭﻥ “ﺍﻟﺤﻮﺍﻓﺰ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ ﻭﺗﺒﺮّﺭ
ﻭﺗﺸﺠﻊ ﻭﺗﻀﻔﻲ ﻣﻌﻨﻰً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ .[151]”ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ،ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻴﻦ ،ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧَﺠْﻦِ ﺩﺍﺋﻤًﺎ

5.7 Page 47

▲back to top
47
ﻭﻟﻢ ﻧُﻨَﻢِّ ﺍﻟﻐﻨﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻫﺒﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﻋﻦ ﺟﺴﺪِﻧﺎ ﻭﻻ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺃﻭ ﻋﻦ ﻭﺍﻗﻊ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻌﻬﺎ ﻭﻓﻴﻬﺎ ،ﺑﺸﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻳُﺤﻴﻂُ ﺑِﻨﺎ.
.217ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ “ﺍﻟﺼﺤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﺎﺛﺮﺕ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ،[152]”ﻓﺈﻥ
ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻫﻲ ﻧﺪﺍﺀ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺑﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ .ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﺮﻑ ﺃﻳﻀًﺎ ﺑﺄﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻴﻦ ،ﺍﻟﻤﻠﺘﺰﻣﻴﻦ
ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻇﺒﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ ،ﺑﺤﺠّﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﻏﻤﺎﺗﻴﺔ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﺎﺩﻭﺍ ﺍﻻﺳﺘﻬﺰﺍﺀ ﺑﺄﻱ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺁﺧﺮﻭﻥ
ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﻟﻴﻦ ،ﻭﻻ ﻳﺘّﺨﺬﻭﻥ ﺃﻱ ﻗﺮﺍﺭ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ ﻋﺎﺩﺍﺗﻬﻢ ،ﻓﻴﻔﻘﺪﻭﻥ ﺗﻮﺍﻓﻘﻬﻢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ .ﻳﻨﻘﺼﻬﻢ ﺇﺫًﺍ ﺗﻮﺑﺔ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ
ﻳﺴﻤﺤﻮﺍ ﻟﻜﻞّ ﺛﻤﺎﺭ ﻟﻘﺎﺋﻬﻢ ﺑﻴﺴﻮﻉ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺑﺄﻥ ﺗﻔﻴﺾ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺑﻬﻢ .ﺇﻥ ﻋﻴﺶ ﺩﻋﻮﺗﻨﺎ ﻛﺤﺮﺍﺱٍ
ﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺟﺰﺀ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﻓﺎﺿﻠﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﺑﺈﺧﺘﻴﺎﺭﻱ ﻭﻻ ﺑﺜﺎﻧﻮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ.
.218ﻟﻨﺘﺬﻛّﺮ ﻣَﺜﻞَ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺍﻷﺳّﻴﺰﻱ ،ﻛﻲ ﻧﻘﺘﺮﺡ ﻋﻼﻗﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﻛﺒُﻌﺪٍ ﻣﻦ ﺃﺑﻌﺎﺩِ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺸﺨﺺ.
ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺄﺧﻄﺎﺋﻨﺎ ،ﻭﺧﻄﺎﻳﺎﻧﺎ ،ﻭﻋﻴﻮﺑﻨﺎ ﻭﺇﻫﻤﺎﻟﻨﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ،ﻭﺍﻟﺘﻐﻴُّﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ .ﻗﺪ ﻋَﺮِﻑ
ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺃﺳﺘﺮﺍﻟﻴﺎ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺼﺎﻟﺤﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ :“ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻔﺤﺺ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻭﺃﻥ
ﻧﻌﺮﻑ ﺑﺄﻳّﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ،ﺑﺄﻓﻌﺎﻟﻨﺎ ﻭﺑﻌﺠﺰﻧﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ،ﻧُﺴﻲﺀ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﺍﻟﻠﻪ .ﺇﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺧﺒﺮﺓ ﺗﻮﺑﺔ ،ﻭﺧﺒﺮﺓ ﺗﻐﻴﻴﺮ
ﻟﻠﻘﻠﺐ.[153]”
.219ﻭﻟﻜﻦ ،ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺤﻞ ﻭﺿﻊ ﻣﻌﻘّﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺗﻌﻘﻴﺪ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺍﺟﻬﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ .ﻗﺪ
ﻳﻔﻘﺪ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﻨﻌﺰﻟﻮﻥ ﻗﺪﺭﺗﻬﻢ ﻭﺣﺮّﻳﺘﻬﻢ ﻟﺘﺨﻄّﻲ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻘﻠّﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﻌﻴّﺔ ،ﻟﻴﺠﺪﻭﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺗﺤﺖ ﺭﺣﻤﺔ
ﺍﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔٍ ﺧﺎﻟﻴﺔٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺲ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﻭﻣﻦ ﺃﻱ ﺑُﻌﺪ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺃﻭ ﺑﻴﺌﻲ .ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﺮّﺩُّ
ﻋﺒﺮ ﺷﺒﻜﺎﺕ ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻋﺒﺮ ﻣﺠﺮّﺩ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ :“ﺇﻥ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻥ
ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ،ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺮﺑّﻮﺍ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﺍﻧﻴﺔ ،ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺿﺮﻭﺭﻳًّﺎ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺎﺕ .[154]”ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺧﻠﻖ ﺩﻳﻨﺎﻣﻴّﺔ ﺗﻐﻴﻴﺮ
ﻣﺴﺘﺪﺍﻡ ﻫﻲ ﺃﻳﻀًﺎ ﺗﻮﺑﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ.
.220ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺘﺸﺎﺑﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻟﺘﻔﻌﻴﻞ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺳﺨﻴّﺔ ﻭﻣﻤﻠﻮﺀﺓ ﻋﻄﻔًﺎ .ﻓﻬﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ ،ﻗﺒﻞ ﻛﻞ
ﺷﻲﺀ ،ﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﺠّﺎﻧﻴﺔ ،ﺃﻱّ ﺍﻻﻗﺮﺍﺭ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻮ ﻫﺒﺔ ﺃﻋﻄﻴﺖ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻵﺏ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺗﺨﻠﻰ
ﻣﺠﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺳﺨﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺮﻫﺎ ﺃﺣﺪ ﺃﻭ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﺎ :“ﻓﻼ ﺗَﻌﻠَﻢْ ﺷِﻤﺎﻟُﻚَ ﻣﺎ ﺗَﻔﻌَﻞُ ﻳَﻤﻴﻨُﻚ […] ،َﻭﺃَﺑﻮﻙَ ﺍﻟَّﺬﻱ
ﻳَﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺨُﻔْﻴَﺔِ ﻳُﺠﺎﺯﻳﻚ” )ﻣﺘﻰ .(4 – 3 ،6ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻤُﺤﺐ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻣﻨﻔﺼﻠﻴﻦ ﻋﻦ ﺑﻘﻴّﺔ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ،ﺑﻞ
ﻧﻜﻮّﻥ ﻣﻊ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺷﺮﻛﺔ ﻛﻮﻧﻴّﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ .ﻓﺎﻟﺘﺄﻣﻞ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ،ﻻ ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ،ﻋﺒﺮ
ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺑﺎﻷﻭﺍﺻﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺣﺪّﻧﺎ ﺑﻬﺎ ﺍﻵﺏ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ .ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ،ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ،ﻋﺒﺮ ﺗﻨﻤﻴﺔ
ﻗﺪﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻫﺒﻬﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮﺍﺀ ﺇﺑﺪﺍﻋﻪ ﻭﺣﻤﺎﺳﻪ ﻟﺤﻞ ﻣﺂﺳﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻣﻘﺪﻣًﺎ ﺫﺍﺗﻪ ﻟﻠﻪ “ﺫَﺑﻴﺤَﺔً ﺣَﻴَّﺔً ﻣُﻘَﺪَّﺳﺔً
ﻣَﺮْﺿِﻴَّﺔً” )ﺭﻭﻡ .(1 ،12ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﻔﻮﻗﻪ ﻛﺪﺍﻉٍ ﻟﺘﻤﺠﻴﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ،ﺇﻧﻤﺎ ﻛﻘﺪﺭﺓ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻔﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ
ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﺇﻳﻤﺎﻧﻪ.
.221ﺳﺘﺴﺎﻋﺪ ﻗﻨﺎﻋﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻹﻳﻤﺎﻧﻨﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣّﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﻣﻌﻨﻰً ﺃﻏﻨﻰ ﻟﻬﺬﻩ
ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ،ﻛﺈﺩﺭﺍﻙ ﺑﺄﻥّ ﻛﻞ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﺗﻌﻜﺲ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻤﻠﻚ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﺗﻨﻘﻠﻬﺎ ﻟﻨﺎ ،ﺃﻭ ﻛﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺃﻳﻀًﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻗﺪ ﺃﺧﺬ ﻓﻲ
ﺫﺍﺗﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱّ ﻭﺃﻧّﻪ ﺍﻵﻥ ،ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ،ﻳُﻘﻴﻢُ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﻛﻞ ﻛﺎﺋﻦ ،ﻭﻳﻐﻤﺮﻩ ﺑﻤﺤﺒﺘﻪ ﻭﻳﻤﻠﺆﻩ ﺑﻨﻮﺭﻩ.
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻻﻗﺮﺍﺭ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺍﺿﻌًﺎ ﻓﻴﻪ ﻧﻈﺎﻣًﺎ ﻭﺩﻳﻨﺎﻣﻴﺔً ﻻ ﻳﺤﻖّ ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺎﻫﻠﻬﻤﺎ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﺮﺃ ﻓﻲ
ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ ﺑﺄﻥ ﻳﺴﻮﻉ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ ﻭﻳﻘﻮﻝ “ﻣﺎ ﻣِﻨﻬﺎ ﻭﺍﺣِﺪٌ ﻳَﻨﺴﺎﻩُ ﺍﻟﻠﻪ” )ﻟﻮ ،(6 ،12ﻓﻬﻞ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴّﻮﺀ
ﺃﻭ ﺇﻟﺤﺎﻕ ﺍﻷﺫﻯ ﺑﻬﺎ؟ ﺃﺩﻋﻮ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒُﻌْﺪ ،ﺑُﻌْﺪِ ﺍﻟﺘّﻮﺑﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ ،ﻭﺍﻟﺴّﻤﺎﺡ ﻟﻘﻮّﺓ ﻭﻧﻮﺭ ﺍﻟﻨّﻌﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺣﺼﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺃﻥ ﺗﻤﺘﺪّﺍ ﺃﻳﻀًﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﻼﻗﺘﻬﻢ ﺑﺒﻘﻴّﺔ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ﻭﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻬﻢ ،ﻭﺃﻥ ﺗﺜﻤﺮﺍ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺧﻮّﺓ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻋﺎﺷﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺍﻷﺳﻴﺰﻱ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﻴﺮﺓ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ.

5.8 Page 48

▲back to top
48
.IVﻓﺮﺡ ﻭﺳﻼﻡ
.222ﺗﻘﺘﺮﺡ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﻧﻤﻄًﺎ ﺑﺪﻳﻼ ﻟﻔﻬﻢ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺗﺸﺠّﻊ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺣﻴﺎﺓ ﻧﺒﻮﻱّ ﻭﺗﺄﻣّﻠﻲ ،ّﻗﺎﺩﺭًﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺮﺡ
ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﻫﻮﺱ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ .ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢّ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﺮﺟﻊ ﺗَﻌﻠﻴﻤًﺎ ﻗﺪﻳﻤًﺎ ،ﻧﺠﺪﻩ ﻓﻲ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﺩﻳﻨﻴّﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺱ ﺃﻳﻀًﺎ .ﺇﻧﻪ ﺍﻻﻗﺘﻨﺎﻉ ﺑﺄﻥ “ﺍﻷﻗﻞ ﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ .”ﻷﻥ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮّ ﻻﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﻳُﺸﺘّﺖ
ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻳﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻭﻛﻞّ ﻟﺤﻈﺔ .ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ،ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺑﺒﻬﺠﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﻛﻞّ ﻭﺍﻗﻊ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺻﻐﻴﺮًﺍ ،ﻳﻔﺘﺢ
ﻟﻨﺎ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺃﻭﺳﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺬﺍﺕ .ﺗﻘﺘﺮﺡ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻧﻤﻮّﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺯﺍﻧﺔ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ.
ﻓﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗّﻒ ﻟﻼﺳﺘﻤﺘﺎﻉ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ،ﻭﻟﻠﺸﻜﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﻘﺪّﻣﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠّﻖ ﺑﻤﺎ ﻧﻤﻠﻚ ﻭﻻ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻤﻠﻚ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺗﺠﻨّﺐ ﺩﻳﻨﺎﻣﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﻭﺗﺮﺍﻛﻢ
ﺍﻟﻤﻠﺬﺍﺕ.
.223ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ،ﺍﻟﻤُﻌﺎﺷﺔ ﺑﺤﺮّﻳﺔ ﻭﺑﻮﻋﻲ ،ﻫﻲ ﻣُﺤﺮِّﺭِﺓ .ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﻗﻞ ،ّﻭﻟﻴﺴﺖ ﺯﺧﻤًﺎ ﺃﻗﻞ ،ّﺑﻞ ﻫﻲ ﻋﻜﺲ ﺫﻟﻚ
ﺗﻤﺎﻣًﺎ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﻳﺤﻴﻮﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻛﻞ ﻟﺤﻈﺔ ،ﻫﻢ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮﻗّﻔﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻻﻟﺘﻘﺎﻁ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ
ﻻﻫﺜﻴﻦ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ،ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺘﺒﺮﻭﻥ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻛﻞّ ﺷﺨﺺ ﻭﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ،ﻭﻳﺘﻌﻠّﻤﻮﻥ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺃُﻟﻔﺔ
ﻣﻊ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ .ﺇﻧﻬﻢ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳﻨﺠﺤﻮﻥ ﻓﻲ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺗﻠﺒﻴﺘﻬﺎ ،ﻭﻳﻘﻠﻠﻮﻥ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ
ﺑﺎﻟﻜﻠﻞ ﻭﺍﻟﻘﻠﻖ .ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻟﻘﻠﻴﻞ ﻭﻳﻌﻴﺶ ﻛﺜﻴﺮﺍ ،ﻻ ﺳﻴِّﻤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭًﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺃﻛﺒﺮ ﻷﺳﺒﺎﺏ
ﺳﺮﻭﺭ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﺍﻷﺧﻮﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ،ﻭﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﺍﻫﺐ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﻭﻓﻲ
ﺍﻟﻔﻦ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ .ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻭﺿﻊ ﺣﺪﻭﺩ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺤﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﺮﺑﻜﻨﺎ،
ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻫﻜﺬﺍ ﻣﻨﻔﺘﺤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘّﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
.224ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﻟﻢ ﺗﺘﻤﺘّﻌﺎ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﺇﻳﺠﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻷﺧﻴﺮ .ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻮﻣﻴًّﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻀﻌﻒ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ،ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﺴﺒّﺐ ﺑﺎﺧﺘﻼﻻﺕ ﻣﺘﻌﺪّﺩﺓ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺑﻴﺌﻴّﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ،ﻓﻼ ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻧﺘﻜﻠّﻢ ﻓﻘﻂ ﻋﻦ
ﻧﺰﺍﻫﺔ ﺍﻟﻨُﻈﻢ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ .ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘﺤﻠﻲ ﺑﺠﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻜﻠّﻢ ﻋﻦ ﻧﺰﺍﻫﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ،ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﻭﺭﺑﻂ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﻴِّﻢ
ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ .ﺇﻥ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ،ﻟﺪﻯ ﻛﺎﺋﻦ ﺑﺸﺮﻱ ،ﺗﺴﺘﻬﻮﻳﻪ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺩﻭﻥ ﺣﺪﻭﺩ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺇﻻ
ﺃﻥ ﻳُﻠﺤِﻖ ﺍﻷﺫﻯ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺑﺎﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ ،ﺇﺫﺍ ﺳﻘﻄﻨﺎ ﻓﻲ
ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ،ﻭﺃﺧﺮﺟﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻟﻴﺄﺧﺬ ﺍﻟـ”ﺃﻧﺎ” ﻣﻜﺎﻧﻪ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻋﺘﻘﺪﻧﺎ ﺃﻥ ﺫﺍﺗﻴﺘﻨﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪّﺩ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﻴﺪ ﺃﻭ
ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﻲﺀ.
.225ﻣﻦ ﺟﻬﺔٍ ﺃُﺧﺮﻯ ،ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﺪٍ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺇﻧﻀﺎﺝ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺳﻌﻴﺪﺓ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺳﻼﻡ ﻣﻊ ﺫﺍﺗﻪ .ﻓﺠﺰﺀٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻬﻢ
ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻣﻔﻬﻮﻣﻨﺎ ﻟﻠﺴﻼﻡ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮﺩ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺤﺮﺏ .ﻓﺎﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ
ﻟﻸﺷﺨﺎﺹ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻷﻧﻪ ،ﺣﻴﻦ ﻳُﻌﺎﺵ ﺑﺄﺻﺎﻟﺔ ،ٍﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﻓﻲ ﻧﻤﻂ
ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺘﻮﺍﺯﻥ ﺗﻼﺯﻣﻪ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﺪﻫﺎﺵ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺩّﻱ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﺇﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺤﺐ ،ّﻭﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ
ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻀّﺠﻴﺞ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ،ّﻭﺍﻟﺘﺸﺘﻴﺖ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﻭﺍﻟﻤﻀﻄﺮﺏ ،ﺃﻭ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ؟ ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ
ﻳﺨﺘﺒﺮﻭﻥ ﺧﻠﻼ ﻋﻤﻴﻘًﺎ ﻳﺪﻓﻌﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺇﺗﻤﺎﻡ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺑﻌﺠﻠﺔ ﻛﻲ ﻳﺸﻌﺮﻭﺍ ﺑﺎﻻﻧﺸﻐﺎﻝ ،ﺍﻧﻬﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﺠﻠﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﺗﺤﻤﻠﻬﻢ
ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺣﺮ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻬﻢ .ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻪ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄّﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻌﺎﻣﻞ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﺇﻥ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗﻌﻨﻲ
ﺗﻜﺮﻳﺲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻻﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﻟﺘّﻨﺎﻏﻢ ﺍﻟﻬﺎﺩﺉ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ،ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻧﻤﻂ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻭﻣُﺜُﻠﻨﺎ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ،ﻭﻟﻠﺘﺄﻣّﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ،
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﻓﻲ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻨﺎ ،ﻭﺣﻀﻮﺭﻩ ﻫﺬﺍ ،“ﻳﺠﺐ ﺃﻻ ﻳُﺼﻨّﻊ ﺑﻞ ﺃﻥ ﻳُﻜﺘﺸﻒ ،ﻭﺃﻥ ﻳُﺮﻓﻊ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭُ ﻋﻨﻪ.[155]”
.226ﺇﻧﻨﺎ ﻧﺘﻜﻠّﻢ ﻋﻦ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﻘﻠﺐ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﺎ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﺒﺎﻩ ﻣﻠﺆﻩ ﺍﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ،ﻭﻳﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺎﺿﺮًﺍ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻟﻶﺧﺮ
ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﻤﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﻻﺣﻘًﺎ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻜﻞّ ﻟﺤﻈﺔ ﻛﻬﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻴﺸﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﻞﺀ .ﻭﻗﺪ ﻋﻠّﻤﻨﺎ ﻳﺴﻮﻉ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺣﻴﻦ ﺩﻋﺎﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺯﻧﺎﺑﻖ ﺍﻟﺤﻘﻞ ﻭﻃﻴﻮﺭ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ،ﺃﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺃﻯ ﺭﺟﻼ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺤﺚ ﻓـ”ﺣَﺪَّﻕَ ﺇِﻟﻴﻪِ” ﻭ”ﺃَﺣﺒَّﻪ”
)ﻣﺮ .(21 ،10ﻓﻴﺴﻮﻉ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺎﺿﺮًﺍ ﺑﺎﻟﻤﻞﺀ ﺃﻣﺎﻡ ﻛﻞ ﻛﺎﺋﻦ ﺑﺸﺮﻱ ﻭﻛﻞ ﺧﻠﻴﻘﺔ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃﺭﺍﻧﺎ ﺳﺒﻴﻠًﺎ ﻟﺘﺨﻄّﻲ
ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺍﻟﻤَﺮَﺿﻲّ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﺳﻄﺤﻴّﻴﻦ ،ﻭﻋﺪﻭﺍﻧﻴّﻴﻦ ﻭﺍﺳﺘﻬﻼﻛﻴّﻴﻦ ﺟﺎﻣﺤﻴﻦ.

5.9 Page 49

▲back to top
49
.227ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻮﻗّﻒ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻟﻠﻪ ﻗﺒﻞ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﻄّﻌﺎﻡ .ﺃﻗﺘﺮﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻭﻋﻴﺸﻬﺎ ﺑﻌﻤﻖ .ﻓَﻮﻗﺖُ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔِ ﻫﺬﺍ ،ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻭﺟﻴﺰًﺍ ،ﻳﺬﻛّﺮﻧﺎ ﺑﺎﻋﺘﻤﺎﺩﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ،
ﻭﻳﻘﻮّﻱ ﻓﻴﻨﺎ ﺷﻌﻮﺭ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻛﻞّ ﻫﺒﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ،ﻭﻳﻌﺒﺮ ﺃﻳﻀًﺎ ﻋﻦ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ ﺗﺠﺎﻩ ﻣَﻦْ ﻳﻮﻓﺮﻭﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﺑﻌﻤﻠﻬﻢ،
ﻭﻳﺪّﻋﻢ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﻣَﻦْ ﻫﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﺎﺟﺔ.
.Vﻣﺤﺒّﺔ ﻣَﺪﻧﻴّﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴّﺔ
.228ﺗﺸﻜّﻞ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻦ ﻧﻤﻂ ﺣﻴﺎﺓ ﻳﺘﻄﻠّﺐ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻣﻌًﺎ ﻭﺍﻟﺸﺮﻛﺔ .ﻭﻗﺪ ﺫﻛّﺮﻧﺎ ﻳﺴﻮﻉ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﻫﻮ ﺃﺑﻮﻧﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ ﻭﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻨّﺎ ﺇﺧﻮﺓ .ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻷﺧﻮﻳّﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺠّﺎﻧﻴﺔ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﺑﺪًﺍ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ
ﻣﻜﺎﻓﺄﺓ ﻟﻌﻤﻞٍ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺁﺧﺮ ﺃﻭ ﺳُﻠﻔَﺔ ﻟﻤﺎ ﻧﺘﻤﻨّﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ .ﻟﻬﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻫﻲ ﻣﻤﻜﻨﺔ .ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺠﺎﻧﻴﺔ ﺫﺍﺗﻬﺎ
ﺗﻘﻮﺩﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻧﺤﺐ ﻭﻧﻘﺒﻞ ﺍﻟﺮّﻳﺢ ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻐﻴﻮﻡ ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻨﺼﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺳﻴﻄﺮﺗﻨﺎ .ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴّﺒﺐ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﺘﻜﻠّﻢ ﻋﻦ
“ﺃﺧﻮّﺓ ﻛﻮﻧﻴّﺔ.”
.229ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﺸﻌﺮ ﻣﺠﺪّﺩًﺍ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﻌﺾ ،ﻭﺃﻧﻪ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻭﺃﻧﻪ ﺃﻣﺮ
ﻳﺴﺘﺤﻖّ ﺍﻟﻌﻨﺎﺀ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﺻﺎﻟﺤﻴﻦ ﻭﺻﺎﺩﻗﻴﻦ .ﻟﻘﺪ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺣﻘًﺎ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﻟﻤﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻣﺴﺘﻬﺰﺋﻴﻦ ﺑﺎﻷﺧﻼﻗﻴﺎﺕ،
ﻭﺑﺎﻟﺼﻼﺡ ،ﻭﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ،ﻭﺑﺎﻟﺼﺪﻕ ،ﻭﻗﺪ ﺣﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴّﺎﻋﺔ ﻟﻨﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﺣﺔ ﺍﻟﺴﻄﺤﻴّﺔ ﻟﻢ ﺗﺨﺪﻣﻨﺎ ﻛﺜﻴﺮًﺍ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺪﻣﻴﺮ
ﻟﻜﻞ ﺃﺳﺎﺱ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺳﻮﻑ ﻳﺪﻓﻌﻨﺎ ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ ﻛﻞ ﻣﻨّﺎ ﺿﺪ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﻭﻳﺘﺴﺒﺐ
ﺑﻈﻬﻮﺭ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻘﺴﻮﺓ ،ﻭﻳﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﻧﻤﻮ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ.
.230ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺴﺔ ﺗﻴﺮﻳﺰ ﺩﻭ ﻟﻴﺰﻳﻮ )ﺍﻟﻄّﻔﻞ ﻳﺴﻮﻉ( ﺇﻟﻰ ﺍﺗّﺒﺎﻉ ﺩﺭﺏ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﺼّﻐﻴﺮ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻧﺘﻬﺎﺯ ﻛﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻘﻮﻝ
ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺩّﻳﺔ ،ﻭﺇﻫﺪﺍﺀ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻱ ﻟﻔﺘﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺗﺰﺭﻉ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ .ﻓﺎﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗﺘﻜﻮّﻥ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ
ﻣﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻳﻮﻣﻴّﺔ ،ﻧﻜﺴﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻨﻒ ،ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ،ﻭﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ .ﺧﻼﻓًﺎ ﻟﻬﺬﺍ ،ﻓﺈﻥ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺨﻂ ﺳﻴﻜﻮﻥ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ،ﻫﻮ ﺫﺍﺗﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺃﺷﻜﺎﻟﻬﺎ.
.231ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﺍﻟﻤﻤﻠﻮﺀﺓ ﺑﻠﻔﺘﺎﺕ ﺍﻋﺘﻨﺎﺀ ﻣﺘﺒﺎﺩﻝ ،ﻫﻲ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﺪﻧﻴّﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴّﺔ ،ﻭﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺑﻨﺎﺀ
ﻋﺎﻟﻢ ﺃﻓﻀﻞ .ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﺤﺐ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﻤﻴّﺰًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺨﺺّ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ
ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺇﻧﻤﺎ ﺃﻳﻀًﺎ “ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕﺍﻟﻜُﻠﻴّﺔ ،ﺃﻱ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕِ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔِ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔِ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .[156]”ِﻟﻬﺬﺍ ﺍﻗﺘﺮﺣﺖ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ “ﺣﻀﺎﺭﺓَ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ .[157]”ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ :“ﻓﻠﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻛﺜﺮ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ،
ﺃﻛﺜﺮ ﺟﺪﺍﺭﺓ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻟﻠﻤﺤﺒّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ – ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲّ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ
ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ – ﺟﺎﻋﻠﻴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺘﺼﺮﻑ .[158]”ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻭﺑﺠﺎﻧﺐ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ
ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ،ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔُ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻀﻊُ ﺣﺪًّﺍ ﻓﻌّﺎﻟًﺎ ﻟﻠﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﻭﺗﺸﺠّﻊ
ﻋﻠﻰ »ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻻﻋﺘﻨﺎﺀ« ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻤﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ .ﻭﺣﻴﻦ ﻳﺪﺭﻙُ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺩﻋﻮﺓَ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ
ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﺬﻛّﺮ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺟﺰﺀٌ ﻣﻦ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴّﺘﻪ ﻭﺑﺄﻧّﻪ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﻟﻠﻤﺤﺒّﺔ ،ﻭﺃﻧﻪ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳﻨﻀﺞ ﻭﻳﺘﻘﺪّﺱ.
.232ﻟﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺪﻋﻮّ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞِ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺘﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺪﺩ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴّﺎﺕ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺪﺧّﻞ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻣﺪﺍﻓﻌﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺮﻳّﺔ .ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻬﺘﻢ ،ّﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ،ﺑﻤﻜﺎﻥ ﻋﺎﻡ )ﺑﻨﺎﺀ،
ﻧﺎﻓﻮﺭﺓ ،ﻧﺼﺐ ﻣﻬﺠﻮﺭ ،ﻣﻨﻈﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ،ﺳﺎﺣﺔ ،(ﺑﻬﺪﻑ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻭﺇﺻﻼﺡ ﻭﺗﺤﺴﻴﻦ ،ﺃﻭ ﺗﺠﻤﻴﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻓﺘﻨﻤﻮ
ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺃﻭ ﺗُﺴﺘَﺮﺟَﻊُ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻭﻳﺘﺸﻜﻞ ﻧﺴﻴﺞ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺟﺪﻳﺪ .ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﺘﺤﺮّﺭ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻼﻣﺒﺎﻻﺓ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ .ﻳﻌﻨﻲ
ﻫﺬﺍ ﺃﻳﻀًﺎ ﻏﺮﺱ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻫﻮﻳﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ،ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﺳﻴُﺤﺎﻓَﻆُ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻴُﻨﻘﻞ .ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳُﺤﺎﻓَﻆ ﺃﻳﻀًﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻋﻠﻰ
ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻓﻘﺮًﺍ ،ﻣﻊ ﺣﺲّ ﺗﻀﺎﻣُﻦٍ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﻭﻋﻲ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻧﺴﻜﻦ ﺑﻴﺘًﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛًﺎ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﺄﻣﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺣﻴﻦ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﻣﺤﺒّﺔ ﺗﻬﺐ ﺫﺍﺗﻬﺎ ،ﺃﻥ ﺗﺘﺤﻮّﻝ ﺇﻟﻰ ﺧﺒﺮﺍﺕ ﺭﻭﺣﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ.

5.10 Page 50

▲back to top
50
.VIﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ
.233ﺇﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻳﻨﻤﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪِ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻠﺆﻩ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ .ﻭﻣﻦ ﺛﻢَّ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺇﺫًﺍ ﺳِﺮٌّ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ،ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﺪﻯ ،ﻭﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﻓﻘﻴﺮ .[159]ﻻ ﻳﻜﻤﻦ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻻﻛﺘﺸﺎﻑ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﻔﺲ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺻّﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻟﺘﻘﺎﺀ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠّﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎﻓﻨﺘﻮﺭﺍ :“ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﺃﻛﺜﺮ
ﺳﻤﻮًﺍ ﻛﻠﻤﺎ ﺷﻌﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﺃﻭ ﻛﻠﻤﺎ ﻋﺮﻑ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ.[160]”
.234ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺍﻟﺼّﻠﻴﺒﻲ ﻳُﻌَﻠِّﻢ ﺃﻥّ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺣﺴﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﻓﻲ ﺧﺒﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ “ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ،ﺃﻭ ،ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﻓﻀﻞ ،ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧُﻜﺮﺯ ﺑﻪ .[161]”ﻟﻴﺲ ﻷﻥ
ﻛﻞّ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗﻊ ﺇﻟﻬﻴّﺔ ،ﺇﻧﻤﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﻤُﺘﺼﻮّﻑ ﻳﺨﺘﺒﺮُ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺟﻤﻴﻊِ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ
“ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻪ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ ،ﻫﻮ ﻛﻞ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ .[162]”ﻓﺈﺫﺍ ﺃُﻋﺠِﺐَ ﺑﻌﻈﻤﺔ ﺟﺒﻞ ﻣﺎ ،ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻔﺼﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﻳﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﺪﻫﺎﺵ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺸﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ :“ﻟﻠﺠﺒﺎﻝ ﻗﻤﻤﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻭﺷﺎﻫﻘﺔ ﻭﺟﻤﻴﻠﺔ
ﻭﻣﺰﻫﺮﺓ ﻭﻣُﻌَﻄَّﺮﺓ .ﺇﻥ ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻫﻮ ﻟﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ .ﻭﺍﻟﻮﺩﻳﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻮﺣّﺪﺓ ﻫﻲ ﻫﺎﺩﺋﺔ ،ﻭﺣﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮ ،ﻭُﻣﻨﻌﺸﺔ ﻭﻣُﻈﻠّﺔ،
ﻭﻏﻨﻴّﺔ ﺑﺎﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻌﺬﺑﺔ .ﻟﻐﻨﻰ ﺗﻨﻮﻉ ﺃﺷﺠﺎﺭﻫﺎ ﻭﻟﻌﺬﻭﺑﺔ ﺍﻟﺘّﻐﺮﻳﺪ ﺍﻟﺮﺧﻴﻢ ﻟﻠﻌﺼﺎﻓﻴﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻜﻨﻬﺎ ،ﺗﺨﻠﻖ ﻭﺗﻮﻓﺮ ﺑﻐﺰﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ،
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﺍﻟﺼﻤﺖ ﺍﻟﻠّﺬَﻳْﻦ ﻳﺨﻴﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﻠﺠﺄ ﻭﺭﺍﺣﺔ :ﺇﻥ ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻫﻮ ﻟﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺩﻳﺎﻥ.[163]”
.235ﺇﻥ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻫﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﻳﺘﻮﻟَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﻳﺤﻮِّﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻭﺳﻴﻄﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻓَﺎﺋِﻘﺔ ﺍﻟﻄَّﺒِﻴﻌَﺔ .ﺇﻧﻨﺎ
ﻣﺪﻋﻮّﻭﻥ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ،ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺎﻧﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﻣﺨﺘﻠﻒ .ﻓﺎﻟﻤﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﺰﻳﺖ ،ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﺗُﺄﺧﺬ ﺑﻜﻞّ ﻗﻮﺍﻫﺎ
ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻭﺗﻨﻀﻢ ﻟﻠﺘﺴﺒﻴﺢ .ﻭﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻫﻲ ﺃﺩﺍﺓ ﻣﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﻟﻘﺮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﻟﻴﺮﺍﻓﻘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺏ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺴﻜﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﺴﺪ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﻤُﻌﻤّﺪ ﻫﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ .ﺇﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻻ ﻧﻨﻜﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ
ﺣﻴﻦ ﻧﺮﻳﺪ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺑﺎﻟﺮﺏ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻤﻜﻦ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺧﺼﻮﺻًﺎ ﻓﻲ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ :ﺇﻥ “ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﺣﺪ
ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻤﻔﻀّﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﺳﻖ ﺍﻹﻟﻬﻲّ ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺠﺪَّﺩﺓ ،ﻳﺘﺠﻠّﻰ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ :ﻓﻲ ﺃﺷﻜﺎﻝ
ﺍﻟﻤﻌﺒﺪ ،ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ،ﻓﻲ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ،ﻓﻲ ﺍﻷﺿﻮﺍﺀ ،ﻓﻲ ﺍﻷﻃﻴﺎﺏ .[164]”ﺇﻥ ﻛﻞ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ
ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ،ﺗَﺠﺪُ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲّ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﺠﺴﺪ ،ﻷﻥ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺧﺬَ ﻓﻲ ﺷَﺨﺼِﻪِ ﺟِﺰﺀًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ّﺣﻴﺚ
ﺃﺩﺧﻞ ﺑﺬﻭﺭ ﺗﺤﻮّﻝ ﻧﻬﺎﺋﻲ ” :ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻨﻜّﺮ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ ،ﻟﻠﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺗُﺴﻤﻰ ﺑﻬﺎ ﻛﻠﻴﺎً ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻠﻴﺘﺮﺟﻲ ،ّﺣﻴﺚ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱّ ﻳُﺒﺮﺯ ﺣﻤﻴﻢ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﻛﻬﻴﻜﻞ ﻟﻠﺮﻭﺡ ﻭﻳﺘﻮﺻّﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺑﺎﻟﺮﺏ ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎً
ﺻﺎﺭ ﺟﺴﺪﺍً ﻟﻴﺨﻠّﺺ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ.[165]”
.236ﻓﻲ ﺍﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻴﺎ ﺗﺠﺪُ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔُ ﺳﻤﻮّﻫﺎ ﺍﻷﻋﻈﻢ .ﻓﺎﻟﻨﻌﻤﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻣﺤﺴﻮﺱ ،ﺗﺒﻠﻎُ ﺗﻌﺒﻴﺮًﺍ
ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴًّﺎ ﺣﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺍﻟﻤﺘﺠﺴﺪ ،ﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻏﺬﺍﺀً ﻹﻃﻌﺎﻡ ﺧﻠﻴﻘﺘﻪ .ﻟﻘﺪ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺮﺏ ،ُّﻓﻲ ﻗﻤّﺔ ﺳّﺮ ﺗﺠﺴﺪﻩ،
ﺍﻟﺪﺧﻮﻝَ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻤﺎﻗِﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝِ ﻛِﺴﺮﺓ ﻣﺎﺩَﺓ .ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ،ﺣﺘﻰ ﻧﺘﻤﻜّﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻠّﻘﺎﺀ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ .ﻭﻗﺪ
ﺗﺤﻘّﻖ ﺍﻟﻤﻞﺀُ ﺑﺎﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻴﺎ؛ ﺇﻧﻪ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﻴﻮﻱ ،ّﻭﻣﺼﺪﺭٌ ﻓﺎﺋﺾٌ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒﺔِ ﻭﺑﺤﻴﺎﺓٍ ﻻ ﺗﻨﻀﺐ .ﻳﺮﻓﻊُ ﺍﻟﻜﻮﻥُ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﺍﻟﺸﻜﺮ
ﻟﻠﻪ ،ﻣﺘّﺤﺪًﺍ ﺑﺎﻻﺑﻦ ﺍﻟﻤﺘﺠﺴّﺪ ﻭﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻲ ﺍﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻴﺎ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺇﻥ ﺍﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻴﺎ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ ﻫﻲ ﻋﻤﻞُ ﻣﺤﺒّﺔٍ ﻛﻮﻧﻴّﺔ :“ﻧﻌﻢ،
ﻛﻮﻧﻴّﺔ! ﻷﻧﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﺃُﺣﺘﻔﻞ ﺑﺎﻟﻘﺪﺍﺱ ﻋﻠﻰ ﻣﺬﺑﺢ ﺻﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺑﺎﻟﺮﻳﻒ ،ﻓﺎﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻴﺎ ﻳُﺤﺘﻔﻞ ﺑﻬﺎ ﺩﺍﺋﻤﺎ ،ًﻧﻮﻋﺎً ﻣﺎ ،ﻓﻮﻕ
ﻣﺬﺑﺢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .[166]“ﺍﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻴﺎ ﺗﻮﺣّﺪ ﺍﻷﺭﺽَ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﺀ ،ﻭﺗﺤﺘﻀﻦ ﻭﺗﺨﺘﺮﻕ ﻛﻞّ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ .ﻓﺎﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱّ
ﺍﻟﻠﻪ ،ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺒﺎﺩﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻭﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﺑﺎﻟﻐﺒﻄﺔ .ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺍﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻲ “ﺗﻤﺘﺪّ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔُ ﻧﺤﻮ ﺍﻷﻟﻮﻫﻴّﺔ ،ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻌﺮﺱ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺱ،
ﻧﺤﻮ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺑﺎﻟﺨﺎﻟﻖ ﻧﻔﺴﻪ .[167]”ﻟﻬﺬﺍ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻴﺎ ﻫﻲ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﺼﺪﺭُ ﻧﻮﺭٍ ﻭﺣﺎﻓﺰ ﻟﻜﻞّ ﻣﺨﺎﻭِﻓِﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺّ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ،
ﻭﺗﻮﺟّﻬﻨﺎ ﻛﻲ ﻧﻜﻮﻥ ﺣُﺮﺍﺳًّﺎ ﻟﻜﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ.
.237ﺇﻥ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻴﺎ ،ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺣﺪ ،ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ .ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﻛﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴّﺒﺖ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ،ﻫﻮ ﻳﻮﻡ ﺇﺻﻼﺡ
ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﻣﻊ ﺫﺍﺗﻪ ،ﻭﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥُ ﻗﻴﻤﺔَ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ
ﻭﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ .ﺇﻥ ﺍﻷﺣﺪ ﻫﻮ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،»ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻷﻭﻝ« ﻟﻠﺨﻠﻘﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﺑﺎﻛﻮﺭﺗﻪ ﻫﻲ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺮﺏّ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ،ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻟﺘﺠﻠّﻲ
ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ .ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ،ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺒﺸﺮُ ﺑـ “ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﺍﻷﺑﺪﻳّﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ .[168]”ﻭﺑﻬﺬﻩ

6 Pages 51-60

▲back to top

6.1 Page 51

▲back to top
51
ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﺗﺪﻣﺞ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻗﻴّﻤﺔ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﻭﺍﻟﻌﻴﺪ .ﻓﺎﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻳﻤﻴﻞُ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔِ ﺍﻟﺘﺄﻣّﻠﻴﺔ ﺩﺍﺧﻞ
ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﻴﺮِ ﻣُﻨﺘِﺞ ﻭﻏﻴﺮِ ﻧﺎﻓِﻊ ،ﻧﺎﺳﻴًﺎ ﺃﻧﻪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻳُﺠَﺮِّﺩ ﺍﻟﻌﻤﻞَ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺷﻲﺀ :ﻣﻦ ﻣﻌﻨﺎﻩ .ﺇﻧﻨﺎ
ﻣﺪﻋﻮّﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺑُﻌﺪ ﻣُﻨﻔَﺘِﺢ ﻭﻣَﺠَّﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺗﺼﺮّﻓﺎﺗﻨﺎ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻣﺠﺮّﺩ ﺍﻟﺨﻤﻮﻝ .ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﺼﺮﻑ
ﺃﺧﺮﻯ ،ﻫﻲ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩﻧﺎ .ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳُﺤﻔﻆ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻌّﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﻏﺔ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﺠﺸﻊ ﺍﻟﺠﺎﻣﺢ ﻭﻣﻦ ﺍﻧﻌﺰﺍﻝ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺩّﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴّﻌﻲ ﻓﻘﻂ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ .ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﺮﺽ ﺷﺮﻳﻌﺔُ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔِ
ﺍﻷﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻜﻒَّ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞِ ﻳﻮﻡَ ﺍﻟﺴﺒﺖ “ﻟِﻜَﻲ ﻳَﺴﺘَﺮﻳﺢَ ﺛَﻮﺭُﻙَ ﻭﺣِﻤﺎﺭُﻙَ ﻭَﻳﺘﻨَﻔَّﺲَ ﺁﺑﻦُ ﺃَﻣَﺘِﻚَ ﻭﺍﻟﻨَّﺰﻳﻞ” )ﺧﺮ .(12 ،23ﻷﻥ
ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﻫﻲ ﺗﻮﺳّﻊ ﻟﻠﺮﺅﻳﺔ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﺤﻘﻮﻕ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ .ﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ،ﻭﻗﻠﺒﻪ ﺍﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻴﺎ ،ﻳﺒﺴﻂ
ﻧﻮﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﺒﻮﻉ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻭﻳﺸﺠﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﻨﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺑﺎﻟﻔﻘﺮﺍﺀ.
.VIIﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ
.238ﺍﻵﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻟﻜﻞ ﺷﻲﺀ ،ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻟﻜﻞّ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ .ﻭﺍﻻﺑﻦ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻜﺴﻪ ﻭﺍﻟﺬﻱ
ﺑﻮﺍﺳﻄﺘﻪ ﺧُﻠِﻖ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ،ﻗﺪ ﺍﺗّﺤﺪ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﻴﻦ ﺗﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﺃﺣﺸﺎﺀ ﻣﺮﻳﻢ .ﻭﺍﻟﺮّﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﺱ ،ﺭﺑﺎﻁ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ،
ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺑﻼ ﺣﺪﻭﺩ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﻳُﺤﻴﻲ ﻭﻳُﺤﻔِﺰ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻕ ﺟﺪﻳﺪﺓ .ﻟﻘﺪ ﺧُﻠِﻖَ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻷﻗﺎﻧﻴﻢ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻛﻤﺒﺪﺃ ﺇﻟﻬﻲ
ﻭﺍﺣﺪ ،ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺤﻘّﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﺤﺴﺐ ﻫﻮﻳﺘﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ .ﻟﻬﺬﺍ ،“ﺣﻴﻦ ﻧﺘﺄﻣّﻞ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑﺎﻧﺪﻫﺎﺵ ﻓﻲ ﻋﻈﻤﺘﻪ
ﻭﺟﻤﺎﻟﻪ ،ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺴﺒﺢ ﻛﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ.[169]”
.239ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴّﻴﻦ ،ﺇﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺈﻟﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺷَﺮِﻛﺔ ﺛﺎﻟﻮﺙ ،ﻳﺤﺚّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻛﻠﻪ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﻋﻠﻰ
ﺑﺼﻤﺔ ﻫﻲ ،ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﺛﺎﻟﻮﺛﻴﺔ .ﺗﻮﺻَّﻞَ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻮﻧﺎﻓﻨﺘﻮﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ،ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻛﻴﻒ “ﺗﺸﻬﺪ ﻛﻞّ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺛﺎﻟﻮﺙ .”ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ
ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ “ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺠﻮﺏ ﻋﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺼﺮﻩ ﻗﺪ ﺷُﻮِّﺵَ ﺑﻌﺪ .[170]”ﻳﻌﻠّﻤﻨﺎ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺴﻜﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﻛﻞّ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺑﻨﻴﺔ ﺛﺎﻟﻮﺛﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﺑﻬﺎ
ﻋﻔﻮﻳًّﺎ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺼﺮ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻫﻜﺬﺍ ﻣﺤﺪﻭﺩًﺍ ،ﻭﻣُﻈﻠﻤًﺎ ﻭﻫﺸًّﺎ .ﺇﻧﻪ ،ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻳﻮﺿﺢ ﻟﻨﺎ ﺗﺤﺪﻱ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻗﺮﺍﺀﺓِ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﻤﻔﺘﺎﺡ ﻧﻈﺮﺓ ﺛﺎﻟﻮﺛﻴﺔ.
.240ﺇﻥ ﺃﻗﺎﻧﻴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻗﺎﺋﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻹﻟﻬﻲ ،ﻫﻮ ﻧﺴﻴﺞ ﻋﻼﻗﺎﺕ .ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ﺗﺘﻮﻕ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻛﻞّ ﻛﺎﺋﻦٍ ﺣﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻕ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻧﺤﻮ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺃﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﺃﺣﺸﺎﺀ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻋﺪﺩًﺍ
ﻻ ﻳﺤﺼﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻜﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﺮﻳﺔ .[171]ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ﻓﻘﻂ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺠّﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺼِّﻼﺕ
ﺍﻟﻤﺘﻌﺪّﺩﺓ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ،ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺤﻤﻠﻨﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ
ﻳﻨﻤﻮ ﻭﻳﻨﻀﺞ ﻭﻳﺘﻘﺪّﺱ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺩﺧﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ،ﺣﻴﻦ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺫﺍﺗﻪ ﻟﻴﻌﻴﺶ ﺑﺸﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ
ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ .ﻫﻜﺬﺍ ﻳﺤﺼﻞ ،ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺍﻟﺨﺎﺹ ،ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺛﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻘﺸﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﺧﻠﻘﻪ .ﺇﻥّ ﻛﻞّ
ﺷﻲﺀ ﻣﺘّﺼﻞ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻧُﻨْﻀﺞَ ﺭﻭﺣﺎﻧﻴّﺔ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﺗﺪﻓﻖ ﻣﻦ ﺳﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ.
.VIIIﺳﻠﻄﺎﻧﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ
.241ﻣﺮﻳﻢ ،ﺍﻷﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﺘﻨﺖ ﺑﻴﺴﻮﻉ ،ﻫﻲ ﺍﻵﻥ ﺗﻌﺘﻨﻲ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺠﺮﻭﺡ ،ﺑﻌﺎﻃﻔﺔ ﻭﺑﻮﺟﻊ ﺍﻷﻡ .ﻭﻛﻤﺎ ﺑﻜﺖ ﺑﻘﻠﺐ
ﻣﻄﻌﻮﻥ ﻣﻮﺕ ﻳﺴﻮﻉ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺘﺄﻟﻢ ﺍﻵﻥ ﻵﻻﻡ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﺼﻠﻮﺑﻴﻦ ﻭﺧﻼﺋﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻣّﺮﺗﻬﺎ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮ .ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻌﻴﺶ
ﺑﺮﻓﻘﺔ ﻳﺴﻮﻉ ،ﻭﻗﺪ ﺗﺠﻠّﺖ ﻛﻠّﻴًﺎ ،ﻭﺗﺘﻐﻨّﻰ ﻛﻞّ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ﺑﺠﻤﺎﻟﻬﺎ .ﺇﻧﻬﺎ “ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ،”“ﺍﻟﻤُﻠﺘَﺤِﻔَﺔُ ﺑِﺎﻟﺸَّﻤْﺲ ﻭﺍﻟﻘَﻤَﺮُ ﺗَﺤﺖَ ﻗَﺪَﻣَﻴﻬﺎ ،ﻭﻋﻠﻰ
ﺭَﺃﺳِﻬﺎ ﺇِﻛْﻠﻴﻞٌ ﻣِﻦِ ﺍﺛَﻨﻲ ﻋَﺸَﺮَ ﻛَﻮﻛﺒًﺎ” )ﺭﺅﻳﺎ .(1 ،12ﻭﻗﺪ ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ،ﻭﻫﻲ ﻭﺍﻟﺪﺓ ﻭﺳﻠﻄﺎﻧﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﺟﻤﻌﺎﺀ .ﻓﻲ
ﺟﺴﺪﻫﺎ ﺍﻟﻤﻤﺠّﺪ ،ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ،ﺑﻠﻎ ﺟﺰﺀٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻞﺀ ﺟﻤﺎﻟﻪ ﺧﺎﺹ .ﺇﻧﻬﺎ ﻻ “ﺗَﺤﻔَﻆُ ﻓﻲ
ﻗَﻠﺒِﻬﺎ” )ﻟﻮ (51 .19 ،2ﺣﻴﺎﺓ ﻳﺴﻮﻉ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ ﻭﺣﺴﺐ ،ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻵﻥ ﺗﺪﺭﻙ ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ .ﻟﺬﺍ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻨﺎ

6.2 Page 52

▲back to top
52
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻌﻴﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﻜﻤﺔ.
.242ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮﺓ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ ،ﻳﺘﺠﻠَّﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺳﻒ .ﻓﻘﺪ ﺍﻋﺘﻨﻰ ﺑﻤﺮﻳﻢ ﻭﺑﻴﺴﻮﻉ ﻭﺩﺍﻓﻊ ﻋﻨﻬﻤﺎ
ﺑﻌﻤﻠﻪ ﻭﺑﺤﻀﻮﺭﻩ ﺍﻟﺴﺨﻲ ،ّﻭﺣﺮّﺭﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﻒ ﺍﻟﻈّﺎﻟﻤﻴﻦ ﺫﺍﻫﺒًﺎ ﺑِﻬِﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ .ﺇﻧﻪ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ ،ﻛﺮﺟﻞ ﺑﺎﺭ ،ﻭﻋﺎﻣﻞ،
ﻭﻗﻮﻱﻭﻟﻜﻦ ،ﻣﻦ ﻭﺟﻬِﻪِ ﻳﻨﺒﻌﺚ ﺃﻳﻀًﺎ ﻋﻄﻒٌ ﻛﺒﻴﺮ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺑﺴﻤﺔ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ،ﺇﻧﻤﺎ ﺳِﻤَﺔ ﻣﻦ ﻫﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻗﻮﻳﺎﺀ ،ﻭﻣﺘﻨﺒِّﻬﻮﻥ
ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ،ﻟﻴﺤﺒﻮﻩ ﻭﻳﺨﺪﻣﻮﻩ ﺑﺘﻮﺍﺿﻊ .ﻟﻬﺬﺍ ﻗﺪ ﺃُﻋﻠِﻦَ ﺣﺎﺭﺳًﺎ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ .ﻫﻮ ﺃﻳﻀًﺎ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻠّﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﻨﻲ ،ﻭﺃﻥ
ﻳﺤﺜﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺴﺨﺎﺀ ﻭﺑﻌﻄﻒ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻨﺎ.
.IXﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺲ
.243ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺳﻮﻑ ﻧﻠﺘﻘﻲ ﻭﺟﻬًﺎ ﻟﻮﺟﻪ ﺑﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻲ )ﺭﺍ 1 .ﻗﻮﺭ (12 ،13ﻭﺳﻨﻘﺮﺃ ﺑﺈﻋﺠﺎﺏٍ ﻣِﻠﺆﻩُ ﺍﻟﻔﺮﺡ ،ﺳﺮَّ
ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻮﻑ ﻳﺘﺸﺎﺭﻙ ﻣﻌﻨﺎ ﺑﺎﻟﻤﻞﺀ ﺍﻟﻼﻣﺤﺪﻭﺩ .ﻧﻌﻢ ،ﻧﺤﻦ ﻧﺴﻴﺮ ﻧﺤﻮ ﺳﺒﺖ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ ،ﻧﺤﻮ ﺃﻭﺭﺷﻠﻴﻢ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ،ﻧﺤﻮ
ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻱ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ .ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻨﺎ ﻳﺴﻮﻉ :“ﻫﺎﺀَﻧَﺬﺍ ﺃَﺟﻌَﻞُ ﻛُﻞَّ ﺷَﻲﺀٍ ﺟَﺪﻳﺪًﺍ” )ﺭﺅ .(5 ،21ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ ﺍﻧﺪﻫﺎﺷًﺎ
ﻣُﺸﺘﺮﻛًﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻛﻞّ ﺧﻠﻴﻘﺔ ،ﻣﺘﺠﻠّﻴﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻨﻴﺮﺓ ،ﺳﺘﺄﺧﺬُ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻭﺳﻴﻜﻮﻥ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﺷﻴﺌًﺎ ﻟﻠﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﻗﺪ ﺣُﺮِّﺭُﻭﺍ ﻧﻬﺎﺋﻴّﺎ.
.244ﻭﻓﻲ ﺍﻷﺛﻨﺎﺀ ،ﻧﺘَّﺤِﺪ ﻓﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺃُﻭﻛِﻞ ﺇﻟﻴﻨﺎ ،ﻣُﺪﺭﻛﻴﻦَ ﺃﻥّ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﻮﻳﻪ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﺳﻴﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ
ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝِ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻱﻭﻣﻌًﺎ ،ﻣﻊ ﻛﻞّ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ،ﻧﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩِ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻷﻧﻪ :“ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺑﺪﺀ ،ﻭﻗﺪ
ﺧُﻠِﻖ ،َﻓﻬﻮ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺧﺎﻟﻘﻪ ،ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣَﻦْ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺑﺪﺍﻳﺔ ،ﻋﻦ ﻣَﻦ ﻫﻮ ﺧﻠﻘﻪ .[172]”ﻟِﻨَﺴِﺮ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺮﻧّﻢ! ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻻَّ ﻧﺪﻉ
ﺻﺮﺍﻋﺎﺗﻨﺎ ﻭﺍﻧﺸﻐﺎﻻﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﺗﻨﺘﺰﻉ ﻣﻨﺎ ﻓﺮﺡ ﺍﻟﺮﺟﺎﺀ.
.245ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡٍ ﺳﺨﻲٍّ ﻭﻛﺎﻣﻞ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻳﻬﺒﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮّﺓ ﻭﺍﻟﻨّﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﻟﻨﻜﻤﻞ
ﻣﺴﻴﺮﺗﻨﺎ .ﻟﻴﺴﺘﻤّﺮ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﻀﻮﺭ ﺭﺏّ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺒّﻨﺎ ﻛﺜﻴﺮًﺍ .ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺘﺨﻠّﻰ ﻋﻨﺎ ،ﻭﻻ ﻳﺘﺮﻛﻨﺎ ﺑﻤﻔﺮﺩﻧﺎ ،ﻷﻧﻪ ﺍﺗّﺤﺪ
ﻧﻬﺎﺋﻴًّﺎ ﺑﺄﺭﺿِﻨﺎ ،ﻭﺣﺒّﻪ ﻳﺤﻤﻠﻨﺎ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻳﺠﺎﺩِ ﻃﺮﻕٍ ﺟﺪﻳﺪﺓ .ﻟﻴﻜﻦ ﻣﺴﺒﺤًﺎ!
.246ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻣّﻞ ﺍﻟﻤﻄﻮّﻝ ،ﺍﻟﻔَﺮِﺡ ﻭﺍﻟﻤﺄﺳﺎﻭﻱّ ﻓﻲ ﺁﻥ ،ﺃﻗﺘﺮﺡُ ﺻَﻼﺗَﻴﻦ؛ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻳُﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺸﺎﺭﻙ ﺑِﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺬﻳﻦَ
ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺈﻟﻪٍ ﺧﺎﻟﻖٍ ﻗﺪﻳﺮٍ؛ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﻛﻲ ﻧﻌﺮﻑ ،َﻧﺤﻦُ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻴﻦ ،ﻛﻴﻒَ ﻧﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺗﻨﺎ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻮﺻﻴﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻻﻧﺠﻴﻞ ،ﺗﺠﺎﻩ
ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ.
ﺻﻼﺓ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻷﺭﺽ
ﻳﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ،
ﻳﺎ ﻣَﻦ ﺃﻧﺖَ ﺣﺎﺿﺮٌ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥِ ﻛﻠِّﻪِ
ﻭﻓﻲ ﺃﺻﻐﺮِ ﺧﻼﺋِﻘﻚ،
ﺃﻧﺖَ ﻳﺎ ﻣَﻦ ﺗَﻐﻤﺮُ ﺑِﻌﻄﻔِﻚ ﻛﻞَّ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ،
ﺃُﺳﻜُﺐ ﻓﻴﻨﺎ ﻗﻮّﺓَ ﻣﺤﺒَّﺘِﻚ
ﻛﻲ ﻧُﻌﺘﻨﻲ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓِ ﻭﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻝ.
ﺃﻓِﺾ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺴَّﻼﻡ ،َﻛَﻲ ﻧﻌﻴﺶَ ﻛﺈﺧﻮﺓ ﻭﺃﺧﻮﺍﺕ

6.3 Page 53

▲back to top
53
ﺩﻭﻥَ ﺃﻥ ﻧﺘﺴﺒَّﺐَ ﺑِﻀَﺮﺭٍ ﻷﻱٍّ ﻛﺎﻥ.
ﻳﺎ ﺇﻟﻪ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ،
ﺳﺎﻋِﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺎﻧَﺔِ ﺍﻟﻤَﺘﺮﻭﻛﻴﻦَ ﻭﺍﻟﻤَﻨﺴﻴّﻴﻦَ ﻓﻲ ﻫﺬﻩِ ﺍﻷﺭﺽ
ﻓﻘﻴﻤﺘﻬﻢ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻚ.
ﺇﺷﻒِ ﺣﻴﺎﺗَﻨﺎ،
ﻛَﻲ ﻧﺤﻤﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ ﻧﻨﻬﺒﻪ
ﻛَﻲ ﻧَﺰﺭﻉَ ﺍﻟﺠَﻤﺎﻝ ﻻ ﺍﻟﺘَﻠﻮُّﺙَ ﻭﻻ ﺍﻟﺪّﻣﺎﺭ.
ﺇﻟﻤﺲ ﻗﻠﻮﺏَ ﺍﻟﺬﻳﻦَ ﻳﻠﻬﺜﻮﻥ ﻓﻘﻂ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻷﺭﺑﺎﺡ
ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏِ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀِ ﻭﺍﻷﺭﺽ.
ﻋَﻠِّﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﻧَﻜﺘَﺸِﻒ ﻗﻴﻤﺔَ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ
ﻭﺃﻥ ﻧَﺘﺄﻣَّﻞَ ﺑﺈﻋﺠﺎﺏ،
ﻭﺃﻥ ﻧَﻌﺘَﺮِﻑَ ﺑﺄﻧّﻨﺎ ﻣُﺘَّﺤِﺪﻭﻥَ ﺍﺗِّﺤﺎﺩًﺍ ﻋَﻤﻴﻘًﺎ ﺑِﻜﻞّ ﺍﻟﺨَﻼﺋِﻖ
ﻓﻲ ﻣَﺴﻴﺮﺗِﻨﺎ ﻧﺤﻮَ ﻧﻮﺭِﻙَ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻲ.
ﻧَﺸﻜُﺮُﻙَ ﻷﻧّﻚَ ﻣَﻌَﻨﺎ ﻛﻞّ ﺍﻷﻳﺎﻡ.
ﺃﻋﻀُﺪْﻧﺎ ،ﻧَﺮﺟﻮﻙ ،ﻓﻲ ﻧﻀﺎﻟﻨﺎ
ﻣﻦ ﺃﺟﻞِ ﺍﻟﻌﺪﻝِ ﻭﺍﻟﻤَﺤﺒَّﺔِ ﻭﺍﻟﺴَّﻼﻡ.
ﺻﻼﺓ ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ
ﻧُﺴﺒِّﺤُﻚ ،َﺃﻳّﻬﺎ ﺍﻵﺏ ،ُﻣﻊَ ﺟﻤﻴﻊِ ﺧﻼﺋِﻘِﻚ،
ﺍﻟﺘﻲ ﺧَﺮَﺟَﺖ ﻣِﻦ ﻳَﺪﻙ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮﺓ.
ﺇﻧﻬﺎ ﻣُﻠﻚٌ ﻟﻚ،
ﻭﻫﻲ ﻣَﻤْﻠﻮﺀﺓ ﻣِﻦ ﺣُﻀﻮﺭِﻙ ﻭﻣِﻦ ﻋَﻄﻔِﻚ.
ﻛُﻦْ ﻣُﺴﺒﺤًﺎ.
ﻳﺎ ﺍﺑﻦَ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻳﺴﻮﻉ ،ﺑِﻚ ﺧُﻠِﻘﺖ ﻛﻞّ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ.
ﻗَﺪ ﺗﻜﻮَّﻧْﺖَ ﻓﻲ ﺃﺣﺸﺎﺀِ ﺍﻷﻡِّ ﻣﺮﻳﻢ،

6.4 Page 54

▲back to top
54
ﻭﺻِﺮﺕَ ﺟِﺰﺀًﺍ ﻣِﻦ ﻫﺬﻩِ ﺍﻷﺭﺽ،
ﻭﻧَﻈَﺮﺕَ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﺑﺸﺮﻳﺔ.
ﺃﻧﺖَ ﺍﻵﻥَ ﺣﻲٌّ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﺧَﻠﻴﻘَﺔ،
ﺑِﻤَﺠﺪِﻙ ،ﻣﺠﺪِ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢِ ﻣِﻦ ﺑﻴﻦِ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ.
ﻛُﻦْ ﻣُﺴﺒﺤًﺎ.
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺮّﻭﺡ ﺍﻟﻘُﺪُﺱ،
ﻳﺎ ﻣَﻦ ﺗُﻮﺟِّﻪُ ﺑِﻨﻮﺭِﻙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢَ ﻧﺤﻮَ ﻣﺤﺒَّﺔِ ﺍﻵﺏِ
ﻭﺗُﺮﺍﻓِﻖُ ﺃﻧﻴﻦَ ﺍﻟﺨَﻠﻴﻘَﺔ،
ﺃﻧﺖَ ﺗَﺤﻴﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑِﻨﺎ
ﻛَﻲ ﺗَﺤﺜَّﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ.
ﻛُﻦْ ﻣُﺴﺒﺤًﺎ.
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻹﻟﻪ ،ﻳﺎ ﻣَﻦ ﺃﻧﺖَ ﻭﺍﺣﺪٌ ﻭﺛﺎﻟﻮﺙ ،ﻭﺷَﺮِﻛﺔُ ﺭﺍﺋﻌﺔ ﻟﻤﺤﺒَّﺔٍ ﻻﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ،
ﻋَﻠِّﻤْﻨﺎ ﺃﻥ ﻧَﺘﺄﻣّﻠَﻚ،
ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻝِ ﺍﻟﻜَﻮﻥ،
ﺣَﻴﺚ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀٍ ﻳُﺤﺪِّﺛﻨﺎ ﻋﻨﻚ.
ﺃﻳﻘِﻆْ ﺗَﺴﺒﻴﺤَﻨﺎ ﻭﺷُﻜﺮَﻧﺎ
ﻣِﻦ ﺃﺟﻞِ ﻛﻞّ ﻛﺎﺋﻦٍ ﺧَﻠَﻘﺘَﻪ.
ﺃﺳْﺒِﻎْ ﻋَﻠﻴﻨﺎ ﻧِﻌﻤَﺔ ﺍﻟﺸّﻌﻮﺭِ ﺑﺎﺗّﺤﺎﺩِﻧﺎ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ
ﺑﻜﻞِّ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ.
ﻳﺎ ﺇﻟﻪَ ﺍﻟﻤَﺤﺒَّﺔ ،ﺃَﺭﻧِﺎ ﻣَﻜﺎﻧَﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ
ﻛﺄﺩﺍﺓٍ ﻟِﻤَﺤَﺒَّﺘِﻚ
ﺗِﺠﺎﻩ ﻛﻞِّ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕِ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ،
ﻷﻥ ﻟﻴﺲ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺍﺣﺪٌ ﻣﻨﺴﻲٌّ ﻣﻦ ﻗَﺒﻠِﻚ
ﺃَﻧِﺮ ﺃﺻﺤﺎﺏِ ﺍﻟﺴُّﻠﻄﺔِ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ

6.5 Page 55

▲back to top
55
ﻛَﻲ ﻻ ﻳﺴﻘﻄﻮﺍ ﻓﻲ ﺧﻄﻴﺌﺔِ ﻋﺪﻡِ ﺍﻻﻛﺘﺮﺍﺙ،
ﻭﻳُﺤِﺒُّﻮﺍ ﺍﻟﺨﻴﺮَ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﻳﺴﺎﻧﺪﻭﺍ ﺍﻟﻀُّﻌَﻔﺎﺀ،
ﻭﻳَﻌﺘَﻨﻮﺍ ﺑِﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﻄﻨﻪ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻔُﻘﺮَﺍﺀَ ﻭﺍﻷﺭﺽَ ﻳﺼﻴﺤﻮﻥ:
ﻳﺎ ﺭﺏﺇﻛﺘﻨﻔﻨﺎ ﺑِﻘُﻮَّﺗِﻚ ﻭﺑِﻨﻮﺭِﻙ،
ﻛﻲ ﻧﺤﻤﻲ ﻛﻞّ ﺣﻴﺎﺓ،
ﻭﻟِﻨُﻌﺪَ ﻣُﺴﺘَﻘﺒﻞٍ ﺃَﻓﻀَﻞ،
ﻟﻴﺄﺗﻲ ﻣَﻠﻜﻮﺗﻚ،
ﻣَﻠﻜﻮﺕُ ﺍﻟﻌَﺪﻝِ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒّﺔِ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ.
ﻛُﻦْ ﻣُﺴﺒﺤًﺎ.
ﺁﻣﻴﻦ.
ﺃﻋﻄﻲ ﻓﻲ ﺭﻭﻣﺎ ،ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻄﺮﺱ ،ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﺓ ،ﻓﻲ 24ﻣﺎﻳﻮ/ﺃﻳﺎﺭ ﺳﻨﺔ ،2015ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﺣﺒﺮﻳﺘﻲ.
ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ
ﺍﻟﻔﻬﺮﺱ
ﻛُﻦْ ﻣُﺴَﺒَّﺤﺎ ،ًﻳﺎ ﺳﻴِّﺪﻱ [2-1]
ﻻ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﻟﻴﻦ [6-3]
ﻣﺘّﺤﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﻫﻢٍّ ﻭﺍﺣﺪ [9-7]
ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺍﻷﺳّﻴﺰﻱ [12-10]

6.6 Page 56

▲back to top
56
ﻧﺪﺍﺋﻲ [16-13]
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ
ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻟﺒﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ [19-17]
.Iﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ
ﺗﻠﻮﺙ ،ﻧﻔﺎﻳﺎﺕ ﻭﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻬﺪﺭ [22-20]
ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﻛﺨﻴﺮٍ ﻋﺎﻡ [26-23]
.IIﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ [31-27]
.IIIﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ [42-32]
.IVﺗﺪﻫﻮﺭ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻚ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ [47-43]
.Vﺗﺒﺎﻳﻦ ﻛﻮﻧﻲ [52-48]
.VIﻭَﻫﻦ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ [59-53]
.VIIﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻵﺭﺍﺀ [61-60]
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ
ﺇﻧﺠﻴﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ [62]
.Iﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ [64-63]
.IIﺣﻜﻤﺔ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ [75-65]
.IIIﺳﺮ ﺍﻟﻜﻮﻥ [83-76]
.IVﺭﺳﺎﻟﺔ ﻛﻞ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺗﻨﺎﻏﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ [88-84]
.Vﺷَﺮِﻛﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ [92-89]
.VIﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻠﺨﻴﺮﺍﺕ [95-93]
.VIIﻧﻈﺮﺓ ﻳﺴﻮﻉ [100-96]
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ

6.7 Page 57

▲back to top
57
ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻟﻸﺯﻣﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ [101]
.Iﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ :ﺇﺑﺪﺍﻉ ﻭﺳﻠﻄﺔ [105-102]
.IIﻋﻮﻟﻤﺔ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻗﺮﺍﻃﻲ [114-106]
.IIIﺃﺯﻣﺔ ﻭﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ [121-115]
ﺍﻟﻨﺴﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ [123-122]
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ [129-124]
ﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﻮﺙ [136-130]
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ
ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ [137]
.Iﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺑﻴﺌﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ [142-138]
.IIﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ [146-143]
.IIIﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ [155-147]
.IVﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ [158-156]
.Vﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ [162-159]
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ
ﺑﻌﺾ ﺍﻹﺭﺷﺎﺩﺍﺕ ﻟﻠﺘﻮﺟﻴﻪ ﻭﻟﻠﻌﻤﻞ [163]
.Iﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ [175-164]
.IIﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻭﻣﺤﻠّﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ [181-176]
.IIIﺣﻮﺍﺭ ﻭﺷﻔﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ [188-182]
.IVﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻤﻞﺀ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ [198-189]
.Vﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ [201-199]

6.8 Page 58

▲back to top
58
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ
ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻭﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ [202]
.Iﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﻧﻤﻂ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ [208-203]
.IIﺗﺮﺑﻴﺔٌ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ [215-209]
.IIIﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ [221-216]
.IVﻓﺮﺡ ﻭﺳﻼﻡ [227-222]
.Vﻣﺤﺒّﺔ ﻣَﺪﻧﻴّﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴّﺔ [232-228]
.VIﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ [237-233]
.VIIﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ [240-238]
.VIIIﺳﻠﻄﺎﻧﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ [242-241]
.IXﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺲ [246-243]
ﺻﻼﺓ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻷﺭﺽ
ﺻﻼﺓ ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ
ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
-------------------------------------------------
[1]ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺍﻷﺳّﻴﺰﻱ ،ﻧﺸﻴﺪ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ،ﻣﺼﺎﺩﺭ ﻓﺮﻧﺴﻴﺴﻜﺎﻧﻴﺔ.Fonti Francescane (FF)، 263
[2]ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻮﻥ Octogesima adveniens (14ﻣﺎﻳﻮ/ﺃﻳﺎﺭ :21 ،(1971ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .417 –416 ،(1971) 63
[3]ﺧﻄﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ (FAO)ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟـ 16) 25ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :4 ،(1970ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .833 ،(1970) 62
[4]ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﺎﺩﻱ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ Redemptor hominis (4ﻣﺎﺭﺱ/ﺁﺫﺍﺭ :15 ،(1979ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ 71
.287 ،(1979)
[5]ﺭﺍ .ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ 17)ﻳﻨﺎﻳﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :(2001ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ .Insegnamenti 24/1 (2001)، 179

6.9 Page 59

▲back to top
59
[6]ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺌﺔ Centesimus annus (1ﻣﺎﻳﻮ/ﺃﻳﺎﺭ :38 ،(1991ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ 83
.841 ،(1991)
[7]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.863 :58 ،
[8]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﺸﺄﻥ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ Sollicitudo rei socialis (30ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻷﻭﻝ .34 ،(1987ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .559 ،(1988) 80
[9]ﺭﺍ .ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺌﺔ Centesimus annus (1ﻣﺎﻳﻮ/ﺃﻳﺎﺭ :37 ،(1991ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .840 ،(1991) 83
[10]ﺧﻄﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻚ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ 8)ﻳﻨﺎﻳﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :(2007ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .73 ،(2007) 99
[11]ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ :51 ،(2009ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .687 ،(2009) 101
[12]ﺧﻄﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ،ﺑﺮﻟﻴﻦ 22)ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ/ﺃﻳﻠﻮﻝ :(2011ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .664 ،(2011) 103
[13]ﺧﻄﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﻛﻬﻨﺔ ﺃﺑﺮﺷﻴﺔ ﺑﻮﻟﺰﺍﻧﻮ-ﺑﺮﻳﺴّﺎﻧﻮﻧﻲ Bolzano-Bressanone (6ﺃﻏﺴﻄﺲ/ﺁﺏ :(2008ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .634 ،(2008) 100
[14]ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ – Messaggio per la Giornata di preghiera per la
salvaguardia del creato (1ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ/ﺃﻳﻠﻮﻝ .(2012
[15]ﺧﻄﺎﺏ ﻓﻲ ﺳﺎﻧﺘﺎ ﺑﺮﺑﺮﺍ ،ﻛﺎﻟﻴﻔﻮﺭﻧﻴﺎ 8)ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﻧﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ 1997(؛ ﺭﺍ .ﺟﻮﻥ ﻛﺮﻳﺴﺎﻓﺠﻴﺲ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ :ﻧﻈﺮﺓ ﺇﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﻣﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﻄﺮﻳﺮﻙ ﺍﻟﻤﺴﻜﻮﻧﻲ ﺑﺎﺭﺛﻮﻟﻮﻣﻴﻮﺱ – On Earth as in Heaven: Ecological
،Vision and Initiatives of Ecumenical Patriarch Bartholomewﺑﺮﻭﻧﻜﺲ ،ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ.2012 ،
[16]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.
[17]ﻣﺤﺎﺿﺮﺓ ﻓﻲ ﺩﻳﺮ ﺃﻭﺗﺸﺘﺎﻳﻦ ،Conferenza al Monastero di Utstein -ﻧﺮﻭﻳﺞ 23)ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ .(2003
[18]ﺧﻄﺎﺏ »ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴّﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺪﺍﻣﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴّﺔ :ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ ﺧﺘﺎﻣﻴﺔ« – Global Responsibility and Ecological
،Sustainability: Closing Remarksﻗﻤﺔ ﻫﻴﻠﻘﻲ ،ﺍﺳﻄﻨﺒﻮﻝ 20)ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ .(2012
[19]ﺗﻮﻣﺎ ﺍﻟﺘﺸﻴﻼﻧﻲ ،ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ :XXIX، 81 ،ﻣﺼﺎﺩﺭ ﻓﺮﻧﺴﻴﺴﻜﺎﻧﻴﺔ .460
[20]ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ :Legenda Maior، VIII، 6ﻣﺼﺎﺩﺭ ﻓﺮﻧﺴﻴﺴﻜﺎﻧﻴﺔ .1145
[21]ﺭﺍ .ﺗﻮﻣﺎ ﺍﻟﺘﺸﻴﻼﻧﻲ ،ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ :CXXIV، 165 ،ﻣﺼﺎﺩﺭ ﻓﺮﻧﺴﻴﺴﻜﺎﻧﻴﺔ .750
[22]ﻣﺠﻠﺲ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ،ﺑﻴﺎﻥ ﺭﻋﻮﻱ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ Pastoral Statement on the
Environmental Crisis (5ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ/ﺃﻳﻠﻮﻝ .(1999
[23]ﺭﺍ .ﺗﺤﻴﺔ ﻟﻤﻮﻇﻔﻲ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ FAO) (20)ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :(2014ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ
.985 ،(2014) 106
[24]ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻭﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻜﺎﺭﻳﺒﻲ ،ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺃﺑﺎﺭﻳﺴﻴﺪﺍ – Documento di

6.10 Page 60

▲back to top
60
Aparecida (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ .86 ،(2007
[25]ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ ﺑﺎﻟﻔﻠﺒﻴﻦ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺭﻋﻮﻳﺔ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺤﺪﺙ ﻷﺭﺿﻨﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ؟What is Happening to our -
Beautiful Land? (29ﻳﻨﺎﻳﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ .(1988
[26]ﻣﺠﻠﺲ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺑﻮﻟﻴﻔﻴﺎ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺭﻋﻮﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺑﻮﻟﻴﻔﻴﺎ ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﻋﻄﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ – El
.universo, don de Dios para la vida (2012)، 17
[27]ﺭﺍ .ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻷﻟﻤﺎﻥ ،ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ :ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ :ﻣﺤﻮﺭ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ،
ﻭﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ Der Klimawandel: Brennpunkt globaler intergenerationeller und ökologischer
،Gerechtigkeit)ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ/ﺃﻳﻠﻮﻝ .30 – 28 ،(2006
[28]ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺤﺒﺮﻱ “ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ،”ﻣﻮﺟﺰ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ – Compendio della Dottrina Sociale
.della Chiesa، 483
[29]ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ 5)ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ :(2013ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ .280 ،(2013) 1/1
[30]ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺎﺗﺎﻏﻮﻧﻴﺎ-ﻛﻮﻣﺎﻭﻱ Patagonia-Comahue)ﺃﺭﺟﻨﺘﻴﻦ ،(ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ – Mensaje de
Navidad)ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭﻝ .2 ،(2009
[31]ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ،ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ :ﻧﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺤﺬﺭ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ –
Global Climate Change: A Plea for Dialogue, Prudence and the Common Good (15ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ
.(2001
[32]ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻭﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻜﺎﺭﻳﺒﻲ ،ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺃﺑﺎﺭﻳﺴﻴﺪﺍ 29)ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ
.471 ،(2007
[33]ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ Evangelii gaudium، (24ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :56 ،(2013ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1043 ،(2013) 105
[34]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ :12 ،1990ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .154 ،(1990) 82
[35]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ 17)ﻳﻨﺎﻳﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :3 ،(2001ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ .178 ،(2001) 1/24
[36]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ :15 ،1990ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .156 ،(1990) 82
[37]ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ،ﺭﻗﻢ .357
[38]ﺭﺍ .ﺍﻟﺘﺒﺸﻴﺮ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﻲ ﻓﻲ ﺃﻭﺳﻨﺎﺑﺮﻭﻙ )ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺎ( ﻣﻊ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﻌﺎﻗﻴﻦ 16)ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :(1980ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ
.1232 ،(1980) 2/3
[39]ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﻋﻈﺔ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﺒﻄﺮﺳﻴﺔ 24)ﺃﺑﺮﻳﻞ/ﻧﻴﺴﺎﻥ :(2005ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ 97
.711 ،(2005)
[40]ﺭﺍ .ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ :Legenda Maior، VIII، 1ﻣﺼﺎﺩﺭ ﻓﺮﻧﺴﻴﺴﻜﺎﻧﻴﺔ .1134
[41]ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ.2416 ،
[42]ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻷﻟﻤﺎﻥ ،ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ – ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ .ﺑﻴﺎﻥ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻷﻟﻤﺎﻥ ﺣﻮﻝ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺗﺨﺺ

7 Pages 61-70

▲back to top

7.1 Page 61

▲back to top
61
ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺗﻮﺯﻳﻊ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ Zukunft der Schöpfung – Zukunft der Menschheit. Erklärung der
.Deutschen Bischofskonferenz zu Fragen der Umwelt und der Energieversorgung، (1980) II، 2
[43]ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ.339 ،
[44]ﻋﻈﺔ ﺣﻮﻝ “ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ” – :Hom. in Hexaemeron، 1، 2، 10ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺁﺑﺎﺀ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ .9 ،29
[45]ﺍﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺎ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ،Divina Commediaﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ ،ﻧﺸﻴﺪ .XXXIII، 145
[46]ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ 9)ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :3 ،(2005ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ .768 ،(2005) 1
[47]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ :51 ،(2009ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .687 ،(2009) 101
[48]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ 24) ،ﺃﺑﺮﻳﻞ/ﻧﻴﺴﺎﻥ :6 ،(1991ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ .856 ،(1991) 1/14
[49]ﻳﺸﺮﺡ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﺧﻠﻖ ﻋﺎﻟﻤًﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﻦ ﻭﺻﻮﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻛﻤﺎﻟﻪ
ﺍﻷﺧﻴﺮ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻴﺮﻭﺭﺓ ﺗﻘﺘﻀﻲ ،ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻷﻗﻞ ﻛﻤﺎﻟًﺎ ﻭﺍﻟﺸﺮ ﺍﻟﺠﺴﺪﻱ :ﺭﺍ.310 .
[50]ﺭﺍ .ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ﺍﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎﻧﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﺮﻋﺎﺋﻲ ﻓﺮﺡ ﻭﺭﺟﺎﺀ ،Gaudium et spesﺣﻮﻝ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ،
.36
[51]ﺗﻮﻣﺎ ﺍﻷﻛﻮﻳﻨﻲ ،ﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ – ،Summa Theologiae ، I ،104 ..4 ،1 .
[52]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،In octo libros Physicorum Aristotelis expositio ،ﻛﺘﺎﺏ ،IIﺩﺭﺱ .14
[53]ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ،ﺗﺪﺧﻞ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﺍﻷﺏ ﺗﻴﺎﺭ ﺩﻱ ﺷﺎﺭﺩﺍﻥ؛ ﺭﺍ .ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ،ﺧﻄﺎﺏ ﻓﻲ ﻣﺼﻨﻊ ﻟﻠﻜﻴﻤﺎﻭﻳﺎﺕ
ﻭﺍﻷﺩﻭﻳﺔ 24)ﻓﺒﺮﺍﻳﺮ/ﺷﺒﺎﻁ :(1966ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ 993-992 ،(1966) 4؛ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺏ ﺟﻮﺭﺝ ﻑ .ﻛﻮﻳﻦ
Lettera al reverendo P. George V. Coyne (1 –ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ :(1988ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ 1715 ،(1988) 2/11؛ ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ
ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﻋﻈﺔ ﺧﻼﻝ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﻓﻲ ﺃﻭﺳﺘﺎ – Omelia nella celebrazione dei Vespri ad Aosta (24
ﻳﻮﻟﻴﻮ/ﺗﻤﻮﺯ :(2009ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ .60 ،(2009) 2/5
[54]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ 30) ،ﻳﻨﺎﻳﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :6 ،(2002ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ .140 ،(2002) 1/25
[55]ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ ﺑﻜﻨﺪﺍ .ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺸﺌﻮﻥ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺭﻋﻮﻳﺔ “ﺃﻧﻚ ﺗﺤﺐ – ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ … ﻛﻞ
ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻫﻲ ﻟﻚ ،ﻳﺎ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻳﺎ ﻣﺤﺐ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ” – You Love All That Exists… All Things Are Yours, God, Lover“
of Life” (4ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ .1 ،(2003
[56]ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ ﺑﺎﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ،ﺇﺟﻼﻝ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻟﻠﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ – Reverence for Life. A
Message for the Twenty-First Century (1ﻳﻨﺎﻳﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ .89 ،(2001
[57]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ 26) ،ﻳﻨﺎﻳﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :5 ،(2000ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ .123 ،(2000) 1/23
[58]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ 2) ،ﺃﻏﺴﻄﺲ/ﺁﺏ :3 ،(2000ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ .112 ،(2000) 2/23
[59]ﺑﻮﻝ ﺭﻳﻜﻮﺭ ،ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ .2ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺬﻧﺐ – ،Philosophie de la volonté. 2. Finitude et Culpabilité
ﺑﺎﺭﻳﺲ .216 ،2009

7.2 Page 62

▲back to top
62
[60]ﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ ،Summa Theologiae ، 1- ،47 ..1 .
[61]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.
[62]ﺭﺍ .ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ، ،2 .1 .؛ ﻕ.3 .
[63]ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ.340 ،
[64]ﻧﺸﻴﺪ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ،ﻣﺼﺎﺩﺭ ﻓﺮﻧﺴﻴﺴﻜﺎﻧﻴﺔ .263
[65]ﺭﺍ .ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﺒﺮﺍﺯﻳﻞ ،ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ – A Igreja e a questão ecológica، 1992، 53
.– 54
[66]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.61 ،
[67]ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ Evangelii gaudium، (24ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :215 ،(2013ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1109 ،(2013) 105
[68]ﺭﺍ .ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ،(2009
:14ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .650 ،(2009) 101
[69]ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ.2418 ،
[70]ﻣﺠﻠﺲ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﺪﻭﻣﻴﻨﻴﻜﺎﻥ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺭﻋﻮﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ – Sobre la relación del hombre
con la naturaleza (15ﻣﺎﺭﺱ/ﺁﺫﺍﺭ .(1987
[71]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ Laborem exercens (14ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ/ﺃﻳﻠﻮﻝ :19 ،(1981ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .626 ،(1981) 73
[72]ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺌﺔ Centesimus annus (1ﻣﺎﻳﻮ/ﺃﻳﺎﺭ :31 ،(1991ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ 83
.831 ،(1991)
[73]ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﺸﺄﻥ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ Sollicitudo rei socialis (30ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭﻝ :33 ،(1987
ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .557 ،(1988) 80
[74]ﺧﻄﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻷﺻﻠﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻚ ،ﻛﻮﻳﻼﺑﺎﻥ 29)ﻳﻨﺎﻳﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :6 ،(1979ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .209 ،(1979) 71
[75]ﻋﻈﺔ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺪﺍﺱ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻟﻠﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻓﻲ ﺭﻳﺴﻴﻔﻲ ،ﺍﻟﺒﺮﺍﺯﻳﻞ 7)ﻳﻮﻟﻴﻮ/ﺗﻤﻮﺯ :4 ،(1980ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ
.926 ،(1980) 72
[76]ﺭﺍ .ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺴﻼﻡ :8 ،1990ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .152 (1990) 82
[77]ﻣﺠﻠﺲ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺑﺎﺭﺍﻏﻮﺍﻳﺎﻧﺎ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺭﻋﻮﻳﺔ ﻓﻼﺣﻮ ﺍﻟﺒﺎﺭﺍﻏﻮﺍﻱ ﻭﺍﻷﺭﺽ – El campesino paraguayo y la
tierra (12ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ،4 ،2 ،(1983.
[78]ﻣﺠﻠﺲ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﻧﻴﻮﺯﻟﻨﺪﺍ ،ﺑﻴﺎﻥ ﺣﻮﻝ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺑﻴﺌﻴﺔ – ، Statement on Environmental Issuesﻭﻟﻴﻐﺘﻮﻥ 1)
ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ/ﺃﻳﻠﻮﻝ .(2006

7.3 Page 63

▲back to top
63
[79]ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ Laborem exercens (14ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ/ﺃﻳﻠﻮﻝ :27 ،(1981ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ
.645 ،(1981) 73
[80]ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻳﻮﺳﺘﻴﻨﻮﺱ ﺍﻟﺘﺤﺪّﺙ ﻋﻦ »ﺑﺬﻭﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ« ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ :ﺭﺍ 2 .ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ Apologia 8، 1 –2؛
:6 – 3 ،13ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺁﺑﺎﺀ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ 458 – 457 ،6؛ .467
81][ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺧﻄﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﻣﻤﺜﻠﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ،ﻫﻴﺮﻭﺷﻴﻤﺎ 25)
ﻓﺒﺮﺍﻳﺮ/ﺷﺒﺎﻁ :3 ،(1981ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ (1981) 73ﺭﻗﻢ .422
82][ﺑﻨﺪﻛﺘُﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ :69 ،(2009
ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .702 ،(2009) 101
[83]ﺭﻭﻣﺎﻧﻮ ﻏﻮﺍﺭﺩﻳﻨﻲ ،ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ،Das Ende der Neuzeitﻭﺭﺯﺑﺮﻍ .87 ،19659
[84]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.
[85]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.88 – 87 .
[86]ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺤﺒﺮﻱ “ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ،”ﻣﻮﺟﺰ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ.462 ،
[87]ﺭﻭﻣﺎﻧﻮ ﻏﻮﺍﺭﺩﻳﻨﻲ ،ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ .Das Ende der Neuzeit، 63 – 64
[88]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.64 ،
[89]ﺭﺍ .ﺑﻨﺪﻛﺘُﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ،(2009
:35ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .671 ،(2009) 101
[90]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.657 :22 ،
[91]ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ Evangelii gaudium، (24ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :231 ،(2013ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1114 ،(2013) 105
[92]ﺭﻭﻣﺎﻧﻮ ﻏﻮﺍﺭﺩﻳﻨﻲ ،ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ،Das Ende der Neuzeitﻭﺭﺯﺑﺮﻍ .63 ،19659
[93]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴَّﻨﺔ ﺍﻟﻤِﺌَﺔ Centesimus annus (1ﻣﺎﻳﻮ/ﺁﻳﺎﺭ :38 ،(1991ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .841 (1991) 83
[94]ﺭﺍ .ﺇﻋﻼﻥ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ .ﺇﺟﺎﺑﺔ ﺁﺳﻴﻮﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ Love for Creation. An Asian Response to the
،Ecological Crisisﻟﻘﺎﺀ ﻧﻈﻤﻪ ﺍﺗﺤﺎﺩ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻷﺳﻴﻮﻱ )ﺗﺎﺟﺎﻳﺘﺎﻱ 31 ،ﻳﻨﺎﻳﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ – 5ﻓﺒﺮﺍﻳﺮ/ﺷﺒﺎﻁ
.2 .3 .3 ،(1993
[95]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴَّﻨﺔ ﺍﻟﻤِﺌَﺔ Centesimus annus (1ﻣﺎﻳﻮ/ﺁﻳﺎﺭ :37 ،(1991ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .840 (1991) 83
[96]ﺑﻨﺪﻛﺘُﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺴﻼﻡ :2 ،2010ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ،(2010) 102
.41
[97]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ :28 ،(2009ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .663 ،(2009) 101

7.4 Page 64

▲back to top
64
[98]ﺭﺍ .ﻓﻴﻨﺸﻨﺴﻮ ﺍﻟﻠﻴﺮﻳﻨﺴﻲ ،ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻷﻭﻝ ،Commonitorium primumﺍﻟﻔﺼﻞ :23ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺁﺑﺎﺀ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ
.”Ut annis scilicet consolidetur, dilatetur tempore, sublimetur aetate“ :668 ،50
[99]ﺭﻗﻢ :80ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1053 ،(2013) 105
[100]ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ﺍﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎﻧﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﺮﻋﺎﺋﻲ ﻓﺮﺡ ﻭﺭﺟﺎﺀ ،Gaudium et spesﺣﻮﻝ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ،
.63
[101]ﺭﺍ .ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴَّﻨﺔ ﺍﻟﻤِﺌَﺔ Centesimus annus (1ﻣﺎﻳﻮ/ﺁﻳﺎﺭ :37 ،(1991ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .840 ،(1991) 83
[102]ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺮﻗﻲ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ Populorum progressio (26ﻣﺎﺭﺱ/ﺃﺫﺍﺭ :34 ،(1967ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .274 ،(1967) 59
[103]ﺑﻨﺪﻛﺘُﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ،(2009
:32ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .666 ،(2009) 101
[104]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.
[105]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.
[106]ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ.2417 ،
[107]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.2418 ،
[108]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.2415 ،
[109]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺴﻼﻡ :6 ،1990ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .150 (1990) 82
[110]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺧﻄﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﻮﻳﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ 3)ﺍﻛﺘﻮﺑﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ :3 ،(1981ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ،(1981) 2/4
.333
[111]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺴﻼﻡ :7 ،1990ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .151 (1990) 82
[112]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺧﻄﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ﻟﻠﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ 29)ﺍﻛﺘﻮﺑﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ
:6 ،(1983ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .394 (1984) 76
[113]ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻷﺳﻘﻔﻴﺔ ﻟﻠﺮﻋﻮﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺟﻨﺘﻴﻦ ،ﺃﺭﺽ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ Una tierra para todos)ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ
.19 ،(2005
[114]ﺑﻴﺎﻥ ﺭﻳﻮ ﺩﻱ ﺟﺎﻧﻴﺮﻭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ 14) ،ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ،(1992ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ .4
[115]ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ Evangelii gaudium (24ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :237 ،(2013ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1116 ،(2013) 105
[116]ﺑﻨﺪﻛﺘُﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ،(2009
:51ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .687 ،(2009) 101
[117]ﻗﺪ ﻭﺿّﺢ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜُﺘّﺎﺏُ ﺍﻟﻘﻴﻢَ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗُﻤﺎﺭَﺱ ،ﻣﺜﻼ ،ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻃﻨﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻭﻣﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮ

7.5 Page 65

▲back to top
65
،(villas)ﺃﻭ ﺍﻷﻛﻮﺍﺥ (chabolas)ﺃﻭ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ (favelas)ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ :ﺭﺍ .ﺧﻮﺍﻥ ﻛﺎﺭﻟﻮﺱ ﺳﻜﺎﻧﻮﻧﻲ ﺃ .،.
“ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﻣﻨﻄﻖ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ ،«La irrupción del pobre y la lógica de la gratitud»“ﻓﻲ ﺧﻮﺍﻥ ﻛﺎﺭﻟﻮﺱ
ﺳﻜﺎﻧﻮﻧﻲ ﻭﻣﺮﺗﺸﻴﻠﻮ ﺑﻴﺮﻳﻨﻲ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ .ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ Irrupción del pobre y
،quehacer filosófico. Hacia una nueva racionalidadﺑﻮﻳﻨﺲ ﺁﻳﺮﺱ .230-225 ،1993
[118]ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺤﺒﺮﻱ “ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ،”ﻣﻮﺟﺰ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ.482 ،
[119]ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ Evangelii gaudium (24ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺷﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :210 ،(2013ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1107 ،(2013) 105
[120]ﺧﻄﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺑﺮﻟﻴﻦ 22)ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ/ﺃﻳﻠﻮﻝ :(2011ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ،(2011) 103
.668
[121]ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ 15)ﺃﺑﺮﻳﻞ/ﻧﻴﺴﺎﻥ :(2015ﺃﻭﺳﻴﺮﻓﺎﺗﻮﺭﻱ ﺭﻭﻣﺎﻧﻮ L’Osservatore Romano- 16ﺃﺑﺮﻳﻞ/ﻧﻴﺴﺎﻥ
.8 ،2015
[122]ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ﺍﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎﻧﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﺮﻋﺎﺋﻲ ﻓﺮﺡ ﻭﺭﺟﺎﺀ Gaudium et spesﻓﻲ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ.26 ،
[123]ﺭﺍ .ﺃﺭﻗﺎﻡ :201 – 186ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1105 – 1098 ،(2013) 105
[124]ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻲ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺭﻋﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ Responsabilidade
solidária pelo bem comum (15ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ/ﺃﻳﻠﻮﻝ .20 ،(2003
[125]ﺑﻨﺪﻛﺘُﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺴﻼﻡ :8 ،2010ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ 102
.45 ،(2010)
[126]ﺑﻴﺎﻥ ﺭﻳﻮ ﺩﻱ ﺟﺎﻧﻴﺮﻭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ 14) ،ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ،(1992ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ .1
[127]ﻣﺠﻠﺲ ﺃﺳﺎﻗﻔﺔ ﺑﻮﻟﻴﻔﻴﺎ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺭﻋﻮﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺑﻮﻟﻴﻔﻴﺎ ﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﻋﻄﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ El
.Universo, don de Dios para la Vida (2012)، 86
[128]ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺤﺒﺮﻱ “ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ،”ﻃﺎﻗﺔ ،ﻋﺪﺍﻟﺔ ﻭﺳﻼﻡ ،Energia, Giustizia e Pace، IV ، 1ﺣﺎﺿﺮﺓ
ﺍﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎﻥ .57 ،(2013)
[129]ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ،(2009
:67ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .700 ،(2009) 101
[130]ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ Evangelii gaudium (24ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :222 ،(2013ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1111 ،(2013) 105
[131]ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺤﺒﺮﻱ “ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ،”ﻣﻮﺟﺰ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ.469 ،
[132]ﺑﻴﺎﻥ ﺭﻳﻮ ﺩﻱ ﺟﺎﻧﻴﺮﻭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ 14) ،ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ،(1992ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ .15
[133]ﺭﺍ .ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻲ .ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻷﺳﻘﻔﻴﺔ ﻟﻠﺮﻋﻮﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﺣﻴﺎﺓ ﻭﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ
ﺍﻷﺻﻠﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ Jesucristo, vida y esperanza de los indígenas y campesinos (14ﻳﻨﺎﻳﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ

7.6 Page 66

▲back to top
66
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ.( 2008
[134]ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺤﺒﺮﻱ “ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ،”ﻣﻮﺟﺰ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ.470 ،
[135]ﺑﻨﺪﻛﺘُﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺴﻼﻡ :9 ،2010ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ 102
.46 ،(2010)
[136]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.
[137]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.43 :5 ،
[138]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ :50 ،(2009ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .686 ،(2009) 101
[139]ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ Evangelii gaudium (24ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :209 ،(2013ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1107 ،(2013) 105
[140]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.1107 :228 ،
[141]ﺭﺍ .ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻧﻮﺭ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ Lumen fidei )29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ :34 ،)2013ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ 105
:577 ،(2013)“ﺇﻥ ﻧﻮﺭ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺘّﺤﺪًﺍ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﻏﺮﻳﺒًﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ّﻷﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺗﻌﻴﺶ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻓﻲ ﺟﺴﺪ ﻭﻧﻔﺲ؛ ﺇﻥ ﻧﻮﺭ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻫﻮ ﻧﻮﺭ ﻣﺘﺠﺴّﺪ ،ﻳﺸﻊّ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﺓ .ﻫﻮ ﻧﻮﺭ
ﻳﻨﻴﺮ ﺃﻳﻀًﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ،ﻭﻳﺜﻖ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻣﻬﺎ ،ﻭﻳﻌﺮﻑ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺗﻨﻔﺘﺢ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺍﻧﺴﺠﺎﻡ ﺃﻭﺳﻊ .ﻓﺘﺤﺼﻞ ﻫﻜﺬﺍ ﻧﻈﺮﺓ
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ :ﻓﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻣﻨﻔﺘﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﻏﻨﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻨﻀﺐ .ﺇﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ
ﻳﻮﻗﻆ ﺍﻟﺤﺲ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﻷﻧﻪ ﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺮﺿﻰ ﺑﺼﻴﻐﻪ ،ﻭﻳﺴﺎﻋﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻲ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺃﻛﺒﺮ.
ﺩﺍﻋﻴًﺎ ﺇﻳﺎﻩ ﻟﻠﺘﻌﺠﺐ ﺃﻣﺎﻡ ﺳﺮّ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻳﻮﺳّﻊ ﺃﻓﺎﻕ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻟﻴﻨﻴﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻔﺘﺢ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻴّﺔ.”
[142]ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ Evangelii gaudium، (24ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :256 ،(2013ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1123 ،(2013) 105
[143]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.1114 :231 ،
[144]ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ،Das Ende der Neuzeitﻭﺭﺯﺑﺮﻍ .67 – 66 ،19569
[145]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ :1 ،1990ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .147 ،(1990) 82
[146]ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ،(2009
:66ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .699 ،(2009) 101
[147]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ :11 ،2010ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .48 ،(2010) 102
[148]ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﺭﺽ ،Carta della Terraﺃﻳﺎ )ﻫﻮﻟﻨﺪﺍ( 29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ .2000
[149]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺌﺔ Centesimus annus (1ﻣﺎﻳﻮ/ﺃﻳﺎﺭ ،39 ،(1991ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .842 (1991) 83
[150]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ :14 ،1990ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .155 ،(1990) 82

7.7 Page 67

▲back to top
67
[151]ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ Evangelii gaudium (24ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :261 ،(2013ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1124 ،(2013) 105
[152]ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﻋﻈﺔ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﺒﻄﺮﺳﻴﺔ 24)ﺃﺑﺮﻳﻞ/ﻧﻴﺴﺎﻥ :(2005ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ 97
.710 ،(2005)
[153]ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﻟﻴﻴﻦ ،ﺃﺭﺽ ﺟﺪﻳﺪﺓ .ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ A New Earth. The Environmental
.(Challenge (2002
[154]ﺭﻭﻣﺎﻧﻮ ﻏﻮﺍﺭﺩﻳﻨﻲ ،ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ .Das Ende der Neuzeit، 72
[155]ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ Evangelii gaudium (24ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :71 ،(2013ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .1050 ،(2013) 105
[156]ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ Caritas in veritate (29ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ :2 ،(2009
ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .642 ،(2009) 101
[157]ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺴﻼﻡ :1977ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .709 ،(1976) 68
[158]ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺤﺒﺮﻱ “ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ،”ﻣﻮﺟﺰ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ.582 ،
[159]ﻗﺪ ﺷﺪّﺩ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﻴﻦ ،ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺨﻮّﺍﺹ ،ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﺧﺒﺮﺗﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ
ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺧﺒﺮﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ،ﻗﺎﺋﻼ :“ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﺃﻻّ ﻧﻨﺘﻘﺪ ﺑﺘﺤﻴّﺰٍ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻌﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﻋﺒﺮ
ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻌﺮ .ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺮّ ﺧﻔﻲّ ﻓﻲ ﻛﻞٍّ ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺎﺕِ ﻭﺃﺻﻮﺍﺕِ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .ﻓﺎﻟﻤﻄّﻠﻌﻮﻥ ﻳﺘﻮﺻّﻠﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻓﻬﻢ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟﻪ
ﺍﻟﺮﻳﺢ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ،ﻭﺍﻟﺸﺠﺮ ﺍﻟﻤﻨﺤﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ ،ﻭﺍﻟﺬﺑﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻦ ،ﻭﺍﻻﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺼﺎﺭّﺓ ،ﻭﺍﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ ﺍﻟﻤﻐﺮﺩﺓ ،ﻭﺻﻮﺕ
ﺍﻻﻭﺗﺎﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺰﻣﺎﺭ ،ﻭﺗﻨﻬّﺪ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ،ﻭﺗﺄﻭّﻩ ﺍﻟﻤﻨﻜﻮﺑﻴﻦ Eva de Vitray-Meyerovitch :”…]ﻧﺎﺷﺮ ،[ﻣﺨﺘﺎﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ
،Anthologie du soufisme –ﺑﺎﺭﻳﺲ .200 ،1978
[160]ﻓﻲ IIﺍﻟﺤﻜﻢ .In II Sent.، 2، 3 23
[161]ﻧﺸﻴﺪ ﺭﻭﺣﻲ .Cántico Espiritual، XIV، 5
[162]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.
[163]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.XIV، 6 – 7 ،
[164]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻴﺔ ﻧـﻮﺭ ﺍﻟﺸﺮﻕ Orientale lumen (2ﻣﺎﻳﻮ/ﺃﻳﺎﺭ :11 ،(1995ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .757 ،(1995) 87
[165]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ.
[166]ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻴّﺎ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ Ecclesia de Eucharistia (17ﺃﺑﺮﻳﻞ/ﻧﻴﺴﺎﻥ ،(2003
:8ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ .438 ،(2003) 95
[167]ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ،ﻋﻈﺔ ﻗﺪﺍﺱ ﻋﻴﺪ ﺟﺴﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ 15)ﻳﻮﻧﻴﻮ/ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ :(2006ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ 98
.513 ،(2006)
[168]ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ،ﺭﻗﻢ .2175

7.8 Page 68

▲back to top
68
[169]ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ 2)ﺃﻏﺴﻄﺲ/ﺁﺏ :4 ،(2000ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ .112 ،(2000) 2/23
[170]ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻭﻣﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺣﻮﻝ “ﺳﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ” – ،Quaest. disp. de Myst. Trinitatis، 1، 2ﺧﺎﺗﻤﺔ.
[171]ﺭﺍ .ﺗﻮﻣﺎ ﺍﻷﻛﻮﻳﻨﻲ ،ﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ ،Summa Theologiae، 1 ،11 . ،3 ،21 . ،1 .3؛ ﺱ ،47
.3
[172]ﺑﺎﺯﻳﻠﻴﻮﺱ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ،ﻋﻈﺔ ﺣﻮﻝ “ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ” :Hom. in Hexaemeron، 1، 2، 6ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺁﺑﺎﺀ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ
.8 ،29
[i]ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺮﻃﺒﺔ ﻫﻲ ﺃﻱ ﻭﺳﻂ ﺗﻐﻤﺮﻩ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﻠﻴًّﺎ ﺃﻭ ﺟﺰﺋﻴًّﺎ ،ﺃﻭ ﺑﻪ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻃﻮﺑﺔ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﻭ ﻟﻔﺘﺮﺓ
ﻣﺆﻗﺘﺔ .ﻭﻫﻲ ﺃﻭﺳﻂ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻭﺗﺴﺘﻘﻄﺐ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ
ﺍﻟﻘﺎﺭﺍﺕ .ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺮﻃﺒﺔ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﺻﻄﻨﺎﻋﻴﺔ.
[ii]ﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﺘﺴﺎﺭﻋﻲ ،ﻣﻦ .“rapidación“ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺠﻢ؛ ﺍﺳﺘُﻌﻤِﻠَﺖ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺍﻷﺭﺟﻨﺘﻴﻨﻴﺔ ،ﻭﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﺟﺪﺍ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ.
[iii]ﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﺤﻴﻮﻱ :(Bioaccumulation) :ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﺍﻛﻢ ﻣﻮﺍﺩ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻤﺒﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﺤﺸﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﻣﻮﺍﺩ ﻭﻣﺮﻛﺒﺎﺕ ﻋﻀﻮﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ
ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ .ﻳﺤﺪﺙ ﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﺤﻴﻮﻱ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻤﺘﺺ ﻛﺎﺋﻦ ﺣﻲ ﻣﺎﺩﺓ ﺳﺎﻣﺔ ﺑﻤﻌﺪﻝ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻳﻔﻪ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﻤﻮﻡ.
[iv]ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻥ :ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﻥ ﺍﻟﺒﺮﻛﺎﻧﻲ ،ﺍﻟﺤﻤﻢ ،ﺍﻟﺒﺨﺎﺭ ،ﺍﻟﺼﻬﺎﺭﺓ.
[v]ﺍﻟﻮﻗﻮﺩ ﺍﻷﺣﻔﻮﺭﻱ :(combustibili fossili)ﻫﻮ ﻭﻗﻮﺩ ﻳﺘﻢ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻷﺣﻔﻮﺭﻳﺔ :ﻛﺎﻟﻔﺤﻢ ﺍﻟﺤﺠﺮﻱ،
ﺍﻟﻔﺤﻢ ﺍﻟﻨﻔﻄﻲ ﺍﻷﺳﻮﺩ ،ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ ،ﻭﺗﺴﺘﺨﺮﺝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻣﻦ ﺑﺎﻃﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺗﺤﺘﺮﻕ ﻓﻲ
ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻣﻊ ﺍﻷﻛﺴﺠﻴﻦ ﻹﻧﺘﺎﺝ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻴﺎﺩﻳﻦ.
[vi]ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ :(Secondary Cell)ﻫﻲ ﺧﻠﻴﺔ ﻛﻴﻤﻴﺎﻭﻳﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﺰﺍﻥ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ.
[vii]ﺍﻟﺮﻫﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻫﻮ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺣﻖ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻘﺮﺽ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﺗﺴﺪﻳﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ.
[viii]ﺍﻟﺤﻤﺾ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺍﻟﺮﺍﻳﺒﻮﺯﻱ (DNA)ﻣﻨﻘﻮﺹ ﺍﻷﻛﺴﺠﻴﻦ
[ix]ﻣﺬﻫﺐ ﻓﻜﺮﻱ ﻳَﻌْﺘَﺒِﺮ ﺃَﻥَّ ﺍﻟْﺈِﻧْﺴَﺎﻥ ﻫُﻮَ ﺣَﻘِﻴﻘﺔ ﺍﻟْﻜَﻮْﻥ ﺍﻟْﻤَﺮْﻛَﺰِﻳَّﺔ.
[x]ﺑﺮﻭﻣﻮﺗﻲ :ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﻛﻲ ﻳﺮﻓﻊ ﺭﻭﺣﻪ ﻭﻭﺿﻌﻪ.
[xi]ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ Biocentrism)ﺑﻴﻮﺳﻨﺘﺮﻳﺰﻡ( ﻫﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻗﺘﺮﺣﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ )ﺭﻭﺑﺮﺕ ﻻﻧﺰﺍ( ﻓﻲ ﻋﺎﻡ
2007ﻭﻓﻲ ﻧﻈﺮ )ﻻﻧﺰﺍ :(ﺗﺠﺴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻋﻠﻮﻣﻬﺎ )ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ( ﻣﺮﻛﺰﺍً ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻜﻮﻥ ،ﻭﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻦ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻲ ﻏﻴﺮ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻟﻦ ﺗﻨﺠﺢ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺬﺕ ﻓﻲ ﺣﺴﺒﺎﻧﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻮﻋﻲ.
[xii]ﺍﻟﻤﺤﺎﻳﺜﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻳﻤﻜﺚ ﻓﻲ ،ﻭﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺘﺄﻣﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ
ﻭﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ،ﻭﺍﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺳﻄﻮ ،ﺍﻣﺎ ﺑﻤﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ
ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﻴﺔ )ﺍﻟﺴﻜﻮﻻﺋﻴﺔ( ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ﻛﺎﻧﻂ.
[xiii]ﻳﻤﺜﻞ ﻓﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﺠﻢ ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺤﺠﻢ ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻌﺔ (Economies of scale)ﺍﻧﺨﻔﺎﺽ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﺘﻜﻠﻔﺔ

7.9 Page 69

▲back to top
69
ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺟﻞ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﺣﺠﻢ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ .ﻭﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻗﺘﺼﺎﺩﺍﺕ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ،ﺣﻴﺚ
ﺗﺆﺩﻱ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﻄﺮﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻧﺨﻔﺎﺽ ﻣﺘﻮﺳﻂ )ﺃﻭ ﻭﺣﺪﺓ( ﺍﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ.
[xiv]ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠّﺔ )ﺑﺎﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ – oligopolium :ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺬﺭ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻋﺔ ﻗﻠﻴﻠﻮﻥ( ﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﺍﺷﻜﺎﻝ
ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻮﻕ ،ﻭﻫﻮ ﺣﺎﻟﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻣﺤﻜﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﺪﺩ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﻓﺮﻳﻦ ﻟﻠﺒﻀﺎﻋﺔ.
[xv]ﺻﻴﻎ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻁ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻴﻄﺔ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1992ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ 15ﻣﻦ ﺇﻋﻼﻥ ﺭﻳﻮ :“ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ
ﺗﻬﺪﻳﺪﺍﺕ ﺑﻮﻗﻮﻉ ﺃﺿﺮﺍﺭ ﺟﺴﻴﻤﺔ ﺃﻭ ﻻ ﺭﺟﻌﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺒﺮﺭﺍ ﻟﺘﺄﺟﻴﻞ
ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﻤﻨﻊ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ .”ﻭﺭﻏﻢ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻣﺤﺪﺩ ﻋﺎﻟﻤﻴًّﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ،ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻪ
ﻋﺎﻣﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ :ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﻭﻗﺎﺋﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺒﺐ ﻛﺎﻑ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻥ ﺃﻱ ﻧﺸﺎﻁ ﺃﻭ ﻣﻨﺘﺞ ﻗﺪ ﻳﺴﺒﺐ ﺃﺿﺮﺍﺭﺍ
ﺟﺴﻴﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺭﺟﻌﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﻟﺨﻔﺾ ﺃﻭ ﻭﻗﻒ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻧﺸﺎﻁ ﻣﺎ ،ﺃﻭ
ﻟﻤﻨﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺞ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺘﺠﺎ ،ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺩﻟﻴﻞ ﻗﺎﻃﻊ ﺭﺳﻤﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺒﺒﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ
ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﺘﺞ ،ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻗﺐ ﺍﻟﻮﺧﻴﻤﺔ .ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺗﺪﺍﺑﻴﺮ ﻋﻼﺟﻴﺔ ﻛﻀﻤﺎﻥ ﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﻤﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﺮﺭ ،ﻭﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍﻷﺿﺮﺍﺭ،
ﻭﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﺍﻟﻤﺘﻀﺮﺭﻳﻦ ،ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺑﺎﻹﻋﻼﻡ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﻼﺣﻘﺔ ،ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻟﻠﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ
ﺗﻠﺤﻖ ﺑﺎﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ.
[xvi]ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﺍﻷﺩﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﺎ ﻭﻳﺴﻌﻰ ﻟﺤﻠﻬﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ
ﺩﻭﻥ ﺗﺴﺎﺅﻝ ﻋﻦ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﻭﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ.
Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana