20221228-totum-amoris-est-ar


20221228-totum-amoris-est-ar

1 Pages 1-10

▲back to top

1.1 Page 1

▲back to top
ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ
ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺑﺎﺑﻮﻳّﺔ
TOTUM AMORIS EST
”ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺐّ“
ﻟﻠﺤﺒﺮ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺍﻟﺒﺎﺑﺎ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ
ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﻤﺌﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻟﻮﻓﺎﺓ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ
"ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺐّ" .[1]ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻠﺨّﺺ ﺍﻹﺭﺙ ﺍﻟﺮّﻭﺣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﻛﻪ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ
ﺳﺎﻟِﺲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﻓﻲّ ﻗﺒﻞ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻗﺮﻭﻥ ،ﻓﻲ 28ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭّﻝ/ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ 1622ﻓﻲ ﻟﻴﻮﻥ .ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻩ ﻳﺰﻳﺪ ﻗﻠﻴﻠًﺎ ﻋﻦ ﺧﻤﺴﻴﻦ
ﺳﻨﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺳﻘﻔًﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﻴﻒ ﻭﺃﻣﻴﺮًﺍ ”ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻔﻰ“ ﻣﺪّﺓ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣًﺎ .ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﻟﻴﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﻣﻬﻤّﺘﻪ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴّﺔ
ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ .ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺩﻭﻕ ﺳﺎﻓﻮﻳﺎ ﻣﺮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﻜﺎﺭﺩﻳﻨﺎﻝ ﻣﺎﻭﺭﻳﺘﺴﻴﻮ ﺩﻱ ﺳﺎﻓﻮﻳﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﻴﻨﻴﻮﻥ .ﺳﻴﻘﺪّﻣﺎﻥ ﻣﻌًﺎ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻟﻠﻤﻠﻚ
ﺍﻟﺸّﺎﺏ ﻟﻮﻳﺲ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﺋﺪًﺍ ﺇﻟﻰ ﺑﺎﺭﻳﺲ ،ﻣﺎﺭًّﺍ ﺑﻮﺍﺩﻱ ﺍﻟﺮﻭﻥ ،ﺑﻌﺪ ﺣﻤﻠﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳّﺔ ﻣﻨﺘﺼﺮﺓ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ
ﻓﺮﻧﺴﺎ .ﺭﺿﻲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺑﺎﻟﺴﻔﺮ ﺗﺪﻓﻌﻪ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻷﻧّﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻌﺒًﺎ ﻭﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺻﺤﻴّﺔ ﺳﻴّﺌﺔ ."ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺮّﺣﻠﺔ ﻣﻔﻴﺪﺓ ﺇﻟﻰ ﺣﺪّ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﺨﺪﻣﺘﻬﻢ ،ﻓﻠﺪﻱ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻮﺟﻴﻬﺔ ﻭﺍﻟﺠﻴّﺪﺓ ﻹﻋﻔﺎﺀ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻨﻬﺎ .ﻟﻜﻦ ﺑﻤﺎ ﺃﻧّﻬﺎ
ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻬﻢ ،ﻓﻠﻦ ﺃﺗﺮﺍﺟﻊ ،ﺑﻞ ﺳﺄﺫﻫﺐ ﻭﻟﻮ ﺯﺣﻔًﺎ ،ﺣﻴًّﺎ ﺃﻭ ﻣﻴﺘًﺎ" .[2]ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻃﺒﻌﻪ .ﻭﻟﻤّﺎ ﻭﺻﻞ ﺃﺧﻴﺮًﺍ ﺇﻟﻰ ﻟﻴﻮﻥ ،ﺃﻗﺎﻡ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ
ﻣﻦ ﺩﻳﺮ ﺭﺍﻫﺒﺎﺕ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،(Visitandines)ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻧﻲ ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﺒّﺐ ﺍﻟﻤﺘﺎﻋﺐ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ،ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺣﺘﻰ
ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺮًّﺍ ﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻱّ ﺷﺨﺺ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﻟﻘﺎﺋﻪ .
ﻣﻨﺬ ﻭﻗﺖ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﺠﺒًﺎ ﺑـ "ﻋﻈﻤﺔ ﺍﻟﺒﻼﻁ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺮﺓ" ،[3]ﻓﺄﻣﻀﻰ ﺣﺘّﻰ ﺃﻳﺎﻣﻪ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺮّﺍﻋﻲ
ﻓﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻴﺪ :ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﺎﺕ ﻭﻣﺤﺎﺩﺛﺎﺕ ﻭﻣﺆﺗﻤﺮﺍﺕ ﻭﻣﻮﺍﻋﻆ ،ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﻔﺮّ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺼّﺪﺍﻗﺔ
ﺍﻟﺮّﻭﺣﻴﺔ .ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﻨﻤﻂ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﻟﻪ ﻭﺿﻮﺣًﺎ ﺑﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﻭﻗﺪ ﺻﺎﻏﻪ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻭﺩﻗّﺔ ﻓﻲ
ﻣﺆﻟَّﻔِﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ ”ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ :“"ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻜّﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ،ﻓﻲ ﺍﻷﻟﻮﻫﻴّﺔ ،ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﺸﻌﺮ ﻓﻮﺭًﺍ ﺑﺸﻌﻮﺭ
ﻋﺬﺏ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﻥّ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺇﻟﻪُ ﻗﻠﺐِ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ" .[4]ﻫﺬﻩ ﺧﻼﺻﺔُ ﻓﻜﺮِﻩ .ﺧﺒﺮﺓُ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻲ ﺩﻟﻴﻞٌ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐِ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .ﻭﻫﺬﺍ
ﻟﻴﺲ ﺗﺤﻠﻴﻠًﺎ ﺫِﻫﻨِﻴًّﺎ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﺍﻋﺘﺮﺍﻑٌ ﻣﻠﻲﺀٌ ﺑﺎﻟﺪﻫﺸﺔِ ﻭﺍﻟﺸُّﻜﺮ ،ﻧﺘﻴﺠﺔَ ﻇﻬﻮﺭِ ﺍﻟﻠﻪ .ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ،ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝِ ﺍﻟﻘﻠﺐِ ﺗﺘِﻢُّ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻌﻤﻠﻴّﺔُ ﺍﻟﻤُﻮﺣِّﺪﺓ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻳﺘﻌﺮّﻑُ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥُ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﻳﺘﻌﺮّﻑُ ﺃﻳﻀًﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﺃﺻﻠِﻪ
ﻭﺃﻋﻤﺎﻗِﻪ ،ﻭﻛﻤﺎﻟِﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓِ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺐﻭﻳﻜﺘﺸﻒُ ﺃﻥّ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥَ ﻟﻴﺲ ﺣﺮﻛﺔً ﻋﻤﻴﺎﺀ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﺃﻭّﻟًﺎ ﻣﻮﻗﻒٌ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ .ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ،
ﻳﺜﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻠﻀﻤﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻧّﻬﺎ ”ﺷﻌﻮﺭٌ ﻋﺬْﺏ ،“ٌﻗﺎﺩﺭٌ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳُﺜﻴﺮَ ﻧﻴّﺔً ﺣﺴَﻨﺔ ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ ،ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻜﻞّ ﻭﺍﻗﻊٍ
ﻣﺨﻠﻮﻕ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳُﺤِﺐّ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ.
ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﻫﺬﺍ ،ﻧﻔﻬﻢُ ﺃﻧّﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻜﺎﻥٌ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻟﻠﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﻟﻠﻌﺜﻮﺭِ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓِ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚِ ﻋﻨﻪ،
ﻣﻦ ﻗﻠﺐِ ﻛﻞّ ﺍﻣﺮﺃﺓٍ ﻭﺭﺟﻞٍ ﻓﻲ ﺯﻣﻨِﻪ .ﻟﻘﺪ ﺗﻌﻠّﻢ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔِ ﻧﻔﺴِﻪ ﺑﺪﻗَّﺔ ،ﻣﻨﺬ ﺷﺒﺎﺑِﻪ ﺍﻟﻤﺒﻜّﺮ ،ﻭﺑﺘﻔﺤُّﺺِ ﻗﻠﺐِ

1.2 Page 2

▲back to top
2
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ.
ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﺤﻤﻴﻢ ﺑﺄﻥّ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺴﻜﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ ،ﺗﺮﻙ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻓﻲ ﺃﻳّﺎﻣﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻀﺎﻫﺎ ﻓﻲ
ﻟﻴﻮﻥ ،ﻟﺮﺍﻫﺒﺎﺕ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،(Visitandines)ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨّﻰ ﺃﻥ ﺗﺒﻘﻰ ﺧﺘﻤًﺎ ﻟﺬﻛﺮﺍﻩ ﺑﻴﻨﻬﻦ ،َّﻭﻫﻲ :"ﻟﻘﺪ ﻟﺨّﺼﺖُ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ
ﻓﻲ ﻫﺎﺗَﻴﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺘَﻴﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻜﻢ ﻻ ﺗﺮﻓﻀﻮﺍ ﺷﻴﺌًﺎ ﻭﻻ ﺗﻄﻠﺒﻮﺍ ﺷﻴﺌًﺎ .ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻱ ﺷﻲﺀٌ ﺁﺧﺮ ﺃﻗﻮﻟﻪ ﻟﻜﻢ" .[5]ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ
ﻣﺤﺾ ﺗﺪﺭﻳﺐ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ ،ﻷﻥّ "ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺑﺪﻭﻥ ﺗﻮﺍﺿﻊ" ،[6]ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺨﻔﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮﺓ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻘﺪﺍﺳﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺨﻠﻄﻬﺎ ﻣﻊ
ﺍﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﺑﻘﻮﺍﻧﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ،ﻭﻣﻊ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻹﺭﺍﺩﺗﻪ ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴّﺔ ،"ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺒَّﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺈﺭﺿﺎﺀ ﺫﺍﺗﻲ ﺫﻱ ﻃﺎﺑﻊ ﻧﺨﺒﻮﻱ ﻣﺘﻤﺮﻛﺰ
ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﺧﺎﻝٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺐّ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ" .[7]ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺴﺄﻟﺔ ”ﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺔ“ ﻭﺍﺳﺘﺴﻼﻡ ﺳﻠﺒﻲ ﻻ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻟﻪ،
ﻭﺗﻌﻠﻴﻢ ﺑﻼ ﺟﺴﺪ ﻭﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ .[8]ﺑﻞ ﻭُﻟﺪ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻣّﻞ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﻤﺘﺠﺴّﺪ ﻧﻔﺴﻪ .ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ 26ﻛﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻷﻭّﻝ/ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﺘﻜﻠّﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺍﻫﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺳﺮّ ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ :"ﺃﺗﺮﻳﻦ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻳﺴﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﻭﺩ؟ ﺇﻧّﻪ ﻳﺘﻠﻘّﻰ
ﻛﻞّ ﻭﻳﻼﺕ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ،ﺍﻟﺒﺮﺩ ﻭﻛﻞّ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻪ ﺍﻷﺏ ﺑﺄﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﻟﻪ .ﺇﻧّﻪ ﻻ ﻳﺮﻓﺾ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪّﻣﺘﻬﺎ ﻟﻪ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ،ﻭﻟﻢ
ﻳُﻜﺘَﺐ ﺃﻧّﻪ ﻣﺪّ ﻳﺪﻳﻪ ﻟﻴﻤﺴﻚ ﺑﺼﺪﺭ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ،ﺑﻞ ﺗﺮﻙ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻟﺮﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ﻭﺑُﻌﺪ ﻧﻈﺮﻫﺎ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ ﺃﻻّ ﻧﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺃﻱّ ﺷﻲﺀ ﺃﻭ
ﺃﻥ ﻧﺮﻓﺾ ﺷﻴﺌًﺎ ،ﻭﺃﻥ ﻧﺘﺤﻤّﻞ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻳﺮﺳﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻴﻨﺎ ،ﺍﻟﺒﺮﺩ ﻭﻭﻳﻼﺕ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ" .[9]ﻳﺆﺛِّﺮ ﻓﻴﻨﺎ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻪ ﻭﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻪ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻤﺎ ﻻ
ﻏِﻨﻰ ﻋﻨﻪ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ .ﻓﻘﺪ ﺗﻌﻠّﻢ ﻓﻲ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﺘﺠﺴّﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻳﻌﻴﺸﻪ ﺑﺜﻘﺔ.
ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺤﺐّ
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ،ﺃﺩﺭﻙ ﺃﻥّ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻫﻲ ﺃﺻﻞ ﻛﻞّ ﺣﻴﺎﺓ ﺭﻭﺣﻴّﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﻫﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﺘﺰﻳﻴﻔﻬﺎ .ﻟﻬﺬﺍ
ﺍﻟﺴﺒﺐ ،ﺟﻤّﻊ ﺑﻜِﻠﺘﺎ ﻳﺪَﻳﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘّﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﺮّﻭﺣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺒﻘﻪ ،ﻭﺃﺩﺭﻙ ﺃﻫﻤﻴّﺔ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭ ،ﻣﻦ ﺧﻼﻝ
ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴّﻴﺰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮّﺓ .ﻭﻭﺟﺪ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﺘﻘﻴﻴﻤﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺐﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺨﻠﻮﺓ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﻟﻴﻮﻥ ،ﻓﻲ ﻋﻴﺪ
ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺍﺳﻄﻔﺎﻧﺲ ،ﻗﺒﻞ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻗﺎﻝ :"ﺇﻧّﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻀﻔﻲ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ .ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻜﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﺑﻜﺜﻴﺮ .ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺄُﻭﻗِﻴَّﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺐﺇﻧّﻪ ﻳﺴﺘﺤﻖّ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ،ﺑﻤﺎ ﺃﻧّﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻬﺐ
ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ؛ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺄﻟّﻢ ﻣﻦ ﺟﺮﺡ ﺧﻔﻴﻒ ﺑﺄﻭﻗﻴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺐّ ﺳﻴﺴﺘﺤﻖّ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ،ﻷﻥّ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ
ﻭﺍﻟﺤﺐّ ﻫﻤﺎ ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﻳﻌﻄﻴﺎﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﻷﻋﻤﺎﻟﻨﺎ" .[10]
ﻭﺗﺎﺑﻊ ﺑﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﻣﺪﻫﺸﺔ ،ﻭﺃﻭﺿﺢ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺼّﻌﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺄﻣّﻞ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ .ﻗﺎﻝ :"ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﺃﻭ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥّ ﺍﻟﺘﺄﻣّﻞ ﻓﻲ ﺣﺪّ
ﺫﺍﺗﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺸﻄﺔ؛ ﺑﻞ ﺇﻥ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ]ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ[ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺸﻄﺔ ،ﻓﻬﺬﺍ ﺃﻓﻀﻞ .ﺇﻥ
ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺧﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺒﺦ ﺗﻤﺴﻚ ﺍﻟﻤﻘﻼﺓ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻟﻬﺎ ﺣﺐّ ﻭﻣﺤﺒّﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻓﺈﻥّ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳّﺔ ﻟﻦ ﺗﻤﻨﻌﻬﺎ ،ﺑﻞ
ﺳﺘﺴﺎﻋﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺇﺭﺿﺎﺀً ﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ؛ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﺃﻋﻮﺩ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ :ﺃﻳﻦ ﻳﻮﺟﺪ
ﺍﻟﺤﺐّ ﺍﻷﻋﻈﻢ" .[11]ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺨﻄّﻰ ﻛﻞّ ﺗﺸﺪّﺩ ﻋﺪﻳﻢ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺃﻭ ﺍﻧﻄﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ :ﺃﻥ ﻧﺴﺄﻝ
ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﻟﺤﻈﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻛﻞّ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ،ﻭﻓﻲ ﻛﻞّ ﻇﺮﻑ ﻣﻦ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻳﻦ ﻧﺠﺪ ﺍﻟﺤﺐّ ﺍﻷﻋﻈﻢ؟ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ
ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺃﻥّ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ﻟﻘﺐ "ﻣﻌﻠّﻢ ﺍﻟﺤﺐّ ﺍﻹﻟﻬﻲ" ،[12]
ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻷﻧّﻪ ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻪ ﺧﻮﺍﻃﺮ ﺑﻠﻴﻐﺔ ،ﺑﻞ ﻭﻗﺒﻞ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻷﻧّﻪ ﻛﺎﻥ ﺷﺎﻫﺪﺍً ﻟﻠﺤﺐﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ
ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻣﺜﻞ ﻧﻈﺮﻳّﺔ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻓﻲ ﻣَﻜﺘَﺐ ،ﺑﻌﻴﺪﺓً ﻋﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﻭُﻟﺪَﺕ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ ﻣﻦ ﺍﺻﻐﺎﺀ ﻣﺘﻨﺒّﻪ
ﻟﻠﺨﺒﺮﺓ .ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌًﺎ ﺳﻮﻯ ﺃﻧّﻪ ﺣﻮّﻝ ﻣﺎ ﻋﺎﺷﻪ ﻭﻗﺮﺃﻩ ﺑﻔﻄﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﻠِﻴﻢ ،ﻣﺴﺘﻨﻴﺮ ﺑﺎﻟﺮّﻭﺡ ،ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ ﺍﻟﺮّﻋﻮﻱ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪ
ﻭﺍﻟﺨﻼّﻕ .ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺠﺪ ﺧﻼﺻﺔ ﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻫﺬﻩ ﻓﻲ ﻣﻘﺪّﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﻪ ،”ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ :“"ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺳﺔ،
ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺐ ،ّﻭﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺐ ،ّﻭﻳُﻌﻤَﻞُ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﺐّ ﻭﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺐّ" .[13]
ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ :ﻣﻐﺎﻣﺮﺓ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭُﻟِﺪَ ﻓﻲ 21ﺁﺏ/ﺃﻏﺴﻄﺲ 1567ﻓﻲ ﻗﻠﻌﺔ ﺳﺎﻟِﺲ ،(Sales)ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺗﻮﺭﻳﻨﺲ ،(Thorens)ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍ ﺩﻱ

1.3 Page 3

▲back to top
3
ﻧﻮﻓﻴﻞ ،ﺳﻴِّﺪ ﺑﻮﺍﺯﻱ ،ﻭﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍﺯ ﺩﻱ ﺳﻴﻮﻧﺎﺯ ."ﻋﺎﺵ ﺑﻴﻦ ﻗﺮﻧَﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ،ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ،
ﻭﺟﻤّﻊ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺘّﻌﺎﻟﻴﻢ ﻭﺍﻹﻧﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴّﺔ ﻟﻠﻘﺮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺷﻚ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺀ ،ﻭﻭﻓّﻖ ﺑﻴﻦ ﺇﺭﺙ ﻣَﺬﻫَﺐِ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ
(umanesimo)ﻭﺍﻻﻧﺪﻓﺎﻉ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻟﻠﺘﻴّﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴّﺔ" .[14]
ﺑﻌﺪ ﺗﻨﺸﺌﺘﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴّﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﺃﻭّﻟًﺎ ﻓﻲ ﻛﻠﻴّﺔ La Roche-sur-Foronﻭﻣﻦ ﺛﻢّ ﻓﻲ ﻛﻠﻴّﺔ ،Annecyﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺑﺎﺭﻳﺲ ،ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻜﻠﻴّﺔ ﺍﻟﻴﺴﻮﻋﻴّﺔ ،ﻛﻠﻴﺮﻣﻮﻥ (Clermont)ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﺳّﺴﺖ ﻣﺆﺧّﺮًﺍ .ﻓﻲ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻣّﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴّﺔ،
ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺍﺧﺘﺒﺮ ﺃﺯﻣﺘَﻴﻦ ﺩﺍﺧﻠﻴّﺘَﻴﻦ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺘَﻴﻦ ،ﻭَﺳَﻤَﺘﺎ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﺴِﻤَﺔٍ ﻻ ﺗُﻤﺤﻰ .ﺍﻟﺼّﻼﺓ ﺍﻟﺤﺎﺭّﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﻼّﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﻨﻴﺴﺔ Saint
،Étienne des Grèsﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴّﺪﺓ ﻣﺮﻳﻢ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﻓﻲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ،ﺳﺘﺸﻌﻞ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ،ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻈﻼﻡ ،ﺷﻌﻠﺔ
ﺳﺘﺒﻘﻰ ﺣﻴّﺔ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ ،ﻭﻫﻲ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺧﺒﺮﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ﻭﺧﺒﺮﺓ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ."ﻣﻬﻤﺎ ﺣﺪﺙ ،ﻳﺎ ﺭﺏ ،ّﺃﻧﺖ ﻣﻦ ﺗﻤﺴﻚ ﺑﻜﻞّ
ﺷﻲﺀ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ ﻭﻃُﺮﻗﻚ ﻛﻠّﻬﺎ ﺣﻖّ ﻭﻋﺪﻝ [...] ،ﺳﺄﺣﺒّﻚ ،ﻳﺎ ﺭﺏّ ،[...]ﺳﺄﺣﺒّﻚ ﻫﻨﺎ ،ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ،ّﻭﺳﺄﺭﺟﻮ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺭﺣﻤﺘَﻚ ،ﻭﺳﺄﻛﺮّﺭ
ﻟﻚ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻭﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺢ […] .ﺃﻳّﻬﺎ ﺍﻟﺮّﺏّ ﻳﺴﻮﻉ ،ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﺭﺟﺎﺋﻲ ﻭﺧﻼﺻﻲ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ" .[15]
ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﺩﻓﺘﺮ ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻪ ،ﻭﻭﺟﺪ ﺍﻟﺴّﻼﻡ .ﺳﺘﻈّﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ،ﺑﻘﻠﻘﻬﺎ ﻭﺃﺳﺌﻠﺘﻬﺎ ،ﻣﻨﻴﺮﺓ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻟﻪ ﻭﺳﺘﻤﻨﺤﻪ ﻃﺮﻳﻘًﺎ
ﻓﺮﻳﺪًﺍ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺳﺮّ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ .ﺳﻴﺴﺎﻋﺪﻩ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮّﻑ ،ﺑﺘﻤﻴﻴﺰ ﺩﻗﻴﻖ،
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺣّﺪ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮﺭ ،ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﺎﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤّﻴﻪ ”ﺇﻟﻪ ﻗﻠﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .“ﺑﺬﻟﻚ ،ﻟﻢ ﻳﻘﻊ
ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺧﺒﺮﺗﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﻧﻈﺮﻳّﺔ ،ﻭﺟﻌْﻠِﻬﺎ ﻣﻄﻠﻘﺔ ،ﺑﻞ ﺗﻌﻠّﻢ ﺷﻴﺌًﺎ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺩﻱ ،ﻭﻫﻮ ﺛﻤﺮﺓ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ:
ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﺣﻴﺎﺓ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ.
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮّﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧّﻪ ﻟﻢ ﻳﺰﻋﻢ ﻗﻂ ﺃﻥ ﻳﻀﻊ ﻧﻈﺮﻳّﺔ ﻻﻫﻮﺗﻴّﺔ ﺧﺎﺻّﺔ ،ﺇﻻّ ﺃﻥّ ﺗﺄﻣّﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴّﺔ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻗﻴﻤﺔ ﻻﻫﻮﺗﻴّﺔ
ﺑﺎﺭﺯﺓ .ﺗَﻈﻬَﺮُ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺴّﻤﺎﺕ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳّﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮ ﻻﻫﻮﺗﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺐ ﺃﻻّ ﻳُﻨﺴﻰ ﺃﺑﺪًﺍ ﺑُﻌﺪَﺍﻥ ﺃﺳﺎﺳﻴَّﺎﻥ .ﺍﻟﺒُﻌﺪ ﺍﻷﻭّﻝ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘّﺤﺪﻳﺪ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴّﺔ ،ﻷﻧّﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺤﺎﻭﻝ ﻓﻬﻢ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﻥ ﻧﻌﺒّﺮ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺍﻟﺼّﻼﺓ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ ،ﻭﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺮّﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﺱ .ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻲ ﻻﻫﻮﺗﻴًﺎ ﻓﻲ ﺑﻮﺗﻘﺔ ﺍﻟﺼّﻼﺓ .ﺍﻟﺒُﻌﺪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻜﻨﺴﻴّﺔ :ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﻓﻲ
ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ .ﺣﺘّﻰ ﺍﻟﻼﻫﻮﺕ ﺗﺄﺛّﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳّﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻳﻄﻮِّﺭ ﻓﻜﺮﻩ ﻭﻫﻮ ﻣﻨﻐﻤﺲ ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻳﻜﺴﺮ ﺧﺒﺰ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ .[16]ﻓِﻜﺮُ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ ﺍﻟﺠﺪﺍﻻﺕ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﻴّﺔ ﻓﻲ ﻭﻗﺘﻪ ﻭﺣﺘّﻰ ﻣﻊ
ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻬﺎ ،ﻧﺸﺄ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪّﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﺴﻤﺘَﻴﻦ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴّﺘَﻴﻦ.
ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪ
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻛﻤﻞ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ،ﻭﺍﺻﻞ ﺗﺨﺼّﺼﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎﺩﻭﻓﺎ .ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﻧِﺴﻲ
،(Annecy)ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻗﺮّﺭ ﻭِﺟﻬَﺔَ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮّﻏﻢ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﻭﺍﻟﺪﻩ .ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺭُﺳِﻢَ ﻛﺎﻫﻨًﺎ ﻓﻲ 18ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭّﻝ/ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ
،1593ﻓﻲ ﺍﻷﻳّﺎﻡ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺃﻳﻠﻮﻝ /ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﺑﺪﻋﻮﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻘﻒ ﺍﻟﻤﻮﻧﺴﻨﻴﻮﺭ ﻛﻠﻮﺩ ﺩﻱ ﺟﺮﺍﻧﻴِﻲ
،(Mons. Claude de Granier)ﺩُﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺻﻌﺒﺔ ﻓﻲ ﺷﺎﺑﻠﻲ ،(Chablais)ﻭﻫﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻷﺑﺮﺷﻴّﺔ ﺃﻧِﺴﻲ
،(Annecy)ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻜﺎﻟﻔﻴﻨﻴّﺔ ،ﻭﻗﺪ ﻣﺮّﺕ ﻣﺮّﺓ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻋﺒﺮ ﻣﺘﺎﻫﺔ ﻣﻌﻘّﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻭﻣﻌﺎﻫﺪﺍﺕ ﺍﻟﺴّﻼﻡ ،ﺗﺤﺖ
ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺩﻭﻗﻴﺔ ﺳﺎﻓﻮﻳﺎ .ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻭﻣﺄﺳﺎﻭﻳّﺔ .ﺍﻛﺘﺸﻒ ﻫﻨﺎ ،ﺟﻨﺒًﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻨﺎﺩ ﺍﻟﺼّﺎﺭﻡ ﻓﻲ
ﺷﺨﺼﻴّﺘﻪ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻟﻪ ﻻﺣﻘًﺎ ،ﻣﻬﺎﺭﺍﺗﻪ ﻛﻮﺳﻴﻂ ﻭﺭﺟﻞ ﺣﻮﺍﺭ .ﻭﺳﻴﻈﻬﺮ ﺃﻳﻀًﺎ ﺃﻧّﻪ ﻣﺒﺪﻉ ﻓﻲ ﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺕ
ﺭﻋﻮﻳّﺔ ﺃﺻﻴﻠﺔ ﻭﺟﺮﻳﺌﺔ ،ﻣﺜﻞ ”ﺍﻟﻤﻨﺸﻮﺭﺍﺕ“ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﻌﻠَّﻖ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﺣﺘّﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﻤﺮّﺭ ﺃﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﺃﺑﻮﺍﺏ
ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ.
ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ،1602ﻭﺍﻟﺘﺰﻡ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻤﻬﻤّﺔ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴّﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ،ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻨﺎﻟﻤﻮﻧﺴﻨﻴﻮﺭ ﺩﻱ ﺟﺮﺍﻧﻴِﻲ ﻧﻔﺴﻪ Mons.)
(de Granierﻭﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺩﻗﻴﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲّ ﺍﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ ،ّﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻷﻟﻒ ﻓﻲ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻹﻗﻠﻴﻢ
ﺃﺑﺮﺷﻴّﺔ ﺟﻨﻴﻒ .ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮّﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨّﻮﺍﻳﺎ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻟﻤﻠﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،ﺑﺎﺀﺕ ﻣﻬﻤّﺘﻪ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ .ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺘﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺎﺑﺎ ﻛﻠﻴﻤﻨﺲ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ
ﻭﻗﺎﻝ :"ﺑﻌﺪ ﺗﺴﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﺍﺿﻄﺮﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﻋﻮﺩ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﻧﺠﺰ ﺃﻱّ ﺷﻲﺀ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ" .[17]ﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻬﻤّﺔ ﻛﺸﻔﺖ ﻟﻪ

1.4 Page 4

▲back to top
4
ﻭﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﻏِﻨًﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻮﻗّﻊ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴّﺔ ﻭﺩﻳﻨﻴّﺔ .ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﻛﺘﻪ ﻟﻪ ﺍﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ
ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴّﺔ ،ﻭﻋﻆ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺑﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺍﻟﺒﻼﻁ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ،ﻭﺃﻗﺎﻡ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻣﻬﻤّﺔ ،ﻭﺩﺧﻞ ﺧﺎﺻّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﺮّﻭﺣﻲّ
ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲّ ﺍﻟﺮﺍﺋﻊ ﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ.
ﺗﻐﻴّﺮ ﻫﻨﺎﻙ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻳﺘﻐﻴّﺮ .ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺮﻙ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺘﺄﺛّﺮ ﻭﺗﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ
ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻟﻤﻼﺣﻈﺘﻬﺎ ،ﺗﺄﺛّﺮ ﻣﻦ ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﺍﻟﻤﺬﻫﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴّﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻬﺮ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺒﻮﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻃﺮﺣﺘﻬﺎ .ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ،ﻻﺣﻆ ”ﺗﻐﻴّﺮ ﺍﻟﻌﺼﺮ“ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺟﺒﻪ ﺍﻟﺮّﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ
ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺍﻟﻤﺮّﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻤﺴﻴﺤﻴّﻴﻦ ﻣﻤﺘﻠﺌﻴﻦ ﺑﺎﻟﺤﻤﺎﺱ ،ﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔًﺎ .ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﺍﻟﺘﻲ
ﺩﻣّﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴّﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺗﻨﺸﺌﺘﻪ ،ﻭﻻ ﺍﻟﺼّﺮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺮﻳﺮ ﻓﻲ ﺃﺭﺍﺿﻴﺸﺎﺑﻠﻲ .(Chablais)ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ
ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻮﻗّﻌﺔ .ﻛﺎﻥ ﺟَﻤﻊٌ ﻣﻦ "ﺍﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ،ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺴﻴﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﻴﻦ ،ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﻭﻓﻲ ﻛﻞّ ﻣﻜﺎﻥ" .[18]ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺟﺎﻝ
ﻭﻧﺴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻭﺃﺳﺎﺗﺬﺓ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﺑﻮﻥ ،ﻭﻣﻤﺜّﻠﻮ ﻣﺆﺳّﺴﺎﺕ ،ﻭﺃﻣﺮﺍﺀ ﻭﺃﻣﻴﺮﺍﺕ ،ﻭﺧَﺪَﻡ ،ﻭﺭﻫﺒﺎﻥ ﻭﺭﺍﻫﺒﺎﺕ .ﻋﺎﻟﻢ
ﻣﺘﻌﻄّﺶ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻄﺮﻕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ.
ﻛﺎﻥ ﻟﻘﺎﺀ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮّﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺌﻠﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻢّ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻓَّﺮﺗﻬﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳّﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ .ﻭﺑﻬﺬﻩ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﺗﺤﻮّﻟﺖ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻭﺍﻹﺧﻔﺎﻕ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﻻ ﺗﻀﺎﻫﻰ ،ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻷﺟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﺠﻤﻴﻠﻬﺎ .ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻝ ﺍﻟﻤﺎﻫﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻜﻠﻞ ﻳﺘﺤﻮّﻝ ،ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ ،ﺇﻟﻰ ﻣﻔﺴِّﺮٍ ﻣﺎﻫﺮٍ ﻟﻌﻼﻣﺎﺕ
ﺯﻣﻨﻪ ،ﻭﺇﻟﻰ ﻣﻮﺟِّﻪٍ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺩﻱ ﻟﻠﻨﻔﻮﺱ .ﻋﻤﻠﻪ ﺍﻟﺮﻋﻮﻱ ،ﻭﻣﺆﻟَّﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ )ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ،ﻭﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ
ﺍﻟﻠﻪ ،(ﻭﺁﻻﻑ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺼّﺪﺍﻗﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﻤُﺮﺳﻠﺔ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﻭﺧﺎﺭﺝ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﺍﻷﺩﻳﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻫﺒﺎﻥ
ﻭﺍﻟﺮﺍﻫﺒﺎﺕ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺭﺟﺎﻝ ﻭﻧﺴﺎﺀ ﺍﻟﺒﻼﻁ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳّﻴﻦ ،ﻭﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻣﻊ ﻳﻮﺣﻨﺔ ﻓﺮﻧﺸﻴﺴﻜﺎ ﺩﻱ ﺷﺎﻧﺘﺎﻝ
(GiovannaFrancesca di Chantal)ﻣﺆﺳّﺴﺔ ﺭﻫﺒﻨﺔ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﺳّﺴﺖ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ،1610ﻛﻞّ ﺫﻟﻚ ﺳﻴﻜﻮﻥ
ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮﻡٍ ﺑﺪﻭﻥ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺘﺤﻮّﻝ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴّﺔ ﻫﺬﻩ .ﻭَﺟَﺪَ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞُ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔُ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻟﻘﺎﺀً ﻣﺜﻤﺮًﺍ ﺃﺩّﻯ ﺇﻟﻰ ﺣَﺪْﺱ ﻭﺭﺅﻳﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ
ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺟﺎﻫﺰﺓ ﻟﺤﺼﺎﺩ ﺩﺍﺋﻢ ﻭﺍﻋﺪ.
ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺼّﺪﺍﻗﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴّﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺃُﺭﺳﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺯﺍﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ،ﺗﻜﻠّﻢ
ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﻟﻜﻦ ﺑﺘﻮﺍﺿﻊ ،ﻋﻠﻰ ”ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ،“ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺻﻼﺡٍ ﺣﻘﻴﻘﻲ .ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻨﺒﺬ ﺍﻟﺘﺸﺪّﺩ
ﻭﺗﻌﺘﻤﺪ ﻛﺎﻣﻠﺔً ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺘﻘﻴّﺔ ﻭﻗﺪﺭﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮّﻏﻢ ﻣﻦ ﺿﻌﻔﻬﺎ :"ﺃﺗﺮﺩّﺩ ﻓﻲ ﺫﻛﺮ ﻋﺎﺋﻖ ﺁﺧﺮ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﺭﺽ
ﺇﺻﻼﺣﻜﻢ :ﺭﺑّﻤﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﺮﺿﻮﻩ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻗﺪ ﻋﺎﻟﺠﻮﺍ ﺍﻟﺠﺮﺡ ﺑﺸﺪّﺓ [...] .ﺃﻧﺎ ﺃﺛﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻢ ،ﻭﻟﻮ ﺃﻧّﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﺪﺕ
ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻪ ،ﺧﺎﺻّﺔ ﻣﻊ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﻧﺒﻴﻠﺔ ﻭﻣﻬﺬّﺑﺔ ﻣﺜﻠﻜﻢ .ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻧّﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﺃﻥ ﻧﺒﻴّﻦ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺸّﺮّ ﺛﻢ ﻧﻀﻊ ﺍﻟﻤﺸﺮﻁ ﻓﻲ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ،
ﺣﺘّﻰ ﻳﺘﻤﻜّﻨﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺎﻟﺠﺮﺡ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻓﻲ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ .ﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﻬﻤﻠﻮﺍ ،ﻟﻬﺬﺍ ،ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ" .[19]ﺗﻌﻜﺲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﺘﻔﺎﺅﻝ ﺍﻟﺴﺎﻟﻴﺰﻳﺎﻧﻲ ﻣﺸﻬﻮﺭًﺍ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺖ ﺁﺛﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴّﺎﺕ ،ﻣﻦ
ﺃﺟﻞ ﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺣﺎﻻﺕ ﻣﺴﺘﻘﺒَﻠَﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺩﻭﻥ ﺑﻮﺳﻜﻮ ﺑﻌﺪ ﻗﺮﻧَﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ.
ﻭﻟﻤّﺎ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﻧِﺴﻲ ،(Annecy)ﺭُﺳﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺳﻘﻔًﺎ ﻓﻲ 8ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭّﻝ/ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻌﺎﻡ .1602ﻛﺎﻥ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺧﺪﻣﺘﻪ
ﺍﻷﺳﻘﻔﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮًﺍ ﺟﺪًّﺍ "ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻟًﺎ ﻭﻭﺍﻋﻈًﺎ ﻭﻛﺎﺗﺒًﺎ ﻭﺭﺟﻞ ﻋﻤﻞ ﻭﺻﻼﺓ؛
ﻣﻠﺘﺰﻣًﺎ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﻤﻌﺎﻟﺘﺮﻳﺪﻧﺘﻴﻨﻲ؛ ﻭﻣﻨﺨﺮﻃًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﻭﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﺮﻭﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ،ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﺒﺮ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ،ﻣﺎ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ
ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴّﺔ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳّﺔ ،ﻓﻌﺎﻟﻴّﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ؛ ﻭﻛُﻠِّﻒَ ﺑﻤﻬﺎﻡ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ،ﻭﻗﺎﻡ
ﺑﻮﺳﺎﻃﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ﻭﻣﺼﺎﻟﺤﺎﺕ" .[20]ﻭﻓﻮﻕ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ،ﻛﺎﻥ ﻣﻔﺴّﺮًﺍ ﻟﺘﻐﻴّﺮ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺼﺮ ،ﻭﻣﺮﺷﺪًﺍ ﻟﻠﻨﻔﻮﺱ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ
ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻌﻄّﺶ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ.
ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺗﻔﻌﻞ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﺎ
ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ 1620 ،1621ﻭﻫﻮ ﺍﻵﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻮﺕ ،ﻭﺟّﻪ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺇﻟﻰ ﻛﺎﻫﻦ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺷﻴّﺘﻪ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ

1.5 Page 5

▲back to top
5
ﺗﻨﻴﺮ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﻟﺰﻣﻨﻪ .ﺷﺠّﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺴﻴﺮ ﻣﻊ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻧﺼﻮﺹ ﻣﺒﺘﻜﺮﺓ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ
ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ،ﻭﺗﺒﻴُّﻦ ﺿﺮﻭﺭﺗﻬﺎ ."ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻚ ﺇﻥّ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻛﺘﺴﺒﻬﺎ ﻛﻞّ ﻳﻮﻡ ﻋﻦ ﺃﻣﺰﺟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻘﻮﺩﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺗﻤﻨّﻰ
ﺑﺸﺪّﺓ ﺃﻥ ﻳُﻠﻬﻢ ﺍﻟﺼّﻼﺡ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﺃﺣﺪ ﺧﺪﺍﻣﻪ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ ﻭﻟﻴﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻄﻠﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻦ" .[21]ﻭﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﺳﺒﺐ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺘﺸﺠﻴﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ."ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺴّﺎﺳًﺎ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻧّﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﺠﺮﺅ ،ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ ،ﻋﻠﻰ ﻟﻤﺴﻪ ،ﺇﻻّ ﺑﻘﻔﺎﺯﺍﺕ
ﻣﺨﻤﻠﻴّﺔ ،ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺗﻀﻤﻴﺪ ﺟﺮﻭﺣﻪ ،ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻜﻤّﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺒﺼﻞ؛ ﻟﻜﻦ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻬﻢ ،ﺇﻥ ﺷُﻔﻲ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﻧﺎﻟﻮﺍ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ؟ ﻣﻠﻜﺘﻨﺎ ،ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﺗﻔﻌﻞ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﺎ" .[22]ﺇﻧّﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻔﺮﻭﻏًﺎ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻭﻻ ﻫﻲ ﺍﺳﺘﺴﻼﻡ ﻧﻬﺎﺋﻲ
ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺰﻳﻤﺔ .ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺣﺪْﺳًﺎ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻳﺤﺪﺙ ،ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻧﺠﻴﻠﻴّﺔ ﺗﺘﻄﻠّﺐ ﻓﻬﻤﻪ ﻭﻛﻴﻔﻴّﺔ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ.
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻧﻀﺞ ﻓﻴﻪ ﻭﻋﺒَّﺮ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺪّﻣﺔ ”ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ :“"ﺃﺑﻘﻴﺖ ﻓﻲ ﺫﻫﻨﻲ ﺣﺎﺿﺮﺓً ﻋﻘﻠﻴّﺔ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﻭﻟﻢ ﺃﺳﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﺃﻓﻌﻞ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ؛ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻬّﻢ ﺟﺪًّﺍ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗَﻜﺘﺐ ﻓﻴﻪ" .[23]ﻣﻦ ﺛﻢّ
ﻳﻄﻠﺐ ﻛَﺮﻡ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ :"ﺇﻥ ﻭﺟﺪﺕَ ﺃﻥّ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻗﻠﻴﻠًﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻲ ”ﺍﻟﻔﻴﻠﻮﺛﻴﺎ“ (Filotea)ﻓﻲ
”ﺍﻟﻤﺪﺧﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ،“ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﺑﻌﻴﺪ ﺟﺪًّﺍ ﻋﻦ ﺃﺳﻠﻮﺏ ”ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﺼّﻠﻴﺐ ،“ﻓﻀﻊ ﻓﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻙ ﺃﻧّﻪ ﻓﻲ ﺗﺴﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣًﺎ
ﻳﺘﻌﻠّﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻳﻨﺴﻰ ﺃﻣﻮﺭًﺍ ﻛﺜﻴﺮﺓ؛ ﻭﺃﻥّ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺴّﻼﻡ ،ﻭﻳُﻜﻠَّﻢ ﺍﻟﺸّﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﺋﻮﻥ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻭﺍﻟﺮﻓﺎﻕ
ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﺧﺮﻯ" .[24]ﻟﻜﻦ ،ﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ،ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻧﺒﺪﺃ؟ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻴﺪًﺍ ﻋﻦ ﻧﻔﺲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .ﻫﺬﺍ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻤﺆﻟَّﻔِﻪ :"ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺃﺭﺩﺕ ﻓﻘﻂ ﺃﻥ ﺃﻗﺪّﻡ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻭﻋﻔﻮﻳﺔ ،ﺑﺪﻭﻥ ﺗﺼﻨّﻊ ،ﻭﺑﺄﻭﻟﻰ ﺣﺠﺔ ،ﺑﺪﻭﻥ ﺯﺧﺮﻓﺔ،
ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻭﻻﺩﺓ ﺍﻟﺤﺐّ ﺍﻹﻟﻬﻲّ ﻭﻧﻤﻮَّﻩ ،ﻭﺍﺧﺘﻔﺎﺀﻩ ،ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻭﻣﻴّﺰﺍﺗﻪ ،ﻭﻓﻮﺍﺋﺪﻩ ﻭﺳﻤُﻮّ ﺻﻔﺎﺗﻪ" .[25]
ﺃﺳﺌﻠﺔ ﻳﻄﺮﺣﻬﺎ ﺗﻐﻴُّﺮ ﺍﻟﻌﺼﺮ
ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺬّﻛﺮﻯ ﺍﻟﻤﺌﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺮّﺍﺑﻌﺔ ﻟﻮﻓﺎﺓ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﺗﺴﺎﺀﻟﺖ :ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇﺭﺛﻪ ﻟﻌﺼﺮﻧﺎ؟ ﻭﻭﺟﺪﺕ ﺃﻥّ
ﻣﺮﻭﻧﺘﻪ ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮّﺅﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﺼﺪﺭ ﻧﻮﺭٍ ﻟﻨﺎ .ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻳﻪ ﺇﺩﺭﺍﻙٌ ﻭﺍﺿﺢ ﻟﺘﻐﻴّﺮ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ،ﺑﻌﻀُﻪ ﻋﻄﻴّﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﺑﻌﻀُﻪ ﻳﻌﻮﺩ
ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﻃﺒﻴﻌﻴّﺔ ،ﻭﺃﻳﻀًﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻨﺒُّﻬِﻪ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺸﻪ .ﻭﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺘﺨﻴّﻞ ﻗﻂ ،ﺃﻥ
ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﺮﺻﺔ ﻹﻋﻼﻥ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ .ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺣﺒّﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺻِﺒﺎﻩ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺸﻖّ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ،ﻭﺗﻔﺘﺢ ﺁﻓﺎﻗًﺎ
ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺗﻮﻗُّﻌُﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻳﻤﺮّ ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴّﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ.
ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻬﻤّﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮﻧﺎ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﺯﻣﻨﻨﺎ ﻭﻓﻲ ﺗﻐﻴّﺮ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻮﺍﺟﻬﻪ .ﻓﻨﻜﻮﻥ ﻛﻨﻴﺴﺔٌ ﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ
ﻣﺮﺟﻌﻴّﺔ ﻟﺬﺍﺗﻬﺎ ،ﺑﻞ ﻣﺘﺤﺮّﺭﺓ ﻣﻦ ﻛﻞّ ﺭﻭﺡ ﻋﺎﻟﻤﻴّﺔ ﻟﻜﻦ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﺃﻥ ﺗﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻭﺗﺸﺎﺭﻙ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ،ﻭﺗﺴﻴﺮ ﻣﻌﻬﻢ،
ﻭﺗﺴﺘﻤﻊ ﻟﻬﻢ ﻭﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ .[26]ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﻭﻫﻮ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻋﺼﺮﻩ ،ﺑﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻨّﻌﻤﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴّﺔ.
ﻟﺬﻟﻚ ،ﻫﻮ ﻳﺪﻋﻮﻧﺎ ﻷﻥ ﻧﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺍﻟﻤُﻔﺮﻁ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﻴﻜﻠﻴّﺎﺗﻨﺎ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺃﻥ ﻧﺴﺄﻝ
ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ :ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﻗّﻌﺎﺕ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴّﺔ ﻟﺸﻌﺒﻨﺎ .[27]ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ،ّﺣﺘّﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﺃﻥ ﻧﻌﻴﺪ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺑﻌﺾ
ﺧﻴﺎﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ،ﺣﺘّﻰ ﻧﻌﻴﺶ ﺍﻟﺘّﻐﻴﻴﺮ ﺑﺤﻜﻤﺔ ﺇﻧﺠﻴﻠﻴّﺔ.
ﺍﻟﻨّﺴﻴﻢ ﻭﺍﻷﺟﻨﺤﺔ
ﺃﻭّﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﻫﻮ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﻋﻠﻰ ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻪ ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺇﻥّ ﺍﻟﺪّﺍﻓﻊ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻭﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻜﺘﺎﺑﻪ ”ﺍﻟﺨﻮﺍﻃﺮ ،“ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘّﺤﺪﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻮﺿﺢ ﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻪ
ﺳﺤﺮ ﻣﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻠﻪ .ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ :"ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳّﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻟﺘﺠﺬﺏ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﻠﻪ؟"
.[28]ﺍﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ ﻧﺺّ ﻫﻮﺷﻊ ،[29] 4 ،11ﻋﺮّﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳّﺔ ﺑﺄﻧّﻬﺎ "ﺭﻭﺍﺑﻂ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺃﻭ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﻣﺤﺒّﺔ ﻭﺻﺪﺍﻗﺔ."
ﻭﻛﺘﺐ :"ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻚّ ﻓﻲ ﺃﻧّﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻣﻨﺠﺬﺑﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺴﻼﺳﻞ ﺣﺪﻳﺪﻳّﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺜﻴﺮﺍﻥ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﻣﻴﺲ ،ﺑﻞ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻧﺪﺍﺀﺍﺕ،
ﻭﻗِﻮَﻯ ﺟﺎﺫﺑﺔ ﻋﺬﺑﺔ ،ﻭﺇﻟﻬﺎﻣﺎﺕ ﻣﻘﺪّﺳﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺭﻭﺍﺑﻂ ”ﺁﺩﻡ ﻭﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ“؛ ﺃﻱّ ﺇﻧّﻬﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﻘﻠﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﺍﻟﺬﻱ
ﺑﺎﻟﻨّﺴﺒﺔ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ ﻫﻲ ﺃﻣﺮٌ ﻃﺒﻴﻌﻲّ" .[30]ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺑﻂ ،ﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﻌﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳّﺔ ،ﻭﻋﻠّﻤﻪ ﺍﻟﻤﺸﻲ ،ﻭﻫﻮ ﻣﻤﺴﻚٌ

1.6 Page 6

▲back to top
6
ﺑﻴﺪﻩ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻷﺏ ﺃﻭ ﺍﻷﻡ ﻣﻊ ﻃﻔﻠﻬﻢ .ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻱّ ﻓﺮﺽٍ ﺧﺎﺭﺟﻲ ،ﺃﻱ ،ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻳّﺔ ﻗﻮّﺓ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩﻳّﺔ ﻭﺗﻌﺴّﻔﻴّﺔ ،ﻭﻣﻦ
ﺩﻭﻥ ﻋﻨﻒ .ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻨﻊ ﻭﺗﺘﺮﻙ ﺣﺮﻳّﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺳﻠﻴﻤﺔ .ﺗﺎﺑﻊ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﻭﻫﻮ ﻳﻔﻜّﺮ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻓﻲ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺜﻴﺮﺓ
ﻭﺍﺟﻬﻬﺎ ،ﻗﺎﺋﻠًﺎ :"ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﻗﻮّﺓ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻟﻺﻛﺮﺍﻩ ،ﺑﻞ ﻟﺘﺠﺬﺏ ﺍﻟﻘﻠﺐ ،ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻨﻒ ﻣﻘﺪّﺱ ﻻ ﻟﻼﻋﺘﺪﺍﺀ ﺑﻞ ﻟﺘﻤﻸ ﺣﺮّﻳﺘﻨﺎ ﺑﺎﻟﺤﺐ،ّ
ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻘﻮّﺓ ،ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺬﻭﺑﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ ،ﻓﻼ ﺗُﺴﺤﻖ ﺇﺭﺍﺩﺗﻨﺎ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻘﻮﻱ ،ّﻭﻫﻲ ﺗﺪﻓﻌﻨﺎ ،ﻟﻜﻨّﻬﺎ ﻻ ﺗﺨﻨﻖ ﺣﺮّﻳّﺘﻨﺎ :ﻟﺬﻟﻚ
ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ،ﺃﻣﺎﻡ ﻛﻞّ ﻗﻮّﺗﻬﺎ ،ﺃﻥ ﻧﻘﺒﻞ ﺃﻭ ﻧﻘﺎﻭﻡ ﺗﺤﺮّﻛﺎﺗﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻧﺮﻳﺪ" .[31]
ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﻓﺘﺮﺓ ﻭﺟﻴﺰﺓ ،ﻗﺪ ﻭﺻﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﻟـﻠﻄﺎﺋﺮ ”ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺃﺭﺟﻞ ﻟﻪ ،“ﻗﺎﻝ :"ﻫﻨﺎﻙ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻄّﻴﻮﺭ،
ﻳﺎ ﺗﻴﻮﺗﻴﻤﻮ ،ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻤّﻴﻬﺎ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﺑــ ”ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺃﺭﺟﻞ ﻟﻬﺎ ،“ﻷﻥّ ﻟﻬﺎ ﺃﺭﺟﻠًﺎ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪًّﺍ ﻭﺳﻴﻘﺎﻧًﺎ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﺟﺪًّﺍ ،ﻓﻼ ﺗﻘﺪﺭ ﺃﻥ
ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﺃﺭﺟﻞ .ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺗّﻜﺄﺕ ﺑﺎﻟﺼّﺪﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﺗﻈﻞّ ﻫﻨﺎﻙ ،ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﺭ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ،
ﻷﻧّﻬﺎ ،ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﺃﺭﺟﻠﻬﺎ ﻭﻻ ﺳﻴﻘﺎﻧﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺪﻓﻊ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺗﻨﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ،ﻓﺘﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ
ﻓﻲ ﻭﺿﻌﻴّﺔ ﻣﺘﻘﻮﻗﻌﺔ ﻭﺗﻤﻮﺕ ،ﺇﻻّ ﺇﺫﺍ ﻋﻮَّﺿَﺖ ﺍﻟﺮّﻳﺢ ﻋﻦ ﻋﺠﺰﻫﺎ ،ﻓﺪﻓﻌﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺭﻓﻌﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﻣﻊ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺃﺧﺮﻯ
ﻛﺜﻴﺮﺓ .ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﺃﺟﻨﺤﺘﻬﺎ ،ﻭﺗﺠﺎﻭﺑﺖ ﻣﻊ ﺍﻟﺰّﺧﻢ ﻭﺍﻟﺪﻓﻌﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﺤﻬﺎ ﺇﻳّﺎﻫﺎ ﺍﻟﺮﻳﺢ ،ﺳﺘﺴﺘﻤﺮّ
ﺍﻟﺮّﻳﺢ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ ،ﻭﺗﺪﻓﻌﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻭﺃﻋﻠﻰ ﺣﺘّﻰ ﺗﺴﺎﻋﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ" .[32]ﻫﻜﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ:
ﺧﻠﻘﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻴﻄﻴﺮ ﻭﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﻛﻞّ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴّﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪّﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﻟﻜﻨّﻪ ﻳﻮﺷﻚ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﺮ ﻋﺎﺟﺰًﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﺇﺫﺍ
ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻓﻼ ﻳﻘﺪﺭ ﺃﻥ ﻳﻔﺘﺢ ﺟﻨﺎﺣﻴﻪ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﻨﺴﻴﻢ ﺍﻟﺮّﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﺱ.
ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ،ﺇﺫﻥ ،”ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ“ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﻳﻌﻄﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻟﻠﺒﺸﺮ ﻭﻫﻲ :”ﺭﻭﺍﺑﻂ ﺁﺩﻡ“ ﺍﻟﺜّﻤﻴﻨﺔ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺟﺪًّﺍ .ﻗﻮّﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﺗﻜُﻒُّ
ﻋﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘّﺤﻠﻴﻖ ،ﻟﻜﻦ ،ﺑﻠﻄﻔﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺄﻥ ﺗُﻨﺘﻬَﻚ ﺣﺮّﻳّﺔ
ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﺃﻭ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺑﻼ ﻓﺎﺋﺪﺓ .ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﻨﻬﺾ ﺃﻭ ﻻ .ﺍﻟﻨّﻌﻤﺔ ﻟﻤﺴﺘﻪ ﻋﻨﺪ ﺻﺤﻮﺗﻪ ،ﻟﻜﻦ
ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻬﻮﺽ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻼ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺧَﻠُﺺ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﺗﻤﺔ ﺗﺄﻣّﻠﻪ ،ﻗﺎﻝ :"ﻳﺎ
ﺗﻴﻮﺗﻴﻤﻮ ،ﺍﻹﻟﻬﺎﻣﺎﺕ ﺗﺴﺘﺒﻖ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ،ﻭﻧﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﻨﺘﺒﻪ ،ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﻨﺘﺒﻪ ،ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻨﺎ ﻟﻠﻤﻮﺍﻓﻘﺔ ،ﻓﻨﺆﻳّﺪﻫﺎ ﻭﻧﺴﻴﺮ
ﺑﺤﺴﺐ ﺩﻭﺍﻓﻌﻬﺎ ،ﺃﻭ ﻻ ﻧﻮﺍﻓﻖ ﻭﻧﺮﻓﻀﻬﺎ :ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻧﻨﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﺿﻰ ﺑﺪﻭﻧﻨﺎ" .[33]ﻟﺬﻟﻚ ،ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ
ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻫﻲ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺠّﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛّﺪ ﻋﻤﻖ ﻣﺤﺒّﺔ ﺍﻵﺏ.
ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ،ﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣُﺘَﻠَﻘِّﻴًﺎ ﺳﻠﺒﻴًّﺎ ﻓﻘﻂ .ﻟﻜﻨّﻨﺎ ﻧﻔﻬﻢ ﺃﻥّ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺴﺒﻘﻨﺎ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ،ﻭﺃﻭّﻝ ﻫﺒﺔ ﻣﻨﻪ ﻫﻲ
ﺑﺎﻟﺘّﺤﺪﻳﺪ ﻗﺒﻮﻟُﻨﺎ ﻟﻤﺤﺒّﺘﻪ ﻧﻔﺴﻬﺎ .ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ،ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﻳﻨﺸﺮ ﺟﻨﺎﺣﻴﻪ ﺑﺜﻘﺔ
ﻓﻴﺮﺗﻔﻊ ﻣﻊ ﻧﺴﻴﻢ ﺍﻟﻠﻪ .ﻭﻧﺮﻯ ﻫﻨﺎ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻣﻬﻤًّﺎ ﻟﺪﻋﻮﺗﻨﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ :"ﺇﻥّ ﺍﻟﻤﻬﻤّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﻛﻠﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺁﺩﻡ ﻭﺣﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﻗﺼّﺔ ﺳﻔﺮ
ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻫﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻣﺜﻤﺮﻳﻦ .ﻭﺃُﻭﻛِﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﻣﻬﻤّﺔ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﻭﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻭﺍﻟﺴّﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﻣﻬﻤّﺔ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴّﺔ
ﺗﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻧَﺨﻠِﻖَ ﺑﻬﺎ ﻭﻣﻌﻬﺎ .ﻟﻬﺬﺍ ،ﻻ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺁﻟﻴّﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺋﻴّﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻣﺘﻔﺮّﺟﻴﻦ ﺳﻠﺒﻴّﻴﻦ . ،ﻧﺤﻦ
ﺷﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺭﺋﻴﺴﻴّﺔ ،ﻧﺤﻦ – ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺸﺪّﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ –ﻣﺸﺎﺭﻛﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻖ" .[34]ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻓﻬﻤﻪ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ
ﺟﻴّﺪًﺍ ﻭﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺧﺪﻣﺘﻪ ﻣﺮﺷﺪًﺍ ﺭﻭﺣﻴًّﺎ.
ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ
ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜّﺎﻧﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻭﺍﻟﺤﺎﺳﻢ ﻫﻮ ﻃﺮﺣﻪ ﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ .ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺃﻳﻀًﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ،ﺃﺛﺎﺭ ﺗﻐﻴّﺮ ﺍﻟﻌﺼﺮ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ .ﻫﻨﺎﻙ ﺟﺎﻧﺒﺎﻥ ﺧﺼﻮﺻًﺎ ،ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻤﻬﻤﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻳﻀًﺎ ﻭﻧﻌﻴﺪ ﺇﻃﻼﻗﻬﻤﺎ .ﺍﻷﻭّﻝ ﻫﻮ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﻧﻔﺴﻬﺎ،
ﻭﺍﻟﺜّﺎﻧﻲ ﺻﻔﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﺒﻴّﺔ .ﺃﻭّﻝ ﻣﺎ ﻧﺠﺪﻩ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ”ﺍﻟﻔﻴﻠﻮﺛﻴﺎ“ (Filotea)ﻫﻲ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ،ﺃﻭّﻟًﺎ ،ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ
ﺑﺎﻟﺘّﻘﻮﻯ ."ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ،ﺃﻭّﻟًﺎ ،ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ .ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻘﻮﻯ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻕ
ﺍﻟﺘﻘﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺨﺎﻃﺌﺔ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻠﺔ؛ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻘﺪﺭ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﺳﺘﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﺗﻬﺪﺭ ﻭﻗﺘﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺮﻱ ﻭﺭﺍﺀ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﺘﻌﺒّﺪﺍﺕ ﺍﻟﺴّﺨﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﺍﻓﻴﺔ" .[35]
ﻭﺻﻒُ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ﻟﻠﺘّﻘﻮﻯ ﺍﻟﺰّﺍﺋﻔﺔ ﻫﻮ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻣﻤﺘﻊٌ ﻭﻭﺍﻗﻌﻲ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺃﻥ ﻧﺠﺪ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ،

1.7 Page 7

▲back to top
7
ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻋﺎﺑﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ :"ﻣﻦ ﻓَﺮَﺽَ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺼّﻴﺎﻡ ،ﻳﻈﻦّ ﺃﻧّﻪ ﺗﻘﻲّ ﻷﻧّﻪ ﻻ ﻳﺄﻛﻞ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻤﻠﻮﺀ ﺣﻘﺪًﺍ.
ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮّﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﺒﻞّ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﺨﻤﺮ ﺃﻭ ﺣﺘّﻰ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ ،ﻷﻧّﻪ ﺻﺎﺋﻢ ،ﻟﻦ ﻳﺘﺮﺩّﺩ ﻓﻲ ﻏﻤﺴﻪ ﺑِﺪَﻡِ ﻗﺮﻳﺒﻪ ﺑﺎﻟﻨّﻤﻴﻤﺔ
ﻭﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺀ .ﻭﺳﻴﻌﺘﻘﺪ ﺁﺧﺮ ﺃﻧّﻪ ﺗﻘﻲّ ﻷﻧّﻪ ﻳﺘﻤﺘﻢ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺼّﻠﻮﺍﺕ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ؛ ﻭﻟﻦ ﻳﻬﺘﻢّ ﻟﻠﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴّﺌﺔ،
ﻭﺍﻟﻤﺘﻐﻄﺮﺳﺔ ﻭﺍﻟﻤُﻬﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻠﻔﻈﻬﺎ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺨﺪّﺍﻡ ﻭﺍﻟﺠﻴﺮﺍﻥ .ﻭﺳﻮﻑ ﻳﻀﻊ ﺁﺧﺮٌ ﻳﺪﻩ ﺑﻜﻞّ ﺳﺮﻭﺭ ﻓﻲ
ﻣﺤﻔﻈﺘﻪ ﻟﻴﻌﻄﻲ ﺻﺪﻗﺔ ﻟﻠﻔﻘﺮﺍﺀ ،ﻟﻜﻨّﻪ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﺰﻉ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﺫﺭّﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻄّﻴﺒﺔ ﻟﻤﺴﺎﻣﺤﺔ ﺃﻋﺪﺍﺋﻪ؛ ﺃﻭ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ
ﻣﻦ ﻳﻐﻔﺮ ﻷﻋﺪﺍﺋﻪ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻦ ﻳﺨﻄﺮ ﺣﺘّﻰ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺪّﺩ ﺩﻳﻮﻧﻪ؛ ﺇﻻّ ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ" .[36]ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻧّﻬﺎ
ﺭﺫﺍﺋﻞ ﻭﻣﺼﺎﻋﺐ ﻛﻞّ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ،ﺣﺘّﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ،ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﺧﺘﺘﻢ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻗﺎﺋﻠًﺎ :"ﻛﻞّ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺍﻟﻄﻴّﺒﻮﻥ ،ﻳُﻌﺘﺒَﺮﻭﻥ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﺮّﺃﻱ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﺗﻘﻴﺎﺀ ،ﻟﻜﻨّﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ" .[37]
ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﻭﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻧﺠﺪﻩ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺁﺧﺮ ،ﻓﻲ ﺟﺬﻭﺭ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃًﺎ ﻭﺛﻴﻘًﺎ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻹﻟﻬﻴّﺔ ﻓﻴﻨﺎ .ﺑﻬﺬﻩ
ﺍﻟﻄّﺮﻳﻘﺔ "ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴّﺔ [...]ﺗﺘﻄﻠّﺐ ﻣﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻓﻘﻂ ﻣﺤﺒّﺔ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ؛ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺤﺒّﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ" .[38]ﻓﻲ
ﻣﺨﻴّﻠﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘّﻘﺪﺓ ،ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ،"ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ،ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺮّﺷﺎﻗﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻓﻴﻨﺎ،
ﺃﻭ ،ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ،ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻭﺣﻨﺎﻥ" .[39]ﻟﻬﺬﺍ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﺃﻣﺮًﺍ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ
ﻣﻈﺎﻫﺮﻫﺎ ،ﻭﻣﻌﻬﺎ ﺗﻘﻮﺩﻧﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ .ﺇﻧّﻬﺎ ﻛﺎﻟﻠﻬﺐ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﺎﻟﻨّﺎﺭ :ﺇﻧّﻬﺎ ﺗُﺤﻴﻲ ﺷﺪّﺗﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻐﻴّﺮ ﻧﻮﻋﻴّﺘﻬﺎ ."ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ،ﻳﻤﻜﻦ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥّ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻭﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﺗﺨﺘﻠﻔﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨّﺎﺭ ﻭﺍﻟﻠﻬﺐ .ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻧﺎﺭ ﺭﻭﺣﻴّﺔ ،ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺸﺘﻌﻞ ﺑﻠﻬﺐ ﺷﺪﻳﺪ
ﻳُﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ :ﺗُﻀﻴﻒ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﺇﻟﻰ ﻧﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻓﻘﻂ ﺍﻟﺸّﻌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺟﺎﻫﺰﺓ ،ﻭﻓﺎﻋﻠﺔ ﻭﻣﺜﺎﺑﺮﺓ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ
ﺣﻔﻆ ﻭﺻﺎﻳﺎ ﺍﻟﻠﻪ ،ﺑﻞ ﺃﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻤﺸﻮﺭﺍﺕ ﻭﺇﻟﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴّﻤﺎﺀ" .[40]ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ،ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ،ﻟﻴﺴﺖ ﺷﻴﺌًﺎ ﺗﺠﺮﻳﺪﻳًّﺎ.
ﺑﻞ ﻫﻲ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺣﻴﺎﺓ ،ﻭﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﻠﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺻﻠﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ .ﺇﻧّﻬﺎ ﺗﺠﻤﻊ ﻭﺗﻔﺴّﺮ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﻞّ ﻳﻮﻡ،
ﺍﻟﻤﺄﻛﻞ ﻭﺍﻟﻤﻠﺒﺲ ،ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺘّﺮﻓﻴﻪ ،ﻭﺍﻟﺤﺐّ ﻭﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ،ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻻﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴّﺔ؛ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ،ﺇﻧّﻬﺎ ﺗُﻨﻴﺮ ﺩﻋﻮﺓ ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ.
ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧُﺪﺭﻙ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﺠﺬﻭﺭ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴّﺔ ﻟﻠﺘّﻘﻮﻯ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢّ ﺗﺄﻛﻴﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴّﻄﻮﺭ ﺍﻷﻭﻟﻰ ”ﻟﻠﻔﻴﻠﻮﺛﻴﺎ“ :(Filotea)"ﻛﻞّ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻋﺎﻟﺠﻮﺍ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ،ﺍﻫﺘﻤﻮﺍ ﺑﺘﻌﻠﻴﻢ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻣﻨﻌﺰﻟﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ،ﻋﻠّﻤﻮﻫﻢ ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ
ﻳﺆﺩّﻱ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ .ﺃﻧﺎ ﺃﻧﻮﻱ ﺃﻥ ﺃﻗﺪّﻡ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ ،ﻭﻓﻲ ﻋﺎﺋﻼﺕ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ،ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ
ﺑﺤﻜﻢ ﺣﺎﻟﺘﻬﻢ ،ﻫﻢ ﻣﺠﺒﺮﻭﻥ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ" .[41]ﻟﻬﺬﺍ ﻳُﺨﻄﺊ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣَﻦ ﻳﻔﻜّﺮ
ﻓﻲ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﻤﺤﻤﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ .ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ،ﻫﻲ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻛﻨّﺎ ،ﻭﻳﻤﻜﻦ ﻟﻜﻞّ
ﻭﺍﺣﺪٍ ﺃﻥ ﻳﻤﺎﺭﺳﻬﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﺩﻋﻮﺗﻪ .ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺒﺎﺑﺎ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﻮﻟﺲ ﺍﻟﺴّﺎﺩﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺬّﻛﺮﻯ ﺍﻟﻤﺌﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺮّﺍﺑﻌﺔ ﻟﻮﻻﺩﺓ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ
ﺳﺎﻟِﺲ ،ﻗﺎﻝ :"ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻘﺪﺍﺳﺔ ﺍﻣﺘﻴﺎﺯًﺍ ﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ﺃﻭ ﻷﺧﺮﻯ؛ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺍﻟﺪّﻋﻮﺓ ﺍﻟﻤُﻠﺤّﺔ ﺍﻟﻤﻮﺟّﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻴﻦ:
”ﻗُﻢْ ﺇِﻟﻰ ﻓَﻮﻕ ،ﻳﺎ ﺃَﺧﻲ“ )ﻟﻮﻗﺎ 10 ،14(؛ ﺍﻟﻜﻞّ ﻣﻠﺰﻣﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﻳﺼﻌﺪﻭﺍ ﺟﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ ،ﺣﺘّﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺘّﺨﺬﻭﺍ ﻛﻠّﻬﻢ ﺍﻟﻄّﺮﻳﻖ ﻧﻔﺴﻬﺎ.
ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﻳﻤﺎﺭﺳﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻨّﺒﻴﻞ ،ﻭﺍﻟﺤِﺮَﻓﻲ ،ﻭﺍﻟﻨّﺎﺩﻝ ،ﻭﺍﻷﻣﻴﺮ ،ﻭﺍﻷﺭﻣﻠﺔ ،ﻭﺍﻟﺸﺎﺑّﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﺮﻭﺱ .ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ،
ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺘﻜﻴّﻒ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﻣﻊ ﻗِﻮﻯ ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻭﻭﺍﺟﺒﺎﺗﻪ" .[42]ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳّﺔ ،ﻭﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪّﺍﺧﻠﻴّﺔ ،ﻭﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮّﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻣﻊ ﻛﻞّ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺇﻳﺠﺎﺩ ﻫﺪﻑ ﻻ ﻳﻔﺼﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻞ
ﻳﻌﻠّﻤﻨﺎ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ،ﻭﻳﻌﻠّﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻋﻨﻪ :ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻫﺪﻑ
”ﺍﻟﻔﻴﻠﻮﺛﻴﺎ“ ،(Filotea)ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺫﻟﻚ ﺩﺭﺳًﺎ ﻗﻴّﻤًﺎ ﻟﻜﻞّ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻭﺭﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ.
ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺪّﻋﻮﺓ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺪﺍﺳﺔ :"ﻣﺰﻭّﺩﻳﻦ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺨﻼﺻﻴّﺔ ﺍﻟﻮﺍﻓﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ،
ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺢ ﺃﻳًّﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﺿﻌﻬﻢ ﻭﺣﺎﻟﻬﻢ ،ﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻛﻞَّ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ،ﺍﻟﻰ ﻗﺪﺍﺳﺔ ﺗﺠﺪ ﻛﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻵﺏ
ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ" .[43]”ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ .“"ﻓﻴﺠﺐ ﺇﺫًﺍ ﺃﻻّ ﻳﻔﻘﺪ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺍﻟﺸّﺠﺎﻋﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺄﻣّﻞ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺍﺳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪﻭ ﻟﻪ ﺑﻌﻴﺪﺓ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻝ" .[44]ﺇﻥّ ﺃﻣُّﻨﺎ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺗﻘﺪِﻣّﻬﻢ ﻟﻨﺎ ﻻ ﻟﻨﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻧﻘﻠّﺪﻫﻢ ،ﻟﻜﻦ ﻷﻧّﻬﻢ ﻳﺤﻔّﺰﻭﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄّﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ
ﻭﺍﻟﻤﺤﺪّﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻜّﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻨﺎ ."ﻣﺎ ﻳﻬﻢُّ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻤﻴِّﺰ ﻭﻳﻌﺮﻑ ﻛﻞُّ ﻣﺆﻣﻦ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ﻭﻳُﻈﻬﺮ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ،
ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻫﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻳّﺎﻫﺎ )ﺭﺍﺟﻊ 1ﻗﻮﺭﻧﺘﺲ .[45] "(7 ،12

1.8 Page 8

▲back to top
8
ﻧﺸﻮﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﻛﻞّ ﻫﺬﺍ ﺩﻓﻊ ﺍﻷﺳﻘﻒ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ "ﻧﺸﻮﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ" .[46]ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ،ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻻّ
ﻧﺨﻠﻂ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﺍﻟﺴّﻬﻞ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﻄﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ ،ﻭﻻ ﻫﻲ ﺍﻟﻄّﺎﻋﺔ ﺍﻟﺤﺰﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﺮﻣﺎﺩﻳّﺔ .ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺮ
ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،"ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺴﻴﺤﻴّﻮﻥ ﻳﺒﺪﻭﻥ ﻭﻛﺄﻧّﻬﻢ ﻣﺘﻠﺒّﺴﻮﻥ ﺳﻴﻤﺎﺀَ ﺻﻴﺎﻡ ﺑﺪﻭﻥ ﻓﺼﺢ [...] .ﺇﻧّﻲ
ﺃﺗﻔﻬّﻢ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺰﻧﻮﻥ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺼﺎﻋﺐ ﻳﺜﻘﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺣﻤﻠﻬﺎ ،ﺇﻻّ ﺃﻧّﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺴﻤﺢ ،َﺷﻴﺌًﺎ ﻓﺸﻴﺌًﺎ ،ﻟﻔﺮﺡ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺃﻥ
ﻳﺒﺪﺃ ﻓﻴﺴﺘﻴﻘﻆ ،ﻛﺄﻧّﻪ ﻣﺴﻨﻮﺩ ﺑﺜﻘﺔ ﺧﻔﻴّﺔ ﻟﻜﻦ ﺻﺎﻣﺪﺓ ،ﺣﺘّﻰ ﻭﺳﻂ ﺃﺷﺪّ ﺍﻟﻬﻤﻮﻡ" .[47]
ﺃﻥ ﻧﺴﻤﺢ ﻟﻠﻔﺮﺡ ﺑﺄﻥ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻀّﺒﻂ ﻣﺎ ﻋﺒّﺮ ﻋﻨﻪ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ﻓﻲ ﻭﺻﻔﻪ ”ﻧﺸﻮﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .“ﻗﺎﻝ:
ﺑﻔﻀﻠﻬﺎ "ﻻ ﻧﺤﻴﺎ ﻓﻘﻂ ﺣﻴﺎﺓً ﻣﺪﻧﻴّﺔ ،ﻭﺻﺎﺩﻗﺔ ﻭﻣﺴﻴﺤﻴّﺔ ،ﺑﻞ ﺣﻴﺎﺓً ﻓﻮﻕ ﺑﺸﺮﻳّﺔ ،ﻭﺭﻭﺣﻴّﺔ ،ﻭﺗﻘﻴّﺔ ﻭﺻﻮﻓﻴّﺔ ،ﺃﻱ ﺣﻴﺎﺓً ﺧﺎﺭﺝ
ﺣﺎﻟﺘﻨﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴّﺔ ﻭﻓﻮﻗﻬﺎ ﺑﺄﻱّ ﺣﺎﻝٍ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ" .[48]ﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴّﺔ ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﺇﺷﺮﺍﻗًﺎ ﻟﻜﺘﺎﺏ ”ﺍﻟﺨﻮﺍﻃﺮ.“
ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﻫﻲ ﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﺍﻟﻤُﺒﻬﺞ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﺍﻟﻔﺎﺗﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﺮّﺩ ﺍﻟﺘﻘﻴّﺪ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎﻡ :"ﻻ
ﺗﺴﺮﻕ ،ﻻ ﺗﻜﺬﺏ ،ﻻ ﺗﺰﻥ ،ﺻﻞّ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻻ ﺗﺤﻠﻒ ﻛﺬﺑًﺎ ،ﺃﺣﺒِﺐ ﺃﺑﺎﻙ ﻭﺃﻛﺮﻣﻪ ،ﻻ ﺗﻘﺘﻞ .ﻛﻞّ ﻫﺬﺍ ﻋَﻴﺶ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲّ
ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ؛ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﺨﻠّﻲ ﻋﻦ ﻛﻞّ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻚ ،ﻭﻣﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮ ،ﻭﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ”ﺍﻟﺴّﻴّﺪﺓ ﺍﻟﻄﻴّﺒﺔ ،“ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﺭ ،ﻭﺍﻻﺯﺩﺭﺍﺀ ،ﻭﺍﻟﺬّﻝ،
ﻭﺍﻻﺿﻄﻬﺎﺩ ،ﻭﺍﻻﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﻭﺗﻄﻮﻳﺒﺎﺕ ،ﻭﺃﻥ ﺗﺒﻘَﻰ ﺿﻤﻦ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻌﻔّﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ،ﻭﺃﺧﻴﺮًﺍ ،ﺃﻥ ﺗﻌﻴِﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻓﻲ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ ﺿﺪّ ﻛﻞّ ﺁﺭﺍﺀ ﻭﺣِﻜَﻢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻋﻜﺲ ﺍﻟﺘﻴّﺎﺭ ﻟﻨﻬﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻣﻊ ﺍﺳﺘﺴﻼﻡٍ ﻣُﻌﺘﺎﺩ ،ﻭﺗﺨﻞٍّ ﻭﺇﻧﻜﺎﺭٍ ﻟﻠﺬّﺍﺕ،
ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻋﻴﺸًﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ،ﺑﻞ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ؛ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻋﻴﺸًﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺫﺍﺗﻚ ،ﺑﻞ ﻓﻲ ﺧﺎﺭﺝ ﺫﺍﺗﻚ
ﻭﻓﻮﻕ ﺫﺍﺗﻚ :ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻧّﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﺣﺪٍ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄّﺮﻳﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﻮﻕ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺠﺘﺬﺑﻪ ﺍﻵﺏ ﺍﻷﺯﻟﻲ ،ّﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ
ﺃﻥّ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﺧﺘﻄﺎﻓًﺎ ﻣﺴﺘﻤﺮًّﺍ ﻭﻧﺸﻮﺓ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ" .[49]
ﺇﻧّﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﺎﺩﺕ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﺍﻟﻔﺮﺡ ،ﺿﺪّ ﻛﻞّ ﺟﻔﺎﻑ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺿﺪّ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻻﻧﻄﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،"ﺇﻥّ
ﻣﺠﺎﺯﻓﺔ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ،ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺪّﻡ ﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﺳﺘﻬﻼﻙٍ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﺿﺎﻏﻄﺔ ،ﻫﻲ ﺃﻥ ﻳﻐﺮﻕ ﻓﻲ ﺣﺰﻥ ﻓﺮﺩﻱ ﻧﺎﺑﻊٌ ﻣﻦ ﻗﻠﺐٍ
ﻣﺴﺘﺮﻳﺢ ﻭﺑﺨﻴﻞ ،ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺴّﻘﻴﻢ ﻋﻦ ﻣﻼﺫّ ﺳﻄﺤﻴّﺔ ،ﻭﺿﻤﻴﺮ ﻣﻨﻌﺰﻝ .ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻐﻠﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ
ﺍﻟﺬﺍﺗﻴّﺔ ،ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﺤﻞّ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ،ﻓﻼ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ،ﻭﻻ ﻳُﺴﻤﻊُ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﻻ ﻳﺘﻤﺘّﻊ ﺑﻔﺮﺡ ﺍﻟﺤﺐّ ﺍﻟﻌﺬﺏ ،ﻭﻻ ﻳﻌﻮﺩُ ﻳﻨﺒﺾُ
ﻓﻴﻪ ﺍﻻﻧﺪﻓﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ .ﺣﺘّﻰ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﻳﺘﻌﺮّﺿﻮﻥ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻓﺔ ﺍﻷﻛﻴﺪﺓ ﻭﺍﻟﺪّﺍﺋﻤﺔ .ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﻳﺮﺯﺣﻮﻥ ﺗﺤﺖ ﻋﺒﺌﻬﺎ
ﻭﻳﺘﺤﻮّﻟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻋﺎﺑﺴﻴﻦ ﻣﺴﺘﺎﺋﻴﻦ ،ﻻ ﺣﻴﺎﺓ ﻓﻴﻬﻢ" .[50]
ﺃﺧﻴﺮًﺍ ،ﻳﻀﻴﻒ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﻓﻲ ﻭﺻﻔﻪ ”ﻧﺸﻮﺓ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،“ﺗﺤﺪﻳﺪَﻳﻦ ﻣﻬﻤّﻴﻦ ﻟﻌﺼﺮﻧﺎ ﺃﻳﻀًﺎ .ﺍﻷﻭّﻝ
ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻔﻌّﺎﻝ ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﻧﻤﻂ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻫﺬﻩ .ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﻫﻮ ﻣﺼﺪﺭﻩ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ .ﺑﺎﻟﻨّﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ،ﻳﺆﻛّﺪ
ﺃﻧّﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﺗﺆﺩّﻱ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺧﺮﻭﺝ ﺣﻘﻴﻘﻲّ ﻣﻦ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ،ﻓﺈﻥّ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﺨﻠّﻲ ﻋﻦ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻻّ ﺗﻨﺴﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﺑﺪًﺍ ،ﺣﺘّﻰ ﻧﺘﺠﻨّﺐ ﺍﻧﺤﺮﺍﻓﺎﺕ ﺧﻄﻴﺮﺓ .ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺁﺧﺮ ،ﻣﻦ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺃﻧّﻪ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﻫﻮ ﻻ
ﻳﻌﻴﺶ ﻣﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺨﺪﻉ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺍﻵﺧﺮﻳﻦ.
ﻧﺠﺪ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺒّﻘﻪ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﻴّﺔ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴّﺔ ."ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﺎﺑﻞ ﺷﺨﺼًﺎ ﻳﻌﻴﺶ ﺍﻧﺨﻄﺎﻓﺎﺕ ﻓﻲ
ﺻﻼﺗﻪ ،ﻭﺑﻬﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﻭﻳﺮﺗﻔﻊ ﻓﻮﻕ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻨﺸﻮﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﺃﻱ ﻻ ﻳﻌﻴﺶ ﺣﻴﺎﺓ ﺭﻓﻴﻌﺔ ﻭﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ،
[...]ﺧﺼﻮﺻًﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺤﺒّﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮّﺓ ،ﺻﺪّﻗﻨﻲ ﻳﺎ ﺗﻴﻮﺗﻴﻤﻮ ،ﺍﻧﺨﻄﺎﻓﺎﺗﻪ ﻛﻠّﻬﺎ ﻣﺸﻜﻮﻙٌ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺧﻄﻴﺮﺓ ﺟﺪًّﺍ ."ﻭﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ ﻣﻬﻤّﺔ
ﺟﺪًّﺍ ،ﻗﺎﻝ :"ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻮﻕ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺼّﻼﺓ ﻭﺗﺤﺖ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ،ﻭﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻼﺋﻜﻴًّﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﻣّﻞ ﻭﺣﻴﻮﺍﻧﻴًّﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﺩﺛﺔ [...]ﻫﺬﻩ ﻋﻼﻣﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻧﺨﻄﺎﻓﺎﺕ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﺗﺴﻠﻴﺔ ﻭﺧﺪﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺡ
ﺍﻟﺸﺮّﻳﺮﺓ" .[51]ﺇﻧّﻬﺎ ﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ﻟﻤﺎ ﺫﻛَّﺮ ﺑﻪ ﺑﻮﻟﺲ ﺃﻫﻞ ﻗﻮﺭﻧﺘﺲ ﻓﻲ ﻧﺸﻴﺪ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﻗﺎﻝ :"ﻟَﻮ ﻛﺎﻥَ ﻟِﻲَ ﺍﻹِﻳﻤﺎﻥُ ﺍﻟﻜﺎﻣِﻞُ ﻓﺄَﻧﻘُﻞَ
ﺍﻟﺠِﺒﺎﻝ ،ﻭﻟَﻢ ﺗَﻜُﻦْ ﻟِﻲَ ﺍﻟﻤَﺤَﺒَّﺔ ،ﻓﻤﺎ ﺃَﻧﺎ ﺑِﺸَﻲﺀ .ﻭﻟَﻮ ﻓَﺮَّﻗﺖُ ﺟَﻤﻴﻊَ ﺃَﻣﻮﺍﻟﻲ ﻹِﻃﻌﺎﻡِ ﺍﻟﻤَﺴﺎﻛﻴﻦ ،ﻭﻟَﻮ ﺃَﺳﻠَﻤﺖُ ﺟَﺴَﺪﻱ ﻟِﻴُﺤﺮَﻕ،
ﻭﻟَﻢ ﺗَﻜُﻦْ ﻟِﻲَ ﺍﻟﻤَﺤﺒَّﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻳُﺠْﺪﻳﻨﻲ ﺫﻟﻚَ ﻧَﻔْﻌًﺎ" 1)ﻗﻮﺭﻧﺘﺲ .(3-2 ،13
ﻟﺬﻟﻚ ،ﺑﺎﻟﻨّﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﺃﺑﺪًﺍ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻧﺸﻮﺓ ،ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ،ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﻟﻴﺴﺖ
ﺣﻘﻴﻘﻴّﺔ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺗﻮﺷﻚ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﺃﻥ ﺗﺘﺤﻮّﻝ ﺇﻟﻰ ﻃﺎﻋﺔ ﻣُﺒﻬَﻤَﺔ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺇﻧﺠﻴﻞ ﻧَﺴِﻲَ

1.9 Page 9

▲back to top
9
ﻓﺮﺣﻪ .ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﻌﺮّﺽ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﻭﻫﻢ ﻭﺧﺪﺍﻉ ﺍﻟﺸّﺮّﻳﺮ .ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻞّ
ﺍﻟﺘّﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ .ﺑﻞ ﺗُﺤﺎﻓﻆ ﺇﺣﺪﺍﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ .ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﻻ ﺗﻜﻮﻥ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻋﺪﻝ ،ﻭﻻ ﺍﻟﻤﺴﺮَّﺓ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴّﺔ ،ﻭﻻ ﺍﻟﻌﻔﻮﻳّﺔ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ،ﻭﺍﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ.
ﺃﻣّﺎ ﺑﺎﻟﻨّﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺼﺪﺭ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ،ﻓﻘﺪ ﺭﺑﻄﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺑﺤﻜﻤﺔٍ ﺑﺎﻟﺤﺐّ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻇﻬﺮﻩ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﻤﺘﺠﺴّﺪ .ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ
ﺻﺤﻴﺤًﺎ ،ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ،ﺃﻥّ "ﺍﻟﺤﺐّ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻷﻭّﻝ ﻭﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﻷﻭّﻝ ﻟﺤﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﻳّﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴّﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻧﻌﻴﺶ ،ﻭﻧﺸﻌﺮ
ﻭﻧﺘﺄﺛّﺮ ،"ﻭﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﺃﻥّ "ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴّﺔ ﻫﻲ ﻣﺜﻞ ﺣﺮﻛﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻴّﺔ ،"ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻥّ "ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻋﺎﻃﻔﺔ
ﻓﻴﻪ ،ﻻ ﻣﺤﺒّﺔ ﻓﻴﻪ ،"ﻭﻛﺬﻟﻚ "ﻗﻠﺐ ﻓﻴﻪ ﻣﺤﺒّﺔ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺪﻭﻥ ﺣﺮﻛﺔ ﻋﺎﻃﻔﻴّﺔ" .[52]ﺇﻥّ ﻣﺼﺪﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺐّ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺠﺬﺏ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻫﻮ ﺣﻴﺎﺓ ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ :"ﻻ ﺷﻲﺀ ﻳﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺤﺐ ،"ّﻭﻗﻤّﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀّﻐﻂ ﺃﻥّ "ﻳﺴﻮﻉ
ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻨﺎ ،ﻭﺃﻋﻄﺎﻧﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﻤﻮﺗﻪ .ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺤﻴﺎ ﻓﻘﻂ ﻷﻧّﻪ ﻣﺎﺕ ،ﻭﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻨﺎ ﻭﻓﻴﻨﺎ ﻭﻟﻤﻨﻔﻌﺘﻨﺎ" .[53]
ﺇﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻣﺆﺛّﺮﺓ ،ﻭﻫﻲ ﺗُﻈﻬِﺮ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﺸﻌّﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺤﺴﻮﻣﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﺍﻟﺮّﺑﺎﻁ
ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻲ ﺍﻟﻮﺛﻴﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺑﻂ ﺍﻷﺳﻘﻒ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺑﺎﻟﺮّﺏّ ﻳﺴﻮﻉ .ﺇﻥّ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻧﺸﻮﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﻣﺮًﺍ ﻋﺎﻣًّﺎ ،ﺑﻞ ﻫﻲ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﺖ ﺫﺭﻭﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼّﻠﻴﺐ .ﻻ ﺗُﻠﻐﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﺑﻞ ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺘﺠﻠّﻰ
ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺩﻳّﺔ.
ﻟﻬﺬﺍ ،ﻭﺻﻒ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ﺍﻟﺠﻠﺠﻠﺔ ،ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪًّﺍ ،ﻗﺎﻝ ﺇﻧّﻬﺎ "ﺟﺒﻞ ﺍﻟﻌُﺸّﺎﻕ" .[54]ﻫﻨﺎﻙ ،ﻭﻓﻘﻂ
ﻫﻨﺎﻙ ،ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺃﻧّﻪ "ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻨﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﻭﻻ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻣﻮﺕ ﺍﻟﻔﺎﺩﻱ :ﻭﻣﺎ ﻋﺪﺍ
ﺫﻟﻚ ،ﺇﻣّﺎ ﻣﻮﺕ ﺃﺑﺪﻱ ﺃﻭ ﻣﺤﺒّﺔ ﺃﺑﺪﻳّﺔ ،ﻭﻛﻞّ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺟﻴﺪًّﺍ" .[55]ﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ
ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺃﻥ ﻳُﻨﻬﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ”ﺍﻟﺨﻮﺍﻃﺮ ،“ﻣﺸﻴﺮًﺍ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﺗﻤﺔِ ﺧﻄﺎﺏٍ ﻟﻠﻘﺪّﻳﺲ ﺃﻏﺴﻄﻴﻨﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ :"ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻢ ﺃﻛﺜﺮ
ﺇﺧﻼﺻًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ؟ ﺇﺧﻼﺹ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻔﺎﻧﻲ ﺑﻞ ﻟﻸﺑﺪﻱ .ﺇﻧّﻬﺎ ﺗﺘﺤﻤّﻞ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺓ ،ﻷﻧّﻬﺎ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻜﻞّ ﺷﻲﺀ
ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠَﺔ :ﺇﻧّﻬﺎ ﺗﺘﺤﻤّﻞ ﻛﻞّ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻄﻴﺖ ﻟﻨﺎ ﻟﻨﺘﺤﻤّﻠﻬﺎ ،ﻷﻧّﻬﺎ ﺗﺘﺮﺟّﻰ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻭُﻋِﺪْﻧﺎ ﺑﻪ ﻫﻨﺎﻙ .ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻴﺲ
ﻟﻠﻤﺤﺒّﺔ ﻧﻬﺎﻳﺔ .ﻟﺬﻟﻚ ،ﻣﺎﺭﺳﻮﺍ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ،ﻭﺃﺛﻤﺮﻭﺍ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺒﺮ ﺑﺘﺄﻣّﻠﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻘﺪّﺳﺔ .ﻭﺇﻥ ﻭﺟﺪﺗﻢ ،ﻓﻲ ﺗﺴﺒﻴﺤﻜﻢ ﻟﻬﺎ،
ﺃﻣﻮﺭًﺍ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻢ ﺃﺧﺒﺮﻛﻢ ﺑﻬﺎ ﺍﻵﻥ ،ﺳﺘﺮﻭﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺣﻴﺎﺗﻜﻢ" .[56]
ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﺃﺳﻘﻒ ﺁﻧﺴِﻲ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺳﻠَّﻤﻪ ﻣﺮّﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻜﻞّ ﻭﺍﺣﺪٍ ﻣﻨّﺎ .ﻟﺘﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﺍﻟﺬّﻛﺮﻯ ﺍﻟﻤﺌﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺮّﺍﺑﻌﺔ
ﻟﻤﻴﻼﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺴّﻤﺎﺀ ﺃﻥ ﻧﺤﻴﻲ ﺫﻛﺮﺍﻩ ﺑﺘﻘﻮﻯ؛ ﻭﻟﻴﺴﻜﺐ ﺍﻟﺮّﺏّ ﻳﺴﻮﻉ ﺑﺸﻔﺎﻋﺘﻪ ﻣﻮﺍﻫﺐ ﺍﻟﺮّﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﺑﻐﺰﺍﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ
ﺷﻌﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺱ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ.
ﺭﻭﻣﺎ ،ﺑﺎﺯﻳﻠﻴﻜﺎ ﺍﻟﻘﺪّﻳﺲ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻼﺗﺮﺍﻥ ،ﻳﻮﻡ 28ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭّﻝ/ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ .2022
ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ
************
©ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ – ﺣﺎﺿﺮﺓ ﺍﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎﻥ 2022
1][ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻣﻘﺪﻣﺔ :ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .336 ،1969

1.10 Page 10

▲back to top
10
S. Francesco di Sales, Traité de l’amour de Dieu, Préface: ed. Ravier – Devos, Paris 1969, 336.
2][ﺍﻟﻤﺆﻟّﻒ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ :2103ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴّﺪ ﺳﻴﻠﻔﺴﺘﺮ ﺩﻱ ﺳﺎﻟﻴﺲ ﺩﻳﻼ ﻣﻨﺘﻲ ،ﺭﺋﻴﺲ ﺩﻳﺮ ﺃﻭﺗﻴﻜﻮﻣﺐ 3)ﺗﺸﺮﻳﻦ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ/ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ،(1622ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﺎﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،26 ،ﺁﻧﺴﻲ .491-490 ،1932
Id., Lett. 2103: A Monsieur Sylvestre de Saluces de la Mente, Abbé d'Hautecombe (3 nov. 1622),
in Œuvres de Saint François de Sales, XXVI, Annecy 1932, 490-491.
3][ﺍﻟﻤﺆﻟّﻒ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺭﺳﺎﻟﺔ ،1961ﺇﻟﻰ ﺳﻴّﺪﺓ 19)ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭّﻝ/ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ،(1622ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﺎﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ
ﺳﺎﻟِﺲ ) 20 ،ﺭﺳﺎﺋﻞ،(1622-1621 :10 ،ﺁﻧﺴﻲ .395 ،1918
Id., Lett. 1961: À une dame (19 dic. 1622), in Œuvres de Saint François de Sales, XX (Lettres, X:
1621-1622), Annecy 1918, 395.
[4]ﺍﻟﻤﺆﻟّﻒ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ :15 ،1 ،ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .395 ،1969
Id., Traité de l’amour de Dieu, I, 15: ed. Ravier – Devos, Paris 1969, 395.
[5]ﺍﻟﻤﺆﻟّﻒ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺭﻭﺣﻴّﺔ ،ﺁﺧﺮ ﺣﺪﻳﺚ :[21]ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .1319 ،1969
Id., Entretiens spirituels, Dernier entretien [21]: ed. Ravier – Devos, Paris 1969, 1319.
6][ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻲ ،ﺍِﻓَﺮﺣﻮﺍ ﻭﺍﺑﺘَﻬِﺠﻮﺍ 19)ﺁﺫﺍﺭ/ﻣﺎﺭﺱ :49 ،(2018ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ .1124 ،(2018) 110
Esort. ap. Gaudete et exsultate (19 marzo 2018), 49: AAS 110 (2018), 1124.
[7]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ :57 ،ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ .1127 ،(2018) 110
Ibid., 57: AAS 110 (2018), 1127.
8][ﺭﺍﺟﻊ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ :39-37 ،ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ .1122-1121 ،(2018) 110
Cfr ibid., 37-39: AAS 110 (2018), 1121-1122.
9][ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺴﺪﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺭﻭﺣﻴّﺔ ،ﺁﺧﺮ ﺣﺪﻳﺚ :[21]ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .1319 ،1969
S. Francesco di Sales, Entretiens spirituels, Dernier entretien [21]: ed. Ravier – Devos, Paris 1969,
1319.
[10]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.1308 ،
[11]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.
[12]ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﯩﺎﻟﻤﻮﻧﺴﻨﻴﻮﺭ ﺇﻳﻒ ﺑﻮﺍﻓﻴﻨﻮ ،(Mons. Yves Boivineau)ﺃﺳﻘﻒ ﺁﻧﺴﻲ ،ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﻤﺌﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ
ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﻣﺔ ﺍﻷﺳﻘﻔﻴﺔ ﻟﻠﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ 23 ،ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ/ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ :3 ،2002ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﻳﻮﺣﻨﺎ ﺑﻮﻟﺲ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ.767 ،(2002) 2/25 ،

2 Pages 11-20

▲back to top

2.1 Page 11

▲back to top
11
.336 ،1969 ﺑﺎﺭﻳﺲ، ﺩﻳﻔﻮﺱ- ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ: ﻣﻘﺪﻣﺔ، ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ،[ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺴﺪﻱ ﺳﺎﻟِﺲ13]
S. Francesco di Sales, Traité de l’amour de Dieu, Préface: ed. Ravier – Devos, Paris 1969, 336.
.270 ،(2011) 1/7 ، ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ،2011 ﻣﺎﺭﺱ/ ﺁﺫﺍﺭ2 ، ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻣﺴﻴﺤﻲ،[ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ14]
Benedetto XVI, Catechesi, 2 marzo 2011: Insegnamenti, VII/1 (2011), 270.
ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ، ﻓﻌﻞ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ ﺍﻟﺒﻄﻮﻟﻲ:3 ،ﺷﺬﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺤﻤﻴﻤﺔ، ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ[15]
.41 ،1925 ﺁﻧﺴﻲ،(1 ، ) ﻛﺘﻴﺒﺎﺕ22 ،ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ
S. Francesco di Sales., Fragments d’écrits intimes, 3: Acte d’abandon héroïque, in Œuvres de
Saint François de Sales, XXII (Opuscules, I), Annecy 1925, 41.
L’Osservatore Romano، 30 :(2019 ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ29) [ﺭﺍﺟﻊ ﻛﻠﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ16]
.8 ﺻﻔﺤﺔ،2019 ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ
Cfr Discorso alla Commissione Teologica Internazionale (29 nov. 2019): L’Osservatore Romano,
30 novembre 2019, p. 8.
،(1602 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ/ ﺇﻟﻰ ﻗﺪﺍﺳﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﺎ ﻛﻠﻴﻤﻨﺲ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ )ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭّﻝ:165 ﺭﺳﺎﻟﺔ، ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ[17]
.128 ،1902 ﺁﻧﺴﻲ،(1604-1599 :2 ، ) ﺭﺳﺎﺋﻞ12 ،ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ
S. Francesco di Sales, Lett. 165: À Sa Sainteté Clément VIII (fine ottobre 1602), in Œuvres de
Saint François de Sales, XII (Lettres, II: 1599-1604), Annecy 1902, 128.
ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ: ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﺩﺑﻲ ﻟﻠﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ،1660-1580 : ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﺘﺪﻳﻦ، ﻫﻨﺮﻳﺒﺮﻳﻤﻮﻧﺪ[18]
.131 ،2006ﻏﺮﻧﻮﺑﻞ، ﺟﻴﺮﻭﻡ ﻣﻴﻠﻮﻥ،1 ،ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ
H. Bremond, L’humanisme dévôt: 1580-1660, in Histoire littéraire du sentiment religieux en
France: depuis la fin des guerres de religion jusqu’à nos jours, I, Jérôme Millon, Grenoble 2006,
131.
ﻓﻲ،(1602 ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ/ ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ22) ﺍﻟﻠﻪ“- ﺇﻟﻰ ﺭﺍﻫﺒﺎﺕ ﺩﻳﺮ ”ﺑﻨﺎﺕ:168 ﺭﺳﺎﻟﺔ، ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ[19]
.105 ،1902 ﺁﻧﺴﻲ،(1604-1599 :2 ، ) ﺭﺳﺎﺋﻞ12 ،ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ
S. Francesco di Sales, Lett. 168 : Aux religieuses du monastère des «Filles-Dieu» (22 novembre
1602), in Œuvres de Saint François de Sales, XII (Lettres, II: 1599-1604), Annecy 1902, 105.
.272 ،(2011) 1/7 ، ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ:2011 ﻣﺎﺭﺱ/ ﺁﺫﺍﺭ2 ، ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻣﺴﻴﺤﻲ،[ﺑﻨﺪﻛﺘﺲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ20]
Benedetto XVI, Catechesi, 2 marzo 2011: Insegnamenti, VII/1 (2011), 272.
ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ،(1621 ﺃﻭ1620) ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴّﺪ ﺑﻴﻴﺮ ﺟﻲ:1869 ﺭﺳﺎﻟﺔ،[ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ21]
.219 ،1918 ﺁﻧﺴﻲ،(1622-1621 :10 ، ) ﺭﺳﺎﺋﻞ20 ،ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ

2.2 Page 12

▲back to top
12
S. Francesco di Sales, Lett. 1869: À M. Pierre Jay (1620 o 1621), in Œuvres de Saint François de
Sales, XX (Lettres, X: 1621-1622), Annecy 1918, 219.
[22]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.
[23]ﺍﻟﻤﺆﻟّﻒ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ ،ﻣﻘﺪﻣﺔ :ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .339 ،1969
Id., Traité de l’amour de Dieu, Préface: ed. Ravier – Devos, Paris 1969, 339.
[24]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.347 ،
[25]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.339-338 ،
26][ﺭﺍﺟﻊ ﻛﻠﻤﺔ ﻗﺪﺍﺳﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﺎ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﻷﺳﺎﻗﻔﺔ ﻭﺍﻟﻜﻬﻨﺔ ﻭﺍﻟﺮّﻫﺒﺎﻥ ﻭﺍﻟﺮّﺍﻫﺒﺎﺕ ﻭﺍﻹﻛﻠﻴﺮﻳﻜﻴّﻴﻦ ﻭﻣﻌﻠّﻤﻲ
ﺍﻟﺘّﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ،ﺑﺮﺍﺗﻴﺴﻼﻓﺎ 13 ،ﺃﻳﻠﻮﻝ/ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ L’Osservatore Romano، 13 :2021ﺃﻳﻠﻮﻝ/ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ،2021ﺻﻔﺤﺔ
. 12-11
Cfr Discorso ai vescovi, sacerdoti, religiosi, seminaristi e catechisti, Bratislava, 13 settembre 2021:
L’Osservatore Romano, 13 settembre 2021, pp. 11-12.
27][ﺭﺍﺟﻊ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.
28][ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ :12 ،2 ،ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .444 ،1969
S. Francesco di Sales, Traité de l’amour de Dieu, II, 12: ed. Ravier – Devos, Paris 1969, 444.
29]["ﺑِﺤِﺒﺎﻝِ ﺍﻟﺒَﺸَﺮِ ]ﻓﻮﻟﺠﺎﺗﺎ :ﺑِﺤﺒﺎﻝ ﺁﺩﻡ ،ِ[ﺑِﺮَﻭﺍﺑِﻂِ ﺍﻟﺤُﺐِّ ﺍﺟﺘَﺬَﺑﺘُﻬﻢ ﻭﻛُﻨﺖُ ﻟَﻬﻢ ﻛﻤَﻦ ﻳَﺮﻓَﻊُ ﺍﻟﺮَّﺿﻴﻊَ ﺇِﻟﻰ ﻭَﺟﻨَﺘَﻴﻪ ،ﻭﺍﻧﺤَﻨَﻴﺖُ ﻋﻠَﻴﻪ
ﻭﺃَﻃﻌَﻤﺘُﻪ."
30][ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ :12 ،2 ،ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .444 ،1969
S. Francesco di Sales, Traité de l’amour de Dieu, II, 12: ed. Ravier – Devos, Paris 1969, 444.
[31]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.445-444 :12 ،2 ،
[32]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.434 :9 ،2 ،
[33]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.446 :12 ،2 ،
[34]ﻟﻨﻌﺪ ﻟﻨﺤﻠﻢ .ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﻓﻀﻞ ،ﻣﺤﺎﻭﺭﺓ ﻣﻊ ﺃﻭﺳﺘﻴﻨﺎﻳﭭﻴﺮﻳﺞ ،ﻣﻴﻼﻧﻮ.8 ،2020 ،
Ritorniamo a sognare. La strada per un futuro migliore, Conversazione con Austen Ivereigh,
Piemme, Milano 2020, 8.
35][ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﻣﺪﺧﻞ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘّﻘﻮﻯ :1 ،1 ،ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .31 ،1969
S. Francesco di Sales, Introduction à la vie dévote, I, 1: ed. Ravier – Devos, Paris 1969, 31.

2.3 Page 13

▲back to top
13
[36]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.32-31 :
[37]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.32 :
[38]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.
[39]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.
[40]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.33 :
[41]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻣﻘﺪﻣﺔ :ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .23 ،1969
42][ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺑﺎﺑﻮﻳّﺔ ،ﺟﻮﻫﺮﺓ ﺳﺎﻓﻮﻳﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺬﻛّﺮﻯ ﺍﻟﻤﺌﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺮّﺍﺑﻌﺔ ﻟﻤﻴﻼﺩ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ﻣﻌﻠّﻢ
ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ 29)ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜّﺎﻧﻲ/ﻳﻨﺎﻳﺮ :(1967ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ .119 ،(1967) 59
Epist. Ap.Sabaudiae gemma nel IV centenario della nascita di San Francesco di Sales, dottore
della Chiesa (29 gennaio 1967): AAS 59 (1967), 119.
43][ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ﺍﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎﻧﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ،ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻋﻘﺎﺋﺪﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﻧﻮﺭ ﺍﻷﻣﻢ ،ﺭﻗﻢ .11
44][ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ ،ﺍِﻓَﺮﺣﻮﺍ ﻭﺍﺑﺘَﻬِﺠﻮﺍ ،ﺭﻗﻢ :11ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ .1114 ،(2018) 110
Esort. ap. Gaudete et exsultate, 11: AAS 110 (2018), 1114.
[45]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.
46][ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ :6 ،7 ،ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .682 ،1969
S. Francesco di Sales, Traité de l’amour de Dieu, VII, 6: ed. Ravier – Devos, Paris 1969, 682.
47][ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ ،ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ 24)ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ/ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ،(2013ﺭﻗﻢ :6ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ ،(2013) 105
.1022-1021
Esort. ap.Evangelii gaudium(24 novembre 2013),6: AAS105 (2013), 1021-1022.
48][ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ :6 ،7 ،ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .683-682 ،1969
S. Francesco di Sales, Traité de l’amour de Dieu, VII, 6: ed. Ravier – Devos, Paris 1969, 682-683.
[49]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.683 :
50][ﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ ،ﻓﺮﺡ ﺍﻹﻧﺠﻴﻞ ،ﺭﻗﻢ :2ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ .1020-1019 ،(2013) 105
Esort. ap.Evangelii gaudium, 2: AAS 105 (2013), 1019-1020.
51][ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ ﺩﻱ ﺳﺎﻟِﺲ ،ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻓﻲ ﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ :7 ،7 ،ﻃﺒﻌﻪ ﺭﺍﻓﻴﻲ -ﺩﻳﻔﻮﺱ ،ﺑﺎﺭﻳﺲ .685 ،1969
S. Francesco di Sales, Traité de l’amour de Dieu, VII, 7: ed. Ravier – Devos, Paris 1969, 685.

2.4 Page 14

▲back to top
14
[52]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.684 ،
[53]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.688-687 :8 ،7 ،
[54]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.971 :13 ،12 ،
[55]ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻧﻔﺴﻪ.
[56]ﺧﻄﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﺃﻏﺴﻄﻴﻨﺲ :3 ،350 ،ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻷﺑﺎﺀ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ.1535 ،39 ،
Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana